بنك ساراسين السويسري: شمس الخليج الحارقة هي السبيل للخروج من الأزمة المالية العالمية

360 كيلومترا مربعا من الصحراء تكفي لسد احتياجات العالم من الكهرباء

من المتوقع نمو استخدامات الطاقة الشمسية بنسبة 46 في المائة على مستوى العالم (إ.ب.أ)
TT

هل يخرج الاقتصاد العالمي من أزمته المالية بفضل الطاقة الشمسية؟ بل هل ستكون للشمس الحارقة في منطقة الخليج العربي فوائد إيجابية لتعزيز اقتصاد المنطقة؟ هذه الإجابة تأتي على ذمة بنك ساراسين السويسري، الذي يؤكد أنه وبعد الانتكاسة التي سببتها الأزمة الاقتصادية العالمية، فإن قطاع الأعمال في مجال الطاقة الشمسية سوف يستجمع قوته مرة أخرى في وقت مبكر من العام القادم، بحيث ستكون صناعة الطاقة الشمسية «منصة انطلاق نحو الانتعاش الاقتصادي العالمي».

وخلال العقد الحالي، اتجه العديد من دول العالم نحو استخدام الطاقة الشمسية، باعتبارها عاملا مساعدا في تلبية نسبة كبيرة من احتياجاتها من الكهرباء، إذ استقطب هذا القطاع الاهتمام أخيرا، وانتقل من مرحلة المشروعات التجريبية إلى الاستخدام التجاري على نطاق واسع، جنبا إلى جنب مع محطات الطاقة التقليدية.

ووفقا لتقرير صادر من بنك ساراسين حول أبحاث الاستدامة، تحت عنوان «صناعة الطاقة الشمسية 2009: براعم الانتعاش الأولى». فإنه من المتوقع أن تصل نسبة نمو وحدات الطاقة الشمسية «الفولتا ضوئية» في السوق العالمية إلى 46 في المائة في العام 2010. «وقد أبدت الحكومات والشركات في منطقة الشرق الأوسط اهتماما متزايدا بتوليد الطاقة الشمسية بعد النفط. وهذا ما تجلى واضحا من خلال بعض المبادرات الأخيرة في المنطقة مثل استضافة أبوظبي لمقر «إيرينا» فضلا عن مبادرة مصدر في أبوظبي، أول مدينة في العالم خالية من الانبعاثات الكربونية، وتوجه منطقة الشرق الأوسط نحو الطاقة الشمسية».

وفي يناير (كانون الثاني) 2008 أعلنت إمارة أبوظبي أنها تنوي استثمار 15 مليار دولار لبناء أكبر محطة لإنتاج الطاقة الهيدروجينية في العالم وتطوير مصادر الطاقة المتجددة. وتصف الإمارة المشروع على أنه أهم مشروع حكومي من نوعه في العالم. ويشمل المشروع أيضا تطوير مدينة تعتمد على الطاقات المتجددة، تؤوي 50 ألف شخص. وأطلق على هذه المدينة المستقبلية اسم «مدينة مصدر»، وستخلو تماما من الانبعاثات الكربونية. وستكون أول مدينة على اليابسة خالية من السيارات والشاحنات التي تعمل بالوقود الأحفوري.

العاصمة الإماراتية أبوظبي سعت للاستفادة من الطاقة الشمسية في تنويع مصادرها من الطاقة البديلة، كما يقول الدكتور سلطان الجابر الرئيس التنفيذي لشركة طاقة المستقبل (مصدر) الذي يشير في هذا الشأن إلى استثمار العاصمة الإماراتية مليارات الدولارات في المصادر البديلة للطاقة، «هذا أمر يساعدنا كثيرا في الوصول إلى أهدافنا المستقبلية».

ويضيف الدكتور سلطان الجابر قائلا إن جغرافية أبوظبي ورؤيتها الرامية إلى أن تصبح أحد رواد الطاقة المتجددة على مستوى العالم، «ساهمت في جعل قطاع الألواح الكهروضوئية الشمسية الرقيقة محط اهتمام (مصدر)».

ويقول تقرير البنك السويسري إن منطقة الشرق الأوسط تشكل، ونظرا لتوفر كمية كبيرة من أشعة الشمس، المكان المثالي للحصول على الطاقة الشمسية.

ويضيف التقرير «وهذا يجعل من الشرق الأوسط منطقة جاذبة علاوة إلى التكلفة التنافسية للمنشآت الكهروضوئية بسبب ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية من مكيفات الهواء وتحلية المياه».

وبحسب التقرير، فإن صناعة الطاقة الكهروضوئية تشكل واحدة من أهم عوامل الانتعاش الاقتصادي «وذلك بسبب وفورات التكاليف وانخفاض الأسعار وتحسين الكفاءة وتوسيع قنوات التسويق. ومن المتوقع أن يصل معدل نمو الطاقة الفولتاضوئية في السوق العالمية، خلال عام 2010 إلى 46 في المائة. أي ما يعادل قدرة المنشآت الفولتاضوئية المثبتة حديثا والتي تبلغ 8.5 غيغاواط. وستصل معدلات النمو السنوي حتى عام 2012 إلى ما بين 45 و50 في المائة. كما أنه من المتوقع أن تحقق الأسواق غير الأوروبية أعلى من معدلات النمو، فستحقق الصين مثلا 130 في المائة أما الهند والولايات المتحدة فسيصل معدل النمو السنوي إلى 100 في المائة».

