البنك المركزي ينفي تدخله لوقف زيادة رواتب موظفي القطاع العام في المغرب

محافظ البنك عبد اللطيف الجواهري: اقترحنا ربط الزيادة برفع الإنتاجية

TT

نفى مسؤول مغربي معلومات أفادت أن بنك المغرب (البنك المركزي) تَدخّل للضغط على الحكومة من أجل وقف زيادات في الرواتب تقرر منحها لموظفي الدولة، في إطار اتفاق مع النقابات. وقال عبد اللطيف جواهري محافظ بنك المغرب إن ما تردد حول معارضة البنك المركزي الزيادة في الرواتب طبقا لاتفاق تم بين الحكومة والاتحادات العمالية في إطار الحوار الاجتماعي، لا صحة له، بيد أنه لم ينفِ تقديم البنك «نصيحة» للحكومة بربط زيادة الرواتب برفع الإنتاجية. وقال الجواهري في ندوة صحافية إن التقرير السنوي حول ميزانية المغرب، الذي أعده مجلس البنك لا يتضمن أي إشارة تفيد التحفظ على زيادة الرواتب. وقدم محافظ بنك المغرب خلال ندوته الصحافية عقدها أول أمس في الرباط، رصدا للتطورات الأخيرة التي شهدتها الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية في المغرب، وكذا التوقعات التي أعدها البنك بالنسبة إلى الفترة الممتدة حتى عام 2011.

وقال الجواهري إن التقرير السنوي للبنك الذي قدمه للعاهل المغربي الملك محمد السادس، في يونيو (حزيران) الماضي، والذي تضمن تحليلا لميزانية المغرب، لم يتطرق إلى الرواتب، بل جاء فيه أن الدولة تقوم بمجهودات في ما يخص الميزانية، لكن على مستوى الواردات لا النفقات، وأضاف: «عندما يقارن المغرب بالدول المجاورة، في مجال الرواتب نجد أنها تفوق 10 في المائة من الناتج الإجمالي الداخلي في حين تقل عن 8 في المائة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».

وأوضح أن البنك المركزي طلب من الحكومة المغربية أن تتريث بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر منها العالم، إلى حين انحسارها، وتفادي أي إجراءات تثقل كاهل الميزانية، مشيرا إلى أن خطوات على هذا النسق ستؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة.

وأشار الجواهري إلى أن البنك حث الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها السابقة، وأن تتريث بخصوص الالتزامات المستقبلية، مشيرا إلى أنهم اشترطوا في حالة عزم الحكومة الزيادة في الرواتب، أن تقترن هذه الزيادة بالرفع في الإنتاجية.

وأكد الجواهري أنهم ليسوا فوق الحكومة حتى يمنعوا الزيادة في الرواتب، بل يقتصر دورهم في البنك المركزي على تقديم التحليل الموضوعي لمصلحة الدولة.

وقال الجواهري إن الدولة ربحت السنة الماضية في عملية «المقاصّة» نظرا إلى تراجع أسعار المواد الأساسية، وإنهم في بنك المغرب طالبوها على ضوء هذه الوضعية، بأن تهتم بالجانب الاجتماعي للموظفين الذين يتقاضون رواتب ضعيفة. ومن جهة أخرى عقد مجلس بنك المغرب اجتماعه الفصلي أول من أمس، لتدارس التطورات الأخيرة التي عرفتها الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية وكذا التوقعات الخاصة بالتضخم التي أعدها البنك بالنسبة إلى الفترة الممتدة حتى بداية عام 2011، ولاحظ المجلس أن نسبة التضخم ظلت معتدلة على الرغم من التغييرات الطفيفة المرتبطة بتقلبات أسعار المواد الغذائية، إذ انتقلت من صفر في المائة في أغسطس (آب) 2009 إلى 1.4 في المائة في سبتمبر (أيلول)، قبل أن تتراجع إلى 0.4 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) كما سجل أيضا أن مؤشر التضخم الأساسي الذي يعكس التوجه الرئيسي للأسعار ظل ناقص 0.7 في المائة خلال الثلاثة الأشهر الماضية، وموازاة مع ذلك تواصل انخفاض أسعار الإنتاج الصناعي وإن بوتيرة أدنى من السابق حيث بلغت نسبته 16.9 في المائة في أكتوبر مقابل 18.8 في سبتمبر و20.8 في أغسطس.

