«دبي العالمية» تعلن بدء مفاوضات مع البنوك لجدولة 26 مليار دولار من ديونها

الشيخ خليفة بن زايد: اقتصاد الإمارات بخير * الشيخ محمد بن راشد: هناك خلط والشركة مستقلة عن الحكومة

تعد هذه المرة الأولى التي يكشف فيها عن الرقم الإجمالي الذي ترغب «دبي العالمية» في إعادة هيكلته (رويترز)
TT

فيما كشفت مجموعة «دبي العالمية» عن خطتها لإعادة هيكلة أعمالها من خمس مراحل، وأن الديون التي ستشملها إعادة الهيكلة تبلغ 26 مليار دولار، صدرت تطمينات من قيادة الإمارات بشأن قوة ومتانة اقتصاد البلاد، حيث أكد رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أن الاقتصاد الإماراتي «بخير»، في حين رأى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن رد الفعل العالمي على خطط الإمارة لإعادة هيكلة مجموعة دبي العالمية المملوكة لها يبين «سوء فهم عالمي» مؤكدا أن دبي ستظل « قوية ومثابرة».

وتجاوبت أسعار النفط مع تطورات إعادة جدولة ديون «دبي العالمية» فقد ارتفع سعر النفط مقتربا من 78 دولارا للبرميل مواصلا مكاسب الجلسة السابقة مع انحسار المخاوف من أن تؤدي مشكلات ديون دبي إلى تعطيل انتعاش الاقتصاد العالمي. في حين قال وزير الطاقة الجزائري خليل شكيب، إن تأثير «ديون دبي» على أسعار النفط قد انتهت.

وبإعلان «دبي العالمية» أنها ستبدأ مفاوضات لجدولة ديون تبلغ 26 مليار دولار، تكون هذه المرة الأولى التي يكشف فيها عن الرقم الإجمالي التي ترغب «دبي العالمية» في إعادة هيكلته، وهو الأمر الذي من شأنه طمأنة الأسواق من أن المبلغ المستهدف لإعادة الهيكلة هو مبلغ يصل إلى النصف من المبلغ السابق، كما أن إظهار تفاصيل العملية يشير إلى أن مجموعة دبي العالمية نفسها لديها بعض الشركات الرابحة والتي من المؤمل أن تساعد الشركات الأخرى خلال الفترة المقبلة، بعد أن استبعدت خطة إعادة الهيكلة 3 شركات تابعة للمجموعة.

ويعول مسؤولو دبي على أن ما يسمونه «الزوبعة» التي أحدثها قرار طلب «دبي العالمية» الأربعاء الماضي بتأجيل سداد ديونها لمدة ستة أشهر، سينتهي في وقت قريب، مؤكدين أن هذا القرار تجاري خالص، باعتبار أن الشركة تدار وفق أسس تجارية ولا يد للحكومة فيها.

وتمتلك مجموعة «دبي العالمية» استثمارات ضخمة تبلغ مئات المليارات من الدولارات، وعلى سبيل المثال شركة «نخيل» العقارية التابعة للمجموعة والتي ستتم إعادة هيكلتها، لديها استثمارات تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار حتى نهاية عام 2008، في حين تبلغ مشاريع الشركة العقارية الأخرى «ليمتلس» بأكثر من 100 مليار دولار.

وفيما يشبه إرسال رسالة بأن حكومة دبي قادرة على مواجهة ديونها، قال مصدر، الأول من أمس، إن منطقة جبل علي الحرة «جافزا»، إحدى الوحدات التابعة لدبي العالمية، دفعت كوبون صكوك بقيمة 7.5 مليارات درهم (2.04 مليار دولار) في أول اختبار كبير لقدرة دبي على سداد أقساط ديون، وهو ما يبدو أن دبي أرادت من خلاله التأكيد على أن ديونها تحت السيطرة.

وفي كلمة له بمناسبة العيد الوطني للإمارات، أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، أن اقتصاد بلاده «بخير وأن الأزمة المالية العالمية لن تكون سببا للتراجع أو التراخي»، وقال إن الإمارات تمكنت من تجاوز المرحلة الأصعب من الأزمة المالية العالمية «وذلك بفضل الله وبفضل متانة الاقتصاد الوطني وسلامة سياسة وكفاءة إجراءات الدولة، حيث أخذت مؤشرات الحركة الاقتصادية لمعظم القطاعات في النمو صعودا تدريجيا بداية من الربع الأخير للعام الحالي».

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قال من جانبه، في تصريحات للصحافيين أمس «إننا في دولة الإمارات عموما ودبي خاصة أقوياء ومثابرون ولدينا عزيمة وقوة الإرادة لمواجهة كافة التحديات بما فيها التحديات الإعلامية المغرضة».

ورفض حاكم دبي «الخلط واللغط الإعلامي بشأن الدمج في أزمة دبي العالمية، هذه الشركة المستقلة مع الحكومة»، معتبرا أن الضجة الإعلامية المبالغ فيها «لن تؤثر في مثابرتنا بل بالعكس كنا نريد ردة الفعل هذه من قبل وسائل الإعلام التي لم تتوخَ الحقيقة وخلطت الأمور دون معرفة».

وقال حاكم دبي «كنا نريد ردة الفعل هذه، وقد أثبتت أننا الرقم الصعب في معادلة الاقتصاد العالمي والإقليمي، كما قلت سابقا وهذا ما يشعرنا بالارتياح والفخر بأننا فاعلون ونلعب دورا مهما وحيويا وإيجابيا في الاقتصاد الدولي الذي أصيب بهزة قوية جراء الإعلان عن هيكلة إحدى الشركات».

