تقرير: حلول الصين مكان اليابان كثاني أكبر قوة اقتصادية عالمية أقرب من المتوقع

ميزان القوى الاقتصادية الدولي يميل لصالح الدول الصاعدة

TT

يتوقع أن تطيح الصين باليابان من مركزها كثاني أكبر اقتصاد عالمي في وقت أقرب مما هو متوقع، وذلك في ظل تعديل بكين لنتائج النمو لعام 2008، بصورة متزايدة.

وذكر المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج المحلي الإجمالي للصين خلال عام 2008 شهد نموا بمقدار 9.6%، أي بزيادة قدرها 0.6% عن التقديرات السابقة، وذلك بفضل نمو قطاع الخدمات الذي فاق التقديرات.

ونقلت صحيفة «تشينا ديلي» في عددها أمس السبت أن البيانات الجديدة تظهر أن الناتج المحلي الإجمالي للصين خلال عام 2008 وصل إلى 31 تريليونا و405 مليارات يوان «4.6 تريليون من الدولارات».

وتتوقع الصين تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي والعام المقبل بنسبة 8% على الأقل، رغم تراجع الاقتصاد العالمي، وينتظر أن تحتل مركز اليابان، كثاني أكبر اقتصاد عالمي في عام 2010، بعد الولايات المتحدة الأميركية.

وشهد الناتج المحلي الياباني انكماشا العام الجاري بعد أن حقق العام الماضي 4.9 تريليون من الدولارات.

وبحسب «رويترز» أظهرت آخر الإحصائيات أن كثافة الطاقة في الصين لكل وحدة للناتج المحلي الإجمالي انكمشت بصورة أكبر من المتوقع، حيث تم استخدام طاقة أقل بنسبة 5.2%، مقابل 4.6% في تقديرات سابقة.

وانخفض استهلاك الطاقة بنسبة 17% منذ عام 2005، مما يجعل من الممكن بسهولة تحقيق أهداف الخطة الخمسية للصين لتقليل كثافة الطاقة بنسبة 20% بحلول عام 2010.

من جهة أخرى، من المرجح أن تتعرض مجموعة العشرين التي تضم أكبر 20 دولة من حيث حجم الاقتصاد إلى اختبار العام القادم، يتمثل في البحث عن دور جديد لها كأكبر منتدى اقتصادي في العالم.

فإضافة إلى دورها المخطط في إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، ستبدأ أيضا مجموعة العشرين، المؤلفة من أكبر الاقتصادات الصناعية والاقتصادات الصاعدة البارزة في العالم، خفض برامج التحفيز المالي الكبيرة التي أطلقتها حكومات عدد من الدول من أجل مواجهة الركود.

كان قادة دول مجموعة العشرين خلال اجتماعهم الأخير في عام 2009 الذي عقد بمدينة بيتسبورغ الأميركية في سبتمبر (أيلول) قد وافقوا على أن التكتل الجديد والأكبر ينبغي أن يحل محل مجموعة الدول الثماني الكبرى باعتباره المنتدى الأكبر والأكثر أهمية في التعامل مع القضايا الاقتصادية العالمية.

وإلى جانب قيامها بتغيير ميزان القوى بعيدا عن الدول الكبرى، فإن ذلك تسبب بشكل فعلي في تحويل مجموعة العشرين إلى مجلس اقتصادي عالمي؛ إذ تشكل حاليا الدول الأعضاء في المجموعة مجتمعة نحو 85% من النشاط الاقتصادي العالمي.

وفي ضوء خروج عدة دول رئيسية في مجموعة العشرين، مثل: الولايات المتحدة واليابان وألمانيا، بالفعل من أشد موجة ركود تتعرض لها منذ عقود، والنمو القوي نسبيا لاقتصادات دول مثل: الهند والصين، تعرضت مجموعة العشرين إلى ضغوط من أجل إعداد استراتيجيات خروج تسمح لها بسحب حزم الإنقاذ المالي الطارئة البالغة قيمتها تريليون دولار من الأسواق تدريجيا.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، فهذا هو الإشكال على وجه الخصوص؛ إذ إن حزم الإجراءات المالية والاقتصادية التي تبلغ قيمتها نحو تريليوني دولار على مستوى العالم، وتشمل خفض الضرائب وزيادة أكبر للإنفاق العام تنطوي على خطر تضخم الدين العام العالمي العام القادم.