وأضاف المجلس أنه رغم بعض بوادر الانتعاش التي عرفها النشاط الاقتصادي العالمي فإن تطوره ظل محل شكوك ترتبط على الخصوص بالمستوى المرتفع لنسبة البطالة وبوضعية سوق الائتمان، وبناء على ذلك من المتوقع أن تبقى فجوة الناتج سلبية لدى شركاء المغرب الرئيسيين خلال الفصول المقبلة لتواصل التأثير على أداء الاقتصاد الوطني لا سيما من خلال قنوات تصدير السلع والخدمات، وكذا من خلال التحويلات، وعلى الرغم من ذلك تشير التوقعات إلى أن فجوة الناتج لدى الشركاء الرئيسيين للمغرب ستكون إيجابية خلال الفصل الرابع من سنة 2010.

وكشف المجلس أيضا عن أنه في ظل هذه الظرفية أظهرت البيانات المتاحة على الصعيد الداخلي تواصل التحسن التدريجي لنمو الأنشطة غير الزراعية، الذي بدا خلال الفصل الثاني من العام الحالي، وأيضا من المتوقع أن تكون النتائج المسجلة على مستوى ميزان الأداءات أفضل من السنة الماضية، إذ ينتظر أن تظل احتياطيات الصرف في مستوياتها قريبة من تلك المسجلة في ديسمبر (كانون الأول) وستظل الفجوة ناتج المواد غير الزراعية التي تعد دلالة في تقييم المخاطر التضخمية، سلبية خلال الفصول المقبلة، ومن جهة أخرى تضيف دراسة المجلس أنه يُرتقب أن تتراوح نسبة النمو الاقتصادي الكلي ما بين 5 و6 في المائة في العام الحالي فيما يُنتظر أن تتباطأ في العام المقبل لتبلغ ما بين 3 و4 في المائة نظرا إلى تراجع مساهمة القطاع الزراعي.

وبخصوص الأوضاع النقدية تشير الدراسة إلى تباطؤ نمو القروض المصرفية، وتظل هذه الأخيرة نشطة نسبيا إذ ارتفعت بمقدار 7.10 في أكتوبر (تشرين الأول) مقابل 9.14 في المائة خلال الفصل الثالث من السنة.

وبناء على هذه المعطيات يؤكد المجلس أن توقعات التضخم تظل منسجمة بشكل عام مع ما ورد في تقرير أكتوبر (تشرين الأول) حول السياسة النقدية، مع الأخذ بعين الاعتبار انعكاسات ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الأولية الملاحظ في الفترة الأخيرة، تم تعديل التوقع المركزي نحو الارتفاع في نهاية أفق التوقع ليصل إلى نحو 5.2 في المائة بدلا من 2 في المائة، وأفاد المجلس أنه من المرتقب أن يبلغ متوسط نسبة التضخم خلال هذا الأفق 9.1 في المائة أما بالنسبة إلى مؤشر التضخم الأساسي فمن المنتظر أن يكون سلبيا في سنة 2009 وأن يظل دون 2 في المائة في نهاية أفق التوقع. وحسب المجلس دائما فإن المخاطر المحيطة بأفاق التضخم تتجه بشكل عام نحو الانخفاض خلال الفصول القادمة حيث يتوقع أن تظل الضغوط الناتجة عن الطلب خصوصا الخارجي في مستويات معتدلة، إلا أن التقلبات التي تعرفها أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية خصوصا سعر النفط لا تزال تشكل مصدرا من مصادر الشكوك، كما قرر المجلس الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسية الذي تَحدّد في 3.25 في المائة.