تراجعات حادة في سوقي الإمارات في أول جلسة تداول بعد أزمة ديون «دبي العالمية»

«نخيل» تطلب وقف التداول على ثلاثة صكوك إسلامية

سجل مؤشر أبوظبي تراجعا بـ8.31 في المائة عند الإغلاق في أول جلسة تداول (رويترز)
TT

أغلق مؤشر سوق دبي المالية الاثنين على تراجع بنسبة 7.30 في المائة، بينما سجل مؤشر أبوظبي تراجعا بـ8.31 في المائة عند الإغلاق في أول جلسة تداول بعد بروز أزمة ديون مجموعة «دبي العالمية».

وأتت هذه الانخفاضات الحادة بعد عطلة عيد الأضحى الطويلة على خلفية إعلان حكومة إمارة دبي الأربعاء طلبها تجميد استحقاقات ديون مجموعة «دبي العالمية» التي تملكها، الأمر الذي تسبب بصدمة للأسواق العالمية الخميس والجمعة الماضيين.

وخسر مؤشر دبي 152.8 نقطة ليصل إلى 1940.36 نقطة، فيما خسر مؤشر أبوظبي 241.93 نقطة ليصل إلى 26683.23 نقطة.

وتراجع سهم «إعمار» القيادي في سوق دبي بالحد الأقصى تقريبا (9.86 في المائة)، علما بأن الحد الأقصى للتراجع خلال جلسة تداول واحدة في مؤشري سوقي دبي وأبوظبي وفي الأسهم المدرجة فيهما هو 10 في المائة.

كذلك تراجعت معظم الأسهم النشطة في سوق دبي بشكل حاد مثل «أرابتيك» (9.77 في المائة) وبنك دبي الإسلامي (9.96 في المائة) و«ديار» (9.75 في المائة).

وفي سوق أبوظبي، تراجعت أسهم قطاع العقارات 9.90 في المائة، والاتصالات 9.73 في المائة، وأسهم القطاع المصرفي 7.88 في المائة.

كما تراجعت في سوق أبوظبي أسهم 21 شركة من الشركات الـ70 المدرجة، بالحد الأقصى المسموح به (10 في المائة)، بينما تراجعت بالحد الأقصى أسهم 23 شركة مدرجة في دبي من أصل 70 شركة تقريبا أيضا.

وتجمدت عمليات التداول عمليا خلال الجلسة وسط حجم معروض ضخم وغياب شبه تام لطلب الشراء. فقد كان حجم التداول في سوق دبي بحدود 37.478 مليون درهم (10.21 مليون دولار)، وهو مبلغ يشكل 10 في المائة تقريبا من متوسط حجم التداولات هذه السنة.

وقال الخبير المالي همام الشماع، من شركة «الفجر» للأوراق المالية، لوكالة الصحافة الفرنسية «هذا كان متوقعا لان الأسواق أصيبت بهلع نتيجة للحملة الإعلامية المهولة التي شنها الإعلام في الغرب» على دبي. وأضاف «نتوقع أن يخرج جزء كبير من محافظ المستثمرين الأجانب. خروجهم يثير هلع المستثمرين المحليين». وقال الشماع أيضا إنه لا يتوقع أن «يدخل المستثمرون إلى السوق للشراء، ربما سيكون يوم غد مماثلا لليوم». إلا أنه توقع أن تكون هناك «أخبار جيدة» خلال العيد الوطني الإماراتي الأربعاء المقبل.

إلى ذلك كان قطاع البنوك أيضا في بورصة دبي شديد التأثر في جلسة يوم أمس، فلم يتم التداول إلا على بنك الإمارات دبي الوطني، حيث انخفض بنسبة 5% وبنك دبي الإسلامي (10%) ومصرف عجمان (10%)، وهي ثلاثة بنوك من أصل 5 مدرجة في بورصة دبي.

ولم تختلف الأمور كثيرا في سوق أبو ظبي المالي، حيث هبطت الأسهم المتداولة بالحد الأقصى.

ويرجح الخبير المالي محمد الشريف، أن يعود السوق بسرعة إلى وضعه الطبيعي «أسوة بالأسواق الأميركية التي استعادة نشاطها بعد الانخفاضات الناتجة عن الخبر كنتيجة لاستيعاب المستثمرين للدرس، الأمر الذي أعاد الأسواق العالمية إلى مستويات أفضل في بعض الأحيان من مستويات الافتتاح».

من ناحية أخرى سجل سهم موانئ دبي، وهي شركة تابعة لدبي العالمية، تراجعا بالحد الأقصى (15%) في سوق نازداك دبي عند 36.6 سنت.

إلى ذلك أعلنت شركة نخيل التابعة لدبي العالمية أمس، أنها طلبت تعليق التداولات على ثلاثة إصدارات من الصكوك في بورصة نازداك دبي، وقال بيان صادر عن نخيل إنها طلبت التأجيل حتى تتمكن من تزويد المتعاملين بمعلومات أكثر، ويعلق كبير الماليين في دبي الإسلامي على الخطوة بأنها جاءت «حفاظا على مصالح المستثمرين كان القرار في مكانه، حيث كان من الممكن أن يستفيد البعض على حساب الآخر ويقود الأسعار إلى مستوى متدنٍ.. أعتقد أن التعليق كان خطوة إيجابية وذكية من إدارة نازداك دبي».

