الاحتباس الحراري يستنزف القدرات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي

فاو تحذر من تأثيرات التغير المناخي على الأمن الغذائي

TT

بالرغم من ترحيب الاتحاد الأوروبي بإعلان الصين والولايات المتحدة عن استعدادهما لخفض انبعاثاتهما من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن أسفه من الأهداف، التي أعلنتا عنها لمعدلات خفض تلك الانبعاثات. وتزامن ذلك مع صدور تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «فاو»، تضمن تحذيرا من الآثار الشديدة المتوقعة من التغير المناخي على الأمن الغذائي. وجاء الموقف الأوروبي ما بين الترحيب والأسف، وذلك بعد أن أعلنت الصين عن استهدافها خفض انبعاثاتها من غازات الكربون المسببة لظاهرة الانبعاث الحراري بنسبة تتراوح بين 40 و45 في المائة بحلول عام 2020، مقارنة بمعدلاتها خلال عام 2005. كما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، إنه سيعرض خفض انبعاثات الولايات المتحدة من غازات الكربون بنسبة 17 في المائة بحلول عام 2020، مقارنة بمعدلاتها خلال عام 2005 أيضا.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو، ورئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفيلد، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك صدر ببروكسل، إنه بالرغم من «أن معدلات خفض انبعاثات غازات الكربون المستهدفة من جانبهما (أميركا والصين) بحلول عام 2020 قد تكون محبطة للبعض، إلا أننا نشير إلى أن مقترحيهما يتضمنان خفض قوي (للانبعاثات) بحلول عامي 2025 و2030». وأضاف الزعيمان الأوروبيان «إننا نقدر الخطوات التي تتخذها الصين لمكافحة ظاهرة التغير المناخي، ولكن الأهداف المقترحة (من جانبها) ستكون محبطة للبعض». وأعرب باروسو وراينفيلد عن أملهما في «أن تمثل النوايا الصينية والأميركية الخطوات الأولى تجاه خفض أكبر» لانبعاثاتهما من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي، كان أعرب في وقت سابق، عن نيته تخفيض الانبعاثات الناتجة عن أنشطته الصناعية بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2020 وزيادتها إلى 30 في المائة في حال تعاونت باقي الأطراف الدولية في مؤتمر كوبنهاغن حول المناخ الذي سيعقد في الفترة بين السابع إلى الثامن عشر من ديسمبر (كانون الثاني) القادم، أما الهدف من مؤتمر كوبنهاغن فهو التوصل إلى اتفاق عالمي «ملزم» من أجل دفع جميع الدول للعمل على محاربة الاحتباس الحراري، وذلك بدلا لبروتوكول كيوتو، الذي ينتهي في عام 2012 ولم توقع عليه كل الأطراف الدولية.

من جهتها حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في تقرير تعده للمشاركة في قمة كوبنهاغن العالمية حول (تغير المناخ) من الآثار الشديدة المتوقعة للتغيرات المناخية في منطقة المحيط الهادي على الأمن الغذائي. وذكر بيان وزعه مقر المنظمة في روما أن الفاو أعدت موجز سياسات بعنوان (تغير المناخ والأمن الغذائي في إقليم المحيط الهادي) لفت إلى التداعيات بالغة الوطأة للتغيرات المناخية على قطاعات الزراعة والغابات والثروة السمكية في جزر المحيط الهادي ما يفاقم من تردي انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في سائر الإقليم.

ونقل البيان عن التقرير الذي تعتزم المنظمة عرض خلاصته على مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ الذي سيعقد في العاصمة الدانمركية الشهر المقبل أن «الظاهرة ستشكل عاملا مضاعفا للتهديدات في منطقة تقع فعليا تحت طائلة إجهاد حاد بيئيا واقتصاديا». وذكر أن من المقدر أن تواجه جزر المحيط الهادي نتيجة ذلك ارتفاع منسوب مياه المحيط وتدفئة المياه وزيادة مستويات الحموضة مع تغير أنماط التهطل وتغير ساعات النهار وتزايد غطاء الغيوم بالتزامن مع تبدل دوران مياه المحيط والدوران الجوي ما يسفر عن تكرار التقلبات الجوية المتطرفة مثل الأعاصير الاستوائية والجفاف. وحثت منظمة الأغذية والزراعة التي نظمت منذ أسبوع القمة العالمية حول الأمن الغذائي التي تناولت الآثار السلبية للتغير المناخي الحكومات والأطراف المانحة على البدء في تطبيق خطط قوية وموجهة من أجل اعتماد إجراءات فورية في مواجهة تغير المناخ في سائر جزر المحيط الهادي. وحذرت دراسة نشرتها المفوضية الأوروبية ببروكسل، من أن الاحتباس الحراري سوف يستنزف القدرات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي على مدى السنوات القادمة، إذ ستبلغ تكلفته ما يعادل 65 مليار يورو سنوياً، وأشارت إلى أن بلدان جنوب أوروبا ستكون هي أكثر المتضررين من آثار الاحتباس الحراري، حيث من المفترض أن تتضرر قطاعات اقتصادية مهمة مثل الزراعة والسياحة، وأضافت الدراسة أن دول شمال أوروبا قد تستفيد من هذا الاحتباس، لو تم استثماره بشكل جيد، وهو أمر يثير الجدل والتساؤل حول مصداقية عمل بعض الدول على مكافحة انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، بحسب رأي المراقبين. وحذرت الدراسة من مخاطر إهمال مسألة ارتفاع درجة حرارة الأرض، «إن لم يتم تطويق الأمر حتى عام 2080، فإن الاتحاد الأوروبي سيشهد انخفاضا سنوياً في دخله القومي الإجمالي بمقدار 20 إلى 65 مليار يورو»، بحسب نص الدراسة. ويتوقع معدو الدراسة أن تتابع درجات الحرارة في دول أوروبا ارتفاعها خلال السنوات القادمة بمعدل 2,5 إلى 5,4 ما ينذر بمخاطر اقتصادية وبيئية كبيرة.