سداد «بنك أوف أميركا» لأموال خطة الإنقاذ يحيي الآمال في الانتعاش الاقتصادي

45 مليار دولار حجم الأموال التي حصل عليها من الحكومة

TT

قبل مرور عام على حصوله على حصتين من خطة الإنقاذ التي تجاوزت كل منها عدة مليارات من الدولارات من واشنطن، أعلن «بنك أوف أميركا» المتعافي يوم الأربعاء أنه سيسدد كل المساعدات الفيدرالية التي حصل عليها، مما يلقي الضوء على التعافي السريع للصناعة المصرفية من الأزمة المالية الخطيرة التي أحدقت بها.

وعلى الرغم من استمرار الأزمات المتعلقة بالقروض التي منحها البنك للعملاء وملاك المنازل المتعثرين، يعد إعلان «بنك أوف أميركا» عن خطته لإعادة مبلغ 45 مليار دولار كان قد تلقاها في ذروة الأزمة المالية ـ وهي الخطوة التي لم يمر عليها سوى أشهر ـ خطوة غير متوقعة على الإطلاق.

ولكن على غرار العديد من البنوك الكبرى، عاد «بنك أوف أميركا» لتحقيق العائدات؛ من خلال عمليات «وول ستريت»؛ مثل عمليات تداول الأسهم، والسندات بدلا من الاعتماد على القروض. ويعد تعافي «بنك أوف أميركا» ـ على الرغم من أن المواطن الأميركي العادي ما زال يشعر بالأزمة ـ مرحلة مهمة في جهود الحكومة التي استمرت لمدة عام والتي استهدفت استقرار الصناعة المالية للدولة.

وقد بدأت إدارة أوباما محادثات مع المشرعين حول استخدام الأموال التي لم يتم تخصيصها حتى الآن من برنامج الإنقاذ للمساعدة على مواجهة تكاليف الإنفاق لتوفير فرص عمل.

وبالنسبة لـ«بنك أوف أميركا» وقائده المحاصر كينيث لويس؛ يعد ذلك التحول أمرا شديد الأهمية. فقد أجبر لويس في البداية على ترك منصبه كرئيس للبنك ثم تخلى عن منصبه كرئيس تنفيذي في أعقاب استحواذ البنك المثير للجدل على م«يريل لينش» خلال العام الماضي. والآن وبعدما أصبح على مشارف انتهاء ولايته، تمكن من انتزاع «بنك أوف أميركا» ـ الذي كان يعد حتى وقت قريب واحدا من أكبر البنوك الأميركية المتعثرة ـ من قبضة واشنطن.

وجاء إعلان يوم الأربعاء عقب أشهر من المناقشات الساخنة بين أعضاء الهيئة الإدارية والتنفيذيين والمنظمين الفيدراليين. ويمثل ذلك التوقيت أهمية قصوى خاصة بالنسبة لـ«بنك أوف أميركا» الذي كان يواجه صعوبة في إيجاد من يحل محل لويس. وبعد سداده للأموال التي تلقاها بمقتضى خطة إنقاذ المصارف من خلال شراء الأصول المتعثرة، سيحرر «بنك أوف أميركا» نفسه من الرقابة الفيدرالية المتوقعة على رواتب التنفيذيين العاملين به، التي أصبحت تمثل عقبة أمام تعيين رئيس تنفيذي جديد.

وبالفعل، كانت الهيئة الإدارية في «بنك أوف أميركا» تعج بالشقاق والجدال حول من الذي يجب أن يقود البنك في الفترة التي تعقب تلقيه لأموال الإنقاذ؛ حيث إن عددا من المرشحين المحتملين للمنصب أعلنوا عدم استعدادهم لقبول المنصب الذي يرجع في جانب منه إلى خطة إنقاذ المصارف الفيدرالية والنتائج المترتبة عليها.

ولكن بعد سداد أموال الدعم التي تلقاها، سوف يزيل «بنك أوف أميركا» العديد من وصمات العار التي ارتبطت ببعض الشركات المالية التي تلقت أكثر من حصة مالية من خطة الإنقاذ. وسوف يترك سداد «بنك أوف أميركا» لمبلغ الدعم كلا من «سيتي غروب» و«جي إم إيه سي» وحدهما باعتبارهما أكبر بنكين تلقيا مثل تلك المساعدات الاستثنائية. وذلك على الرغم من وجود بنوك أخرى سواء كانت كبيرة أو صغيرة مضطرة إلى سداد الحصة التي حصلت عليها من خطة الإنقاذ.

وسوف يسدد «بنك أوف أميركا» جزءا من أموال خطة الإنقاذ من خلال بيع ما قيمته 18.8 مليار دولار كأسهم من المتوقع أن يتم تحويلها إلى أسهم عادية، وهي الخطوة التي سوف تسهم في تقليل قيمة الأسهم المالية الحالية حتى وإن كانت سوف تعزز موقف البنك المالي.

