«جنرال موتورز» تخطط لإغلاق «ساب» بعد انهيار محادثات بيعها لشركة هولندية

شركة السيارات السويدية اشترتها الشركة الأميركية عام 1990

TT

أخفقت «ساب»، التي ذاع صيتها بين جمهور عريض من المشترين على مدار ستة عقود قدمت خلالها سيارات أنيقة تتميز بطرز فريدة، في اجتذاب أهم مشترٍ يمكن أن تحتاجه على الإطلاق (مالك جديد للشركة) الأمر الذي لا يترك أمام شركة «جنرال موتورز» خيارا سوى إعلان إغلاق هذه العلامة التجارية، أول من أمس الجمعة. من جانبها، لم تبد شركات إنتاج السيارات الكبرى، التي تناضل من أجل تقليص خسائرها، اهتماما يذكر بـ«ساب» لضآلتها الشديدة، رغم الاحترام الذي تحظى به علامتها التجارية. تمثل آخر أمل أمام «ساب»، التي اشترتها «جنرال موتورز» عام 1990، في «سبايكر كارز»، وهي شركة هولندية صغيرة تنتج السيارات الرياضية رفيعة المستوى. إلا أن مسؤولين من «جنرال موتورز» نوهوا بأن اعتماد «سبايكر كارز» على تمويل روسي في صفقة «ساب» كان واحدا من العوامل الرئيسية وراء قرار الشركة الأميركية التراجع عن الصفقة. في هذا السياق، قال جون إف سميث، نائب الرئيس التنفيذي لـ«جنرال موتورز»: «اكتشفنا هذا الأسبوع أن هناك قضايا عجزنا عن تسويتها وليس بإمكان أي مهلة زمنية إضافية تحقيق ذلك». واستطرد موضحا أن «جنرال موتورز» لا تزال مستعدة لبيع «ساب» حال ظهور مشترٍ جديد. وفي حال عدم حدوث ذلك، ستبدأ عملية إغلاق «ساب» في يناير (كانون الثاني). وأضاف سميث: «لا يمكنني استبعاد هذا الأمر، لكن عقارب الساعة بدأت تدق الآن». يذكر أن «ساب»، التي تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس داخل السويد في فبراير (شباط)، تخسر الأموال منذ فترة بعيدة. وتعد «ساب» واحدة من أصغر العلامات التجارية المملوكة لـ«جنرال موتورز»، وبلغت مبيعاتها في مختلف أرجاء العالم 93000 سيارة العام الماضي، منها ما يقل قليلا عن 22000 سيارة داخل الولايات المتحدة. جدير بالذكر أن «جنرال موتورز» أغلقت علامتي «بونتياك» و«ساتورن» التجاريتين هذا العام. إلى جانب إثارة الشكوك حول مستقبل قرابة 3500 عامل في «ساب» في ترولهاتان في السويد، يعد إغلاق «ساب» المتوقع خبرا مثيرا للقلق للقاعدة الصناعية في السويد. يذكر أن شركة سويدية شهيرة أخرى في مجال صناعة السيارات، «فولفو»، يجري بيعها حاليا من قبل «فورد» إلى «زهيغيانغ غيلي هولدنغ» الصينية. يذكر أن مقر كل من «فولفو» و«ساب» يقع غرب السويد، وهي منطقة تتميز بشبكة واسعة من شركات التوريد والمقاولين التي ستتأثر بقرار الإغلاق هي الأخرى. في هذا الإطار، أوضحت سيسيليا ويرنر، مديرة شؤون الاتصالات لدى «الوكالة السويدية للنمو الاقتصادي والإقليمي»، أن «هذا يعد بالطبع صفعة قوية للسويد، رغم أنها كانت متوقعة». وأشارت إلى أن عدد السويديين الذين تعتمد وظيفتهم على نحو غير مباشر على «ساب» يساوي تقريبا عدد موظفي «ساب». وأردفت مؤكدة أن تاريخ الشركة الطويل وتصميماتها المميزة للسيارات جعلاها جزءا من الهوية السويدية، خاصة في الخارج. وأضافت «أنهم يقولون إيكيا وآبا وفولفو وساب. هذه الشركة كانت جزءا من الكرامة السويدية، بجانب فولفو». داخل عالم السيارات، مثلما كان الحال في السويد، أثار البيان الصادر الجمعة مشاعر حزن فاقت ما أثاره من دهشة. بجانب خسرانها أموالا لسنوات طويلة، احتلت «ساب» دوما مكانة هامشية في إمبراطورية «جنرال موتورز». العام الماضي، أوضحت الإدارة في ديترويت رغبتها في التخلص من الشركة. خلال مؤتمر عقد عبر الهاتف، رفض سميث مرارا تحديد المشكلات التي ظهرت أثناء المفاوضات مع «سبايكر كارز». جدير بالذكر أن صفقة سابقة لبيع «ساب» لـ«كوينيغسيغ»، وهي شركة سيارات سويدية متخصصة في السيارات الرياضية، انهارت الشهر الماضي. طبقا لما صرح به أفراد مطلعون على المفاوضات، فإن القلق ساور «جنرال موتورز» إزاء جهات الدعم المالي الروسية لـ«سبايكر كارز»، وكذلك مصير الممتلكات التقنية