توقعات بتحسن في عمليات الإدماج والاستحواذ العالمية

وصلت إلى 1.97 تريليون دولار في 2009 بانخفاض 53%

TT

إذا سألت المصرفيين بالبنوك الاستثمارية حول عمليات الإدماج والاستحواذ خلال عام 2010 ستجد حالة من التفاؤل وذلك رغم أنه لا يوجد سوى عدد قليل من رؤساء الشركات الذين تتملكهم حالة التفاؤل تلك. فالمصرفيون يعتقدون أن السوق ستشهد فترة نشاط بعدما كانت عمليات الإدماج والاستحواذ العالمية منخفضة لخمس سنوات متتالية، حيث وصلت إلى 1.97 تريليون دولار في 2009 بانخفاض 53% عن أعلى مستوى لها في 2007. بالإضافة إلى أنهم يتوقعون عودة الثقة إلى المستثمرين بعد أن خفت حدة الأزمة المالية، وبدأت الظروف الاستثمارية في التحسن.

ولكن على المستوى الخاص، يتحدث المديرون عن وجهة نظر مخالفة لذلك، فهم ليسوا من أنصار الاتجاه الصعودي للسوق كما يعتقد بعض المصرفيين الناشئين. ففي البداية تركت الأزمة المالية هؤلاء المديرين في حالة أقرب إلى الصدمة، خصوصا بعد الانتقال الحاد من التفكير في زيادة معدلات النمو، للقلق حول معدلات الانكماش، وبالتالي فلم يعد هؤلاء المديرون على استعداد لإجراء عمليات تحول ذهنية كبرى.

وما زال التمويل يمثّل تحديا، فحتى عندما يتوافر الائتمان، يرغب المديرون والمساهمون في الحفاظ على معدلاته. وبالتالي فمن المتوقع أن تقل إلى حد كبير عمليات الاستحواذ النقدية الكبرى. كما أنه بعد الدوامات التي تعرضت لها أسواق الأسهم خلال العام الماضي، أصبح في الاتفاق على الأسعار صعوبة.

وفي النهاية، لن يشهد الاقتصاد طفرة كبرى، فالشيء الوحيد المؤكد بالنسبة إلى العديد من الشركات هو وجود صعوبات في تحقيق المزيد من العائدات. وبالتالي فإن عمليات خفض التكلفة ورفع هامش الربح هي عمليات أكثر حيوية بالنسبة إلى هذه الشركات من صفقات الاستحواذ على الشركات.

ومع ذلك، يجب على المصرفيين العثور على مجالات متعددة للاستثمار، رغم أنه يجب عليهم توخي الحذر في ما يتعلق بعمليات الاستحواذ، فعلى سبيل المثال تعتزم شركة «إنيل» الإيطالية زيادة 7 مليارات دولار من مبيعات الأصول لتقليل الدين والمحافظة على أسعار الائتمان. وقد تقوم «كرافت» بالشيء نفسه إذا ما قبلت «كادبوري» عرضها بالاستحواذ عليها. وقد يساعد كذلك وجود نظام مصرفي أكثر استقرارا إذا كان المقرضون على استعداد لتحمل الخسائر المصاحبة لعمليات الاستحواذ.

وستقوم شركات الأسهم الخاصة على الأرجح بدور البائع والمشتري في نفس الوقت: المشتري خلال محاولتهم ضخّ مدخراتهم النقدية التي جمعوها قبل الأزمة، والبائع خلال محاولتهم الحصول على بعض المكاسب على الصفقات السابقة. وقد يصبح على المصرفيين الاستثماريين الذين يبحثون عن فرص عمل إجراء دراسة جيدة لصناعة السيارات العالمية، حيث إن أسواق الدول المتقدمة متشبعة، وفي معدلات النمو في الدول النامية ارتفاع، بالإضافة إلى الحكومات التي ترغب في تقليل حجم الدعم.

وتعد الصين من البلدان الواعدة في ذلك الإطار، فقد كان هناك صفقات تتعلق بالتعدين والسيارات، ولكن الصفقات الكبرى كانت تتعلق بضخ بعض احتياطي العملة الأجنبية الهائل للبلاد.

وفي النهاية، فمن المرجح أن يكون عام 2010 عاما أفضل بالنسبة إلى عمليات الإدماج والاستحواذ التي تمت في 2009، ولكنه لن يقابل توقعات من يتوقعون حدوث طفرة خلاله. فلن يقلب اهتمام الشركات الصينية بشركات «فولفو» أو «ساب» صناعة السيارات في غمضة عين، ورغم صغر حجم هذه الصفقات، فإنها سوف تعزز دور الصين في ذلك القطاع.

وقد يبدو مبلغ الـ200 مليون دولار الذي قدمته شركة «بكين القابضة لصناعة السيارات» لشراء تكنولوجيا شركة «ساب» التابعة لـ«جنرال موتورز» ضئيلا، ولكنه يوفر على الشركة الصينية خمس سنوات من البحث ويساعدها على تحقيق مليارات الدولارات من العائدات الإضافية. كما سوف تحصل شركات السيارات الصينية لأول مرة على السيطرة الكاملة على التكنولوجيا الغربية، بالإضافة إلى مساندة الشركة في التوزيع مما يساعدها على إنتاج تكنولوجيا مناسبة لشركة السيارات الصينية.

وقد تكون التكنولوجيا في حد ذاتها عتيقة الطراز -حيث إنها التكنولوجيا التي تعمل بها «ساب» قبل استحواذ «جنرال موتورز» عليها- كما أنها لا تتوافق مع التكنولوجيا التي تعمل بها السيارات الأخرى لشركة «جنرال موتورز». ولكنها ما زالت تعد تقنية متطورة بالنسبة إلى التكنولوجيا الموجودة بالفعل لدى الشركة الصينية. ووفقا لتقديرات الشركة فإن تكلفة ترخيص مثل تلك التكنولوجيا قد تصل إلى 600 مليون رمنبي (88 مليون دولار).

ويعد العرض الذي من المرجح أن تقدمه شركة «جيلي» الذي تصل قيمته إلى مليارَي دولار للاستحواذ على «فولفو» التي باعتها «فورد موتورز» من العروض الكبرى. ومن المتوقع إتمام تلك الصفقة خلال أسابيع، فشركة «فولفو» لديها اسم كبير وسمعة طيبة في ما يتعلق بعوامل الأمان. ولكنها خسرت 1.5 مليار دولار خلال العام الماضي، كما أن تكنولوجيا تصنيع سيارات بها مشتركة مع باقي الموديلات التي تنتجها شركة «فورد». وهو ما يضع شركة «جيلي» في علاقة حذرة مع شركة «فورد». وعلى النقيض من ذلك، من المرجح أن تكون شركة «جنرال موتورز» أكثر هدوءا حيال صفقة استحواذ شركة «بكين» على ما تنظر إليه باعتباره تكنولوجيا عتيقة.

* خدمة «نيويورك تايمز»