الآمال معلقة في معالجة مشكلة البطالة عبر شركات النفط الأجنبية في جنوب العراق

بعد إنجاز سبع اتفاقيات مع شركات عالمية إضافة إلى ثلاث سابقة

TT

بينما كانت نساء العائلة يحتفلن بمرور الأسبوع الأول لزواج الابن البكر، جلس يحيى طاهر ياسر، في غرفة مجاورة، يفكر في الخطوة المهمة التالية وهي «العثور على وظيفة لابنه الثاني نوار». ويبحث نوار وهو مهندس تخرج من جامعة بغداد منذ عامين، ولم يستطع العثور على عمل حتى الآن، عن وظيفة وهو أمر يعد مألوفا جدا لأهالي محافظة الناصرية، جنوب العراق. لكن الناس يأملون، بحسب تحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن تستطيع شركات النفط الأجنبية التي فازت بعقود النفط والتنمية نهاية الأسبوع الماضي ووقت سابق هذا العام، تحقيق طفرة في مجال توفير فرص العمل. أنجزت وزارة النفط العراقية الجمعة والسبت الماضيين، سبع اتفاقيات مع شركات عالمية إضافة إلى ثلاثة سابقة، ما يتوقع أن يزيد إنتاج النفط الخام من معدلاته الحالية 2.5 مليون إلى 12 مليون برميل يوميا خلال السنوات السبعة القادمة. وقال يحيى وهو جالس في غرفة المعيشة بعد أن قدم المعجنات والمشروبات الغازية التي سبقها عشاء لضيوفه «لا توجد فرص عمل للمهندسين»، مضيفا أن «نوار أرسل سيرته الذاتية إلى الكثير من المنظمات، ولكن دون أي نتيجة». كما يشعر يحيى بقلق مضاعف على مستقبل نجله الثالث حيدر (20 عاما) «قرصان» الأسرة الذي سيحصل قريبا على شهادته الجامعية في هندسة الحاسوب، لأنه قد يواجه المأزق ذاته بسبب نقص الوظائف لخريجي الجامعات في الناصرية. وأعرب مسؤول في وزارة العمل رفض كشف اسمه، عن قلقه من توزيع الوظائف التي ستخصص لتطوير الحقول النفطية إلى أقارب ومقربين من السياسيين أو للذين يدفعون الرشى من أجل ذلك. ويعمل زكريا ابن يحيى (28 عاما) المهندس المدني الذي تزوج حديثا مع فريق «بي ار تي» الإيطالي لإعادة الإعمار في الناصرية، وهو مجموعة خبراء تعمل لإعادة إعمار القدرات المدنية في المحافظة. وأعرب زكريا وهو يجلس مع الضيوف مرتديا بزة أنيقة عن أمله في توفر فرص عمل قائلا «في المستقبل القريب سيكون هناك الكثير من فرص العمل القادمة». لكنه أعرب عن قلقه لأن «المشكلة هي أن معظمها ستكون محصورة بأولئك الذين في السلطة». وتابع «قد يتغير الحال في المستقبل، لا أعرف». وفقا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن المفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق، (الوكالة الأميركية المستقلة). إن معدل البطالة في محافظة ذي قار، وعاصمتها الناصرية يبلغ 36.5 في المائة، وهو الأعلى في البلاد ويمثل أكثر من ضعف المعدل الوطني البالغ 17.3 في المائة. ويحيى الذي عاش حياته كلها في الناصرية باستثناء السنوات التي قضاها في جامعة بغداد، يرى أن «الأوضاع الآن أسوأ بكثير مما كان عليه قبل عشر سنوات». ويستذكر قائلا «صحيح كان هناك عاطلون عن العمل لكن لا تقارن بما هي عليه الآن». لكن العمال في مصفاة تكرير النفط على مشارف مدينة الناصرية، كانوا أكثر تفاؤلا. ويقول مدير المصفاة عبد الحسن الذي يعمل في المكان منذ 1986، إن «المصفاة لم تشهد أي تطوير منذ فتحها في 1981، والسبب هو حروب صدام حسين مع إيران (1980 ـ 1988) واجتياح الكويت عام 1990، ما تسبب بفرض عقوبات ثم الإطاحة بصدام في نهاية المطاف خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003». وأضاف أنه «بإمكاننا إضافة وحدة تكرير أخرى، إضافة إلى ثلاثة تعمل حاليا» مشيرا إلى أن «المصفاة بحاجة أيضا إلى مراحل ومحطات معالجة مياه الفضلات ومجموعة تحسينات أخرى». ومما لا شك فيه أن هذه الأعمال ستتطلب إضافة أيدي عاملة وزيادة عددها البالغ 900 حاليا. وأضاف وهو يقف بالقرب من وحدة التكرير «بالطبع إنها شيء جيد» مشيرا إلى «صفقات مع شركات الطاقة الأجنبية». وأكد أن «ذلك سيزيد الإنتاج ويحسنه ونحن بحاجة لتحسين قدراتنا لإنتاج مزيد من كميات النفط، لكسب أموال أكثر». ويعتمد اقتصاد العراق بصورة رئيسية على النفط الخام، الذي تمثل عائداته قرابة 85 في المائة من عائدات البلاد. من جانبها، قالت آنا بروز، إيطالية الجنسية وتتولى قيادة فريق إعادة إعمار في محافظة ذي قار، إن تدفق الاستثمارات لن يعود بالفائدة على العمال المهرة وحدهم.

وحذرت من المحسوبية. وأضافت بروز التي كانت في حفل في منزل يحيى أن «أولئك الذين في السلطة فقط لديهم كثير من الأقارب». وتأمل بروز أن تبذل الشركات التي تستثمر في المحافظة، جهودا لتتوسع فيها. وتشير إلى أنها «نصحت الشركات المهتمة للمساعدة في توسيع المخابز المحلية ودعوتهم إلى مجمعاتهم لبيع الخبز للعاملين الجدد». وفي المصفاة، قال مدير السلامة فاضل كاظم (34 عاما) إن انخفاضا في معدلات البطالة يساعد في تحسن الوضع الأمني في المحافظة وفي العراق. وعلى الرغم من أن الهجمات انخفضت بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد من العام الماضي، ما زال العنف مرتفعا وفقا للمعايير الدولية. وفي يونيو (حزيران) انفجرت سيارة ملغومة في سوق بالقرب من الناصرية مما أدى إلى مقتل العشرات. ويرى كاظم أن «هؤلاء الناس الذين يصنعون قنابل أو الذين يقاتلون الحكومة، سيكون لديهم فرصة عندما يعملون بالتوقف عن ذلك». وأعرب عن أمله بتحسن الأوضاع في البلاد من خلال تحسن الوضع الاقتصادي وانخفاض معدلات البطالة، قائلا إن «الحياة لم تكن جيدة قبل عشر أو 15 سنة لكن كان لدينا أمن، والآن نأمل أن يكون العراق آمنا مع توفر فرص العمل».