الإعلان في باريس عن تأسيس المعهد الفرنسي للتمويل الإسلامي

باريس تريد اللحاق بلندن رغم التأخير في تكييف قوانينها المالية لاستقبال الأدوات المالية الإسلامية

استبعد لاراميه أن تتأثر الصناعة المالية الإسلامية بأزمة السيولة في دبي معتبرا أنها الأقل تأثرا بالهزات (رويترز)
TT

أُعلنَ في باريس أمس عن تأسيس المعهد الفرنسي للمالية الإسلامية بالتعاون بين الغرفة التجارية الفرنسية ــ العربية والبنك الإسلامي للتنمية الذي يرأسه الدكتور أحمد محمد علي المدني. وجاء الإعلان في إطار مؤتمر صحافي في مقر الغرفة عقده رئيسها الوزير السابق هيرفيه دو شاريت وأمينها العام الدكتور صالح بكر الطيار وجان بول لاراميه المدير العام لشركة «Secure Finance».

وقال دو شاريت الذي سيرأس المعهد فيما يتولى الطيار منصب نائب الرئيس ولاراميه الأمانة العامة إن الغرض من المعهد تطوير الصناعة المالية الإسلامية في فرنسا وتأهيل الكوادر اللازمة لذلك والقيام بعمل «تثقيفي» لدى الرأي العام الفرنسي، علما بأن هذا الإعلان يأتي فيما تغرق فرنسا في جدل حول ارتداء البرقع ويصوّت الشعب السويسري ضد تشييد المآذن للمساجد الإسلامية في بلاده.

ونوه دو شاريت والطيار بالدور «الرائد» الذي قامت به الغرفة بطرح إشكالية الصناعة المالية الإسلامية في فرنسا بدءا من عام 2007 حيث دعت إلى أول منتدى فرنسي ــ إسلامي ــ دولي عولجت فيه قضايا رئيسية مثل التوافق بين القانون الفرنسي الوضعي والمالية الإسلامية وأفق العمل لهذه المالية وغيرها من الموضوعات.

وفي هذا السياق، ينعقد المنتدى الثالث هذا العام تحت عنوان «الصناعية المالية الإسلامية: موقع فرنسا في السباق». وتعاني فرنسا التأخر قياسا إلى ما هو موجود اليوم في لندن أو لوكسمبورغ أو جنيف وبال. ومؤخرا، عمد المجلس الدستوري الفرنسي إلى إلغاء مادة تَضمّنها مشروع قرار جاء من مجلسي النواب والشيوخ تسهّل بدء العمل ببعض أوجه المالية الإسلامية مثل الصكوك بحجة عدم مراعاتها الأصول الإجرائية ولأنها جاءت من ضمن مواد قانونية غير مكرسة لهذا الموضوع بعينه.

وقال جان بول لاراميه الذي أطلق هذه المنتديات إن إلغاء القانون سيسبب بعض التأخير في انتظار عرض قانون جديد يحترم الأصول التشريعية ولا يعني تبدلا في موقف فرنسا الرسمي التي ترغب، وفق تصريحات مكررة للرئيس ساركوزي ولوزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد، في توفير الظروف حتى تتمكن ساحة باريس المالية والمؤسسات العاملة فيها من التعاطي بأدوات مالية إسلامية مثل الصكوك والتكافل.

وتعوّل غرفة التجارة على بنك التنمية الإسلامي لإنجاح مبادرة إطلاق المعهد الفرنسي للتمويل الإسلامي لجهة توفير الكادرات الضرورية لتدريب الراغبين في التعرف والتعامل مع هذه الأدوات. وبمناسبة زيارة رئيس البنك لباريس الأسبوع القادم سيتم توقيع اتفاقين أحدهما تقني حول مهام التأهيل والتعليم والآخر غرضه إقامة علاقات ثابتة بين الجانبين بحيث تكوّن الغرفة «محاور» البنك في فرنسا.

وفيما أشار الطيار إلى أن بنوكا فرنسية تعرض أدوات مالية إسلامية ولكن في فروعها خارج فرنسا وتحديدا في دول الخليج، اعتبر أنه من الأسلم أن تعرض هذه الأدوات في فرنسا «لأن ثمة من يريد التعاطي بها مفضلا إياها على ما هو مطروح في الأسواق». ومن جانبه، استبعد لاراميه أن تؤسَّس في فرنسا بنوك تجزئة إسلامية، راجعا ذلك إلى أسباب «تقنية» أهمها أن بنوك منطقة اليورو تترسمل وتستدين من البنك المركزي الأوروبي مقابل فائدة وهو ما ترفضه الشريعة الإسلامية. والحال أن البنوك البريطانية والسويسرية «معفاة» من ذلك لأنها لا تدخل في منطقة اليورو.

واستبعد لاراميه أن تتأثر الصناعة المالية الإسلامية بأزمة السيولة في دبي معتبرا أنها الأقل تأثرا بالهزات بسبب ديناميتها الداخلية وآلية عملها وقوانينها. وترغب باريس في استدراج جزء من الرساميل التي تديرها هذه الصناعة عبر العالم والمقدرة بـ700 مليار دولار. ويرى لاراميه أن بعض المؤسسات الفرنسية التجارية والصناعية الصغيرة والمتوسطة قد تكون مهتمة بالعمل مع أدوات التمويل الإسلامي خصوصا منها المهتمة بالعالم العربي وشرق آسيا. وينطبق التوقع نفسه على البلديات والمجموعات الحضرية التي تحتاج إلى تمويل من أجل تطوير بِناها التحتية ومرافقها الخدمية التي يمكن أن تسهم فيها رؤوس الأموال الإسلامية.