مصادر: موافقة قادة مجلس التعاون شرط أساسي لعودة الإمارات وعمان للاتحاد النقدي

«الشرق الأوسط» تنشر وثيقة النظام الأساسي للمجلس النقدي

السعودية من أولى دول مجلس التعاون التي صادقت على اتفاقية العملة الموحدة (أ.ف.ب)
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر خليجية مطلعة أنه وبعد مصادقة الدول الخليجية الأربع على اتفاقية الاتحاد النقدي، سيكون على دولتي الإمارات وعمان، المنسحبتين من المشروع الخليجي، في حال رغبتا في العودة من جديد للوحدة النقدية، انتظار موافقة المجلس الأعلى للمجلس الخليجي، بالإضافة إلى استيفائهما لمعايير التقارب الاقتصادي، وفق ما تنص اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي في مادتها السابعة والعشرين.

وعندما تعقد قمة مجلس التعاون الخليجي في دورتها المقبلة في الكويت منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ستكون كل من السعودية والكويت والبحرين وقطر، والمنضوية تحت لواء العملة الخليجية الموحدة، قد صادقت على هذه الاتفاقية، باعتبار أن المصادقة هي المرحلة الأخيرة المتبقية حتى الآن قبل دخولها للنفاذ.

ووافقت أمس الغرفة الثانية للبرلمان البحريني (مجلس الشورى) على اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، وذلك خلال جلسة استثنائية، بعد أن كان المجلس النيابي قد وافق عليها أيضا الأسبوع الماضي، ولم يبق إلا تصديق الملك حمد بن عيسى آل خليفة على هذه الاتفاقية رسميا، والذي توقعت مصادر أن يتم خلال الأيام المقبلة وقبيل انعقاد قمة الكويت.

وحتى الآن صادقت على الاتفاقية كل من الرياض، التي كانت أولى الدول التي تقوم بذلك، وقطر التي لحقت بالسعودية كذلك عندما صادق أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثان يوم الخميس الماضي على الاتفاقية، فيما يتوقع أن تصادق الكويت عليها خلال الفترة القليلة المتبقية قبل انعقاد قمة قادة الخليج.

وانسحبت الإمارات العربية المتحدة في وقت سابق من هذا العام، عقب اختيار العاصمة السعودية الرياض مقرا للبنك المركزي الخليجي، فيما كانت سلطنة عمان قد سبقت الإمارات بخروجها من الاتحاد النقدي في عام 2007.

وكان المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة في مسقط في ديسمبر 2008، قد اعتمد اتفاقية الاتحاد النقدي والنظام الأساسي للمجلس النقدي. كما قرر المجلس الأعلى أن تقوم الدول الأعضاء بالمصادقة على الاتفاقية في أسرع وقت ممكن، تمهيدا لإقامة المجلس النقدي وتمكينه من القيام بمهامه في موعد أقصاه نهاية العام الحالي 2009.

ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ«الشرق الأوسط» فإنه بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، تصبح ملزمة للدول الأعضاء، وتفرض عليها اتخاذ جميع التدابير والإجراءات لضمان انسجام تشريعاتها الوطنية، بما فيها الأنظمة الأساسية لبنوكها المركزية مع أحكام الاتفاقية، وتلتزم هذه البنوك بما يصدره البنك المركزي من تعليمات في المسائل المتعلقة باختصاصات البنك المركزي.

ووجهت دولة الإمارات هذا الأسبوع، انتقادات حادة لاتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي. وقال سلطان ناصر السويد، محافظ مصرف الإمارات المركزي، إن الاتفاقية «تخلو من آلية مناسبة تؤمن تسلسل الدخول في العملة الحسابية لدول مجلس التعاون لفترة معقولة تتم خلالها تجربة السياسة النقدية، وتقييم الأمور التي يجب إصلاحها فيها وانتقالها إلى الاقتصاد وتأثيرها على النظم المصرفية لدول الخليج».

وبحسب وثيقة النظام الأساسي للمجلس النقدي، التي تحتفظ «الشرق الأوسط» بنسخة منها، وتنشر مقتطفات من أهم بنودها، سيكون من المهام الرئيسية للمجلس النقدي، التوصية بشأن التشريعات اللازمة لقيام الاتحاد النقدي وإنشاء البنك المركزي وإصدار العملة الموحدة، على أن يحدد، ووفقا لمعايير تقارب الأداء الاقتصادي، البرنامج الزمني لإصدار العملة الموحدة وطرحها للتداول. وبمجرد المصادقة من قبل الدول الأعضاء في الاتفاقية عليها «ينشأ المجلس النقدي ويمارس مهامه إلى حين قيام البنك المركزي الذي سيحل بصفة تلقائية محل المجلس النقدي فور الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بإنشاء البنك المركزي».

وينص النظام الأساسي، على أن المجلس النقدي يهدف وبصفة أساسية إلى «تهيئة وتجهيز البنى الأساسية المطلوبة لقيام الاتحاد النقدي، وعلى الأخص إنشاء البنك المركزي وإرساء قدراته التحليلية والتشغيلية».

ومن ضمن مهام المجلس النقدي أيضا القيام بتعزيز التعاون بين البنوك المركزية الوطنية لتهيئة الظروف اللازمة لقيام الاتحاد النقدي، وتهيئة وتنسيق السياسات النقدية وسياسات أسعار الصرف للعملات الوطنية إلى حين إنشاء البنك المركزي، ومتابعة الالتزام بحظر إقراض البنوك المركزية الوطنية للجهات العامة في الدول الأعضاء، ووضع القواعد اللازمة لتنفيذ ذلك.

