تقارير مصرفية تقدر 70 دولارا متوسط سعر برميل النفط في موازنة السعودية 2010

توقعات باستيفاء الإيرادات النفطية لموازنة الدولة العام المقبل

TT

توقعت تقارير اقتصادية أمس أن تستوفي السعودية تقديرات الإيرادات النفطية للميزانية، من خلال توقع احتساب سعر للبرميل بنحو 70 دولارا، مع حجم إنتاج يتراوح ما بين 8.3 مليون برميل يوميا و8.5 مليون برميل يوميا، بعائدات تقدر بنحو 793.8 مليار ريال (211.7 مليار دولار).

ورأت شركة «جدوى المالية» في تقريرها الصادر أمس أن تأتي الميزانية متعادلة تقريبا استنادا على تقديراتها المتحفظة بأن يبلغ متوسط سعر الخام السعودي 70 دولارا للبرميل خلال العام 2010، وأن يتخطى الإنفاق الحكومي المستوى المقرر في الميزانية.

وأشارت إلى تنبؤات أن يكون حجم إنتاج النفط ومتوسط أسعاره اللذان يتراوحان عند مستوى 8.3 مليون برميل يوميا و50 دولارا للبرميل (أي ما يعادل 51 دولارا من خام غرب تكساس) سيستوفي تقديرات الإيرادات النفطية للميزانية. في حين تنبأ البنك السعودي الفرنسي بتوقعات متحفّظة بالمقارنة مع التوقعات الأخرى، بأن يكون سعر متوسّط برميل مزيج غرب تكساس سيبلغ 70 دولارا فقط، في الوقت الذي أشارت فيه إلى أنّ الحكومة السعودية حدّدت الميزانية على أساس اعتبار أنّ معدّل سعر برميل الخام السعودي هو 44 دولارا (وسعر 48 دولارا لبرميل مزيج غرب تكساس) على أن يكون الإنتاج 8.5 مليون برميل في اليوم.

وسجل تقرير «جدوى» الاقتصادي بما يتعلق بالميزانية، تحسن الأداء الاقتصادي لعام 2010، حيث دعمت العوامل الخارجية والسياسات المالية التي اتبعتها الحكومة الأداء الاقتصادي عام 2009 لبعض الوقت، وتمثلت تلك العوامل في بقاء أسعار النفط فوق مستوى 60 دولارا للبرميل معظم الوقت، واستمرار الإنفاق الحكومي الضخم، وانخفاض أسعار الفائدة بدرجة استثنائية، مشيرة إلى أن انعدام الثقة لدى المستهلكين والشركات أعاق الأداء الاقتصادي.

ولفتت «جدوى» إلى أنه في ضوء احتمال معاناة الاقتصاد العالمي في الحفاظ على الزخم، فإن توقعاتها تنصب في استمرار تلك السياسات الداعمة، حيث تأقلمت البنوك فيما يتعلق بانكشافها أمام الديون الهالكة، وبدأت قروضها إلى القطاع الخاص تشهد بعض التحسن، ومن شأن نمو القروض أن يؤدي إلى تحسين مناخ الأعمال ورفع أسعار الأسهم مما يؤدي بدوره إلى تعزيز ثقة المستهلك. وأكدت أن سلسة العوامل القوية تلك ستؤدي إلى نمو اقتصادي أقوى خلال 2010، وإن كانت المشكلات المستمرة والمتمثلة في صعوبة الحصول على القروض - خاصة من مصادر الدين الخارجية - وضعف أسواق الصادر ستحد من وتيرة ذلك النمو.

وتشمل توقعات «جدوى» أيضا، النمو الفعلي في الناتج الإجمالي، حيث سيؤدي تحقيق نمو طفيف في الإيرادات النفطية إلى خلق فائض صغير في الحساب الجاري وزيادة ضئيلة في صافي الموجودات الأجنبية لدى «ساما».

إضافة إلى توقع أن التضخم لن يرتفع بمعدل كبير، رغم أن أسعار السلع ستظل أعلى بكثير من أدنى المستويات التي سجلتها العام الماضي، وسيبقى الدولار أضعف، وسيظل النقص في المساكن ماثلا مما يدفع بأسعار الإيجارات إلى الأعلى، إلا أنه من ناحية ثانية ستخف الاختناقات المحلية وستبقى معدلات التضخم لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين للمملكة منخفضة جدا.

كما سيؤدي الانتعاش المتوقع للنمو الاقتصادي في المملكة بحسب تقرير «جدوى» إلى بروز الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة قبل أن تنشأ تلك الحاجة في الولايات المتحدة.

