عقود النفط العراقية تنبئ بطفرة لشركات الخدمات النفطية

فيما تتسابق الشركات العالمية للاستثمار في القطاع

TT

قادت كبرى شركات النفط العالمية الاهتمام بقطاع النفط العراقي منذ فتحه للاستثمار ولكن الدولة تعد بالربح أيضا لشركات الخدمات النفطية التي تعمل في صمت على إصلاح الآبار وخطوط الأنابيب. وبحسب تحليل لـ«رويترز» بدأت شركات لخدمات حقول النفط، تتراوح بين شركات عملاقة مثل «ويذرفورد إنترناشونال» وأخرى إقليمية صغيرة، العمل أو تتحسس الفرص في العراق الذي يجد نفسه مضطرا لتطوير بنيته التحتية المتهالكة بعد سنوات من الحرب والإهمال. وخلافا لكبرى شركات النفط التي يتعين عليها تفادي معارضة الساسة الذين يخشون أن يؤدي توقيع عقود كثيرة إلى التنازل عن ثروة العراق النفطية لشركات أجنبية فإن شركات الخدمات يمكنها الحصول على عقود من الباطن من الشركات الرئيسية دون الحاجة لمحادثات طويلة مع مسؤولين. والحجم الكلي للسوق في العراق ـ الذي يعتزم رفع إنتاجه من النفط إلى ثلاثة أمثاله تقريبا ليصل إلى أكثر من سبعة ملايين برميل يوميا ـ لا يضاهى، مما يكسبها أهمية متزايدة لصناعة الخدمات النفطية التي تواجه تراجعا في الأسواق الرئيسية مثل أميركا الشمالية نتيجة سياسات خفض الإنفاق التي يتبعها منتجو الطاقة. والواقع أن حجم تطوير الحقول النفطية المخطط له في العراق خلال السنوات القليلة المقبلة من المرجح أن يرهق طاقة صناعة خدمة النفط ويؤدي إلى تضخمها. وقال ار.بي ايدي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الأبحاث (ارجو) المهتمة بشؤون العراق «العراق هو المكان المناسب لشركات خدمة حقول النفط. توجد مخاطرة سياسية أقل بكثير عما تواجهها الشركات الكبرى. عدم سعي أي شركة خدمات نفطية لتكون هنا خلال السنوات القليلة المقبلة سيمثل صدمة بالنسبة لي». ويوقع العراق اتفاقات مع عدة شركات نفطية قد تحول البلاد إلى ثالث أكبر منتج للنفط في العالم وتعيد تأهيل قطاعها النفطي الذي عانى سنوات من الحرب والعقوبات والعنف الطائفي الذي نشب في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لها عام 2003. وتركز جل الاهتمام على شركات كبرى مثل «إكسون» حيث اقتنص كونسورتيوم تنتمي إليه اتفاقا مبدئيا لتطوير حقل غرب القرنة بينما أبرمت شركة «بي.بي» وشريكتها «سي.ان.بي.سي» الصينية اتفاقا قيمته 15 مليار دولار لتطوير حقل الرميلة. لكن شركات خدمة حقول النفط تعمل الآن خلسة في الساحة العراقية. ووفقا لتقديرات «ارجو» ستقفز سوق خدمات حقول النفط في العراق من 1.3 مليار دولار في 2010 إلى ثمانية مليارات في 2014. وتقول المؤسسة إن الإنفاق الرأسمالي على الخدمات النفطية في العراق سيبلغ في عام 2011 وحده خمسة أمثاله في دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة. وربما كان المشروع المشترك الذي وقع في فبراير (شباط) ولم يدم طويلا بين العراق وشركة «ميسوبوتاميا بتروليوم» البريطانية مقياسا للحكم على قيمة أعمال الخدمة التي تلوح في الأفق. فقد انطلق المشروع برأس مال مبدئي بلغ 400 مليون دولار بهدف حفر 60 بئرا جديدة سنويا ولكنه ألغي في يوليو (تموز). وفي مايو (أيار) فازت شركة «ويذرفورد» الأميركية بعقد قيمته 224 مليون دولار لحفر 20 بئرا في جنوب العراق، وتتوقع الشركة أن تدير برنامجا يتراوح بين 300 مليون و400 مليون دولار في 2010. كما قالت شركات أميركية أخرى من بينها «شلمبرجير» و«هاليبرتون» و«بيكر هيوز» إنها تجري محادثات أو تتطلع إلى دخول السوق العراقية. وأجرى وفد بريطاني، ضم مسؤولين من سبع مؤسسات، من بينها شركة لتزويد تكنولوجيا الطاقة وأخرى للتنقيب البري، مباحثات الشهر الماضي مع مسؤولين عراقيين في بغداد. وقال برنارد دوروك دانر الرئيس التنفيذي لشركة «ويذرفورد» للمحللين الشهر الماضي «العراق سيكون سوقا كبيرة وسيتفق معي أقراني في ذلك... الاختلاف الوحيد في الرؤى إن وجد هو حول توقيت ذلك». ويقول البعض إن التوقيت سيكون قريبا. وقال أدريان جرين وهو شريك في (ابر كوارتيل) التي تقدم المشورة للمؤسسات حول الاستثمار في العراق «سوق الخدمات سينطلق خلال الشهور الأربعة القادمة بطريقة كبيرة... حرم العراق من التكنولوجيا والتدريب والتنمية واستثمار رأس المال في قطاع الخدمة لمدة 30 عاما». ويقول ايدي من مؤسسة «ارجو» إن هناك شركات صغيرة من الشرق الأوسط تعزز من أوضاعها في العراق في الوقت الحالي.

وبينما لا يشكك أحد في حجم العمل المحتمل المتاح فليست هناك ضمانات لهوامش الربح. وقال صامويل سيزوك، محلل شؤون الطاقة بالشرق الأوسط لدى «اي.اتش.اس غلوبال انسايت» إن العراق وضع شروطا قاسية في أول جولة ترخيص نفطية بعد الغزو في يونيو (حزيران) والشركات النفطية العملاقة التي تعمـــــل بالفعل بهوامش طفيفة ستعرض بالتالي هوامش طفيفة على المتعاقدين من الباطن. وحتى إذا فضل العراق الخبرة الغـــــربية والتكنولوجيا الأحدث لتطــــــوير بنيته التحتية المتقادمة فإن شروط التعاقد الصارمة تعطي الأفضلية لشركات الخدمة الصينية منخفضة التكلفة. وستعتمد شركة «بي.بي» مثلا على شريكتها الصينية «سي.ان.بي.سي» لإمداد حقل الرميلة بالأنابيب والمعدات. ولعب اشتراك الشركة الصينية دورا حيويا في الإبقاء على تكلفة الكونسورتيوم منخفضة والسماح له بالموافقة على شروط العراق. ويقول محللون إن شركات الخدمة النفطية الغربية ستحجم عن دخول السوق العراقية إذا كانت هوامش الربح طفيفة جدا بالنسبة لهم. وأضاف جرين «يجب أن تكون المشروعات تجارية بشكل مادي يمكن إثباته...».