هل ستستمر موجة التفاؤل في أسواق الأسهم الأميركية خلال العام المقبل؟

منذ تحسن السوق في 9 مارس 2009 ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة تتجاوز 60%

جانب من التداولات في سوق نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

لقد كانت فترة رائعة لسوق الأسهم، لا سيما إذا تجاهلت التراجع الحاد خلال الشتاء الماضي، ولم تتفوه بشيء عن العام الكئيب الذي سبقه.

منذ تحسن السوق في 9 مارس (آذار)، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة تتجاوز 60 في المائة، لتكون هذه إحدى أقوى الزيادات المسجلة. ولكن، هل سيستمر الارتفاع الحالي في الأسعار لفترة طويلة يقوم خلالها المستثمرون بإصلاح محافظ الأوراق المالية الخاصة بهم ومعادلة نتائج المجزرة السابقة؟

لدى المشتغلون في قطاع الاستثمار آراء قوية تتعلق بالموضوع، وعدد قليل جدا يشعر بالتفاؤل كلية. يشعر دوغ رامسي، مدير الأبحاث في «ليثولد غروب» في مينابوليس، على سبيل المثال، بتفاؤل نوعا ما بخصوص السوق على المدى القصير. وحددت شركته هدفا مرتبطا بـ«ستاندرد آند بورز 500» في نطاق 1300 إلى 1350، وهو ما يمثل ارتفاعا نسبته 20 في المائة تقريبا مقارنة بالمستوى الحالي. ويقول إن السوق يمكن أن تحقق ذلك خلال الأشهر القليلة المقبلة، ولكن ستكون أسعار الأسهم حينئذ قد تخطت الأرباح، وهو ما يجهز المستثمرين لحدوث تراجع. ويقول: «الارتفاع الحالي في الأسعار لم يبدأ منذ وقت أطول مما يبدو»، وأضاف أنه في وقت ما خلال 2010 ستكون هناك عملية تصحيح؛ تراجع في السوق بنسبة أكثر من 10 في المائة وربما في حدود 20 أو 25 في المائة. وقال رامسي: «ربما يكون المستثمرون الذين يشترون أسهما ويحتفظون بها راغبين في أن يقولوا: لا صفقات كبرى، يمكن أن ننجو من تراجع بهذا الحجم على ضوء الخطوات التي أخذناها خلال العامين الماضيين». ولكنه أضاف: «سيتسبب تراجع آخر في إيذاء» أشخاص أضرتهم خسائر العام الماضي ولم يعيدوا التوازن إلى محافظ الأوراق المالية الخاصة بهم.

وهذه التوقعات المضطربة، حتى من جانب أشخاص يشترون الأسهم أملا في ارتفاع أسعارها، تمثل في ذاتها سببا للتفاؤل في رأي اسزلو بيريني، رئيس شركة «بيريني وشركاه» لأبحاث الأسهم في ويستبورت بولاية كونيتيكت. ويتوقع بيريني ارتفاع الأسعار، ويعتقد أن ذلك سوف يستمر لبعض الوقت. ويقول: «أعتقد أنه وفقا لطبيعة الأسواق، فإن الحالة السلبية تكون دائما أكثر تبيانا وعقلانية وسيطرة لأنها تركز على ما يمكن أن تراه حاليا، وما هو أمامك. وفي ذلك الوقت يعرفك السوق بما أمامك»، وأضاف أن ذلك سيتمثل في اقتصاد قوي وأرباح مؤسساتية متنامية سريعا. ويرى بيرون وين، المخضرم في «وول ستريت» ونائب الرئيس الحالي لـ«بلاك ستون غروب»، أن الأسعار سوف ترتفع لعدة أشهر. وأضاف أنه في الأساس يشهد الاقتصاد تعافيا وتتحسن أسواق الائتمان وبدأت الأرباح تسترد عافيتها. ويقول وين: «يحتمل أن ترتفع السوق من ناحية القيمة خلال العام المقبل. ولن ترتفع على شكل خط مستقيم، ومع ذلك، أتوقع أن ترتفع لعدة أعوام».

