لبنان: نمو السياحة يفوق القدرة الاستيعابية.. وأول التحديات توسعة المطار وتحسين الخدمات

رقم تاريخي للوافدين وحجوزات 100% للأعياد

TT

مع بلوغ الحجوزات كامل طاقة الفنادق في بيروت وبعض المناطق الجبلية الجاذبة في الأسبوع الأخير من العام الحالي، بات لبنان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ رقم المليوني سائح هذا العام. وهي عتبة لم يشهدها قبلا حتى في أيام الازدهار قبل الحرب حين توقف الرقم عند 1.5 مليون سائح. يعززها ارتفاع الحركة عبر مطار رفيق الحريري الدولي إلى 5 ملايين راكب. وهو أيضا رقم تاريخي قريب من الطاقة الاستيعابية القصوى للمطار البالغة 6 ملايين راكب سنويا.

وبقدر ما تعزز هذه المؤشرات وتوابعها، كمعدلات الأشغال الفندقي ونشاط المطاعم والمقاهي وحركة تأجير السيارات ونمو قطاع الخدمات عموما، عودة لبنان بقوة إلى خريطة السياحة العالمية. والمساهمة بفعالية في النمو الاقتصادي. فإنها تطرح، بحسب قادة القطاعات السياحية والخبراء، تحديات صعبة وفورية أمام الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، التي باشرت مهامها العملية بدءا من يوم أمس بعد حيازة ثقة المجلس النيابي.

وتمثل زيادة القدرة الاستيعابية للمطار الدولي الوحيد مهمة ذات أولوية لتعزيز طاقة استيعاب الحركة المتنامية. في ظل تفاؤل واسع بأن ينتج الاستقرار الداخلي السائد نموا قياسيا إضافيا خلال العام المقبل. وينسحب الأمر ذاته على المنافذ البرية والبحرية التي شهدت، خلال الموسم الصيفي، زحمة كبيرة أساءت إلى انسياب الحركة. وتراجع نوعية الخدمات الحدودية ما يضر بالسمعة السياحية مستقبلا. بالإضافة إلى تحديات تقنين الكهرباء وتدني جودة الاتصالات والازدحام المروري وتردي الرقابة على المؤسسات السياحية والخدمية. وإذ أعرب وزير الدولة الاقتصادي عدنان القصار، في تصريح له أمس، عن ارتياحه للثقة الكبيرة التي حصلت عليها حكومة الرئيس سعد الحريري، وهي ثقة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات اللبنانية. شدد على أنه: «من الآن صار لزاما علينا كمسوؤلين في الحكومة أن ننطلق في ورشة العمل، لأن المواطن ينتظر منا أفعالا لا أقولا. وإنه يتوقع منا إنجازات سريعة على مختلف الصعد ولا سيما الحياتية المعيشية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما ستتصدى الحكومة له على الفور. آملين أن يوفقنا الله كحكومة واحدة متضامنة في رفع التحدي الكبير والإفادة بأقصى قدر ممكن من الفرصة الكبيرة المتاحة أمام لبنان لتحقيق قفزات كبيرة إلى الأمام في سنة 2010.» وقد التزم وزير السياحة فادي عبود، لدى تسلمه مهامه، إعداد خطة لإنماء القطاع السياحي بشكل فعال تبدأ من ضرورة أن يشعر السائح أو المغترب بأن هذا البلد يفتح ذراعيه لكل زائر سواء على المطار أو الحدود البرية من خلال التسهيلات والخدمات. آملا البدء في المرحلة الثانية من توسيع مطار بيروت باعتباره موضوعا أساسيا. وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالسياحة البحرية التي هي في طور النمو. وهناك بواخر عملاقة تحمل آلاف الركاب وليس هناك تسهيلات كافية لهذا الموضوع. كذلك السياحة البيئية والسياحة الداخلية والمناطقية. وصولا إلى سياحة الفصول الأربعة. وإذ يصف رئيس نقابة أصحاب الفنادق بيار أشقر السياحة بأنها «نفط لبنان» فإنه يرى أن الحكومة الجديدة معول عليها بشكل كبير، لجهة استكمال البنى التحتية وعمليات الإنارة وحل مشكلة الكهرباء لزيادة استقطاب السياح. كما يتوجب توجيه الاهتمام إلى توسعة المطار بما يتناسب مع نمو أعداد الوافدين. حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد الركاب الذين استعملوا مطار رفيق الحريري الدولي خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الحالي. بلغ 55.4 مليون راكب بارتفاع نسبته 24.3 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. ومع تواصل تدفق السياح العرب والأجانب، تواجه الفنادق بكل فئاتها، خصوصا منها القائمة في العاصمة وساحل جبل لبنان الشمالي، أزمة استيعاب حقيقية قد يخفف منها جزئيا بدء النشاط، خلال الأشهر القليلة المقبلة، في فنادق جديدة بدرجة 5و4 نجوم. لكن الحاجة تزداد تباعا لضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع الفندقي لضم نحو 5 آلاف غرفة جديدة إلى نحو 20 ألف غرفة تمثل حاليا الطاقة القصوى. فيما المشاريع المنجزة أو المرتقب إنجازها خلال العامين القادمين تغطي نحو ألفي غرفة فقط. وتعتبر المديرة العامة لوزارة السياحة ندى السردوك، إلى أن لبنان أثبت بأنه سياحة الفصول الأربعة على مدار العام، وتقول «غير صحيح أن لبنان لا يعرف السياحة إلا في موسم الصيف، بل إننا اليوم نشهد طفرة كبيرة في سياحة المؤتمرات، وهو ما يعزز وضع السياحة في هذا البلد، وأننا نسير بخطى ثابتة نحو المليوني سائح، وهذا فقط من إحصاءات المطار، ربما يكون الرقم أكبر إذا ما توافرت الإحصاءات عند الحدود البرية للوافدين، وإذا ما أضيف إليها أيضا الحركة الاغترابية اللبنانية.

وتلفت إلى أن لبنان خلال العام الحالي، كانت كل أشهره حافلة بالمؤتمرات والمهرجانات والمناسبات المتعددة. كما أن الحجوزات ملأت الفنادق لعطلتي الميلاد ورأس السنة.

وقد حقق لبنان أعلى معدل للنمو في مجال السياحة على الصعيد العالمي هذا العام، وفق مسح لمنظمة السياحة العالمية الذي شمل 165 بلدا حول العالم، علما أن 15 بلدا فقط خالف الاتجاه العالمي السلبي، الذي رزح تحت وطأة أزمة المال العالمية، وحقق نموا إيجابيا في هذا القطاع.

وترافق إعلان المسح مع تحول جذري لصورة في وسائل الإعلام العالمية من أحد البلدان الأكثر اضطرابا أمنيا بين ربيع عام 2005 وصيف عام 2008، إلى الوجهة السياحية الأولى لعام 2009 بحسب تقرير لصحيفة الـ«نيويورك تايمز» الأميركية فيما صنفت «سي.ان.ان» العاصمة بيروت كأفضل مدينة للاحتفال والسهر الصيف الماضي، بعد أن كانت أخطر الأماكن وجودا للسياح قبل عام تقريبا. وبحسب استطلاع دوري تجريه «ارنست اند يونغ» فإن معدل الأشغال في فنادق بيروت وصل، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، إلى نحو 71 في المائة بارتفاع 48 في المائة عما كانت عليه في الفترة نفسها قبل عام. وبذلك تكون بيروت احتلت المرتبة السابعة من بين 21 سوقا في المنطقة شملها الاستطلاع، بعدما كانت الأدنى في الفترة نفسها من العام الماضي.