شركات بالشرق الأوسط تروج لزيادة الإنفاق في عيد الأضحى

تحت شعار التخفيف من آثار الأزمة المالية العالمية

يقبل علية القوم من المصريين على الأغنام البرقي التي تتغذى على أعشاب الصحراء (إ.ب.أ)
TT

بيدين متعجلتين يقذف صبية في شوارع أكبر عاصمة بمنطقة الشرق الأوسط، القاهرة، بأوراق ملونة عليها خيارات مغرية لتشجع المستهلكين على زيادة الإنفاق في إجازة عيد الأضحى، التي تحل خلال أيام. ويتنافس مندوبو العديد من شركات المال والتسويق والترفيه والأطعمة، لاستغلال هذه المناسبة في زيادة مبيعاتهم تحت شعار «التخفيف من آثار الأزمة المالية العالمية»، والتغلب على انخفاض عدد السائحين، في بعض البلدان، لأسباب مالية وأسباب صحية تتعلق بإنفلونزا الخنازير. «لن نبيع الخروف الواحد إلا بألف وثمانمائة جنيه (نحو 327 دولارا)». يقف حسين دومة، وهو تاجر خراف، في ساحة لبيع الأضاحي بضاحية السيدة زينب جنوب القاهرة، قادما من واحد من أكبر مراعي الخراف البرقي الشهيرة في الساحل الشمالي الغربي بمصر. وأدت الأزمة المالية العالمية لتراجع تصدير هذا النوع من الأغنام المميزة بجودة لحومها إلى الأسواق الخارجية. ويأمل دومة، مثل العديد من تجار الأغنام البرقي المنتشرة في صحراء شمال إفريقيا، في تعويض خسائرهم التي تقدر بملايين الدولارات، خلال العام الفائت، ببيع جانب منها، بمناسبة عيد الأضحى، بأسعار مرتفعة، بسبب السقوط المبكر للأمطار الشتوية في مناطق متفرقة من الساحل الجنوبي للبحر المتوسط. ويقول جمعة المنفي، وهو تاجر آخر للأغنام، إن «الخراف القادمة من الدلتا والصعيد، وكذا الخراف المستوردة من الخارج، لا يُقبِل عليها علية القوم، بسبب اعتمادها على الأعلاف المصنعة، بينما الأغنام البرقي تتغذى من أعشاب الصحراء، ولذلك فإن الخدمة التي نقدمها لذوّاقة لحم الضأن الأصلي، في الأحياء الراقية بالقاهرة، هو أننا جئنا إليهم بما يشتهون حتى أبواب بيوتهم، لكن عليهم أن يدركوا أن سبب ارتفاع أسعار الخراف هذه السنة، يرجع إلى توقعات بنمو الأعشاب في الربيع المقبل، أي أن المساومة على تخفيض الأسعار لن تكون مقبولة. خدمتنا لهم أننا تحملنا نفقات نقل الخراف من أقصى الصحراء إلى هنا».

وفي أسواق الملابس والمجمعات التجارية الكبيرة علق التجار لوحات تعلن عن تخفيضات كبيرة يصل بعضها إلى 60% من قيمتها الأصلية، فيما أعلنت محال ملابس في منطقة الخليج العربي عن تخفيضات على ماركات عالمية من الملابس والعطور وأدوات فرد الشعر، يصل بعضها إلى 80%.

ويقول صبحي حنا، وهو مالك لمحل بيع ملابس أطفال في المجمع التجاري بـميدان «طلعت حرب» بالقاهرة، إن بعض إغراءات البيع، للتخلص من قلة الشراء، تتضمن منح هدية على كل قطعة ملابس. وعلق محل لعب أطفال مجاور له إعلانا عن سعر موحد لكل لعبة، أي «لا تدفع في أي لعبة تريديها أكثر من دولار واحد». ووضعت شركات بيع خليجية عروضا على مواقع إنترنتية، بمناسبة العيد فقط، منها عرض لشراء السلعة الثانية بخصم 20% من قيمة السلعة الأولى، مع إلغاء الرسوم على الشحن لمن يطلب وصول السلع إلى بيته، حيثما يكون. وتستعد شركات الهواتف الثابتة والنقالة بمنطقة الشرق الأوسط لمنح تخفيضات بنسب تصل إلى 50% على المكالمات المحلية والدولية طوال أيام إجازة العيد.

