السعودية.. موازنة تاريخية تتخطى نصف تريليون ريال بزيادة 14% عن ميزانية 2009

خادم الحرمين: روعي في إعدادها حاجات الاقتصاد الوطني والظروف الدولية * الملك عبد الله للوزراء: هناك بعض المشاريع لم تنفذ حتى الآن.. وعليكم عدم التهاون وإتمامها بجد وسرعة وإخلاص

خادم الحرمين الشريفين لدى اعتماده الميزانية السعودية أمس (واس)
TT

أقر مجلس الوزراء السعودي في جلسته التي عقدها أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قصر اليمامة بالرياض الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 31ــ 1432هـ (2010)، والتي تبلغ 540 مليار ريال، بزيادة قدرها 14 في المائة عن العام المالي الحالي 30 ــــ 1431هـ (2009).

وأكد الملك عبد الله في كلمته التي أعلن خلالها الميزانية العامة للدولة للمواطنين، أنه روعي في إعدادها «حاجات اقتصادنا الوطني مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية الدولية»، وبين أنه حرص على أن تكون هذه الميزانية «استمرارا لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة في البلاد على الرغم من الظروف الاقتصادية الدولية التي أدت إلى انخفاض أسعار البترول وكميات تصديره».

وأكد الملك عبد الله أن الميزانية التي أقرها المجلس «تمثل استمرارا لنهجنا في إعطاء التنمية البشرية الأولوية والرفع من كفاءتها»، مشددا على توجيه الموارد للإنفاق على الجوانب الأكثر دعما للنمو الاقتصادي وللتنمية وتعزيز جاذبية اقتصادنا الوطني للاستثمار، وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين من خلال التركيز على قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية، وتطرق في كلمته إلى تطوير أجهزة القضاء، وتنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، والخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات، مشيرا إلى أن صناديق وبنوك التنمية الحكومية المتخصصة ستواصل تقديم القروض في المجالات الصناعية والزراعية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وكان خادم الحرمين الشريفين حث خلال الجلسة الوزراء على العمل على إتمام كافة المشاريع، بجد وإخلاص وسرعة «وعدم التهاون في كل شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بينت، ضائعة. لكني آمل منكم الذي يجد تقصيرا من أي أحد ومنهم وزير المالية أن يخبرني».

وفي ما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ألقاها بالنيابة عبد الرحمن السدحان الأمين العام لمجلس الوزراء:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، إخواني وأبنائي المواطنين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بحمد الله وعونه وتوفيقه، نعلن ميزانية العام المالي الجديد 1431ــ 1432هـ والتي تبلغ 540 مليار ريال بزيادة مقدارها 14 في المائة عن الميزانية المقدرة للعام المالي الحالي 1430 ــ 1431هـ، وقد رُوعي في إعدادها حاجات اقتصادنا الوطني مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية الدولية، حيث حرصنا على أن تكون هذه الميزانية استمرارا لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا الغالية على الرغم من الظروف الاقتصادية الدولية التي أدت إلى انخفاض أسعار البترول وكميات تصديره، وذلك بمواصلة توجيه الموارد للإنفاق على الجوانب الأكثر دعما للنمو الاقتصادي وللتنمية وتعزيز جاذبية اقتصادنا الوطني للاستثمار، وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين من خلال التركيز على قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية. وتحقيقا لهذا الهدف فقد تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لعدد من المشاريع التي سبق اعتمادها تزيد تكاليفها الإجمالية على 260 مليار ريال مقارنة بـ 225 مليار ريال بميزانية العام المالي الحالي.

إن هذه الميزانية تمثل استمرارا لنهجنا في إعطاء التنمية البشرية الأولوية والرفع من كفاءتها، وتبعا لذلك فقد تم تخصيص ما يزيد على 137 مليار ريال لقطاعات التعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة. وتشمل برامج هذا القطاع استمرار العمل في تنفيذ مشروعنا لتطوير التعليم، واعتماد إنشاء 1200 مدرسة جديدة للبنين والبنات، كما تضمنت الميزانية اعتمادات للجامعات الأربع الجديدة في «الدمام، والخرج، والمجمع، وشقراء» واستكمال المدن الجامعية في عدد من الجامعات القائمة، وإنشاء كليات تقنية ومعاهد مهنية جديدة.