ولكن معظم الأموال التي سوف يسددها «بنك أوف أميركا» سوف تأتي من العائدات التي حصل عليها خلال الأشهر الماضي من خلال المراهنات في الأسواق المالية. فبعدما استحوذ البنك على «ميريل لينش» ـ كانت تلك الخطوة قبل ذلك ممنوعة ولكن يبدو أنها تسفر عن نتائج إيجابية حاليا ـ دخل البنك في مغامرات كبرى للمنافسة مع عملاق وول ستريت «غولدمان ساكس» و«جي بي مورغان تشيس».

من جهته، قال البنك إنه سوف يخصص 26.2 مليار دولار من السيولة لسداد ما حصل عليه من خطة الإنقاذ، بالإضافة إلى أنه سوف يبيع ما قيمته 4 مليارات من الأصول.

جدير بالذكر، أن لويس قد تعرض للعديد من الانتقادات نظرا لاستحواذه على «ميريل لينش» الذي أدت خسائره إلى دفع «بنك أوف أميركا» للحصول على حصة ثانية من خطة الإنقاذ من واشنطن. وما زالت الأحداث التي أحاطت بالاستحواذ على «ميريل لينش» ودور الحكومة الذي لعبته الحكومة في عملية الاستحواذ موضوعا مثيرا للجدل. وذلك حيث يؤكد بعض المساهمين أن «بنك أوف أميركا» أخفق في الكشف عن المخاطر المرتبطة بالصفقة التي ما زالت تخضع للتدقيق على مستوى الولاية وعلى المستوى الفيدرالي.

من جهة أخرى، قال متحدث باسم وزارة الخزانة إن سداد البنك لأموال خطة الإنقاذ يمثل خطوة مهمة في إبعاد الحكومة عن القطاع المصرفي. وأوضح آندرو ويليامز المتحدث الرسمي باسم الوزارة: «كلما استبدلت البنوك استثمارات الوزارة بالاستثمارات الخاصة، ازدادت الثقة في النظام المالي، وقل تدخل الحكومة غير المسبوق في القطاع المصرفي الخاص». وكان الصراع الذي امتد لأشهر بين البنك والمنظمين يرتكز على قدر رأس المال الذي يجب على «بنك أوف أميركا» إضافته لكي يتمكن من سداد أموال خطة الإنقاذ. حيث يدفع المنظمون البنوك الكبرى لزيادة أسهم (حصص) رأس المال، ويثير القرار المتعلق بـ«بنك أوف أميركا» تساؤلات حول ما إذا كان المنظمون سوف يطالبون البنوك الأخرى مثل «ويلس فارغو» بالزيادة أم لا.

وتركز الهيئة الإدارية لـ«بنك أوف أميركا» جهودها حاليا على تعيين خلف للويس، وهي العملية التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول)، عندما فاجأ لويس حتى أقرب مساعديه بأنه سوف يترك منصبه في وقت مبكر. وتخطط الهيئة لعقد اجتماع بشارلوت في بداية الأسبوع القادم وتأمل الالتقاء ببعض المرشحين النهائيين.

وبعدما يسدد بالفعل أموال خطة الإنقاذ، لن يكون البنك مضطرا للتشاور مع وزارة الخزانة حول الرواتب التي يتم إعطاؤها للمدير التنفيذي الجديد أو أي من الموظفين لديه، وربما يفتح ذلك الباب أمام عدد من المرشحين لذلك المنصب من خارج البنك والذين كانت لديهم مخاوف من قبول ذلك المنصب الذي يخضع للإشراف الحكومي.

وكان التنفيذيون في «بنك أوف أميركا» يصرون منذ أشهر على أن العمليات التجارية الداعمة أو الفعلية للبنك أكثر أهمية من مثيلاتها لدى البنوك الأخرى وأن دمج «ميريل» سوف يؤتي ثماره في وقت قصير. وبالفعل، تحسنت أعمال «ميريل» خلال العام الحالي، عندما ازدادت العمليات التقليدية لـ«وول ستريت» من عمليات تداول وعقد صفقات. وفي الوقت نفسه، واجهت وحدات إقراض المستهلك في «بنك أوف أميركا» خسائر حادة بالتزامن مع الضعف الاقتصادي.

وكانت مفاوضات البنك مع الحكومة يقودها غريغ كيرل الذي حصل على منصب مسؤول إدارة الأزمات في يونيو (حزيران) والذي كان يتفاوض على دمج البنك مع «ميريل» خلال العام الماضي وكان ينظر إليه باعتباره المرشح المحتمل لخلافة لويس.

*خدمة «نيويورك تايمز»