ويدعو مسوقون مصريون وعرب في القاهرة لخدماتهم. وسيكون عليك، إذا رغبت في اقتناص فرص التخفيض لقضاء العيد، المفاضلة بين القرى السياحية بالساحل الشمالي الغربي بمصر، ومنتجعات ساحل البحر الأحمر في الغردقة وشرم الشيخ.

وكما في مصر، نشرت العديد من المنتجعات والملاهي وشركات بطاقات الائتمان ووكالات السفر والسياحية، في منطقة الشرق الأوسط، إعلانات تغري فيها الزبائن للإقبال على الإنفاق، بأي ثمن، وتدعو فيها الزبائن إلى قضاء عطلة عيد الأضحى في مناطق سياحية مختلفة على البحرين الأحمر والمتوسط، وفي الخليج العربي، وصولا إلى أوروبا أيضا.

ويقول مسؤول في شركة «ماستر كارد» العالمية، إن الشركة، بمناسبة عيد الأضحى، قدمت مجموعة عروض جذابة، لحاملي بطاقات النخبة مثل التيتانيوم، والبلاتينية، و بطاقة وورلد كارد، وذلك بالتعاون مع شركائها في منطقة الشرق الأوسط والعالم، مشيرا إلى أنه، بهذه المناسبة، سيكون بإمكان حاملي بطاقات الائتمان المعروفة باسم «بريميوم» استكشاف المزيد من منطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي، عن طريق الاستفادة بخصومات ومزايا في المنتجعات الصحية وتأجير السيارات والإقامة في أفخم الفنادق والمنتجعات في الشرق الأوسط، إضافة إلى خدمة استقبال ومساعدة المسافرين عبر مطار دبي الدولي مجانا. وسيجد حاملو بطاقات الائتمان مغريات أخرى بمناسبة عيد الأضحى، منها تخفيضات في مجموعة فنادق جميرة، أو فنادق ومنتجعات في بيروت وبيليك بودروم (بتركيا) وبرلين وتوسكانيا (بإيطاليا).

ومع أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُعتبر أفضل حالا، في ما يتعلق بتأثرها بالأزمة المالية العالمية، من دول أخرى في العالم، فإن هواجس من هذه الأزمة ما زالت موجودة لدى العديد من التجار والشركات المحلية والدولية العاملة في المنطقة، ويقول مسؤول في فرع لبنك «باركليز» بمصر إنه رغم ذلك لا بد من اتخاذ احتياطات، في ما يتعلق بالمدى الذي يمكن أن تصل إليه تداعيات الأزمة المالية العالمية: «بعض المتعاملين في السوق يتخوفون من أن يصل ضغط الأزمة إلى مدى غير مطمئن».

واتخذ الكثير من المصارف والشركات والحكومات، وحتى صغار التجار، إجراءات احترازية تحسبا للمستقبل. ويقول تقرير لصندوق النقد الدولي: «لم تنجُ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الأزمة المالية العالمية، ولكن ساعد على التخفيف من آثارها الأسس الاقتصادية الجيدة والإجراءات السياسية الملائمة، تجاه الأزمة، وزيادة الاحتياطي من العملة».

وتُظهِر توقعات صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا انخفاضا في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي يصل في عام 2009، في المتوسط، إلى 2.6 في المائة، بعد أن كان في 2008 5.7 في المائة، وتشير هذه التوقعات إلى عودة هذا المعدل للارتفاع في عام 2010 إلى 3.6 في المائة. وعلى هذا المنوال علق تاجر في ضاحية المعادي في جنوب القاهرة لافتة كتب عليها « بمناسبة العيد: تخفيضات كبيرة على الأحذية المحلية والمستوردة.. نحن نحطم الأزمة المالية تحطيما».