ارتفاع معدل الجوع في الولايات المتحدة لمستوى غير مسبوق منذ 14 عاما

49 مليون أميركي يعانون من الجوع

يعاني نحو ثلث الأسر الأميركية مما يطلق عليه الباحثون «أمن غذائي منخفض للغاية» (أ.ف.ب)
TT

أعلنت وزارة الزراعة الأميركية يوم الاثنين ارتفاع عدد الأميركيين الذين لا يحصلون على ما يكفيهم من الطعام إلى 49 مليون شخص وهو أعلى معدل منذ أن بدأت الحكومة رصد ما أطلقت عليه «الافتقار إلى الأمن الغذائي» قبل 14 عاما.

وجاءت تلك الزيادة ـ التي تبلغ نحو 13 مليون أميركي ـ أكبر بكثير من تقديرات أكثر المراقبين تشاؤما في ما يتعلق بمعدلات الجوع، كما ألقت تلك التقديرات الضوء على المصاعب اليومية التي نتجت عن تأثير الأزمة المالية على الوظائف والأجور.

ويعاني نحو ثلث هذه الأسر مما يطلق عليه الباحثون «أمن غذائي منخفض للغاية»، مما يعني أن أفراد تلك الأسر ليس لديها ما يكفي من المال مما يضطرها إلى التخلي عن تناول بعض الوجبات أو تقليل كمية الوجبة أو الامتناع عن الطعام في بعض الفترات خلال العام، أما الثلثان المتبقيان فلديهما ما يكفيهما من الطعام ولكن من خلال تناول أطعمة أرخص وأقل تنوعا، أو من خلال الاعتماد على المساعدات الحكومية مثل برنامج طوابع الغذاء (البطاقات التموينية)، أو زيارة بنوك الطعام، أو مقرات المنظمات التي تقدم الطعام مجانا للفقراء. فيقول توم فلساك وزير الزراعة: «إن هذه الأرقام تمثل صيحة تحذيرية للدولة». وقد أثار عدد الأسر الذي يبلغ 506 آلاف أسرة يواجه فيها الأطفال «انخفاضا شديدا للأمن الغذائي» انتباه المسؤولين مقارنة بعددهم في العام الماضي الذي كان يبلغ 323 ألفا. وقد أصدر الرئيس أوباما الذي تعهد بإنهاء معاناة الأطفال من الجوع بنهاية 2015 تصريحا خلال سفره إلى آسيا وصف فيه تلك النتائج بأنها «مزعجة للغاية».

يذكر أن عبارة «الافتقار إلى الأمن الغذائي» المزعجة جاءت نتاج سنوات من الجدال السياسي والأكاديمي حول كيفية قياس توافر الغذاء. وفي الثمانينات، عندما أنكر المسؤولون بإدارة ريغان وجود جوع في الولايات المتحدة، بدأ مركز أبحاث الطعام واتخاذ القرار ـ مجموعة استشارية بواشنطن ـ إجراء عملية مسح جاءت نتائجه مخالفة لمزاعم المسؤولين. وبعد ذلك، طلب الكونغرس من وزارة الزراعة الإشراف على مسح مماثل يجريه مكتب التعداد الأميركي.

وبالرغم من أن الباحثين في وزارة الزراعة الأميركية لا يستخدمون كلمة «جوع» فإن أوباما قد استخدمها حيث قال: «لقد ارتفعت معدلات الجوع إلى حد كبير خلال العام الماضي».

ومن جهة أخرى، يقول المحللون إن السبب الرئيسي وراء ارتفاع معدلات الجوع كان يرجع إلى زيادة معدل البطالة الذي وصل إلى 7.2 في المائة بنهاية 2008 مرتفعا عن 4.9 في المائة في العام الذي يسبقه. وبما أن ذلك المعدل يقف حاليا عند 10.2%، فربما يكون ذلك المسح قد قلل في الواقع من عدد الأميركيين الذين يواجهون صعوبات في الحصول على ما يكفيهم من الطعام. وربما يكون ارتفاع أسعار الطعام قد ساهم كذلك في زيادة العدد.