أما إلى أي مدى يمكن أن يتحكم أزمة موانئ دبي بحركة بورصات الإمارات «أعتقد ولا يمكن الجزم أن تداعيات الموضوع بحاجة إلى أسبوع لكي تتضح الصورة خصوصا أن الأسواق مقفلة ولا نستطيع أن نحكم، وقد تحمل إجازة العيد الوطني تهدئة للمستثمرين وامتصاصا للصدمة.

يقول محمد الشريف، معتبرا أن «صدور البيان عن تأجيل ديون دبي العالية مع إجازة العيد قد يفسر خطأ فيما قد تكون هناك أمور تغيب عن بال المستثمرين، لذلك يفترض من الجهات المختصة أن تتعاطى بشفافية أكثر مع الموضوع لتكون الصورة واضحة ولا يفسر الأمر بطرق خاطئة من قبل المستثمرين أو يستغل من قبل أي جهة».

وأتت هذه التراجعات الحادة في سوقي دبي وأبوظبي بالرغم من إعلان المصرف المركزي الإماراتي (الأحد) أنه وضع سيولة إضافية تحت تصرف المصارف المحلية والأجنبية العاملة في البلاد، محاولا طمأنة السوق ولا سيما القطاع المصرفي.

وكان الخبير المالي ناصر بن غيث قال للوكالة في وقت سابق إن «انكشاف المصارف المحلية على مجموعة دبي العالمية محدود». وفي مبنى السوق المالية في دبي سجل حضور كبير للمراسلين المحليين والأجانب، وكان حضورهم أكبر من حضور المستثمرين.

من ناحية أخرى، طلبت شركة «نخيل» للتطوير العقاري في دبي أمس وقف التداول على ثلاثة صكوك إسلامية مدرجة في بورصة ناسداك دبي تبلغ قيمتها 5.25 مليار دولار حتى صدور تفاصيل بشأن إعادة هيكلة شركتها الأم، وذلك في خطوة من المرجح أنها تستهدف وقف المضاربات على السندات.

وتسبب الطلب في إيقاف التداول لفترة وجيزة، إلا أنه لم يوقف التداول كليا على السندات التي يجري التعامل عليها في السوق الموازية وليس في السوق الرسمية التي يعد الإدراج بها أمرا فنيا.

كما أدى الطلب إلى تفاقم حالة الاضطراب التي سادت الأسواق منذ إعلان حكومة دبي الأسبوع الماضي أنها ستسعى لإبرام اتفاقات تجميد مطالبات دائني شركتي «نخيل» و«دبي العالمية»، الأمر الذي أثار المخاوف بشأن تجدد الأزمة.

وقالت «نخيل» التي تشيد جزرا صناعية على شكل نخيل قبالة ساحل دبي، في بيان، إنها طلبت من بورصة دبي ناسداك تعليق تداول كل الصكوك الثلاثة المدرجة في البورصة إلى أن تصبح في وضع يتيح لها تزويد السوق بمعلومات وافية. ولم يتسن على الفور الحصول على مزيد من التفاصيل من مسؤولين بشركة «نخيل» بشأن طلب وقف التداول.

ومن ناحية أخرى، ذكر مصدر في دبي أن منطقة جبل علي الحرة دفعت قيمة كوبون على سندات إسلامية 7.5 مليار درهم (2.04 مليار دولار)، في أول اختبار كبير لقدرة دبي على سداد أقساط ديون. ومنطقة جبل علي الحرة وحدة تابعة لـ«دبي العالمية».

وقد أعلن بنك أبوظبي الوطني أمس الاثنين أن حجم انكشافه على مجموعة «دبي العالمية» يبلغ 345 مليون دولار حتى تاريخ أول من أمس الأحد.

وذكر بيان أصدره البنك أنه استثمر 114 مليون دولار وهي القيمة الاسمية في صكوك لشركة «نخيل» تستحق الشهر المقبل، وهي مصنفة كأوراق مالية متوافرة للبيع، وتتم إعادة تقييمها وفقا للأسعار المتداولة في الأسواق من خلال حقوق الملكية.

وأضاف البنك الذي يعد الأكبر في الإمارات من حيث القيمة السوقية أن له 6 ملايين دولار استثمارات في صكوك «نخيل» تستحق الشهر المقبل، وهي مصنفة كأوراق مالية بغرض المتاجرة وتتم إعادة تقييمها وفقا للأسعار المتداولة في الأسواق.

وأعلن البنك أنه قدم قروضا بقيمة 100 مليون دولار لشركة «نخيل» و125 مليون دولار إلى «ليمتليس» التابعتين لمجموعة «دبي العالمية».

وأضاف البيان أنه «ليس لدى بنك أبوظبي الوطني أي انكشاف على (دبي العالمية) نفسها». وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن إجمالي حجم قروض بنك أبوظبي الوطني حسب تاريخ 30 سبتمبر (أيلول) الماضي (نهاية الربع الثالث) بلغ 128.2 مليار درهم (34.9 مليار دولار)، فيما تجاوز احتياطي رأس المال 6.3 مليار دولار، الأمر الذي جعل معدل كفاية رأسمال البنك يبلغ 18.42 في المائة، وبلغ إجمالي القروض المصنفة 419 مليون دولار، فيما بلغ إجمالي المخصصات 613 مليون دولار، وهو ما يعني أن القروض المصنفة مغطاة بمعدل 146 في المائة.