«التمويل» و«الإسكان» يسيطران على نقاشات ندوة القطاع العقاري والتنمية في السعودية

أمين الرياض يطالب برفع مستوى الخدمات في الأراضي والمنح... وعقاريون يطالبون بتحويل الصندوق العقاري إلى بنك

الأمير عبد العزيز بن مساعد رئيس شركة «الورق» يتوسط بعض المشاركين في احدى جلسات منتدى الرياض (تصوير: أحمد فتحي)
TT

سيطر «التمويل» و«الإسكان» على نقاشات المشاركين في الندوة الثانية في منتدى الرياض الاقتصادي، حيث طالب المشاركون في افتتاح فعاليات اليوم الثالث والأخير للمنتدى بضرورة إيجاد بيئة عمل لانطلاق القطاع العقاري الذي يحتضن استثمارات تؤهله لأن يكون ثاني أكبر القطاعات الرئيسية في البلاد بعد قطاع النفط.

من جهته طالب الأمير عبد العزيز بن عياف أمين منطقة الرياض خلال منتدى الرياض الاقتصادي بتدخل الجهات الحكومية المختصة، لرفع مستوى الخدمات في الأراضي ومخططات المنح، وتحويلها إلى أداة تمكين مسكن بدلا من المضاربات.

وأكد أمين منطقة الرياض أن أراضي المنح ما زالت تمثل فرصا جيدة من الممكن الاستفادة منها، خاصة أن ملاكها الأصليين محتفظون بأملاكهم، إضافة وجود مخططات منح لم يتم توزيعها من قبل الدولة، والتي ستسهم بالأخير في خفض أسعار الأراضي ورفع مستوى الخدمات المقدمة.

وجاءت دعوات بن عياف خلال ترؤسه ندوة القطاع العقاري والتنمية في المملكة خلال فعاليات منتدى الرياض الاقتصادي، بمشاركة عايض بن فرحان القحطاني رئيس مجلس إدارة شركة سمو العقارية والدكتور فهد السعيد المدير العام للشركة السعودية العقارية، وعبد العزيز الشيباني نائب الرئيس لقطاع الاستثمارات والخدمات العقارية في الشركة الأولى للتطوير.

وأوضح أمين مدينة الرياض أن الميزانية التي صدرت أمس الأول تصب في مجملها بصالح التنمية، والقطاع العقاري شريك في هذه التنمية، غير أنه أكد على غياب واضح للمؤسسات المتخصصة في تقديم وحدات سكنية خلال الخمس سنوات المقبلة.

من جهته أكد عايض القحطاني رئيس مجلس إدارة شركة سمو العقارية إلى الحاجة إلى إيجاد حوافز للمستثمرين وتنظيم العمل العقاري من خلال دعم الاستثمارات المحلية، مشيرا إلى أن التمويل يعد أحد أهم العوامل التي تحتاج إلى إعادة نظر، وذلك لدعم المشاريع المختلفة.

وبرر القحطاني السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار العقار إلى وجود المضاربة المحمومة التي تشهدها الأراضي، بالإضافة إلى الدخلاء على القطاع العقاري، وهم الذين سعوا لتحقيق أرباح سريعة من خلال عملية تدوير الأراضي، وهذه الفئة انخفض تواجدها بالقطاع العقاري بعد الأزمة المالية العالمية، بالإضافة إلى الهجرة السكانية الكبيرة للمدن الرئيسية وما صاحبها من زيادة في الطلب.

وأوضح القحطاني أن السوق العقارية تحتاج لمليون وحدة خلال المرحلة المقبلة لسد الحاجة في القطاع كما أن 60 في المائة من سكان المملكة هم دون الثلاثين عاما و70 في المائة من المواطنين لا يملكون مسكنا خاصا.

