البورصات العالمية تتراجع نتيجة القلق من عجز دبي المالي

تضرر شركات التعمير من سيول إلى سيدني * براون: أزمة «دبي» انتكاسة لكن الاقتصاد العالمي قادر على مواجهتها

TT

تراجع المستثمرون عن الأصول التي تنطوي على مخاطر أمس الجمعة، وتخلوا عن أسهم البنوك وشركات الإنشاءات الآسيوية، وسط مخاوف من أن يعيد تخلف «دبي» عن سداد ديونها إشعال الاضطرابات المالية الناجمة عن أزمة ائتمان.

وخيمت على أسواق الأسهم في طوكيو وهونغ كونغ مخاوف بشأن تعرض البنوك لديون شركات «دبي»، بعدما بلغت مديونية «دبي» العالمية المجموعة التي قادت نمو الإمارة 59 مليار دولار في أغسطس (آب) الماضي، وهو ما يمثل نسبة كبيرة من إجمالي ديون «دبي» البالغة 80 مليار دولار.

وقال فرانسيس لون، مدير عام «فولبرايت سكيوريتيز»: «صفارات الإنذار أطلقت من جديد».

وفي حيدر آباد، قال محافظ البنك المركزي الهندي أمس إنه يجب تقييم أثر مشاكل ديون «دبي» قبل اتخاذ قرار بشأن رد الفعل.

وهبطت أسهم البنوك مثل «إتش إس بي سي» بأكثر من سبعة في المائة، و«ستاندارد تشارترد» بنحو ستة في المائة. وقادت أسهم البنكين المدرجة في لندن انخفاضات أسهم البنوك الأوروبية إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر يوم الخميس.

وأوضح تقرير لوحدة «ميريل لينش» التابعة لـ«بنك أوف أميركا» أن مديونية دولة الإمارات العربية المتحدة ستبلغ 184 مليار دولار في نهاية عام 2009. وأضاف أن المنطقة تواجه جدولا ضيقا للسداد حتى عام 2013.

وقالت ميريل لينش في تقرير إن إعادة الهيكلة التي تجريها «دبي» ستكون بمثابة صفعة قوية لآفاق الانتعاش الاقتصادي في منطقة الخليج. وأضافت أن نطاق مديونية المنطقة هو الأمر الذي تتركز عليه الأنظار الآن.

وتابعت «غياب بيانات رسمية عن الديون قد يزيد من حالة عدم التيقن».

وقالت ميريل لينش إن دين الإمارات يبلغ 184 مليار دولار، منها 88 مليار دولار مستحقة على «دبي»، و90 مليار دولار على أبوظبي. وبحساب خدمة الدين تزيد هذه التقديرات إذ إنها تشمل فقط أصل الدين.

وقالت إن دبي تواجه استهلاك دين بقيمة 50 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة، منها 12 مليار دولار في 2010، و19 مليار دولار في 2011، و18 مليار دولار في 2012.

وقدرت إجمالي الدين المستحق على دبي العالمية عند مستوى 26.5 مليار دولار، 80 في المائة منه يستحق السداد خلال ثلاث سنوات.

وقال كارلوس بونسي من «آي إكس إي» للسمسرة في مكسيكو سيتي «إذا تحول ذلك إلى قضية تؤثر على البنوك فإنها ستثير الشكوك مرة أخرى في قدرتها على البدء في الإقراض، وهو عامل أساسي في جميع استراتيجيات إنعاش الاقتصادات».

وقالت مصادر لطومسون «رويترز» إن التعرض لدبي العالمية قد يصل إلى 12 مليار دولار من قروض مجمعة وثنائية تشمل قروضا قائمة لـ«نخيل» و«استثمار» العالمية الذراع الاستثمارية لحكومة دبي.

في أبوظبي، قال مسؤول تنفيذي بارز من بنك أبوظبي التجاري أمس أن البنك معرض بما بين ثمانية وتسعة مليارات درهم (من 2.18 إلى 2.45 مليار دولار) لديون دبي العالمية وشركات تابعة لها مما سيدفع البنك لتجنيب المزيد من المخصصات.

وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه في اتصال هاتفي مع رويترز«يتعين علينا مواجهة الضغوط على ميزانيتنا العمومية وكشوف الأرباح والخسائر بسبب هذا التعرض لدبي العالمية وشركات تابعة لها بسبب تخلفها عن السداد.» وأضاف «نعم سيتعين علينا تجنيب مخصصات أكبر».

وأوضحت وكالة «رويترز» أنه من المتوقع أن تدفع بنوك الإمارات ثمنا باهظا لأي تخلف عن السداد، قد يحدث على ديون أصدرتها شركات تابعة لـ«دبي» العالمية وذراعها العقارية «نخيل».

وقال مسؤول بنك أبوظبي التجاري «خلال تلك السنوات كانت سوق العقارات ما زالت في بدايتها في أبوظبي، لذلك فإننا مثل الكثير من البنوك الأخرى هنا تحولنا لإقراض (دبي)».

من ناحية أخرى، قال مسؤول تنفيذي من بنك الخليج الأول إن البنك معرض بخمسة مليارات درهم على الأقل (1.36 مليار دولار) لديون دبي والشركات التابعة لها ومنها «نخيل» العقارية.

وقال مسؤول بنك الخليج الأول لـ«رويترز»: «في هذه المرحلة كل ما يمكننا قوله هو نعم.. ائتماننا يبلغ نحو خمسة مليارات درهم لشركات تابعة لحكومة دبي. ولسنا معرضين بالمرة لسندات (نخيل)».

ورفض المسؤولان الكشف عن هويتهما إذ إنهما غير مصرح لهما بالحديث للإعلام.

وتضررت شركات الإنشاءات من سيول إلى سيدني وسط مخاوف بشأن عدم دفع الأموال المنتظرة من «دبي» لمشروعات إنشاءات ضخمة، منها أطول مبنى في العالم.

وقالت شركة «لايتون هولدينغز» الأسترالية للإنشاءات أمس الجمعة إنها تستحق أموالا على بعض مشروعات إنشاءات من «دبي»، لكنها على ثقة من أنها ستحصل على المال. وقد نزل سهمها بأكثر من 3.5 في المائة.

ونتجت مشكلات الديون في «دبي» عن فقاعة العقارات التي انفجرت بعد الأزمة المالية، مما عطل خطط الإمارة لأن تصبح منطقة جذب سياحي ومركزا إقليميا لكل شيء من الخدمات المالية إلى الإعلام والترفيه.

وأثار تأخير سداد الديون والمخاطر التي يشكلها على النظام المالي العالمي المتضرر بالفعل من مشكلات البنوك في أوروبا والولايات المتحدة المخاوف مرة أخرى من تجدد الاضطرابات المالية العالمية. وقال تاكاهيكو موراي من نوزومي سكيوريتيز في اليابان «أحداث أخرى مماثلة لما حدث في (دبي) من المتوقع أن تظهر، مما يدفع أموال المخاطرة للخروج من أصول مثل السلع والأسهم».

إلى ذلك، قال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أمس إن شبح عجز «دبي» عن السداد يمثل مشكلة، لكن الاقتصاد العالمي قوي حاليا بما يكفي للتغلب عليها.

وأضاف في تصريحات للصحافيين خلال رحلة لحضور اجتماع قمة لزعماء دول الكومنولث في ترينيداد آند توباغو «رؤيتي الخاصة هي أن النظام المالي العالمي بات أشد قوة الآن وقادر على التعامل مع المشكلات التي تظهر».

وأوضح «في حين أنها تعد انتكاسة.. أعتقد أننا سنجد أنها ليست بحجم المشكلات السابقة التي واجهناها. أعتقد أن الانتعاش العالمي يعتمد على الإجراءات النقدية والتحفيز المالي».

وقال براون إنه تحدث إلى مسؤولين في «دبي» في وقت سابق هذا الأسبوع وأنهم لا يزالون يتوقعون المضي قدما في مشروعات للبنية التحتية في بريطانيا.