وفي ظل محدودية الخيارات المتاحة لـ«ساما» للمناورة فإن الظروف غير المواتية ستؤدي إلى تجدد المعارضة لسياسة ربط سعر صرف الريال بالدولار، لكن لا نتوقع حدوث أي تغيير فيما يتعلق بسياسة الربط وفق ما ذكره تقرير الشركة المالية.

من جهته ذكر البنك السعودي الفرنسي أن تستشرف ميزانية المملكة لعام 2010 ارتفاع الإنفاق بنسبة 13.7 في المائة، على عوائد تصل إلى 470 مليار ريال في الوقت الذي تستمر فيه الحكومة بخطة الإنفاق التحفزي، مشيرا إلى أن ارتفاع المبالغ المرصودة للتعليم بنسبة 13 في المائة وللبنية التحتية بنسبة 30 في المائة في ميزانية تؤكد على تطوير الموارد البشرية.

وطالب التقرير الصادر من البنك السعودي الفرنسي إلى تخفيض معدلات الإنفاق خلال العقد المقبل لا سيما أن إنفاق الحكومة مرشح ليصل إلى تريليون ريال بحلول عام 2010.

وأكد أن استمرار التزام الحكومة بالإنفاق المرتفع على الرغم من توقعات حدوث عجز في الميزانية للسنة الثانية على التوالي، سيؤدي إلى مشاركة أكبر للقطاع الخاصّ وأنْ يسهم، في النهاية، في إيجاد المزيد من فرص العمل.

إلى ذلك أشارت «جدوى» إلى أن البيانات الاقتصادية الأولية لعام 2009، جاءت أقوى من توقعاتها، حيث سجل الناتج الإجمالي الفعلي نموا بلغ 0.15 في المائة رغم الانكماش الكبير الذي شهده القطاع النفطي، لكن القطاع الخاص غير النفطي سجل نموا بلغ 2.5 في المائة نتيجة لنمو جميع القطاعات غير النفطية.

وأكد أن تراجع الإيرادات النفطية أدى إلى تراجع الفائض في ميزان الحساب الجاري إلى أدنى مستوى له منذ 8 أعوام، حيث بلغ 20 مليار دولار، ويقدر أن مستوى التضخم قد سجل 4.4 في المائة، في المتوسط.

من جهته أشار البنك الفرنسي إلى أن الاقتصاد السعودي نما بنسبة 0.15 في المائة في عام 2009، طبقا لتقديرات وزارة المالية الواردة في وثيقة الميزانية؛ وهو أعلى من نسبة الانكماش التي توقعها البنك وهي 0.9 في المائة، ويُعزى ذلك، بالدرجة الأولى، إلى تراجع عائدات النفط، كنتيجة محتملة للاستثمارات الضخمة في قطاعي النفط والغاز في إطار التزام الحكومة باستثمار 130 مليار دولار لزيادة الإنتاج في السنوات الخمس القادمة. وأضاف البنك الفرنسي أنه يضاف إلى ذلك تباطؤ القطاع غير النفطي، مشيرا إلى أن الاقتصاد السعودي سينمو بنسبة 4 في المائة في عام 2010، لأنّ معدلات إقراض القطاع الخاصّ بدأت تعود إلى مستوياتها الطبيعية ولأنّ الإنفاق العام السخي سيُحفّز الاقتصاد.

وتوقع تقرير «جدوى» أن تسجل الميزانية الجديدة عجزا للعام الثاني على التوالي حيث تحافظ على مستويات مرتفعة من الإنفاق من أجل تحفيز الاقتصاد، ويعتبر العجز الذي يبلغ 70 مليار ريال الأكبر على الإطلاق بالقيمة الاسمية، على الرغم من أنه لا يتعدى 4.6 في المائة من الناتج الإجمالي.

واعتبرت «جدوى» عملية سحب الحوافز الحكومية من أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومات خلال عام 2010، إلا أن ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة للمملكة، حيث إنها لا تواجه معوقات كبيرة في ميزانيتها - من المتوقع أن يتخطى العجز في الميزانية 10 في المائة من الناتج الإجمالي لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا هذا العام - وسيكون من السهولة بمكان تمويل العجز من الموجودات الأجنبية لدى «ساما» من جهته أوضح تقرير البنك الفرنسي أنّ حجم العجز جاء أكبر من المستوى الذي توقعه، وهو تحقيق فائض يبلغ 2.3 مليار ريال، ويرجع ذلك إلى توقعات البنك الأعلى للعوائد والتي قدرت بنحو 581 مليار ريال، وذلك بفرق بلغ 15 في المائة، كما توقع «السعودي الفرنسي» أن يصل الإنفاق 579 مليار ريال عام 2009، عندما صرفت الحكومة مليارات الريالات على خطتها لدعم الاقتصاد خلال الأزمة المالية، لتجنب الركود الاقتصادي.

