الأمين العام لاتحاد البورصات العربية: أزمة الثقة أكبر التحديات التي تواجه أسواق المال العربية

قال لـ «الشرق الأوسط» إن إنشاء البورصة العربية الموحدة يواجه عوائق تشريعية

فادي خلف
TT

اعتبر الأمين العام لاتحاد البورصات العربية، الدكتور فادي خلف، أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الأسواق العربية حاليا هو أزمة الثقة في أسواق المال بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت لها، مؤكدا أن الأزمة المالية العالمية بدأت في الانحسار، كما أن أي توابع لها ستكون محصورة إقليميا، وإذا خلفت تأثيرا فسيكون لحظيا ومحصورا في نطاقه الجغرافي.

وأشار الدكتور خلف في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة إلى أن العوائق التشريعية هي المانع الرئيسي الذي يواجه إنشاء البورصة العربية الموحدة. ورغم تخوفه من التصريح عن توقعاته لعام 2010، فإنه بدا متفائلا بالعام المقبل.

وفيما يلي نص الحوار..

* ما هي أكبر التحديات التي تواجه البورصات العربية؟

ـ التحدي الأكبر هو إعادة الثقة في الأسواق المالية، فبعد حدوث أي زلزال، تستمر حالة التخوف من تبعاته، وهو ما يحدث حاليا. فسبب الأزمة المالية يرجع بنسبة كبيرة إلى عدم وجود شفافية تامة. وكان هذا واضحا على ما فعله مادوف، فقد أخفى 350 مليون دولار على مدى 30 سنة ولم تتمكن الجهات الرقابية من كشفه، وهذا يدل على قصور واضح في أداء الجهات الرقابية.

* ولكن كيف تعود الثقة إلى المستثمرين في أسواق المال؟

ـ يمكن تقسيم آلية إعادة الثقة في أسواق المال إلى ثلاثة مستويات، الأول هو توحيد الجهات الرقابية كما حدث في مصر، فعند توحيد الجهات الرقابية يتم غلق كل الثغرات التي تحول دون التحايل على القانون، كما حدث في العالم، وأدى إلى وقوع أزمة بسبب استغلال الأفراد والمؤسسات لثغرات قانونية لتحقيق مصالح شخصية. أما المستوى الثاني فيتعلق بتطوير الأدوات المالية، لأن الأدوات المالية تتطور بسرعة أكبر وإصدار التشريعات يأخذ وقتا كبيرا، فيجب أن تواكب التشريعات تطور الأدوات المالية. والمستوى الثالث يتعلق بتطبيق تلك التشريعات بشكل كامل، فإذا أخذنا في الاعتبار أزمة مادوف على سبيل المثال، فسنجد أن حساباته روجعت نحو ست مرات دون الكشف عن تلاعبه، مما يعني أن هناك خللا كبيرا في تطبيق التشريعات، مما أدى إلى انهيار الأسواق.

* بعد الأزمة العالمية أصبحت شركات التصنيف الائتماني محل شك، وتم طلب بعضها للمساءلة. وبالرغم من هذا فإن تقييماتها وتصنيفها مؤثر، هل قام الاتحاد العربي للبورصات بوضع آلية لاختيار الشركات التي تعمل في السوق؟ وهل هناك نية لإنشاء شركات تصنيف عربية؟

ـ لا توجد نية حتى الآن لإنشاء شركات تصنيف في المنطقة العربية. وعلى الرغم من أننا نشجع ونطالب بإنشاء تلك الشركات، فإن الشركات التي تحظى بالقبول العام، هي الشركات العالمية التي لها خبرة طويلة في السوق، ولن تضاهيها شركة وليدة، ولكن الأهم من إنشاء شركات تصنيف هو إحكام الرقابة على القطاع الخاص.

