أبوظبي: المرأة الوحيدة تحقق أعلى الأصوات في انتخابات «بيت التجار»

فاطمة الجابر خلعت عباءة التعيين وأصرت على دخول الانتخابات فحققت المفاجأة

TT

لم تكن مفاجأة انتخابات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي محصورة في فوز جميع مرشحي كتلة واحدة فقط (أبوظبي أولا) وهيمنتهم على جميع مقاعد مجلس الإدارة الجديد الخمسة عشر، بل المفاجأة الحقيقية والكبرى كانت في تمكن سيدة الأعمال فاطمة عبيد الجابر من الحصول على أعلى عدد من أصوات الناخبين، متفوقة على جميع أقرانها من الرجال. فأي انتصار حققته المرأة الإماراتية في هذه الانتخابات! وبالفعل كانت الجولة الثانية من انتخابات بيت تجار أبوظبي، التي شهدت تحولا كبيرا في توجهات الناخبين باتجاه التصويت للمرأة الإماراتية، مفاجأة على الأصعدة كافة، سواء بسقوط الكتل والأسماء كافة التي رشحت نفسها بعيدا عن قائمة «أبوظبي أولا»، أو بقدرة هذه القائمة على تحقيق وعودها السابقة بأنها ستفوز بالمقاعد كافة، وهو ما كان.

ويلفت فوز فاطمة الجابر التاريخي، إلى التحولات التي طرأت على المجتمع الإماراتي خلال السنوات الأخيرة، صحيح أن المرأة لم تتمكن من الوصول في انتخابات المجلس الوطني التي جرت للمرة الأولى عام 2006 (تم تعيين 6 سيدات)، غير أن تجربة سيدة الأعمال فاطمة الجابر لا بد أنها ستلقي بظلالها على فرصة حظوظ المرأة الإماراتية في مشاركتها في مؤسسات المجتمع المدني، ومن أبرزها الانتخابات المقبلة للمجلس الوطني الاتحادي، خصوصا إذا علمنا أن سيدة الأعمال فاطمة الجابر كانت معينة في مجلس الإدارة السابقة، لكنها ارتأت أن تخلع عباءة التعيين، وتتجه لإيجاد مكانا لها بالانتخاب، وهو ما تمكنت من خلاله من حصد علامة النجاح كاملة.

فاطمة الجابر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن هدفها الرئيسي من التخلي عن مقعد المجلس بالتعيين والاتجاه إلى معمعة الانتخابات هو «التأكيد على قدرة المرأة الإماراتية من الوصول تحت أي ظرف كان. الكثير كان يردد أن المرأة تنجح بالتعيين وتفشل بالانتخابات، لذا كان التحدي الكبير بالنسبة إليّ هو دخول الانتخابات والفوز بها، وهو ما حدث».

لكن هل توقعت فاطمة الجابر تحقيق هذا العدد الكبير من الأصوات؟ تجيب بالقول: «أعترف أني لم أتوقع ذلك مطلقا، ولكن لم أستبعده أيضا، فقد اعتمدت على سمعتي الكبيرة التي بنيتها خلال فترة عملي الطويلة في حكومة أبوظبي لمدة 18 عاما، بلغت من خلالها وكيل مساعد لدائرة الأشغال، كما اعتمدت على دعم والدي وزوجي وعائلتي، ومجتمع أعمال أبوظبي بقطاعاته كافة».

وتمكنت قائمة «أبوظبي أولا» من سحق منافسيها والوصول بكامل أعضائها (13 مواطنا بالإضافة إلى اثنين من الأجانب). وأعلنت لجنة الإشراف على انتخابات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي برئاسة القاضي المستشار أحمد إبراهيم الزعابي رئيس اللجنة عن اكتمال الجولة الثانية لعملية التصويت لانتخاب أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي للفترة 2010-2013، وقد أعلنت اللجنة أسماء المرشحين الفائزين في الانتخابات الذين حصلوا على أعلى الأصوات في العملية الانتخابية التي بدأت منذ صباح أول من أمس واستمرت حتى تمام الساعة الثامنة مساء، قبل أن تعلن النتائج الرسمية في وقت متأخر.

انتخابات غرفة أبوظبي في نسختها الثالثة، استمرت في البوح بمفاجآتها من خلال وصول 10 أعضاء جدد من ضمن الأعضاء الخمسة عشر المنتخبين، وبينما تَمكّن خمسة أعضاء فقط من المحافظة على مقاعدهم في مجلس الإدارة الجديد، وهم فاطمة الجابر (تحولت من التعيين إلى الانتخاب) وخلفان الكعبي ومبارك العامري وسعيد الظاهري والهندي يوسف علي، كانت الغلبة للمرشحين الجدد الذي كسروا عقدة استمرار الأعضاء السابقين، حيث وصل للمرة الأولى كل من: علي البلوشي وخليفة الخييلي وراشد السويدي وعلي المنصوري وناصر العامري وخالد الظاهري وعمير الظاهري وناصر الشامسي وعبد الجبار الصايغ بالإضافة إلى العضو السوري قاسم العوم.

