لبنان: احتياطيات العملات الأجنبية والذهب تغطي 75% من إجمالي الدين العام

زادت 11.4 مليار دولار في 12 شهرا

ارتفعت القيمة الموازية لاحتياطيات الذهب (نحو 9.2 مليون أوقية أو نحو 280 طنا (رويترز)
TT

تسارع إيقاع نمو احتياطيات البنك المركزي من العملات الصعبة مقتربة من عتبة قياسية جديدة عند مستوى 28 مليار دولار، مدعومة بتحسن قوي لقيمة احتياطي الذهب إلى مستوى 11 مليار دولار بفعل ارتفاع الأسعار العالمية. ليصبح المجموع موازيا حاليا لنحو 115 في المائة من الناتج المحلي البالغ نحو 33 مليار دولار، مقابل نحو 86 في المائة قبل 12 شهرا، ونحو 76 في المائة من إجمالي الدين العام البالغ نحو 50 مليار دولار، مقابل نحو 57 في المائة للفترة ذاتها.

وبحسب الإحصاءات التي يعدها البنك المركزي، بلغت الاحتياطيات السائلة بالعملات الأجنبية 27.21 مليار دولار في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. أي ما يوازي 82.5 من الناتج المحلي، بزيادة قدرها 8.08 مليار دولار، ونسبتها 42.2 في المائة على أساس سنوي. فيما ارتفعت القيمة الموازية لاحتياطيات الذهب (نحو 9.2 مليون أوقية أو نحو 280 طنا) من 7.5 مليار دولار إلى 10.79 مليار، أي ما قيمته 3.29 مليار دولار، ونسبته 43.85 في المائة على أساس سنوي، وهذا يعني أن حصيلة الزيادة بلغت نحو 11.4 مليار دولار، وما نسبته 42.7 في المائة، أي ما يعادل 950 مليون شهريا.

وإذ يخضع ارتفاع أصول الذهب لتغير أسعاره عالميا، فهو يخضع محليا لقانون صادر منتصف الثمانينات من القرن الماضي يمنع قطعا التصرف به بيعا أو تأجيرا أو إدارة، لكنه يشكل، في المقابل، ضمانة نفسية قوية للاستقرار النقدي وتغطية العملة الوطنية، وهذا ما يؤيده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي لا يجد مبررا لإعادة النظر في هذا القانون، خصوصا مع تنامي إقبال الكثير من الدول والبنوك المركزية على تكوين احتياطيات أو تعزيز مخزونها من المعدن الأصفر الذي أثبت فعاليته كدرع حماية في أوقات الأزمات الطارئة.

ويشكل احتياطي العملات الصعبة دعامة صلبة للاستقرار النقدي الذي أرساه البنك المركزي منذ خريف عام 1999. وثبت سعر الدولار بما يوازي 1500 ليرة عبر تدخله على الخطين بائعا وشاريا منعا للمس بحرية حركة العرض والطلب، وذلك رغم موجات الارتفاع والهبوط التي يشهدها سعر العملة الخضراء في الأسواق العالمية. ورغم النصائح السابقة لصندوق النقد الدولي بالتخلي عن هذه السياسة وتحرير أسعار الصرف، والتي تراجع عنها لاحقا مؤكدا في تقاريره المتتالية أهمية الاستقرار النقدي في حفز النمو، بل بات يدعو إلى اعتماد التجربة في بلدان تشبه أزماتها مثيلاتها القائمة في لبنان.

ولا يفصح البنك المركزي عن مكونات احتياطه، مستمدا القاعدة المعتمدة في البنوك المركزية العالمية. لكن يمكن التكهن بأن شريحة منه تزيد على 9 مليارات دولار تمثل الاحتياطيات الإلزامية المقابلة لودائع الجهاز المصرفي بالعملات الأجنبية، وهي أحد العوامل المهمة في النمو المتواصل للاحتياطي ربطا بالنمو القياسي بنسب تقارب 24 في المائة من الذي تحققه هذا العام. كما تشكل تدخلات البنك المركزي شاريا فائض المعروض من الدولار في السوق المالية مصدرا أساسيا لدعم الاحتياطي الحر، وهذا ما شهد طفرة كبيرة هذا العام بفعل الموجات المتتالية لتحويل شرائح من الودائع من الدولار إلى الليرة، حيث بلغت نسبة دولرة الودائع أخيرا 64 في المائة، مقابل نحو 70 في المائة قبل 12 شهرا، بالإضافة إلى اكتتابات المصارف في شهادات دولارية يصدرها المركزي وودائع خارجية.

ويشكل الدين العام البالغ نحو 50 مليار دولار، أي ما يوازي 152 في المائة من الناتج المحلي، موضع الثقل الأساسي في الأزمة المالية التي تعانيها موازنة الدولة. وهي أيضا أحد المعوقات الأساسية التي تكبح النمو وتؤثر سلبا على مخططات الحكومة لمعالجة أزمة الاقتصاد وتكبير حجمه.

وما زاد من حجم المشكلة وتأثيرها في السنوات الأخيرة أن خدمة الدين باتت تستنزف الشريحة الأكبر من واردات الموازنة، وتسبب باستمرار العجز الذي يسبب بدوره تنامي كتلة الدين. وهذا ما أدى إلى تدني التصنيف السيادي، وبالتالي تدني تصنيف المؤسسات المصرفية الناشطة التي تحمل، إلى جانب البنك المركزي، الشريحة الأكبر من إجمالي الدين.