وأضاف «على سبيل المثال.. مشروعات دبي لتطوير موانئ في بريطانيا.. إنهم عازمون تماما على المضي فيها».

وفي لندن، ظهرت يوم الخميس آثار الصدمات الناجمة عن قرار إعادة هيكلة شركة «دبي» العالمية، حيث انخفض مؤشر «فوتسي 100» بنسبة 3.2 في المائة.

كانت أسهم القطاع المصرفي أكثر الأسهم التي تأثرت بقرار دبي العالمية، حيث أغلق المؤشر على 5194.13 نقطة، بانخفاض بلغ 171 نقطة مقارنة بأول الأربعاء، عندما وصل المؤشر إلى 5364.81 نقطة.

وشهدت أسهم مصرفي «باركليز» و«رويال بنك أوف اسكوتلاند» تراجعا بمقدار 8 في المائة خلال تعاملات أمس.

يذكر أن تعاملات بورصة لندن توقفت الخميس لنحو ثلاث ساعات نتيجة عطل فني هو الثاني في البورصة خلال 14 شهرا.

أما في آسيا فقد واصلت البورصات الآسيوية تراجعها أمس متأثرة بقرار «دبي»، ففي بورصة طوكيو تراجع مؤشر نيكي الرئيسي بمقدار 301.71 نقطة بنسبة 3.22 في المائة إلى 9081.52 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ أربعة أشهر.. في حين تراجع مؤشر داكس الأوسع نطاقا بمقدار 18.55 نقطة بنسبة 2.24 في المائة إلى 311.10 نقطة.

وأثارت هذه الخطوة مخاوف من تأثير ذلك على البنوك والشركات المالية في منطقة الشرق الأوسط. وقال محللون إن تراجع الأسهم الآسيوية يعكس أيضا المخاوف من احتمالات أن تؤدي المشكلات التي تواجهها مجموعة موانئ «دبي» العالمية إلى أزمة مالية أوسع نطاقا في المنطقة.

كما انخفض مؤشر بورصة شنغهاي المجمع في الصين بنسبة 2.36 في المائة إلى 3096.26 نقطة.

وتراجع مؤشر هانغ سينغ ببورصة هونغ كونغ بنسبة 4.84 في المائة، ليصل إلى 21134.5 نقطة وهو أدنى مستوى له منذ 3 أسابيع. وتراجع مؤشر تاي إكس الرئيسي في بورصة تايبيه التايوانية بنسبة 3.21 في المائة إلى 7490.91 نقطة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كزافيير دو فيلبان، الذي يبيع أسهما في شركة «غلوبال ايكويتيز» في باريس قوله إن بوادر الأزمة المالية في دبي «أثارت أزمة ثقة في وقت تعود فيه المخاوف بشأن تضخم الديون العامة».

وقال دوفير ساباراو، رئيس المصرف المركزي الهندي للصحافيين في مدينة حيدر آباد بجنوب الهند «يجب ألا يكون لنا رد فعل على أنباء فورية كهذه. أحد دروس الأزمة أننا يجب أن ندرس التطورات، وأعتقد أن علينا قياس حجم المشكلة هناك وكيف تؤثر على الهند». وأضاف «طلبت من المسؤولين دراسة هذا، وإذا لزم الأمر فإن من المؤكد أننا سنطلع الجماهير على الآثار المرجحة».

وانخفضت الأسهم الهندية أمس وضعفت الروبية كما انخفضت عائدات السندات، حيث أثارت مشاكل ديون «دبي» مخاوف من تعرض الشركات لمخاطر، فضلا عن خطر سحب المستثمرين الأجانب لأموالهم.

ففي بورصة طوكيو تراجع مؤشر نيكي الرئيسي بمقدار 301.71 نقطة بنسبة 3.22 في المائة إلى 9081.52 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ أربعة أشهر، في حين تراجع مؤشر داكس الأوسع نطاقا بمقدار 18.55 نقطة بنسبة 2.24 في المائة إلى 811.01 نقطة.