مع أنه كان متوقعا لكنه جاء مفاجئا من حيث التوقيت، دعم مالي بلغ 10 مليارات دولار ضخته حكومة أبوظبي ومصرف الإمارات المركزي لمعالجة قضية الالتزامات المالية لـ«دبي العالمية»، دعم ربما جاء في وقته المناسب على اعتبار أن الذراع العقارية لـ«دبي العالمية» المتمثلة بـ«نخيل العقارية» التي خصص لها الجزء الأكبر من الدعم كان لديها صكوك استحقت السداد أمس، مما دفع أسعار الأسهم للارتفاع قياسيا في أسواق الإمارات على الرغم من أن دبي قالت إنها ما زالت تحتاج لموافقة الدائنين على تجميد المطالبة بسداد الديون.
وأعلن رئيس اللجنة المالية العليا في دبي الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، أمس أن حكومة دبي استطاعت توفير دعم مالي «هام وحيوي» من حكومة أبوظبي ومصرف الإمارات المركزي وذلك «بعد سلسلة من المشاورات الوثيقة في هذا الشأن أسفرت عن قيام حكومة أبو ظبي بتوفير دعم مالي قدره 10 مليارات دولار لصالح صندوق دبي للدعم المالي، الذي سيتم استخدامه لتغطية بعض الالتزامات المترتبة على دبي العالمية». وكانت «دبي العالمية» طلبت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تجميد سداد 26 مليار دولار مستحقة.
وكإجراء أولي تجاه الدعم الجديد وفقا لما أورده البيان فقد خصصت حكومة دبي4.1 مليار دولار لتستخدم في سداد الصكوك المستحقة أمس. فيما سيخصص المبلغ المتبقي من الدعم في تسديد الفوائد والمصاريف التشغيلية لمؤسسة دبي العالمية حتى تاريخ 30 أبريل (نيسان) المقبل شريطة نجاح المؤسسة في مفاوضاتها بشأن إعادة جدولة ديونها كما تم الإعلان عن ذلك مسبقا.
إلى ذلك أشار البيان إلى أن حكومة دبي ستستخدم المبلغ المتبقي من الدعم المقدم في تلبية الالتزامات للدائنين الحاليين والمقاولين وذلك من منطلق تركيز الحكومة كما يورد البيان على معالجة قلق دائني دبي العالمية «وسيتم البدء بمفاوضة المقاولين المتأثرين خلال الفترة القصيرة القادمة». مشيرا إلى أن مصرف الإمارات المركزي وعلى ضوء تثمينه للمشاورات الوثيقة التي تمت مع حكومة أبوظبي قد أعلن وبشكل واضح أنه على استعداد لتوفير الدعم للبنوك المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي سابقة يشهدها سوق دبي المالي منذ تأسيسه وفور صدور إعلان حكومة دبي حصولها على دعم مالي من حكومة أبوظبي ومصرف الإمارات المركزي حدثت ردة فعل قوية وقصوى في السوق المالي في بداية تداولاته قفزت بمؤشره ارتفاعا بنسبة نحو 10.1 في المائة ليتزعم هذا الارتفاع سهم إعمار الذي اقترب ارتفاعا من حدود 15 في المائة الأمر الذي انعكس إيجابا على الفور على كافة الأسواق الخليجية والآسيوية وبورصة لندن لدى افتتاحها.
وشهد سوق دبي المالي في بداية تعاملاته أمس إحجام المستثمرين عن عرض أسهمهم للبيع التي تعاني حاليا من تدني نسبي في أسعارها رغبة منهم في الاحتفاظ بها متوقعين حدوث انتعاش كبير في قيمة أسهمهم خلال المرحلة المقبلة لدرجة أن مستثمرين عند افتتاح السوق لم يتمكنوا من الحصول على أسهم للشراء بسبب إحجام مالكي الأسهم من عرضها للبيع الأمر الذي دفع بأسعار أغلب الشركات بالتداول بما يقترب من الحد الأقصى المسموح به وهي نسبة 15 في المائة. إلى ذلك مهد بيان حكومة دبي بخصوص الدعم لتدابير قانونية ستمكن دبي العالمية من إعادة الهيكلة الشاملة لها ولشركاتها، التي ترتكز إلى أفضل المعايير المقبولة دوليا، التي من شأنها أن تحقق الشفافية وحماية الدائنين ليتم اللجوء إليها في حال عدم توصل دبي العالمية والشركات التابعة لها إلى اتفاق بشأن جدولة الديون المتبقية.