ويمضي التقرير في القول بأن أحد ضمانات استقرار النمو تكمن في الحقيقة القائلة «إن هناك ما لا يقل عن عشرة أسواق فولتاضوئية جديدة يقدر حجمها بـ 500 ميغاواط، وستنضم إلى الأسواق الرائدة خلال العامين القادمين. وهذا سوف يساعد الطاقة الشمسية على إعفاء نفسها من برامج دعم الدول، وفي الوقت نفسه سيتم بسرعة تحقيق تكافؤ الشبكة. لذلك وبناء على المقدمات الاقتصادية والتوقعات المواتية والمرتبطة بالصناعة الفولتاضوئية، فإن بنك ساراسين يتوقع توسع حجم السوق العالمية إلى 155 غيغاواط بحلول عام 2020. إن هذه التوقعات على المدى الطويل هي أكثر تفاؤلا بقليل من السيناريو السياسي الذي طرحته الرابطة الأوروبية لصناعة الفولتاضوئية (EPIA)».

وفي هذا الإطار توقع التقرير أن يتجاوز معدل النمو السنوي الـ50 في المائة خلال السنوات الخمس القادمة. بحيث سيشكل مشروع «مصدر» الظبياني رأس الحربة لهذا التطور الجديد، حيث ستكون أول مدينة تتبنى بالكامل التقنيات النظيفة الخالية من النفايات والكربون وتعتمد كليا على مصادر الطاقة المتجددة لا سيما الطاقة الشمسية. وتسعى هذه المدينة الجديدة إلى أن تصبح مركزا عالميا للابتكار والبحث وتطوير المنتجات في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيات المستدامة.

ويقول التقرير إن منطقة صحراوية تبلغ مساحتها 360 كيلومترا مربعا، تكفي لسد احتياجات العالم بأسره من الكهرباء، وإن هذه المساحة ليست إلا 0.5 في المائة من مجمل المساحة الصحراوية على كوكب الأرض. «ويجري الآن وضع خطة لإنشاء تكنولوجيا تركيز الطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى لتغطية أكثر من 15 في المائة من الطاقة الكهربائية في الشرق الأوسط ودول حوض البحر المتوسط وأوروبا بحلول عام 2050. وهذا المشروع يتطلب استثمارات بقيمة 400 مليار يورو».

وتبلغ الطاقة الإنتاجية لتركيز الطاقة الشمسية حاليا خلال عام (2009) 485 ميغاواط هذا وسيضاف إلى الشبكة على أساس عالمي 415 ميغاواط أخرى. وكان إطلاق المنشآت الأولى مبشرا بمستقبل واعد. وتشير توقعات ساراسين إلى أن حجم النمو السنوي للمنشآت المثبتة حديثا حتى عام 2020 سيبلغ 20 في المائة أي أن إجمالي القدرة المثبتة حتى ذلك العام ستصل إلى 31.6 غيغاواط.

ولكن كيف تتم الاستفادة من هذه الطاقة الشمسية للوصول إلى الاستفادة الكاملة منها؟ يقول تقرير البنك إن هناك ثلاث تقنيات يمكن لها أن تقوم بذلك، الأولى وحدات الطاقة الشمسية (الفولتا ضوئية) وهي توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية. ويعني تسليط شعاع من الضوء على الخلايا الشمسية التي غالبا ما تكون مصنوعة من السيليكون، مما يولد شحنات موجبة وسالبة (تأثير كهروضوئي) فيتولد تيار كهربائي يمكن استخدامه لشحن البطارية أو تغذية الشبكة العامة.

أما التقنية الثانية فهي وحدات تجميع الطاقة الشمسية: بحيث يستخدم نظام الطاقة الشمسية الحرارية أو التسخين بالطاقة الشمسية، طاقة الشمس بطريقة بسيطة نسبيا ولكنها ذات كفاءة عالية. وتسخن الألواح السوداء الماصة المغلفة الموجودة في وحدات تجميع الطاقة الشمسية بفضل أشعة الشمس، ثم يتم جمع هذه الحرارة بوسيلة تخزين، بعد ذلك يجري إدخالها في السخانات أو نظام التدفئة المنزلية.

أما التقنية الثالثة والأخيرة، بحسب تقرير البنك السويسري، فهي تعتمد على تركيز الطاقة الشمسية: والذي بدوره تستفيد منشآت تركيز الطاقة الشمسية من الحرارة المحولة من أشعة الشمس بتوليد الطاقة الكهربائية. ثم تستخدم المرايا لتركيز أشعة الشمس ويتم نقل الطاقة الحرارية الناتجة إلى دورة البخار عند درجة حرارة تفوق 100 درجة مئوية، وكما هو الحال في محطات الطاقة التقليدية حيث يستخدم البخار لتوليد طاقة تكفي لتشغيل توربين توليد الكهرباء.