وفي قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية، تم تخصيص ما يزيد على 61 مليار ريال لمواصلة العمل على رفع مستوى الخدمات الصحية ودعم البرامج الاجتماعية، حيث تضمنت الميزانية مشاريع صحية جديدة لاستكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة وإنشاء 8 مستشفيات جديدة وإحلال وتطوير البنية التحتية لـ 19 مستشفى قائما. وفي مجال الخدمات الاجتماعية تضمنت الميزانية مشاريع جديدة لإنشاء أندية ومدن رياضية ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، والاعتمادات اللازمة لدعم برامج الضمان الاجتماعي، وقد تم تخصيص نحو 22 مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية، تتضمن مشاريع بلدية جديدة وإضافات لبعض المشاريع القائمة. كما بلغت مخصصات قطاع النقل والاتصالات نحو 24 مليار ريال لمشاريع جديدة وإضافات للمشاريع المعتمدة سابقا.

وبلغ المخصص لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى نحو 46 مليار ريال لمشاريع جديدة لتوفير مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، وللبنية التحتية والمرافق في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، كما تضمن مشاريع لتجهيز البنية التحتية للصناعات التعدينية برأس الزور.

وسيستمر - بحول الله وتوفيقه - تطوير أجهزة القضاء، وتنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، والخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات، كما ستواصل صناديق وبنوك التنمية الحكومية المتخصصة تقديم القروض في المجالات الصناعية والزراعية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

لقد أكدت هذه الميزانية – كسابقاتها - على النظرة المتوازنة بين القطاعات، والتنمية المتوازنة بين المناطق. كما تُولي أهمية للنظرة المستقبلية لتوازن المالية الحكومية واستقرارها بما يسهم في دفع عجلة التنمية الشاملة في وطننا الغالي.

ختاما نؤكد على التنفيذ الدقيق والمخلص لبرامج ومشاريع الميزانية، وعلى الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية المتابعة الدقيقة لما يُنفذ، دون أي تقصير أو تهاون والاستشعار الدائم للمسؤولية والأمانة التي تحملوها أمام الله ثم أمامنا، وعلى الأجهزة الرقابية القيام بدورها على أكمل وجه ورفع التقارير إلينا أولا بأول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

من جانبه قال الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام لـ«وكالة الأنباء السعودية» عقب الجلسة، إن خادم الحرمين الشريفين وجه كافة الوزراء بالعمل بجد وإخلاص، وقال الملك عبد الله «الحمد لله رب العالمين على هذه الميزانية، ولله الحمد فيها الخير وفيها البركة إن شاء الله، المهم عليكم إخواني إتمامها بجد وإخلاص والسرعة، وعدم التهاون في كل شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بينت، ضائعة. لكني آمل منكم الذي يجد تقصيرا من أي أحد ومنهم وزير المالية أن يخبرني، لأنه لا يوجد تقصير أبدا أبدا، واللوم إذا جاء يجيء على الوزير فقط، أرجوكم وهذه خدمة لدينكم ووطنكم ومستقبل أمتكم، وأرجو لكم التوفيق والنجاح، وأسأل الله التوفيق لهذا الدين وهذا الوطن، وشكرا لكم» وبين الدكتور الخوجه، أن وزير المالية، وبتوجيه من الملك عبد الله، قدم عرضا موجزا لمشروع الميزانية الجديدة للدولة وتطرق إلى الأوضاع الاقتصادية العالمية وتطوراتها وتطورات الاقتصاد الوطني والنتائج المالية للعام 1429 - 1430هـ والملامح الرئيسية للميزانية الجديدة حيث جاء فيها: «من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 30 ـ 1431هـ «2009م» وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات 1.384.400.000.000 ريال، «ألفا وثلاث مائة وأربعة وثمانين مليارا وأربع مائة مليون ريال»، بالأسعار الجارية بانخفاض نسبته 22.3 في المائة نتيجة الانخفاض في القطاع البترولي بتأثير أسعار البترول والكميات المصدرة.

