حكومة دبي: نتعامل مع الشركات على أسس تجارية.. ومديونية الحكومة محدودة

مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط»: ليس شرطا أن تضمن الحكومة الشركات الخاسرة واقتصاد الإمارة بألف خير

إمارة دبي تؤكد عدم تأثير ديون «دبي العالمية» على اقتصاد الإمارة (أ.ف.ب)
TT

سعت حكومة دبي لطمأنة العالم بالتأكيد على قوة اقتصادها، في مواجهة أزمة ديون مجموعة دبي العالمية، في الوقت الذي أكد فيه لـ«الشرق الأوسط» مسؤول إماراتي كبير أن حكومة دبي ليست مسؤولة عن ضمان ديون الشركات التجارية العاملة في الإمارة «شأنها شأن أي دولة في العالم». وبعد أربعة أيام من قرار مجموعة دبي العالمية بإعادة هيكلة المجموعة وطلبها تأجيل سداد ديونها لفترة ستة أشهر، أكدت حكومة دبي على متانة موقفها المالي، وأن تأثيرات ديون «دبي العالمية» لا يمكن لها أن تؤثر إطلاقا على اقتصاد الإمارة الذي يتعامل مع الشركات على أسس تجارية. وقال لـ«الشرق الأوسط» الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي بصفته رئيسا للجنة الموازنة العامة لحكومة دبي للعام 2010 إن حكومة دبي ليست مسؤولة عن ديون الشركات التجارية العاملة في الإمارة، مشيرا إلى أن هناك شركات كثيرة تعمل في دبي «وليس شرطا أن تساعد الحكومة كل الشركات». وقال المسؤول الإماراتي في حديثه إن ديون حكومة دبي معلنة ولا تزيد على عشرة مليارات دولار، «أما ديون الشركات التي تعمل وفق أسس تجارية، فإنها مسؤولة عن نفسها، فإذا رغبت الحكومة في المساعدة فهذا أمر ممكن، أما إذا ارتأت غير ذلك، فهذا أمر طبيعي ولا يمكن لأي حكومة في العالم أن تلتزم بالالتزامات كافة المفروضة على الشركات التجارية». لكن كيف تتعامل حكومة دبي مع الشركات التابعة لها؟ يرد على سؤال «الشرق الأوسط» رئيس لجنة الموازنة العامة لدبي لعام 2010 بأن هناك عشرات الشركات الرابحة في دبي، «وقلة قليلة من الشركات ربما لم تحقق أرباحا، فهل ينبغي على كل الشركات أن تكون رابحة؟ أؤكد هنا أن هذه الشركات تتعامل وفق أسس تجارية بحتة وعلى هذا الأساس تتعاطى الحكومة معها».

وماذا عن مستقبل ديون مجموعة دبي العالمية؟ يجيب صاحي خلفان: «أنا لا أتحدث عن دبي العالمية تحديدا، لكني أقول في الوقت ذاته إن هناك المئات من البنوك الأميركية التي شهرت إفلاسها، فيما دبي العالمية لم تعلن أنها ستمتنع عن تسديد المبالغ المستحقة عليها، بل كان طلبها وفق إعادة الهيكلة فقط».

واستغرب الفريق خلفان ما سمّاه الحملة التي تشن على دبي «وكأنها انهارت أو أفلست. هذا كلام غير منطقي ولا يمت إلى الواقع بصلة، أما أن تطلب شركة ما إعادة هيكلة وتطلب تأجيل سداد ديونها لفترة ستة أشهر، فهذا أمر يحدث في كل دول العالم». وأضاف: «بل أقول يجب أن تطلب دبي العالمية تأجيل ديونها لعام على الأقل وليس فقط ستة أشهر».

«الشرق الأوسط» سألت الفريق خلفان هل يعتقد أن هناك حملة ضد دبي تحديدا فقال إنه يؤكد ذلك ويدلل على رأيه هذا بأن دولة آسيوية كبرى خفضت رواتب موظفيها 10 في المائة، «ومع هذا لم تتعرض لحملة شرسة كما تتعرض دبي». وحول ما إذا كان اقتصاد دبي سيتأثر في أعقاب هذه الأزمة، نفى المسؤول الإماراتي هذه الفرضية «جملة وتفصيلا.. لديّ تقارير رسمية تؤكد أن وضع الاقتصاد في دبي سليم، وما حدث هنا لا يعدو مشكلة في إحدى الشركات التابعة للإمارة، والتي تدار كشركة تجارية لا حكومية»، مضيفا: «سترون أن اقتصاد الإمارة سيعود متألقا دون أن يتأثر بهذه الحملة الظالمة غير الموضوعية إطلاقا». ويقول الفريق ضاحي خلفان إن بين مديونية بعض الشركات العاملة المحلية ومديونية حكومة دبي خلطا والتباسا، مشيرا إلى أن مديونية الحكومة تكاد لا تذكر.

مضيفا إن العشرات من الشركات الوطنية العاملة في الإمارة تُعَدّ من كبريات الشركات العالمية التي حققت نجاحات استثمارية واقتصادية كبيرة.

وأوضح أن العقارات في دبي لا تزال ذات المردود الأعلى في المنطقة بأسرها وأن المستثمرين العقاريين على المستويين المتوسط والبعيد لا يزالون بمنأى عن الأزمة العقارية العالمية إلى حد بعيد في حين تضررت فئة محدودة للغاية في قطاع المضاربات العقارية حيث إن التعامل في قطاع المضاربات العقارية هو الذي شابه خلل.