وذكر التقرير أن المملكة سحبت جزءا من أصولها الخارجية، لدعم مختلف قطاعات اقتصادها، وعلى الرغم من تراجع هذا التوجه في وقت لاحق من العام، وفي أكتوبر (تشرين الأول) ارتفعت الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي بنسبة 2.26 في المائة، ولكنها كانت أقل بنسبة 11.2 في المائة عن المستوى الذي حققته في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

وأكد «السعودي الفرنسي» أن المملكة أعطت خطط الإنفاق الأولوية للتحسينات النوعية في قطاع التعليم والبنية الاجتماعية والتحتية خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفعت في عام 2009 ميزانية التعليم بنحو 17 في المائة لتصل إلى 121.9 مليار ريال، وكانت المملكة تبني أكثر من مدرستين كمعدل في اليوم الواحد مع وجود خطط لبناء المزيد في العام المقبل.

وأشار إلى أن المملكة نجحت خلال العام الجاري في تقليص حجم الدين العام المحلي إلى مستويات يمكن إدارتها بيسر، إذ يبلغ حجم هذا الدين حاليا 225 مليار ريال، مما يمثّل انخفاضا نسبيا قدره 5 في المائة، مقارنةً بمستويات عام 2008، ليبلغ حوالي 60 في المائة من إجمالي حجمه في عام 2002، والذي شهد بداية طفرة أسعار النفط التي استمرّت حتى منتصف عام 2008، وتُعدّ نسبة الدين المحلي للمملكة إلى إجمالي الناتج المحلي (16.3 في المائة خلال العام الجاري) من أدنى النسب في مجموعة الدول العشرين. وتوقع البنك السعودي الفرنسي أنْ تنخفض هذه النسبة إلى 13.8 في المائة بحلول عام في 2010، مع أنها تسجّل أرقاما مرتفعة حتى في الأسواق المتقدمة بسبب الأزمة المالية العالمية.

وسينجم هذا الانخفاض عن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي والتراجع الصغير في صافي الدين العام بحسب ما ورد في تقرير البنك السعودي الفرنسي، موضحا أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أنّ نسبة الدين العام المحلي إلى إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتّحدة سترتفع إلى 70 في المائة في عام 2010، بعدما بلغت 62 في المائة في العام الجاري، كما أنّ نسبة الدين العام المحلي إلى إجمالي الناتج المحلي في عدد من دول الخليج العربية الأخرى أعلى بكثير منها في المملكة.

وأكد تقرير السعودي الفرنسي أنّه مع المستويات المرتفعة للدين العام المحلي فإنها لا تخدم سلامة الوضع المالي، إلا أنها تُبرز الحاجة إلى إصدار سندات حكومية طويلة الأجل؛ وهي أداة مهمة لتطوير سوقي الائتمان والمال، موضحا أن السندات الحكومية التي تستحق في فترات تتراوح ما بين سبع وعشر سنوات تثبّت السعر المرجعي المحلي للفائدة، الذي يعدُّ ضروريا لتطوير سوق قويّة لسندات الشركات الخاصّة ـ لأنّ مستثمري القطاعيْن العام والخاص ينفذّون حاليا مشروعات طويلة الأمد في البنى التحتية والمرافق. ولفت إلى ثبات سعر الفائدة المرجعي المحلي في ضمان استقرار قيَم السندات وقد يُمكّن الشركات التي تُصدِر سندات من تلافي تقييم سنداتها، على أساس اللوائح الأميركية.

ولتحفيز أسواق السندات المحلية، أصدر العديد من الدول سندات حكومية طويلة الأجل حتى في حال عدم حاجتها لإيرادات تلك السندات. فعندما يُثبَّت سعر الفائدة المرجعي المحلي، تصبح الشركات والبنوك قادرة على الاقتراض بفاعلية أكبر وتزدهر أسواق المال كما تظهر ثقافة تبادلية محلية قوية، بالإضافة إلى إتاحة المزيد من أدوات إدارة السيولة أمام البنوك. ولا بدّ من البدء بتطوير هذه الثقافة، مع أن ذلك سيستغرق بعض الوقت.