وقد تزايد الاعتماد على طوابع الطعام حتى وصل إلى مستويات قياسية؛ حيث يحصل حاليا نحو 36 مليون أميركي على المعونات بزيادة قدرها 40 في المائة على عددهم قبل عامين. وكان قانون التعافي الاقتصادي وإعادة الاستثمار الذي تمت الموافقة عليه خلال الشتاء الماضي قد سمح بزيادة قيمة طوابع الطعام الشهرية لكل شخص بنسبة 17% لتصل إلى ما قيمته 133 دولارا أميركيا. وقد حاولت العديد من الولايات الأميركية تسهيل إجراءات التسجيل للحصول على تلك المعونة ولكن تزايد عدد الطلبات المقدمة بالإضافة إلى تخفيض أجور العاملين أدى إلى تأخير حصول البعض على الإعانة.

يذكر أن أكثر الأسر التي كانت تواجه صعوبات في الحصول على الطعام كانت تلك الأسر التي تتكون من أطفال تعولهم أمهات وحيدات. حيث إن نحو 37 في المائة من تلك الأسر سجلت مستوى من مستويات الافتقار إلى الأمن الغذائي مقارنة بنحو 14 في المائة من الأسر التي تتكون من أطفال يعولهم الزوجان. كما أن نحو 29 في المائة من الأسر الهسبانية كانت تفتقر إلى الأمن الغذائي مقارنة بنحو 27 في المائة من الأسر السوداء و12 في المائة من الأسر البيضاء. ومن جهة أخرى فإن الجنوب يواجه صعوبات أكثر خطورة يليه الغرب ثم الغرب الأوسط.وقد هاجم بعض المحافظين المنهج الذي اعتمد عليه ذلك المسح قائلين إنه من الصعب تحديد الأشياء التي يقيسها ذلك المسح. حيث وجه ذلك الاستبيان المكون من 18 سؤالا أسئلة تتعلق بالوجبات التي لا يتناولها الأفراد، وآلام الجوع، كما أنه يسأل الناس عما إذا كان لديهم مخاوف من عدم الحصول على الطعام. كما أنه يحدد شدة الوضع بناء على عدد الإجابات التي كانت تشير إلى وجود مشكلة.

وأوضح روبرت ريكتور المحلل بمؤسسة هيرتيدج المحافظة: «إن عددا قليلا للغاية بين هؤلاء الناس يعاني فعليا من الجوع؛ حيث إن العديد من الناس يضعون قيودا على نوعية الطعام الذي يتناولونه عندما يفقدون وظائفهم. وهو أمر مؤسف ولكنه بعيد للغاية عن كونه أزمة جوع».

ومن جهة أخرى، يقيس التقرير عدد الأسر التي واجهت مشكلات تتعلق بالطعام خلال أي وقت من العام. ولم يواجه تلك المشكلة في لحظة محددة سوى نسبة قليلة للغاية. فعلى سبيل المثال لم يواجه معظم هؤلاء الذين يفتقرون بشدة إلى الأمن الغذائي تلك الحالة إلا لعدة أيام فقط كل سبعة أو ثمانية أشهر.

ومن جهة أخرى، وصف جيمس ويل مدير مركز الغذاء الذي أصدر التقرير الوضع بأنه نظرة متفحصة لوضع يساء تقديره. حيث يقول: «إن العديد من الناس جائعون في هذه اللحظة ولا يستطيعون تناول بعض الوجبات. بينما يقول البعض الآخر إنهم لديهم ما يكفيهم من الطعام ولكن لأنهم يذهبون إلى بنوك الطعام أو يستخدمون طوابع الطعام، وهذا ما نصفه بأنه «أسر تعاني من الجوع».

خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»