رئيس الوزراء الأردني: الوضع الاقتصادي عام 2010 لن يكون سهلا

بعد إقرار ملحق بقيمة 300 مليون دينار

رئيس الوزراء الأردني خلال زيارته لهيئة الأوراق المالية (بترا) («الشرق الأوسط»)
TT

قال رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي، إن الوضع الاقتصادي عام 2010 لن يكون سهلا، وأكد أن تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات أمور في غاية الأهمية لتخطي هذا الوضع الاقتصادي.

وأكد الرفاعي جدية الحكومة والتزامها بالعمل على تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار. وبين الرفاعي في تصريحات له خلال زيارته أول من أمس إلى هيئة الأوراق المالية الأردنية، أن السوق المالي ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني وقاعدة للاقتصاد الجديد.

وأكد رئيس الوزراء خلال لقائه رئيس وأعضاء مجلس مفوضي الهيئة ورؤساء المجالس والمديرين التنفيذيين لبورصة عمان ومركز إيداع الأوراق المالية بحضور نائب رئيس الوزراء وزير الدولة الدكتور رجائي المعشر، احترام الحكومة الكامل لاستقلالية الهيئة وضرورة عملها مع مختلف الأجهزة المعنية لتنفيذ الواجبات والمسؤوليات المنوطة بها في تعزيز البيئة الاقتصادية والاستثمارية الآمنة. كما أكد أن الحكومة ستعمل على ضمان أن تكون التشريعات والقرارات الاقتصادية والمالية محفزة للاستثمار مثلما ستعمل مع الهيئة والجهات المعنية على تنشيط وتحفيز صناديق الاستثمار المشترك وإيجاد أدوات مالية آمنة جديدة في السوق.

وبشأن قانون ضريبة الدخل، شدد الرفاعي على أن قانون الضريبة الجديد سيكون قانونا محفزا للاستثمار المحلي والخارجي، ولن يكون قانون جباية مثلما لن يكون هناك أي أعباء ضريبية جديدة على أرباح الأسهم وتلك المتأتية من التعامل بالأوراق المالية أو على صناديق الاستثمار المشترك.

ولفت الرفاعي إلى أن الحكومة طلبت من جميع الوزارات والجهات الحكومية والهيئات المستقلة تقديم خطط وبرامج عملها للمرحلة المقبلة، لتصب في خطة عمل الحكومة المتكامل الذي ستقدمه إلى الملك عبد الله الثاني تنفيذا لما التزمت به في ردها على خطاب التكليف السامي.

يذكر أن خطاب التكليف الملكي تضمن مجموعة من الاستراتيجيات لتلتزم بها الحكومة خلال المرحلة المقبلة، وحددت الحكومة من جانبها في ردها على الخطاب، سبع استراتيجيات تشكل برنامج عملها وطلبت من الوزارات والجهات الحكومية والهيئات المستقلة تزويدها باقتراحاتها للوصول إلى هذا الهدف المنشود.

على صعيد متصل، قال وزير المالية الأردني محمد أبو حمور إنه يتوقع أن يبلغ العجز في الموازنة العامة للسنة المالية الحالية 1.4 مليار دينار (الدولار الأميركي يعادل 0.708 دينار أردني)، بعد قرار مجلس الوزراء إصدار ملحق موازنة للعام الحالي 2009 بقيمة 300 مليون دينار، وذلك لسداد ديونها لعدد من قطاعات الأعمال في المملكة. وأضاف أبو حمور في تصريحات صحافية أمس الخميس، أنه من المقرر أن تستخدم تلك الأموال لسداد حقوق المواطنين نظير استملاك الدولة لأراضيهم، وكذلك المستشفيات، ومستودعات الأدوية وشركات المقاولات والأعمال نظير تقديمها السلع والخدمات المتنوعة لمؤسسات الدولة في العام الحالي 2009.

وأشار أبو حمور إلى أن «العجز الذي سيظهر في نهاية السنة المالية يشكل مقدار العجز الحقيقي الذي تعاني منه الموازنة، التي نتجت عن تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني، ما تسبب في تراجع الإيرادات».

وأضاف أبو حمور «أنه سيتم توفير قيمة ملحق الموازنة من خلال الاقتراض الخارجي بواقع 42 مليون دينار فيما سيتم اقتراض مبلغ 252 مليون دينار من الداخل كأن يتم طرح سندات خزينة وجزء من الإيرادات الذاتية للحكومة وفي حال تم تمويل عجز الموازنة من الاقتراض سواء الداخلي أو الخارجي، فإن الدين العام سيقارب مستوى 10 مليارات دينار حتى نهاية العام الحالي».

وقال إن من شأن صرف هذه المستحقات تفادي تحميل الخزينة أعباء مالية إضافية ناجمة عن تأخير السداد مما يترتب عليه دفع فوائد مرتفعة تصل نسبتها إلى 9 في المائة، جراء تأخير دفع تعويضات الاستملاكات ورديات ضريبة الدخل، بالإضافة إلى غرامات وفوائد التأخير المترتبة على الخزينة بموجب العقود المبرمة مع المقاولين المحليين أو الخارجيين.

وأظهر صافي الدين العام في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) ارتفاعا عن مستواه في نهاية عام 2008 بمقدار 881.6 مليون دينار أو ما نسبته 10.3 في المائة ليصل إلى حوالي 9.432 بليون دينار أو ما نسبته 58.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2009 مقابل بلوغه حوالي 8.551 بليون دينار أو ما نسبته 56.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2008، أي بارتفاع مقداره 1.4 نقطة مئوية.