وقال فرانك أولاند هانسن ـ الاقتصادي الكبير ببنك «دانسكه»: إن «التحدي القادم هو سحب الحزم التحفيزية المالية في عام 2011، الخطر هنا هو أن تقييد السياسة النقدية والمالية سوف يقضي على النمو».

والدول الأعضاء في مجموعة العشرين مطالبة بتقديم خططها الاقتصادية بحلول يناير (كانون الثاني) من عام 2010 للمساعدة في جهود التنسيق لإنهاء برامج الدعم والمساعدة. وفي الوقت الحالي، من المتوقع أن تبدأ الحكومات في سحب برامجها المخصصة لمواجهة الأزمة المالية بحلول منتصف عام 2011.

وبعد أن واجهت البنوك المركزية الكبرى في العالم هجوم الأزمة الاقتصادية بخفض كبير لأسعار الفائدة وضخ سيولة نقدية في الاقتصاد الدولي، تبدأ أيضا الآن في التحرك باتجاه إنهاء خطط المساندة النقدية الطارئة.

ويتمثل موقف مجموعة العشرين حاليا في أن برامج التحفيز لن يتم إنهاؤها حتى تتضح مؤشرات على أن حالة التعافي الاقتصادي للعالم في وضع قوي.

وفي الواقع، كان هناك اتفاق رئيسي تم في قمة بيتسبورغ وهو أن مجموعة العشرين سوف تعمل معا من أجل ضمان «أن السياسات المالية والنقدية والتجارية والهيكلية متوافقة ككل مع تحقيق نمو أكثر استدامة وصعودا متوازنا».

ونجاح مجموعة العشرين في وضع قاعدة لإنهاء خطط مواجهة الأزمة وإصلاح النظام المالي العالمي قد يساعدها في إحكام قبضتها بشكل أكبر على شكل وطبيعة السياسة الاقتصادية العالمية.

وكنتيجة لذلك، فإن مجموعة العشرين عندما تجتمع في كندا منتصف عام 2010 وفي كوريا الجنوبية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، قد تطغى بشكل أساسي على مجموعات القوى العالمية الأخرى.

والأكثر أهمية هو أن زيادة أهمية مجموعة العشرين يعزز الدور المهم الذي تقوم به الاقتصادات الصاعدة الرئيسية، مثل: الصين والهند والبرازيل في مساعدة الدول الصناعية الكبرى، مثل: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مواجهة تداعيات الركود.

وفي الواقع، كانت الأزمة المالية العالمية لحظة تأكيد لصعود نجم الاقتصادات الصاعدة على الساحة الاقتصادية الدولية.

وإذا كان هناك شيء أظهرته تلك العاصفة الاقتصادية، فهو عدم قدرة مجموعة الثماني والمجموعات الأخرى الصغيرة المؤلفة من كبرى الاقتصادات على وضع سياسة اقتصادية عالمية.

وهذا يعني أن مجموعة العشرين لا تزال منظمة في ريعان شبابها نسبيا في الوقت الذي اجتمع فيه قادة دولها الأعضاء في واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2008 لعقد أولى قممهم منذ إنشاء المجموعة في عام 1999. وكانت اجتماعات مجموعة العشرين في السابق تقتصر فقط وبشكل أساسي على وزراء مالية الدول الأعضاء ومحافظي البنوك المركزية، لكن منذ القمة التاريخية بواشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني)، التقى زعماء دول المجموعة ثلاث مرات.

وإضافة إلى اقتصادات متقدمة كبرى في العالم، مثل: الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وكندا وفرنسا، تضم مجموعة العشرين اقتصادات صاعدة رئيسية، مثل: الأرجنتين والبرازيل وإندونيسيا والمكسيك وروسيا والصين والهند، فضلا عن السعودية وكوريا الجنوبية وتركيا وأستراليا وبريطانيا وإيطاليا وجنوب أفريقيا، أما العضو العشرون فهو الاتحاد الأوروبي.