* ما هي رؤيتك لأداء الأسواق العربية خلال العام القادم؟

ـ من الصعب إعطاء تنبؤات للعام القادم، ولكن هناك بوادر ومؤشرات تدل على بداية انحسار الأزمة العالمية. فإذا أخذنا أزمة 1982 كمثال، وهي أزمة تدل كافة المؤشرات على أنها أكبر من الأزمة الحالية حيث استمرت مدة 38 شهرا، وتبين أن الأزمات بشكل إحصائي يكون تأثيرها كبيرا في الثلثين الأولين من الأزمة. وبتطبيق المعايير ذاتها على الأزمة الحالية، نجد أننا تجاوزنا الثلثين الأولين من الأزمة التي بدأت في أغسطس (آب) 2007، وفي رأيي أننا بلغنا «قاع» أسواق المال (أقل قيمة يصل لها مؤشر سوق المال في أوقات الهبوط)، في مارس (آذار) 2009.

* ولكننا نشاهد الآن بعض توابع الأزمة المالية العالمية، مثل أزمة دبي، فكيف يمكن أن تؤثر تلك التوابع على الأسواق العربية؟

ـ ستظل التوابع التي أحدثتها الأزمة العالمية على بعض المناطق، مثل دبي، محصورة جغرافيا. وسيكون تأثيرها وقتيا ومحدودا على بقية البورصات ويمكن معالجتها بشكل سريع.

* هل هناك نية لإنشاء مؤشر موحد للأسواق العربية؟

ـ هناك اقتراح فقط لإنشاء مؤشر للأسواق العربية، وتم طرحة على العديد من المؤسسات العالمية. نريد مؤشرا ولكن بعض المؤسسات العالمية لا ترى له فائدة مرجوة، ونحن نتفاوض مع بعض تلك المؤسسات لإنشائه كي يتم استخدامه كأساس لقياس أداء الأسواق العربية.

* في عام 2004 تم الإعلان عن دراسة لإنشاء سوق مالي عربي موحد، ما هي التطورات بشأن إنشاء هذا السوق؟

ـ بالفعل، فإن هذا الموضوع بدأت دراسته خلال عام 2003 وتم تجميده لاصطدامه بالعديد من العوائق، منها التشريعية لاختلاف قوانين كل بلد عن الأخرى، إلى جانب اختلاف العملات بين الدول العربية. وفي الاجتماع السنوي القادم لمجلس اتحاد البورصات، في آخر مارس (آذار) 2010، سيتم التطرق إليه لاتخاذ قرار باستكماله أو إيقافه.

* إذا تم اتخاذ قرار باستكماله هل تتوقع إنشاء هذا السوق قريبا؟

ـ لا أتوقع ذلك، ولكنني أتوقع أن يكون ذلك على المدى البعيد.

* بعد الأزمة التي مرت بها أسواق المال بالعالم، وخاصة البوصات العربية، هل هناك تفكير من قبل الاتحاد لوضع آلية لإدارة الأزمات التي يتعرض لها السوق؟

ـ لا يوجد تفكير في ذلك حاليا، ولكن هناك تعاونا مشتركا بين الدول العربية وبعضها في إدارة أزمات السوق. فخلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، كان التداول ضعيفا وتم تطبيق آلية معينة للحيلولة دون التلاعب في سعر الإغلاق، وتم إبلاغ بعض البورصات العربية بها لتطبيقها عندما تراجع حجم التداول بشكل كبير.

* ألا ترى أن هناك ضرورة لوضع استراتيجية متكاملة لإدارة الأزمات؟

ـ أدعو جديا إلى إيجاد آلية لإدارة الأزمات ومواجهتها، وإحدى الآليات التي نرغب في تطبيقها هي تحديد متى تغلق البورصة في وقت الأزمات، فيحب أن يعرف المستثمر متى تغلق البورصة ليكون هناك قاعدة ثابتة تحول دون التعرض لرد فعل غير مدروس قد يؤدي إلى إغلاقها.

* هل سيظل هناك ارتباط قوي بين أسواق المال العربية ونظيرتها الأجنبية؟

ـ بالتأكيد، ولن يزول هذا الارتباط ما دام أن هناك استثمارات بينية بين الدول العربية والأجنبية.