في حين تتوقع شركة «جدوى المالية» أن يتم تسجيل فائض قدره 13 مليار ريال في ميزانية عام 2010، وذلك على أساس توقعات بأن تكون أسعار النفط الفعلية أعلى من المستويات التي استخدمت في الميزانية مما يؤدي إلى تجاوز إيرادات النفط الفعلية الإيرادات المقررة في الميزانية، كما توقع أن تسهم العائدات النفطية بمبلغ 621 مليار ريال في الميزانية، بالإضافة إلى 90 مليار ريال من العائدات غير النفطية.

وتوقّع البنك السعودي الفرنسي أنْ تزداد الميزانية الدفاعية، حيث بلغت 154.8 مليار ريال خُصّص معظمها لتغطية الرواتب التي أُنفقت في الاقتصاد المحلي وكانت لها آثار مضاعفة واضحة.

وأكد أن الحكومة السعودية تعتزم الاستمرار أيضا في دعم تعافي اقتصاد البلاد في عام 2010، وتمثّل ميزانية عام 2010، زيادة نسبية قدرها 13.7 في المائة في مستوى الإنفاق العام؛ إذ تبلغ 540 مليار ريال، وتخصص هذه الميزانية لتطوير التعليم وتنمية الموارد البشرية 137.6 مليار ريال بالمقارنة مع 121.9 مليار ريال في عام 2009.

وأكد «السعودي الفرنسي» أن الحكومة السعوديّة ركزت على وضع برنامج للإنفاق لخلق وظائف جديدة والحؤول دون دخول الاقتصاد في فترة ركود طويلة، وفي ما يتعلّق بالميزانيات السعودية، هناك حقيقة قائمة وجديرة بالترحيب، تتمثّل بأنّ الإنفاق نما بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة نمو الإنفاق الجاري خلال السنوات الأخيرة.

وأشار إلى أن الإنفاق تضاعف 7 مرّات خلال الفترة بين 2000 – 2008، بينما نما الإنفاق الجاري في الفترة نفسها بنسبة 79 في المائة، مؤكدا أن ذلك النمط الإنفاقي، يعكس حرص الحكومة السعودية على تعزيز كفاءة وإنتاجية الاقتصاد الوطني على المدى البعيد، ومع أنه من المبكّر إصدار أي حكم نهائي على الإنفاق الرأسمالي الحكومي، فإنه ينبغي أنْ يترك آثارا إيجابية ملموسة على إجمالي الناتج المحلي.

وذكرت «جدوى» في تقرير أن الإنفاق الفعلي سيتخطى مستوى الإنفاق المقرر في الميزانية، حيث يلاحظ أن الإنفاق الفعلي قد تخطى مقررات الميزانية بمعدل 21 في المائة في المتوسط خلال الأعوام العشرة الأخيرة. وأكدت أنه على الرغم من أن أسعار النفط جاءت أقل من المستوى المستخدم في تقديرات الميزانية خلال جزء من العام لكن الإنفاق الفعلي فاق الميزانية بمعدل 16 في المائة، وتوقعت أن يبلغ الإنفاق الإجمالي العام المقبل نحو 616 مليار ريال.

وبينت أن الإنفاق الفعلي الذي بلغت قيمته 550 مليار ريال جاء أعلى بنسبة 16 في المائة عن مستوى الإنفاق المقرر في الميزانية، كما زاد عن مستوى عام 2008 بنحو 6 في المائة، فيما يعتبر أقل مستويات النمو في الإنفاق منذ عام 2002.

ولفتت أنه لم يتم الكشف عن الإنفاق حسب المنصرفات الرأسمالية والمنصرفات الجارية، لكنها رجحت أن زيادة مرتبات موظفي القطاع العام ورفع مستويات التوظيف بصورة كبيرة في الدولة هي المسؤولة عن معظم الزيادة في الإنفاق.

واعتقدت «جدوى» أن الإنفاق الرأسمالي قد ارتفع بصورة طفيفة نتيجة لعاملين متوازنين، أولهما إعادة طرح العديد من المشاريع بهدف الاستفادة من انخفاض تكلفة المواد الخام، مما أدى إلى تأخير البدء في تنفيذها وتأجيل المدفوعات الحكومية المطلوبة، وثانيهما أن ضعف الثقة وسط القطاع الخاص تطلب ظهور دلائل ملموسة على تحسن الأوضاع الاقتصادية مما حدا بالدولة إلى العمل على رفع مستويات الإنفاق.