والفكرية الأخرى لـ«جنرال موتورز» حال استحواذ «سبايكر كارز» على «ساب». ورفض هؤلاء الأفراد الكشف عن هويتهم نظرا لعدم تمتعهم بتصريح بالتحدث علانية عن المحادثات. يذكر أن المستثمر الرئيسي في «سبايكر كارز» يتمثل في المصرف الروسي «كونفرز غروب»، الخاضع لسيطرة ألكسندر أنتونوف، أحد أباطرة رجال الأعمال الروس. ويتولى نجله فلاديمير (34 عاما) - وهو مصرفي يعد واحدا من كبار المسؤولين التنفيذيين في «كونفرو غروب» - رئاسة «سبايكر كارز». الشهر الماضي، انسحبت «جنرال موتورز» من صفقة لبيع فرعها الأوروبي من «أوبل» و«فوكسهول» إلى اتحاد شركات بقيادة «ماغنا إنترناشيونال»، وهي شركة كندية متخصصة في مجال صناعة قطع غيار السيارات. وكان اتحاد الشركات مدعوما من جانب مصرف «سبيربانك» الروسي الخاضع لسيطرة الدولة. وأشار مسؤول، رفض الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالحديث علانية، إلى «أنهم تعاملوا من قبل على هذا الصعيد مع مستثمرين روس، الأمر الذي جعلهم حذرين. ولم تتضح في الأفق إمكانية تسوية المشكلات العالقة». من بين العوامل الأخرى وراء فشل الصفقة مسألة ما إذا كانت «سبايكر كارز» مؤهلة لتلقي قرض بقيمة 400 مليون يورو (573 مليون دولار) من «المصرف الاستثماري الأوروبي»، الذي كان جزءا من اتفاق سابق لبيع «ساب» إلى «كوينيغسيغ». من جانبه، رفض متحدث رسمي باسم «سبايكر كارز» التعليق على مسألة الروابط الروسية للشركة، وكذلك كان الحال مع المتحدث الرسمي باسم «جنرال موتورز». وفي بيان، بدا أن الرئيس التنفيذي لـ«سبايكر كارز»، فيكتور مولر، يلقي باللوم على «جنرال موتورز» لتباطؤها في أمر البيع. وقال: «نأسف بعمق لعجزنا عن إتمام الصفقة مع جنرال موتورز. لقد عملنا بدأب على مدار ثلاثة أسابيع، لكن الطبيعة المعقدة للصفقة بجانب الموعد الزمني النهائي الصارم حالا دون تمكننا من إنجازها». ومن المقرر أن تستمر «ساب» في الالتزام بالتوكيلات الخاصة بها، مع توفير الخدمة وقطع الغيار لملاك سيارات «ساب» حاليا في مختلف أرجاء العالم. وقال نيك ريلي، رئيس الوحدات الأوروبية التابعة لـ«جنرال موتورز»، إن الخطوة لم ترم إلى إشهار الإفلاس أو فرض تصفية الأعمال، لذا يتوقع أن تسدد «ساب» ديونها، بما في ذلك ديون مورديها. بصورة عامة، سيتأثر 1100 توكيل في مختلف أرجاء العالم، بينهم 200 داخل الولايات المتحدة. من جهتها، تتخذ «جنرال موتورز» خطوات أخرى لتنقية ميزانيتها، حيث أعلنت، الجمعة، شروعها في سداد الأموال التي تدين بها إلى الحكومتين الأميركية والكندية. وسددت الشركة بالفعل مليار دولار إلى وزارة الخزانة الأميركية، و192 مليون دولار إلى الحكومة الكندية من إجمالي ديون على الشركة لها تبلغ 1.4 مليار دولار. من جهته، قال إدوارد إي وايتيكر، الرئيس التنفيذي لـ«جنرال موتورز»، إن الشركة ستمضي قدما في دفع أقساط من ديونها حتى يونيو (حزيران)، عندما يكتمل سدادها لديونها كافة، «مع افتراض عدم حدوث انحسار اقتصادي أو تجاري». جدير بالذكر أن معظم الـ50 مليار دولار التي حصلت عليها الشركة من «برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة» التابع لوزارة الخزانة تحولت إلى حصة ملكية بلغت 60%، تنوي الحكومة بيعها في صورة أسهم عامة في العام القادم. من ناحية أخرى، اشترت «جنرال موتورز» نصف «ساب» في البداية عام 1990 مقابل 600 مليون دولار، واشترت الباقي عام 2000 مقابل 125 مليون دولار. وفي ظل ملكية «جنرال موتورز»، فقدت «ساب» جزءا كبيرا من هويتها السويدية والنفوذ التقني الذي تميزت به وأكسبها جمهورا مخلصا لها من المشترين على امتداد الثمانينات. وقد علق جيمس بيل، محلل شؤون السوق لدى «كيلي بلو بوك»، على ذلك بقوله: «سيقول الناس إنهم يشعرون بالحزن على إغلاق ساب، لكن ما يحزنون حقا عليه هو ساب الخاصة بعقدي السبعينات والثمانينات». وأضاف: «منذ التسعينات، فقدت هذه العلامة التجارية أهميتها».

*خدمة « نيويورك تايمز»