وبعد الارتفاع الذي شهدته السوق بالفعل، يقول وين إن هناك احتمالية لأن يحدث تراجع قصير الأجل نسبته 10 في المائة أو أكثر. وأشار إلى أنه ليس من المتوقع إجراء عملية تصحيح حاليا، ويمكن أن يكون ذلك شيئا جيدا.

وحتى الوقت الحالي، فإنه مما ساعد على حدوث ارتفاع في الأسعار داخل السوق التدخل الحكومي الاستثنائي في أسواق الائتمان والاقتصاد. وإذا استمر الاقتصاد في النمو، فإنه يحتمل أن تقوم البنوك المركزية بوضع قيود على سياساتها المالية خشية حدوث تضخم. وداخل الولايات المتحدة وفي وقت من عام 2010 سوف يبدأ الاحتياطي الفيدرالي «سحب السيولة من النظام المالي على عكس التسهيل الكمي الذي شهدناه» وسوف تبدأ معدلات الفائدة في الارتفاع، حسب ما يتوقعه بيري ناب، واضع استراتيجيات الأسهم الأميركية في «باركليز كابيتال».

وسوف تواجه مناورة الاحتياطي الفيدرالي مخاطر، إذا تم استخدامها بصورة جيدة، ستؤدي إلى توقف مؤقت لسوق الأسهم، حسب ما ذكره ناب. ويقول كثير من المحللين إن عوائد الخزانة طويلة الأجل يحتمل أن ترتفع. وفي المقابل، يحتمل أن تتراجع أسعار السندات التي تتحرك في الاتجاه المعاكس. وأضاف ناب: «سوف أتجنب قطعا سوق الخزانة». وتوقع أن تكون هناك عملية تصحيح داخل سوق الأسهم، وبعد ذلك استئنافها الارتفاع. وعندما يقع كل شيء، يقدِّر «باركليز» أن مؤشر «ستاندرد آند بورز» سوف يقف عند 1120 في نهاية 2010، ويعد هذا المستوى غير بعيد عما هو عليه حاليا. ويقول ناب إنه كي يحدث ذلك: «سيتعين أن تتغير القطاعات التي دفعت السوق للأمام». وأشار إلى أن الأسهم المالية لن تكون هي التي تقود الارتفاع خلال المرحلة المقبلة. وربما تقوم بذلك الأسهم الصناعية والتكنولوجية في نهاية المطاف، ولكن على المدى القصير ربما يكون الاتجاه إلى مناطق أكثر «دفاعية» مثل السلع الاستهلاكية الأساسية والرعاية الصحية. وأضاف أن تشريع الرعاية الصحية الفيدرالي المرتقب «قد لا يكون له تأثير سلبي على هذا القطاع كما يفترض السوق».

من جانبه، يرى السيد بيريني أن الرهان على قطاعات واسعة أو على السوق الإجمالي قد لا يكون عملا مربحا خلال الأشهر المقبلة لأن عددا كبيرا من المواطنين يعتمدون على مؤشر الصناديق الاستثمارية أو صناديق المؤشرات المتداولة. وبدلا من ذلك، رشح بيريني «عملية اختيار للأسهم من القاع إلى القمة»، واستشهد بمزيج منتقى من قيادات صناعية مثل «آبل» و«غولدمان ساكس» و«يو إس ستيل» و«أوشكوش» و«غرين مونتين» على رأس قائمة المفضلات الخاصة به. وقال رامسي، في مجموعة «ليثولد»: «لا ترتبط بالسوق المحلية، سوف يكون أداء المستثمرين جيدا إذا كان لديهم بعض الأموال في أسواق أجنبية متطورة، حيث تكون التقييمات الشاملة أرخص كثيرا مقارنة بالولايات المتحدة».

وأضاف: «أعتقد أنه في هذه الأسواق ستكون لديك فرصة أفضل لنمو أقوى».

*خدمة «نيويورك تايمز».