أما الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص فيتوقع أن يحقق نموا نسبته 5.5 في المائة حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 10.2 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 2.85 في المائة بالأسعار الجارية.

أما بالأسعار الثابتة فيتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نموا تبلغ نسبته 0.15 في المائة، إذ يتوقع أن يشهد القطاع البترولي انخفاضا نسبته 6.4 في المائة، وأن يبلغ نمو الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بنسبة 3 في المائة حيث يُتَوَقَّع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 4 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 2.54 في المائة، ويلاحظ أن نسبة كبيرة من هذا النمو في الناتج المحلي تعزى للإنفاق الاستثماري الحكومي. وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نموا إيجابيا، إذ يُقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى 2.2 في المائة، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين 6 في المائة، وفي نشاط الكهرباء والغاز والماء 3.35 في المائة، وفي نشاط التشييد والبناء (3.9) في المائة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق (2) في المائة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات 1.8 في المائة».

وأشار وزير المالية السعودي إلى أنه كان للإجراءات والقرارات التي استمرت المملكة في تبنيها في مجال الإصلاحات الاقتصادية «أثرٌّ فعال» في تحقيق معدلات النمو الإيجابية التي يشهدها القطاع الخاص والتي أدّت إلى توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني وتنويعها حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي هذا العام نحو 47.8 في المائة بالأسعار الثابتة، وهذه المؤشرات تدل على زيادة فعالية هذا القطاع خصوصا نشاطي الصناعات التحويلية والخدمات اللذين يشهدان نموا مستمرا وجيدا منذ عدة سنوات.

وعن المستوى العام للأسعار، أكد أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهو أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار، أظهر ارتفاعا خلال عام 2009م نسبته 4.4 في المائة عمَّا كان عليه في عام 2008م، وذلك وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات.

أمَّا مُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي الذي يُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا نسبته 2.4 في المائة في عام 2009م مقارنة بما كان عليه في العام السابق.

وأوضح أن التقديرات الأولية لمؤسسة النقد العربي السعودي تشير إلى أن الميزان التجاري سيحقق هذا العام فائضا مقداره 390.300.000.000 ريال، «ثلاث مائة وتسعون مليارا وثلاث مائة مليون ريال» بانخفاض نسبته 50.9 في المائة عن العام السابق وذلك نتيجة انخفاض أسعار وكميات الصادرات البترولية إضافة إلى انخفاض الصادرات غير البترولية. أمَّا الحساب الجاري لميزان المدفوعات فيُتوقع أن يحقق فائضا مقداره 76.700.000.000 ريال «ستة وسبعون مليارا وسبع مائة مليون ريال» في العام المالي 1430ـ1431 «2009م» مقارنة بفائض مقداره 496.200.000.000 ريال «أربع مائة وستة وتسعون مليارا ومائتا مليون ريال» للعام 1428ـ 1429 «2008م» بانخفاض نسبته 84.5 في المائة.

وأكد وزير المالية أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين صدرت بأن تتضمن الميزانية اعتمادات ومشاريع جديدة تزيد عمّا تم اعتماده بالميزانية الحالية، وتم التركيز على المشاريع التنموية التي ستؤدي إلى زيادة الفرص الوظيفية، ووزعت الاعتمادات المالية بشكل رُكّز فيه على قطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي.

وأوضح الدكتور عبد العزيز خوجه في بيانه أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، حمد الله سبحانه وأثنى عليه على ما أنعم به على هذه البلاد من نعم لا تعد ولا تحصى والشكر له سبحانه في السراء والضراء، وحث الجميع على شكر الله جل وعلا على ما أفاء به على هذه البلاد وخصها به من النعم ووجه، رعاه الله، كل مسؤول أن يراعي الله في كل وقت ومكان ويعمل على خدمة دينه ووطنه مستشعرا عظم الأمانة التي يحملها.