ولم تكن المفاجأة في فوز فاطمة عبيد الجابر بأعلى الأصوات فحسب، بل استطاعت أن تحقق رقما قياسيا سيكون من الصعب تحطيمه، حيث لم يقتصر الأمر على فوز الجابر بأعلى الأصوات بهذه الانتخابات، بل إنها كسرت الرقم الذي سجله عضو كتلتها رجل الأعمال خلفان الكعبي في الدورة الماضية عندما حقق نحو 4500 صوت، وهو ما شكّل مفاجأة لا يزال صداها متواصلا بين تجار أبوظبي.

وفاطمة عبيد الجابر تُعتبر إحدى سيدات الأعمال المعروفات على الصعيد الإماراتي، فهي تملك شركات «لايبرلا التجارية» و«أنتموتري لتجارة الملابس»، و«مجوهرات وزني»، كما أنها أيضا شريك في مجموعة «أبوظبي للاستشارات»، ومجموعة «الجابر القابضة»، وشركة «القرم المحدودة»، و«البشاير للاستثمارات»، و«اي جي إس» لإدارة العقارات، والجابر العالمية، كما أن عائلة الجابر هي إحدى العائلات التجارية المعروفة في الإمارات ومنطقة الخليج.

وبالعودة إلى قائمة الفائزين التي تنافس فيها 73 مرشحا من أصل 85 مرشحا عقب انسحاب 12 منهم، فقد حصلت فاطمة عبيد الجابر على 4884 صوتا، والشيخ مبارك بن حم العامري 4101 أصوات، وخلفان الكعبي 4010 أصوات، وعلي محمد البلوشي 3540 صوتا، وخليفة عيسى الخييلي 3513 صوتا، وراشد سيف السويدي 3479 صوتا، وعلي سيف آل سالمين المنصوري 3361 صوتا، وناصر سلطان المعمري 3360 صوتا، وخالد محمد جوعان الظاهري 3301 صوت، وعمير سعود الظاهري 3257 صوتا، وسعيد راشد الظاهري 3231 صوتا، وناصر محمد الشامسي 3154 صوتا، وعبد الجبار الصايغ 2991 صوتا. علما أن الصايغ حصل على أقل الأصوات على الرغم من أنه رئيس قائمة «أبوظبي أولا».

والمرشحان الفائزان من غير المواطنين هما الدكتور قاسم علي العوم (سوري الجنسية) 1715 صوتا، ويوسف علي (هندي) 2256 صوتا.

وعلى الرغم من شكوك أطلقها بعض المرشحين من وجود تجاوزات في الانتخابات وكذلك عمليات شراء أصوات، فإن اللجان المسؤولة في الغرفة لم تتلقَّ أي طعون انتخابية حتى أمس.

وكان لافتا في انتخابات غرفة أبوظبي، في جولتها الثانية، توفير المنظمين لشاشات إلكترونية تظهر عدد الناخبين الإجمالي، الذي يزيد حسب التصويت الذي يقوم به الناخبين، وهو أمر لم يتم تطبيقه في الجولة الأولى.

لكن أكثر ما لفت المراقبين في انتخابات غرفة أبوظبي، هو تداخل الحملات الانتخابية حتى أبواب الصناديق الانتخابية، حيث استمرت الحملات الانتخابية للمجموعات المتنافسة حتى مكان قريب من صناديق الانتخاب، بل إن مندوبي الحملات الانتخابية استمروا في مطاردة الناخبين حتى وهم على أعتاب عملية التصويت.

وسيشكل المجلس الجديد في أعقاب أول اجتماع يعقده، والتوقع أن يتم مطلع العام الجديد، حيث سيحل المجلس الجديد محل مجلس الإدارة الحالي، الذي تنتهي فترته مع نهاية العام الحالي، فيما ستستمر فترة مجلس الغرفة المنتخب أخيرا خلال الفترة من عام 2010 حتى 2013.

ويُتوقع أن تسجل المرأة الإماراتية أيضا حضورا عبر التعيين المقبل، وتذهب التوقعات إلى أن هناك ما بين مقعد مقعدين، من مقاعد التعيين الستة، ستذهب إلى سيدات أعمال إماراتيات.

وتأتي إقامة الجولة الثانية بعيد عدم اكتمال نصاب الجولة الأولى التي عُقدت يوم السابع من الشهر الحالي، وهو ما أفضى، وفقا لقانون الغرفة الانتخابي، إلى إقامة جولة ثانية بمن يحضر من الناخبين، حيث سجل عدد الناخبين في جولة أول من أمس 12191 صوتا، وهو لا يزال أقل من نسبة 25 في المائة، التي كانت تطلبها الجولة الأولى للوصول إلى النصاب.

وبحسب قانون الغرفة ستعين حكومة أبوظبي ستة أعضاء آخرين في المجلس ليكتمل عدد أعضاء المجلس وهم 21 عضوا، غير أن رئيس الغرفة سيكون من الأعضاء المنتخبين، صحيح أن هذا الشرط ليس موجودا في قوانين الانتخابات، إلا أن العرف جرى أن لا يتم اختيار رئيس مجلس إدارة الغرفة من ضمن الأعضاء المعينين.