وذهب رئيس مجلس إدارة شركة سمو العقارية إلى عدد من العوامل التي يعاني منها القطاع العقاري كصعوبة توثيق الصكوك، والتأكد من مصداقيتها، والتي أدت إلى خسائر ضخمة منيت بها عدد من الشركات المستثمرة في القطاع، حيث إن ثلث صكوك المملكة متعثرة، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على التمويل، فضلا عن ضرورة إنشاء صندوق لإسكان المجتمع السعودي، ودور البنوك المنخفض في تمويل القطاع العقاري، حيث إن 9 في المائة من إجمالي القروض الاستهلاكية من البنوك هو للقطاع العقاري، في الوقت الذي يعتبر فيه القطاع هو ثاني أكبر اقتصاد في المملكة. إلى ذلك أكد الدكتور فهد السعيد الرئيس التنفيذي للشركة العقارية السعودية أن الحاجة الإسكانية تدفع إلى بناء 1000 وحدة يوميا لسد حاجتها الإسكانية، مضيفا أن هذا الاحتياج يعتبر ضخما جدا ولو خصصت إيرادات الدولة جميعها لسد حاجة هذا القطاع فلن تتمكن من ذلك. وطالب السعيد بإيجاد جهة تقوم بالتنسيق بين الجهات الحكومية المتعاملة مع العقار وكذلك القطاع الخاص وتكون لهذه الجهة سلطة تشريعية وتنفيذية وأن تكون بمسمى هيئة عقارية لرعاية هذا القطاع. وأكد أن قطاع تطوير الأراضي بحاجة إلى 190 مليار ريال (51 مليار دولار)، وهو الأمر الذي يتطلب مضاعفة الجهود المختلفة، لدفع سوق العقارات للمزيد من الحركة والتداول وتحفيز الاستثمارات لإيجاد صناعة حقيقة تنعكس على التنمية العقارية في البلاد.

من جهته استعرض المهندس عبد العزيز الشيباني، نائب الرئيس لقطاع الاستثمارات والخدمات العقارية في الشركة الأولى للتطوير، تجارب عدد من الدول في كيفية مواجهة أزمات الإسكان، إضافة إلى استعراض تجربة المملكة العقارية من خلال إنشاء صندوق التنمية العقاري والأراضي المطورة وبناء الأراضي السكنية وتوجيه الجهات الحكومية والخاصة ببناء وحدات سكنية لمنسوبيها بشروط ميسرة.

وأكد الشيباني خلال مشاركته أن الحلول التي اتخذت في الطفرة الأولى غير مجدية في الوقت الحالي، مطالبا بالبحث عن حلول أخرى كتوفير أراض مطورة بأسعار معقولة، وبناء وحدات سكنية، إضافة إلى تشجيع الأعمال الخيرية، وهي تجربة رائدة ومظاهرها كثيرة في المملكة.

وذهب نائب الرئيس لقطاع الاستثمارات والخدمات العقارية في الشركة الأولى للتطوير إلى تطبيقات الدول في إيجاد حلول عملية لأزمة الإسكان، وأشار إلى تجربة الدول الغربية، وتحديدا الولايات المتحدة التي استخدمت الرهن العقاري في دورته الكاملة غير المجتزئة، فتجاوزت مشكلتها بل أدخلت الأرصدة المستخلصة في دورة رأس المال من جديد.

ولفت الشيباني إلى تجارب ماليزيا وتايلاند والمكسيك في تطبيقاتها العملية لحل الأزمة العقارية، مبينا أن الدول الشمولية كالجزائر حققت نجاحات مقدرة في حل المشكلة الإسكانية، وأشار إلى أن مصر لم تكمل دورة الرهن العقاري ولكنها استندت إلى تنظيمات حققت بها نجاحات جيدة، وفي حالة الكويت والبحرين وهي تجربة مستقرة حيث تتولى الحكومة بناء الوحدات السكنية وبيعها بطريقة ميسرة للمواطنين.

وأكد أن الحل يتمثل في إطلاق الإسكان الخيري والعمل على بناء وحدات سكنية، فضلا عن توفير الأراضي المطورة في محيط المدن، مستشهدا بتجربة الجبيل وينبع.

في حين جاءت مطالبات المشاركين بتحديث دور صندوق التنمية العقاري، وتحويله إلى بنك يعمل على تحفيز الإقراض للمساكن، من خلال دور حيوي، والابتعاد عن الطريقة التقليدية القديمة التي لا تواكب متطلبات المرحلة الحالية، في الوقت الذي طالب فيه آخرون بتحفيز الاستثمارات العقارية، لبناء مساكن وضخ المزيد من الوحدات العقارية.

في الوقت الذي أكد فيه الدكتور الأمير عبد العزيز بن عياف أمين منطقة الرياض أن العرض والطلب في سوق العقارات هو شأن متغير، حيث يزيد العرض في فترة ويزيد الطلب في فترة أخرى، وهو أمر طبيعي كدورة اقتصادية.

إلى ذلك أشارت الدكتورة نورة العجلان إلى عدم وجود حدود واضحة بين الأحياء، وذهبت إلى ظاهرة التعدي على المناطق الخلفية للأحياء، متسائلة عن اختفاء المخططات الخضراء والحدائق لصالح المجمعات التجارية.

وحذرت من ظهور أحياء تتكثف فيها الجاليات المختلفة في المدن، مطالبة بوضع خطط للحد من تلك الظاهرة.