البنوك السويسرية.. أين قائمة العملاء السرية؟

سعود الأحمد

TT

ما زالت قضية الحسابات السرية في البنوك السويسرية، بحاجة إلى من يُعلق الجرس. ففي خبر اقتصادي عالمي تناقلته معظم وكالات الأنباء العالمية، مفاده أن سويسرا طلبت من فرنسا أن تتعاون معها للقبض على مواطن فرنسي كان يعمل بأحد البنوك السويسرية، حصل على قائمة من البنك السويسري تضم بيانات مصرفية تخص 130 ألف عميل من مختلف أنحاء العالم. حيث تشير التقديرات إلى أن هناك ما يقارب 2.6 تريليون دولار مودعة في سويسرا منها 30 في المائة بصورة غير شرعية. والذي حصل في هذه القضية أن فرنسا تحفظت على هذه القائمة وعوضا عن التعاون مع سويسرا وتمكينها من هذا المصرفي الهارب، رفضت طلب سويسرا واستخدمت القائمة كوثيقة ضد سويسرا متهمة إياها بجرائم غسيل الأموال. وجاء الاتهام من البرلمان الفرنسي الذي طالب بوضع سويسرا على القائمة السوداء واعتبارها ملاذا للتهرب الضريبي.

هذا الخلاف يذكرنا بالخلاف الذي حصل بين البنوك السويسرية والمحكمة الأميركية، في شهر يوليو (تموز) الماضي. وكاد يؤدي إلى أزمة سياسية بين الدولتين. عندما عقد قاضي محكمة فلوريدا السيد آلان غولد مؤتمرا صحافيا، على أثر القضية التي تنظر فيها المحكمة ضد بنك «يو بي إس - أيه جي» السويسري. عندما اتهم القاضي الأميركي البنوك السويسرية بتشجيع العملاء على التهرب الضريبي. بعد أن طلبت واشنطن من مصرف يو بي إس أن يكشف عن بيانات حسابات عدد 52 ألف عميل من دافعي الضرائب الأميركية. حيث حصلت أميركا على هذه البيانات بمساعدة أحد كبار موظفي بنك يو بي إس.. وهي القضية التي كادت تعصف بأكبر بنكين لإدارة ثروات العالم «يو بي إس» و«كريدي سويس». وكان رد سويسرا أنها لن تسمح للمصارف بالكشف عن بيانات عملائها تلبية لطلب أميركا. معتبرة ذلك يمثل انتهاكا لمبادئ ونظم السرية المصرفية في البلاد، في وقت أصرت الولايات المتحدة على أن أية تسوية للقضية تتطلب الكشف عن بيانات العملاء الذين تم تحديد أسمائهم جميعا.. إلا أن ملف القضية قد أسدل عليه الستار، وقد تكون قد تمت تسويتها في ليل دامس.

وبالنظر إلى أن مجموعة العشرين، قد أصدرت في قمتها التي انعقدت في لندن في أبريل (نيسان) الماض، قرارا يقضي بمواجهة الملاذات الضريبية في العالم ورفع السرية عن الحسابات المصرفية في تلك الملاذات، لكنها غضت الطرف عن قضية هامة، وهي إعادة أموال الحسابات المنسية لأصحابها. وبالطبع نحن لا نلوم دول أوروبا وأميركا على حرصها (بالدرجة الأولى) على ملاحقة المتهربين من الضريبة. حيث تعتبر سويسرا واحدة من أهم دول الملاذات التي تشجع مواطني دول العشرين على إبعاد أموالهم عن الخزائن العامة بدولهم. لكننا في الدول العربية نحتاج لمعرفة: هل من بين الأسماء في هذه القائمة أشخاص عرب، ربما يكونون قد فارقوا الحياة منذ زمن طويل، وما زالت أموالهم بين أيدي مديري المصارف السويسرية؟. نريد من يعلق الجرس، ويرفع طلبا صريحا عن طريق الجهة المختصة بهيئة الأمم المتحدة وبنك التسويات الدولي في أول اجتماع له، يطالب فيه إصدار قرار يقضي بإلزام البنوك الدولية بالشفافية في الحسابات المنسية، وبالأخص للمتوفين، والتي يمضي عليها عقود من الزمن دون تحريك. أو إصدار معيار محاسبي دولي، يلزم البنوك والمؤسسات المالية الدولية بالشفافية وتبادل المعلومات المالية بين الدول، وإبراز الأرصدة المجمدة منذ سنوات طويلة. أو التي يملكها قادة دول، ومسؤولون دوليون كبار، ورموز سياسية، وكبار رجال الأعمال. بحيث تحيد من حسابات هذه البنوك الدولية، وتتاح للورثة والدول التي ينتمي لها هؤلاء العملاء.

* كاتب ومحلل مالي