ومن أبرز مهام المجلس النقدي الإعداد لإصدار أوراق النقد والمسكوكات المعدنية للعملة، والعمل على وضع وتطوير إطار عمل لإصدارها وتداولها في منطقة تداولها، وكذلك التأكد من جاهزية نظم المدفوعات ونظم تسويتها للتعامل مع نظام العملة، ومتابعة وفاء الدول الأعضاء بالتزاماتها تجاه الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة وتحديدا فيما يتعلق بمعايير تقارب الأداء الاقتصادي.

وبحسب المادة الحادية عشرة، فإن مجلس إدارة المجلس النقدي يتمتع بالصلاحيات الكاملة لتحقيق الأغراض التي أنشئ من أجلها، وله متابعة الإجراءات المطلوبة للتأكد من وفاء الدول الأعضاء بالتزاماتها تجاه الاتحاد النقدي، وإنشاء البنك المركزي وإصدار العملة الموحدة، وتحديدا فيما يتعلق بمعايير التقارب الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وتوافق تشريعاتها الوطنية مع النظام الأساسي للبنك المركزي.

وتنص المادة الخامسة عشرة على أن تسهم البنوك المركزية الوطنية في نفقات تأسيس المجلس النقدي، وميزانيته السنوية، بالتساوي، ويحدد مجلس الإدارة الجدول الزمني لسداد الحصص وعملة السداد.

وينتهي المجلس النقدي ويتم إحلاله بالبنك المركزي، بحسب المادة الثامنة عشرة من النظام الأساسي، وفق قرار يصدره المجلس الأعلى بناء على توصية من المجلس النقدي، على أن تدفع البنوك المركزية الوطنية أي عجز في ميزانية المجلس النقدي في تاريخ انتهائه بالتساوي، فيما يضع مجلس الإدارة القواعد والأحكام الانتقالية الأخرى المتعلقة بانتهاء المجلس النقدي.

وعلى الرغم من أن مجلس التعاون لم يتخل رسميا قط عن الجدول الزمني المحدد لاعتماد العملة الموحدة في العام المقبل، فإن خبراء ومسؤولين يشككون في إمكانية الالتزام بالإطار الزمني الذي يحدد العام المقبل موعدا لإصدار العملة الخليجية المرتقبة، ويرى هؤلاء الخبراء والمسؤولين أن أمام العملة شوطا طويلا من الخطوات الفنية التي لم يتم اتخاذها حتى الآن، مما يصعب معه إصدار العملة في ظل هذه الظروف.

وبحسب ما نقل عن محافظ المصرف المركزي البحريني رشيد المعراج، خلال اجتماعه قبيل موافقة برلمان بلاده أمس على مناقشة اتفاقية الاتحاد النقدي، مع مسؤولين في البرلمان ذاته، فقد أكد على أن دخول بلاده ضمن نطاق النظام المصرفي والعملة الواحدة مع دول الخليج العربية، من شأنه أن يساعد في حماية الاقتصاد الوطني البحريني من أي هزات مستقبلية قد تستجد في العالم، لافتا إلى أن الانضمام إليه سيزيد من الثقة في الاقتصاد الوطني وسيعزز دور مجلس التعاون ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم، حيث سيتعامل مع حدود تريليون دولار، فيما سيعزز استقرار العملة مما سيشكل قاعدة صلبة للنمو الاقتصادي.

وقال المعراج إن الانضمام للاتفاقية الخليجية سيتطلب تنظيم بعض الأمور المتعلقة بتحديد العجز في الميزانية ومستوى الدين العام الذي يجب ألا يزيد على 60 في المائة من الناتج المحلي، بالإضافة إلى معدلات معينة للتضخم وتحديد مستوى الفائدة، وهي أمور إذا تم ضبطها بالشكل المطلوب فإنها ستحقق خدمة كبيرة للاقتصاد الوطني.

وفيما يتعلق بالجوانب السلبية المتوقعة من تطبيق الاتفاقية، أوضح محافظ مصرف البحرين المركزي أن لكل نظام إيجابيات وسلبيات «ولكن ما ينبغي النظر إليه في الوقت الحالي هو الإيجابيات خاصة في مجال حماية الاقتصاد المحلي من أي هزات عالمية جديدة والتي من الممكن أن تطرأ في أي وقت، بالإضافة إلى أن قدرة الاقتصاديات الصغيرة على مواجهة التأثيرات الاقتصادية تكون محدودة مقارنة بالاقتصاديات الكبرى».

وأبان المعراج أن المجلس النقدي سيكون أول مؤسسة تنفيذية أمامها الكثير من المهام لإتمامها، من بينها تحديد سعر الصرف التبادلي والاتفاق على اسم العملة وتوحيد الأنظمة الرقابية ونظام التسويات بين البنوك، فضلا عن تقريب السياسيات الاقتصادية بين الدول الأعضاء المنظمة لهذا النظام.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت في الحادي عشر من الشهر الماضي تفاصيل اتفاقية الاتحاد النقدي لمجلس التعاون الخليجي، والتي تحظر على أجهزة مجلس التعاون والجهات الحكومية توجيه أي تعليمات للبنك المركزي والبنوك المركزية الوطنية، ولأي عضو من أعضاء أجهزتها التنفيذية، وذلك في خطوة لضمان استقلالية البنك المركزي الخليجي.