إطلاق مشروع السياحة المعمارية العربية من بيروت

هدفه جمع التراث مع التطور بدل غابات الأسمنت

TT

بدا مؤتمر «السياحة المعمارية في الوطن العربي» أعماله أمس في بيروت برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وبتنظيم من هيئة المعماريين العرب واتحاد المهندسين العرب، بالتعاون مع نقابة المهندسين في لبنان، ويستمر ثلاثة أيام متتالية ينتقل خلالها إلى مدينتي طرابلس وجبيل المشهورتين بالآثار والأبنية التاريخية.

واعتبر وزير السياحة اللبناني فادي عبود ممثلا رئيس الجمهورية أن «القطاع السياحي يعد من أهم روافد التنمية في العالم، ويُنظر إليه باعتباره دعامة هامة في تنويع مصادر الاقتصاد الوطني وإيجاد فرص العمل وتحقيق التوازن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية».

وقال: «الإرث المعماري من العناصر الأساسية للمنتج السياحي لأي دولة، وهناك علاقة خاصة تربط العمارة بالسياحة المستدامة. فالعمارة تؤدي دورا هاما في تنشيط السياحة وتحقيق التنوع الثقافي والحضاري الذي يجعل مدننا ذات خصوصية ثقافية تجذب السائح، فجميع النشاطات السياحية تقام في منشآت معمارية كما أن كثيرا من المنشآت المعمارية تحول إلى معالم سياحية هامة. وبالفعل هناك ضرورة لتنمية كنوزنا المعمارية واستثمارها لتحقيق تنمية على مستوى الجذب السياحي عبر إعادة تأهيل المباني الأثرية والحفاظ عليها كواجهة للسياحة والترويج لهذه المواقع بهدف تنمية السياحة الداخلية». وأضاف: «السياحة المعمارية لا تشمل فقط الأبنية التراثية لجهة الابتكار والإبداع، والجمالية في مجال العمران والبناء، وإنما أيضا كل المراحل العمرانية التقليدية والحديثة. من هنا أيضا ضرورة رسم استراتيجية لتحسين مدننا. ففي ظل العولمة تتبارى الدول في إيجاد ابتكارات هندسية للمستقبل».

وأشار رئيس هيئة المعماريين العرب المعمار هيامي الراعي إلى أن «الحفريات التي جرت في بيروت منذ بداية التسعينات دلت على أن هذه المدينة شهدت على حضارة فينيقية مزدهرة سبقت بآلاف السنين المجد الذي عرفته في العهد الروماني، الذي بُنيت فيه مدرسة الحقوق، وهي الأولى من نوعها في التاريخ، بيروت أم الشرائع. ومن جملة ما اكتشفته الحفريات بقايا أسوار المدينة القديمة وحدود مينائها والعديد من مظاهرها الحضارية». وأعلن إطلاق مشروع السياحة المعمارية في الوطن العربي انطلاقا من لبنان، لتكون العمارة بمراحلها الزمنية المختلفة في صلب الحركة السياحية. فالهدف هو إبراز المعالم السياحية المعمارية لكل الدول العربية من خلال مؤتمرات تتبعها ندوات تُعقد في كل دولة، يلقى الضوء من خلالها على معظم الأماكن لتصبح لدينا لائحة موثقة شاملة يسهل الاطّلاع عليها». وتَطرّق الأمين العام لاتحاد المهندسين العرب عادل الحديثي إلى دور هيئة المعماريين العرب التي تضع ضمن أهدافها وضع نظام لمزاولة مهنة الهندسة المعمارية والحفاظ على التراث المعماري وإبراز أثره في تقدم الحضارة بهدف إيجاد عمارة عربية متميزة منسجمة مع البيئة العربية منبثقة من التراث العربي مستلهمة أحدث التطورات العالمية والارتقاء بالمستويات التعليمية المهنية وتشجيع تبادل الخبرات والمساعدة على إنشاء هيئات معمارية قطرية في البلدان التي لا توجد فيها.

وقال نقيب المهندسين اللبنانيين بلال علايلي إن «وطننا العربي، من مشرقه إلى مغربه، وبما يحتوي من كنوز معمارية ومواقع تراثية مميزة، جذب أنظار العالم إليها سواء لقيمتها التاريخية أو لقيمتها الفنية المعمارية، انطلاقا من المدن التاريخية القديمة بأسوارها ومعالمها الأثرية الممتدة من شبام وصنعاء وسامراء في الشرق، إلى القدس العربية ودمشق وحلب وبصرى وبعلبك وصور وجبيل والقاهرة الإسلامية في القلب، إلى تونس والقيروان ومراكش وفاس ومكناس في الغرب، إلى عدد كبير من المواقع والأبنية التراثية المنتشرة على كامل خريطة الوطن العربي، تميزت جميعها بتخطيطها وعمارتها، والأهم بارتباطها بمجتمعها، فعكست ثقافة وحضارة وفكر مختلف الشعوب التي سكنت هذه المناطق، ولا عجب أن وجدنا العشرات من هذا الموروث التاريخي الحضاري قد أُدرجت ضمن لائحة التراث العالمي لـ«الأونيسكو»، وهي المنظمة الدولية ذات الدور الريادي في إطلاق المبادرات الدولية والمحلية لحماية التراث ودعمها على قاعدة أن بعض المواقع التراثية والطبيعية تتمتع بقيمة استثنائية ينبغي أن تكون جزءا من التراث المشترك للإنسانية، وحمايتها واجبة على المجتمع الدولي بأكمله».