وقال الشيخ محمد بن راشد «الشجرة المثمرة يرميها كل الناس بحجر أو بأي شيء في متناول أيديهم، فكيف إذا كان لدينا سبع شجرات مثمرة؟؟ (في إشارة إلى الإمارات السبع)، فمن الطبيعي أن نتعرض لهذه الحملة والضجة الإعلامية الضخمة».

وأعرب الشيخ محمد بن راشد عن أمله في أن «تتوخى وسائل الإعلام والإعلاميون الحقيقة، وأن يتحلوا بالشفافية والمصداقية حتى يكسبوا ثقة الرأي العام واحترامه».

وبعيد إعلان «دبي العالمية» عن إعادة هيكلة الديون، سجلت تكلفة التأمين على ديون دبي من إعادة الهيكلة أو العجز عن السداد انخفاضا، بعد أن نزل سعر مبادلات الالتزام مقابل ضمان لأجل خمس سنوات لدبي إلى 526 نقطة أساس من 570 نقطة عند إقفالها يوم الاثنين بحسب مؤسسة «سي.ام.ايه داتافيجن»، في حين انخفضت مبادلات الالتزام مقابل ضمان لأجل خمس سنوات لموانئ دبي العالمية إلى 581.2 نقطة أساس من 643.5 نقطة أساس.

ويوم الأول من أمس، أكدت حكومة دبي أن «دبي العالمية»، وبالرغم من أن الحكومة تمتلك الشركة، فإنها تعمل ككيان قائم بذاته، وإنها لم تخضع سابقا لضمان الحكومة لديونها، كما أكدت الحكومة أن هذه الشركة تعمل وفق أسس تجارية وليس شرطا أن تضمن الحكومة ديونها..

ويقول عبد الرحمن آل صالح رئيس دائرة المالية في دبي، إن «دبي العالمية» تتعامل مع كافة الأطراف على أنها كيان مستقل، وأنها تقترض وفقا لمشروعاتها وليس وفقا لضمان الحكومة.

ووفقا للتصورات التي أوردتها خطة «دبي العالمية»، فسوف تصب عملية إعادة الهيكلة في مصلحة جميع الأطراف ذات العلاقة، وسوف تنقسم إلى عدة مراحل تشمل: مرحلة تخطيط الأعمال، ومرحلة تحديد المستوى التي يمكن المحافظة من خلاله على تحقيق الربح وتوليد النقد، ومرحلة تقييم خيارات تخفيض المديونية بما في ذلك بيع الأصول، ومرحلة تقييم احتياجات التمويل، بالإضافة إلى مرحلة صياغة مقترحات إعادة الهيكلة ورفعها للدائنين وتنفيذها.

وأوضحت أن المناقشات الأولية بدأت بين دبي العالمية والبنوك الممولة «وهي تسير على نهج بنّاء وفي ضوء التحديات التشغيلية الحالية والالتزامات المستقبلية للمجموعة، فإنه من المتوقع أن تتم عملية معالجة البدائل الاستراتيجية واتخاذ الإجراءات ذات الصلة على أساس عاجل. وكجزء من هذه العملية، تتقدم نخيل بالطلب من حملة صكوكها بتعيين ممثل رسمي عنهم لبدء المناقشات معهم».

وعينت المجموعة شركة «موليز آند كومباني» لتقديم الاستشارات بشأن إعادة هيكلة المجموعة، إلى جانب شركة «روثتشايلد» والتي ستستمر في دورها الحالي كمستشار مالي مشيرة إلى الإعلان السابق بتعيين الشريك الإداري في قسم تمويل المؤسسات في شركة «ديلويت ذ.م.م»، آيدان بيركيت، رئيسا لإعادة الهيكلة في دبي العالمية، حيث سيقوم بتقييم وتطوير وتنفيذ عملية إعادة الهيكلة، بحيث تعالج التحديات المالية والتشغيلية التي تواجهها المجموعة «بينما تحافظ وتوفر رأس المال اللازم لمستقبل المجموعة».

وأعربت المجموعة أنها تود إطلاع موفري التمويل على التطورات الأخيرة المتعلقة بهيكل رأسمالها. وقالت إنه بعد استعراض مفصل لمستوى سيولة المجموعة وموقف هيكل رأس المال، «خلصت دبي العالمية إلى أنه ينبغي على الفور النظر في بدائل استراتيجية لهيكل رأس المال الحالي لبعض الشركات التابعة لها».

وكان المصرف المركزي الإماراتي قد عرض على المصارف الأجنبية والمحلية التي لها فروع في دولة الإمارات، مساء الأحد، تسهيلاتٍ نقدية مفتوحة، وأشار إلى أنّ التسهيلات المعروضة تتجاوز معدل «إيبور» بواقع 50 نقطةً أساسية.

إلى ذلك، أكد المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد الإماراتي أمس، على أن اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة أثبت متانته وتطوره في مختلف الظروف والأحداث وفي أوقات الرخاء والأزمات معا، مؤكدا أن تعامل الإمارات مع الأزمة المالية يتم على المستوى الاتحادي، وقال إن الإمارات حريصة على توحيد الجهود على المستوى الاتحادي في مواجهة تداعيات الأزمة المالية «حيث بادرت إلى اتخاذ خطوات عملية في هذا السياق ابتداء من قرار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بضمان الودائع لمدة ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى ضخ السيولة (120 مليار درهم) في الجهاز المصرفي، وتشكيل لجنة مختصة تتكون من وزارة المالية والمصرف المركزي ووزارة الاقتصاد لمتابعة تنفيذ قرارات وإجراءات مجلس الوزراء في هذا الشأن».