وبالفعل أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء بصفته حاكما لدبي مرسوما بتشكيل لجنة قضائية خاصة للفصل في المنازعات المتعلقة بتسوية الوضع المالي لمؤسسة دبي العالمية والشركات التابعة لها.
ووفقا للمادة الثانية من المرسوم تشكل في الإمارة لجنة قضائية خاصة، تتكون من السير أنطوني ايفينز رئيسا والسيد مايكل هوانغ عضوا والسير جون شادويك عضوا ويجوز زيادة عدد أعضاء اللجنة بمرسوم من الحاكم، بناء على توصية رئيس اللجنة، على أن لا يزيد عددهم على خمسة أعضاء. ويأتي إصدار هذا المرسوم من منطلق حرص حكومة دبي على حفظ حقوق دائني دبي العالمية والشركات التابعة لها، وانطلاقا من التزامها الرامي إلى تعزيز دور إمارة دبي في الاقتصاد العالمي وضمان حصول المؤسسات التمويلية على كامل حقوقها المالية وتعهدا منها بالعقود المبرمة مع دائنيها، وتأكيدا لقدرتها على الوفاء بهذه الالتزامات بالنظر إلى ما تمتلكه من اقتصاد قوي راسخ يرتكز إلى ما يتمتع به اقتصاد دولة الإمارات العربية من ديناميكية قادر على امتصاص تبعات الأزمة المالية العالمية، وبما تمتلكه إمارة دبي من بنية تحتية وأصول بنيوية اقتصادية متنوعة وكبيرة. ويأتي إصدار هذا المرسوم في إطار ترجمة قرار حكومة دبي الذي أعلنته في وقت سابق بإعادة هيكلة مؤسسة دبي العالمية والشركات التابعة لها بكل شفافية.
وحسب المادة الثانية من المرسوم تشكل في الإمارة لجنة قضائية خاصة، تتكون من السير أنطوني ايفينز رئيسا والسيد مايكل هوانغ عضوا والسير جون شادويك عضوا ويجوز زيادة عدد أعضاء اللجنة بمرسوم من الحاكم، بناء على توصية رئيس اللجنة، على أن لا يزيد عددهم على خمسة أعضاء. وحدد المرسوم في مادته الثالثة اختصاصات اللجنة بما يلي النظر والفصل في أي طلب أو إدعاء يقدم ضد المؤسسة، بما في ذلك النظر والفصل في طلب حلها وتصفيتها أي شخص له صلة بتسوية الالتزامات المالية للمؤسسة، ويشمل ذلك رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وكافة موظفي المؤسسة والعاملين فيها إصدار الأوامر والقرارات الوقتية والتمهيدية. بما في ذلك إلزام أي شخص بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو بأي إجراء آخر تراه اللجنة مناسبا. ويكون للجنة تكليف أو تعين من تراه مناسبا من الخبراء والمختصين في المسائل التي تعرض عليها. وبينت المادة السادسة أن تنفيذ القرارات والأوامر الصادرة عن اللجنة داخل الإمارة بواسطة قاضي التنفيذ المختص، ولا يجوز لقاضي التنفيذ أن يتخذ أي إجراء من شأنه الحيلولة دون تنفيذ القرار أو الأمر الصادر عن اللجنة. وبينت المادة التاسعة أنه يحظر على المحاكم النظر والفصل في أي طلب أو إدعاء يدخل ضمن اختصاص اللجنة المقررة بموجب هذا المرسوم.
إلى ذلك لقي إعلان الدعم ترحيبا واضحا من قبل كل القطاعات المعنية فقد أكد بنك إتش إس بي سي البريطاني أمس أن إعلان حكومة دبي توفير دعم مالي قدره 10 مليارات دولار من حكومة أبوظبي ومصرف الإمارات المركزي لتغطية بعض الالتزامات المترتبة على دبي العالمية سيكون موضعا للترحيب من قبل الأسواق المالية الدولية.
وقال سايمون كوبر الرئيس التنفيذي لبنك إتش إس بي سي الشرق الأوسط أمس، إن الدعم يؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي دولة موحدة وقوية وقادرة على تخطي الأزمات وهذا خير دليل على الدعم القوي الذي تقدمه حكومة الإمارات إلى القطاع المؤسسي في البلاد. ولفت إلى أن البنك طالما كان وسيبقى دائما من أقوى المؤسسات المالية المؤيدة والدعامة لكل من دبي وأبوظبي وسائر الإمارات الأخرى في الدولة مهنئا شركة دبي العالمية ودولة الإمارات على التوصل إلى حل عادل ومقبول من كافة الأطراف المعنية.