يشار إلى أن العجز المالي بلغ في الموازنة العامة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي 890.2 مليون دينار مقابل عجز مالي بلغ 500 مليون دينار (باستثناء عوائد بيع الأرض في العقبة) خلال الفترة نفسها من العام السابق.

وإذا ما تم استثناء المساعدات الخارجية، فإن العجز المالي يبلغ 1.034 مليار دينار مقابل عجز مالي بلغ حوالي 993 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام السابق، بحسب نشرة وزارة المالية.

وترى جمانة غنيمات الخبيرة الاقتصادية أن قرار مجلس الوزراء بإصدار ملحق لموازنة سنة 2009 التي لم يتبقَ منها سوى أيام معدودات بقيمة 300 مليون دينار مفاجئا، لا سيما أن السنة المالية قاربت على الانتهاء وسط توقعات بأن يبلغ عجز الموازنة نحو 1.1 مليار دينار، كنا نعتبره حتى يوم أمس كبيرا وخطيرا.

بيد أن قرار الملحق جاء ليزيد العجز ولتصبح قيمته 1.4 مليار دينار، وترتفع المديونية هي الأخرى بنفس القيمة وتقارب 9.7 بليون دينار، وهذه انتكاسة جديدة وضربة قاسية لا ندري مدى قدرة الاقتصاد على تحملها.

وأضافت أن إصدار ملحق للموازنة في هذا الوقت بالذات له أكثر من تفسير، منها أن وزير المالية محمد أبو حمور لم يرغب في حمل ملفات قديمة والتزامات مالية ترتبت على الحكومة الماضية ولم يتم دفعها سواء للمقاولين، أو للعلاجات الطبية واستملاكات الأراضي. وأشارت إلى أنه من حق أبو حمور أن يفكر بهذه الطريقة، ما دام أن من يتبوأ هذا الموقع يتحمل مسؤولية ونتائج السياسة المالية المطبقة، وما دام أن تحديد توجهات هذه السياسة يقع على عاتقه ومسؤوليته وحده. وقالت إن مراجعة السياسة المالية منذ عهد الحكومة الماضية، تُظهر أن الخطأ ابتدأ منذ منتصف عام 2008، في عهد حكومة نادر الذهبي حينما اتبع وزير المالية آنذاك حمد الكساسبة سياسة توسعية، وبنى موازنة العام الحالي على هذا الأساس. ووفقا لمنهج الكساسبة التوسعي نمت الموازنة بقيمة قاربت 700 مليون دينار، حيث بلغت قيمة موازنة العام الحالي 6.1 مليار دينار، فيما قدرت موازنة 2008 بقيمة 5.4 مليار دينار، وهنا تكمن العقدة! عند هذه النقطة تحديدا بدأت المشكلة؛ حيث بالغ وزير المالية آنذاك في تقدير حجم الإيرادات ووضع موازنة توسعية، بنيت على تفاؤل غير واقعي، وعلى مبالغة كبيرة في تقدير حجم الإيراد المتوقع في عام 2009، حتى أن مطالبات النواب في حينه بضرورة تخفيض قيمة الموازنة بنسبة 10 في المائة لم تلق آذانا صاغية ومُرر القانون تماما كما ورد من الحكومة.

وأكدت أن الحالة تفاقمت في عهد وزير المالية باسم السالم الذي تسلم المالية في أول تعديل في حكومة الذهبي، في ظل ظروف معقدة وصعبة تلت الأزمة المالية العالمية، وبدأت تبعات الأزمة تظهر على الاقتصاد وتراجعت الإيرادات بعدما دخل الاقتصاد في حالة تباطؤ شديد منذ الربع الأخير من العام الماضي وتعمقت خلال الأشهر الماضية من العام الحالي. وقالت إن الحالة ساءت مطلع 2009، حينما تعنتت الحكومة ورفضت مراجعة موازنة العام الحالي رغم كل التطورات التي كانت تستدعي ذلك، ولم يتم مراجعة الموازنة العامة رغم المطالبات المتكررة لتجنب آثار الأزمة، بل ذهبت أبعد من ذلك وتغنت بإيجابيات الأزمة على الأردن.

وبذلك تلقت الموازنة العامة ضربات متتالية تسببت بوجود مشاكل تتفاقم ولم يعد بالإمكان السيطرة عليها، حتى إن جميع الخطوات التي اتخذت في الأشهر القليلة الماضية بهدف ضبط النفقات لم تؤت أكلها واتسعت المشكلة لهذه الحدود. وأشارت إلى أنه بإصدار هذا الملحق تخلص أبو حمور من تركة الكساسبة والسالم وطوى ملف المالية العامة لهذا العام بعجز ومديونية كبيرين، هما الأسوأ خلال العقد الحالي، ولربما يتسنى له أن يوفر حالا أفضل خلال عام 2010 بعد أن تخلص من ورثة من سبقوه على أمل أن تتحسن هذه المؤشرات في العام الجديد.

على صعيد آخر قررت الحكومة الأردنية إنهاء أعمال الموظفين والعمال حكما من الذين يعملون على حساب مخصصات المشاريع الرأسمالية بانتهاء تلك المشاريع أو نفاد تلك المخصصات بحسب نظام تشكيلات الوزارات والدوائر.

ويتركز معظم هؤلاء والذين يقترب عددهم من 2426 في الوزارات التي تشتغل في المشاريع الرأسمالية، وأبرزها المياه والأشغال العامة والزراعة والإحصاءات العامة، ويتغير أعداد هؤلاء عادة وفقا للمشاريع وآجالها.