وقال إن المصارف المحلية تمثل مركز قوة للاقتصاد الوطني في أي دولة، مشيرا إلى أن بنوك الإمارات الوطنية لديها من القوة والمتانة والاحتياطي المالي والسيولة ما يجعل التنمية قوية ومتواصلة على الدوام.

وأشار الفريق ضاحي إلى أن مشروع الموازنة الحكومية لعام 2010 لم يتضارب أو يتعارض مع مشاريع البنية التحتية سواء التكميلية أو الجديدة الضرورية للتنمية المستدامة مؤكدا أن مديري الدوائر المحلية أظهروا جدارة منقطعة النظير في وضع الاستراتيجيات المالية والإدارية التي تجعل من الإمارة مكانا متألقا ومتميزا على الدوام.

وذكر أن دول العالم عادة ما تفخر بوجود مَعْلم سياحي واحد لديها في حين أن معالم دبي السياحية تشمل العديد مثل برج دبي وبرج العرب ومول دبي إضافة إلى المؤسسات الاقتصادية العملاقة عالميا مثل مطار دبي الدولي وشركة طيران الإمارات اللذين يعتبران من شرايين الحياة النابضة بالحركة السياحية. وأشار الفريق ضاحي باعتباره رئيسا لفريق إدارة الأزمات في الإمارة إلى أن دبي كحكومة لا تواجه أزمة مديونية مالية «ولكنها تواجه أزمة منافسة غير شريفة تتمثل في الإساءة إلى الإمارة كي لا تكون حاضنة للمال والأعمال وجاذبة للاستثمارات الأجنبية التي وجدت في دبي مجالا خصبا للانتقال إليه والعمل فيه وتحقيق النجاح تلو الآخر».

وقال الفريق ضاحي إنه لاحظ وجود خلط كبير لدى بعض وسائل الإعلام وبخاصة الخليجية والأجنبية وبعض قطاعات الجمهور بين مديونية حكومة دبي وهي مديونية لا تُذكَر ومديونية بعض الشركات المحلية، معتبرا أنه من الخطأ الخلط بين المديونيتين وهو خطأ يجب تصحيحه وتوعية الإعلام والجمهور بالفصل بين المديونيتين.

وذكر أن الحديث عن القطاع العقاري الاستثماري في دبي يجب أن ينظر إليه على أنه قطاع متعافٍ بصفه عامة بالنسبة إلى المستثمرين الذين يعملون في السوق على المدى المتوسط والطويل من 5 سنوات فأكثر وهؤلاء لم يتضرروا على الإطلاق وبقيت عقاراتهم على ما هي عليه من قوة حيث ما زالوا يجنون أرباح استثماراتهم المتمثلة في الإيجارات التي لا تزال الأعلى عند مقارنتها بنظيراتها على مستوى دول الخليج والشرق الأوسط.

ويقول خلفان إنه يجب التفريق بين سوق الاستثمار العقاري والمضاربات في السوق العقارية حيث تضررت الأخيرة نتيجة الأوضاع السائدة في السوق على الرغم من أن المضاربة في السوق العقارية ما زالت في أوضاع أفضل بكثير عند مقارنتها بالمضاربات في البورصات المالية وبالتالي لا بد من التيقن من أن سوق المضاربات تتسم بالصعود والهبوط المفاجئَين حسب الأوضاع المحيطة بالسوق وبالتالي يكون على المضارب أن يتقبل المجازفات التي يتعرض لها في ظل هذه النظرية.

وفي شأن انكشاف المصارف الإماراتية على «دبي العالمية»، أعلن أمس أول بنك إماراتي عن حجم انكشافه، وقال بنك «أبوظبي الوطني» إن حجم انكشافه على مجموعة دبي العالمية 345 مليون دولار حتى تاريخ 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. وفصّل البنك هذه الديون على النحو التالي:

114 مليون دولار وهي القيمة الاسمية لاستثمارات في صكوك «نخيل» ديسمبر (كانون الأول) 2009 وهي مصنفة كأوراق مالية متوفرة للبيع ويتم إعادة تقييمها وفقا للأسعار المتداولة في الأسواق من خلال حقوق الملكية.

6 ملايين دولار أميركي استثمارات في صكوك «نخيل» ديسمبر 2009 وهي مصنفة كأوراق مالية بغرض المتاجرة ويتم إعادة تقييمها وفقا للأسعار المتداولة في الأسواق.

قروض عامة للشركات بقيمة 100 مليون دولار أميركي لـ«نخيل» و125 مليون دولار لـ«ليمتليس».

وأشار بنك «أبوظبي الوطني»، في بيان أُرسل إلى «الشرق الأوسط» إلى أنه ليس لديه أي انكشاف على «دبي العالمية» نفسها.

وقال البنك إن «إجمالي حجم قروض بنك (أبوظبي الوطني) حسب تاريخ 30 سبتمبر (أيلول) 2009 (نهاية الربع الثالث) بلغ 34.9 مليار دولار (128.2 مليار درهم)، فيما يتجاوز احتياطي رأس المال 6.3 مليار دولار (23.1 مليار درهم)، الأمر الذي يجعل معدل كفاية رأسمال البنك حسب معايير (بازل II) يبلغ 18.42%. وبلغ إجمالي القروض المصنفة 419 مليون دولار (1.5 مليار درهم) فيما يبلغ إجمالي المخصصات 613 مليون دولار (2.25 مليار درهم)، وهو ما يعني أن القروض المصنفة مغطاة بمعدل 146%».