لبنان: إعداد مبكر لمبادلة ديون حكومية تستحق العام المقبل

بعد نجاح «مذهل» لإصدار 500 مليون دولار بأدنى الفوائد

TT

أغلقت وزارة المال اللبنانية عملية إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية (يوروبوند) بقيمة 500 مليون دولار أميركي، بمواصفات تاريخية لم تشهدها الديون الحكومية في إصدارات سابقة، خصوصا لجهة تدني الكلفة دون 6 في المائة في الشريحة الأولى للإصدار. وطول أجل الاستحقاق إلى 15 سنة للشريحة الثانية.

وشكل نجاح الإصدار، الذي شهد عودة الاهتمام الاستثماري الخارجي بالسندات السيادية بعد انكفاء صريح منذ عام 2005 حافزا لبدء الإعداد مبكرا لعمليات مبادلة «سواب» للديون المستحقة خلال عام 2010 المقبل، والبالغة نحو 1565 مليون دولار تستحق الشريحة الأكبر منه في مارس (آذار) المقبل بهدف الاستفادة من الإقبال الاستثماري الداخلي والخارجي. وانخفاض الفوائد العالمية الذي لم يستفد منه لبنان سابقا بسبب أزماته الداخلية. بخلاف الأجواء الإيجابية السائدة حاليا بعد تأليف الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري.

ووصفت وزيرة المال ريا الحسن حصيلة الإصدار بالـ«مذهلة»، حيث بلغت طلبات الاكتتاب خمسة أضعاف القيمة المطلوبة. وفوائد الإصدار «هي الأدنى» قياسا بالإصدارات السابقة. وقالت في مؤتمر صحافي أمس إن «هذا الإنجاز المهم يعكس الثقة بالنموذج المالي والاقتصادي اللبناني، وبقطاعنا المصرفي القوي والمتين، وبالاستقرار السياسي الذي نعيشه، خصوصا أننا شهدنا الأسبوع المنصرم أزمة دبي التي كان يخشى أن تكون لها انعكاسات علينا، لكننا لم نشهد هذه الانعكاسات، بل بالعكس، استطعنا أن نتجاوزها ونحقق مستويات فائدة منخفضة جدا».

وتولت مصارف «بنك بيروت» و«سوسيتيه جنرال» و«سيتي بنك» تسويق الإصدار الذي استقطب اكتتابات داخلية وخارجية فاقت 5 أضعاف قيمته، ما فرض اعتماد التوزيع بالتخصيص (بروراتا). وتم قسمته على شطرين، الأول قيمته 250 مليون دولار لخمس سنوات (يستحق في يناير «كانون الثاني» 2015)، والثاني قيمته أيضا 250 مليون دولار لمدة 15 سنة (يستحق في 3 ديسمبر «كانون الأول» 2024).

وأبرزت الحسن المشاركة الكثيفة من الشركات الأجنبية، حيث بلغت نسبة الاكتتاب الخارجي 27 في المائة من إجمالي قيمة الإصدار. واللافت أن إصدار الـ15 سنة سجلت فيه نسبة كبيرة من الطلبات الأجنبية، إذ بلغت 43 في المائة، وهذا ما يعكس ثقة بمستقبل لبنان وبمستقبل الاقتصاد اللبناني من المستثمرين الأجانب.

وأشارت إلى أن «انخفاض مستوى الفوائد على إصدار الـ500 مليون دولار يعكس انخفاض مستوى المخاطر اللبنانية، كما أن معدل تغطية المخاطر المحلية انخفض من 5 في المائة إلى 2.4 في المائة على 5 سنوات».

وشددت الحسن على أن «هذا النجاح الذي حققته عملية الإصدار هو نتيجة تراكم عوامل سابقة وجديدة، فهو حتما نتيجة الاستقرار، ونتيجة ما حققته المالية العامة، وخصوصا استمرار خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي، ونتيجة المؤشرات الاقتصادية المشجعة على مستوى الاقتصاد الحقيقي، ونتيجة المناعة والمرونة التي أثبتها القطاع المصرفي، والحماية والرقابة التي كرسها مصرف لبنان».

وردا على سؤال عن إمكان اللجوء إلى إصدارات أخرى للسندات السيادية، قالت الحسن: «نحن نستفيد إلى حد كبير اليوم من مستوى الفوائد المتدنية، وإذا كان ثمة ضرورة لإصدارات أخرى فإن السبل متاحة لدينا حتى نقوم بعملية إصدار جديدة وبفوائد متدنية، بعكس ما كان يجري في الماضي، حيث كانت إصداراتنا تتم بفوائد مرتفعة، أما الآن فإن الوضع تغير».

وأضافت: «لدينا استحقاقات العام المقبل، الأمر الذي يمكن أن يضطرنا للعودة إلى السوق في وقت من الأوقات للاستدانة، ولكن نحن الآن في وضع أفضل بكثير حتى نخفف عبء الدين على اقتصادنا، وهذا ما يتيح لنا مجالات أوسع حتى نستطيع أن نستعمل هذا الوفر في أماكن أخرى».

وعن إمكان استبدال دين بفوائد منخفضة بأخرى عالية، قالت الوزيرة الحسن: «حصلت عملية استبدال، والجو موات حتى نعيد جدولة بعض الديون المستحقة في عام 2010، وسننظر في وضع السوق، ولكن المؤكد اليوم أن الوضع يبشر بإمكان إجراء عمليات استبدال بهدف تخفيف أعباء الدين».