وزير الاقتصاد الإماراتي: «دبي العالمية» ستعيد هيكلة مديونيتها

اقتصاديون يتوقعون تداعيات سلبية على نمو اقتصاد الإمارات العام المقبل

يستبعد خبراء الاقتصاد أن تؤثر مشكلات الإمارات سلبا على النمو في سائر منطقة الخليج (أ.ب)
TT

أكد وزير الاقتصاد الإماراتي، سلطان بن سعيد المنصوري، أن شركة «دبي العالمية» سوف تعيد هيكلة ديونها وستسدد تعهداتها المالية.

وقال المنصوري في تصريح صدر في وقت متأخر من مساء الأربعاء «نستغرب الحملة الإعلامية على دولة الإمارات على وجه العموم وإمارة دبي على وجه الخصوص، كونها تعكس دهشة الكثيرين حيال قصة نجاح دبي على المستويين الإقليمي والعالمي وعدم قدرة بعض اقتصادات الدول على تحقيق طفرة اقتصادية هائلة كتلك التي تشهدها دولة الإمارات وإمارة دبي». وأضاف أنها مجرد مسألة وقت لإعادة هيكلة ديون الشركة وتسديدها.

من ناحية أخرى، قال صندوق النقد الدولي إن الخطوات التي اتخذت حتى الآن سوف تسهم في وقف العدوى الناشئة من الإعلان الذي صدر الأسبوع الماضي من شركة «دبي العالمية» بأنها في حاجة إلى فترة تجميد لمدة 6 أشهر لتسديد التزاماتها المالية.

وتبلغ مديونية الشركة 59 مليار دولار وقالت إنها ستعيد هيكلة 26 مليار دولار من ديونها.

وكان البنك المركزي الإماراتي قد ذكر في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه على استعداد لضخ سيولة نقدية في البنوك لتعزيز القطاع المالي والتخلص من حالة الاضطراب الناشئة عن أزمة مديونية «دبي العالمية»، فيما أشارت وزارة الاقتصاد بشكل ضمني إلى أنه تم إقراض بعض الأموال بالفعل.

ومن المتوقع أن يعدل صندوق النقد توقعاته بالانخفاض للقطاعات غير النفطية في دولة الإمارات عقب أزمة الديون.

وفي الوقت نفسه أشارت آراء اقتصاديين إلى أنه من المنتظر أن يكون النمو الاقتصادي في الإمارات العربية المتحدة مخيبا للآمال العام المقبل، حيث من المتوقع أن ترفع متاعب ديون دبي تكاليف الائتمان في وقت لم يعد بمقدور المستثمرين الاعتماد على الدعم الضمني من الدولة للشركات المملوكة حكوميا.

وكانت أزمة الائتمان العالمية دفعت أكبر اقتصادين خليجيين ـ السعودية والإمارات ـ إلى التباطؤ هذا العام لكن الإنفاق الحكومي المرتفع وتحسن أسعار النفط يساعدان فيما يبدو أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم على النهوض مجددا.

غير أن فرص الإمارات تضاءلت بعدما طلبت دبي، التي تمتعت ذات يوم بنمو مذهل يغذيه قطاع العقارات، تجميد سداد ديون بمليارات الدولارات على شركات بناء رئيسية مملوكة لحكومة الإمارة. وقال أحمد أكارلي، كبير الاقتصاديين لتركيا والشرق الأوسط لدى «غولدمان ساكس» في لندن «رغم أن أبوظبي قد تقود النمو من الآن فصاعدا فإنه من المستبعد أن يكون بمقدور الإمارات تكرار النمو المثير للإعجاب الذي حققته على مدى الأعوام العشرة الأخيرة». وقال عن توقعات 2010 «أميل حاليا إلى التفكير بأن نمو الإمارات سيكون قريبا جدا من الصفر».

وقبل تفجر أزمة الديون في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) كان أكارلي يتوقع نموا نسبته 3.5 في المائة.

وفي مسح أجرته «رويترز» قبل طلب تجميد سداد ديون دبي، توقع المحللون نمو اقتصاد الإمارات 2.9 في المائة العام المقبل بعد انكماشه 1.1 في المائة في 2009 وهو مستوى أقل بكثير من متوسط بلغ ثمانية في المائة على مدى الأعوام الثلاثة السابقة.

وأمس الأربعاء قال مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي إنه قد يراجع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات إلى «أقل بكثير» من الثلاثة في المائة التي تكهن بها في أكتوبر (تشرين الأول).

لكن المسؤولين الإماراتيين يواصلون إبداء الثقة بأن الاقتصاد سيتجاوز كل الصعوبات.

كان وزير الاقتصاد سلطان بن سعيد المنصوري أكد في العيد الوطني لدولة الإمارات يوم الأربعاء «قوة وسلامة الاقتصاد الوطني وقدرته على تجاوز المرحلة الأصعب من الأزمة المالية العالمية». وفي الشهر الماضي قال المنصوري إن الناتج المحلي الإجمالي للإمارات سينمو بما يصل إلى ثلاثة في المائة العام المقبل بعد نموه 1.3 في المائة هذا العام.

ويستبعد خبراء الاقتصاد أن تؤثر مشكلات الإمارات سلبا على النمو في سائر منطقة الخليج نظرا لأن مديونية دول مثل السعودية، التي تعتمد على النفط، أقل بكثير من دبي رغم تعرض بنوك كثيرة في المنطقة لتأثيرات الأزمة المالية العالمية.

وقالت «سيلك انفست ليمتد» في مذكرة، إن اقتصاد دبي يسهم بما لا يزيد على ثمانية في المائة من الناتج الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي الست وهي السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين. وقال إلياس القصير، مدير قسم السندات لدى «كاليون كريدي أجريكول» في البحرين «لا أتوقع تأثر الاقتصاد الكلي في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى نظرا لأن معاييرها الاستثمارية واحتياجاتها للبنية التحتية والمديونية تختلف تماما عن دبي».

كانت «دبي العالمية» المملوكة لحكومة الإمارة قالت هذا الأسبوع إنها بدأت مفاوضات مع مقرضيها بشأن ديون قيمتها 26 مليار دولار على شركتيها العقاريتين الرئيستين، وقال محللون إن عامل الضغط الرئيسي على نمو اقتصاد الإمارات سيأتي من خسائر فادحة محتملة للبنوك وارتفاع تكاليف الإقراض. وقال اقتصادي مقيم في الإمارات طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر «توافر الائتمان سيصبح مشكلة الآن. الائتمان شريان حياة للنشاط الاقتصادي».

وسيساعد رفض حكومة دبي المعلن ضمان ديون شركاتها العقارية في إبقاء تكاليف الائتمان مرتفعة بعدما كانت البنوك تفترض أن الحكومة ستتدخل لإنقاذ شركاتها المتعثرة.

وقال أكارلي «أعتقد أن الشركات المدرجة والقوية ماليا في الشرق الأوسط ستكون في وضع أفضل للوصول إلى أسواق المال العالمية في المستقبل. لكن البقية ستواجه تحديات.. أعتقد أن الشفافية أو بالأحرى الافتقار إليها هو المشكلة الكبيرة هنا».

كانت أسعار الفائدة بين البنوك (ايبور) تراجعت في معاملات الثلاثاء بعد تحرك البنك المركزي لإتاحة سيولة طارئة جديدة. كما تراجعت تكلفة التأمين على ديون دبي من المستويات المرتفعة التي سجلتها الأسبوع الماضي لكنها استمرت فوق مستويات ما قبل الأزمة.