عمليات سحب على المكشوف تحرم أحد عملاء «تشيس» من شراء هدايا عيد الميلاد

فنجان قهوة بدولارين قد يصل سعره إلى 37 دولارا بعد غرامة البنك

TT

خطأ واحد ربما يحرم «ترينا لي» من شراء هدايا أعياد الميلاد. لقد كانت الظروف الاقتصادية التي تمر بها الممرضة التي تعيش في ولاية أريزونا صعبة للغاية منذ أن تم تسريحها من العمل قبل عامين، خاصة أنها كانت تعاني من ظروف صحية تمنعها من العمل بدوام كامل. وبالتالي، كانت لي تخشى دائما الإطلاع على رصيد حسابها في البنك والذي كان في العادة عند الصفر.

في بداية الشهر الحالي، كانت ترينا لي تشعر ببعض التفاؤل لأنها تمكنت من سداد معظم الفواتير التي كانت تدين بها، وقررت أن تخصص الجزء المتبقي من دخلها عن شهر ديسمبر (كانون الأول) من معونة الطفل التي تحصل عليها، بالإضافة إلى عملها بنصف دوام، لشراء هدايا الكريسماس.

وبالتالي فقد احتفلت من خلال تناول وجبة غذاء مع أمها وأخيها كلفتها 65 دولارا، وهي تدرك تماما أن هذه الوجبة الوحيدة لا يمكن أن تضر بحسابها في البنك.

وتتطلب مثل تلك العمليات الخاصة بالبطاقات الائتمانية توقيع الفرد، وعادة ما تتم إضافة عملية الشراء إلى كشوف الحساب البنكية بعد يومين من وقوعها، وبالتالي كانت لي تراقب عمليات الشراء التي تقوم بها بدقة، حيث تأخذ نسخة من أي نشاط يتعلق بحسابها البنكي يوميا وتضيفها إلى ملف موجود على حاسوبها الخاص لكي تتأكد من أنها لم تتجاوز الحدود المفترضة.

وفي 7 ديسمبر، وهي الليلة السابقة على تلقي «لي» لمبلغ إعانة الطفل الذي تتلقاه، كانت تشعر بارتياح بالغ، وفي الساعة 10:45 مساء لم تكن تكلفة العشاء تمثل بالنسبة لها أي مشكلة.

وبعدما أجرت حساباتها وخصمت كل الديون المعلقة عليها، تبقى لديها في حسابها 16 سنتا. فخلدت إلى النوم وهي تعتقد أنها سوف تتفادى السحب على المكشوف لأنها سوف تتلقى في الصباح مبلغ 156 دولارا.

ولكنها استيقظت على أخبار مزعجة، فقبل أن يتم تسجيل مبلغ الإعانة في حسابها، لم يسجل بنك «تشيس» حساب وجبات الغداء فقط، ولكنه أعاد ترتيب كل عمليات الشراء الأخرى التي أجرتها، مما حول عملية سحب واحدة على المكشوف إلى أربع. وقد تزامنت المصروفات المتراكمة التي تبلغ 35 دولارا عن كل عملية سحب على المكشوف مع عمليتي سحب نقدي صغيرتين قامت بهما لي في ذلك اليوم قبل أن تدرك أنها أصبحت مدينة للبنك.

والمحصلة النهائية هي أن بنك «تشيس» قد حصل 210 دولارات إضافية كأجر عن عمليات السحب على المكشوف - 175 دولارا أكثر ما تخيلت لي أنها سوف تدين به.

تقول لي (29 عاما)، وهي أم لطفلين «أتحمل مسؤولية عملية سحب على المكشوف واحدة. ولكنهم الذين اخترعوا تلك العمليات الأخرى. إنه أمر محبط للغاية».

ولكن المتحدث الرسمي باسم البنك غريغ هاسل قال إنه لا يستطيع إسقاط تلك المصروفات عن السيدة لي نظرا لأنها تعمدت السحب على المكشوف وهي تعلم أنها ليس لديها ما يكفي من الأموال لتغطية مشترواتها».

ويضيف المتحدث الرسمي باسم البنك بخصوص مسألة أن بنك «تشيس» هو الذي خلق خمس عمليات سحب على المكشوف من بين الست التي تدين بها لي من خلال تغيير ترتيب تلك العمليات -حيث يتم وضع عمليات الشراء الكبرى أولا لكي تتعرض للسحب على المكشوف أسرع- وهو ما يمثل ببساطة سياسة البنك الحالية.

ومن جهتهم، يقول الخبراء في الصناعة المصرفية إن هذه السياسة شائعة في البنوك الكبرى. ويبرر المصرفيون تلك السياسية بأن ذلك يضمن لهم أن العمليات المهمة الكبرى -مثل مصروفات الرهون العقارية- سيتم سدادها أولا وبالتالي تقل فرصة الحصول على شيكات من دون رصيد.

ومن جهة أخرى، يقول المعترضين إن تلك الحجة هي حجة ضعيفة للغاية، لأن البنك يسدد كل تلك العمليات بغض النظر عن حجمها. وفي هذه الحالة، فإن تغيير تاريخ إجراء العملية يضخم ببساطة الأثر الذي يخلفه خطأ واحد من خلال تحويل عملية سحب على المكشوف واحدة إلى أكثر من واحدة، وهو ما حدث تماما مع لي. وعلى الصعيد نفسه، ذكرت دراسة أجرتها المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع أواخر العام الماضي أن مثل تلك السياسات قد تسببت في مضاعفة مصروفات عمليات السحب على المكشوف بمقدار أربعة أضعاف في 2008، حيث سجل القطاع المصرفي 24 مليار دولار إضافية كعائدات خلال 2008.

ومن جهة أخرى، يقول ميشيل مويبس، المستشار بالصناعة المصرفية، إن مصروفات عمليات السحب على المكشوف استمرت في الارتفاع، وإنها ستشكل الجانب الأساسي في العائدات التي بلغت 38.5 مليار دولار خلال العام الحالي، حيث إن نحو 90 في المائة من تلك المصروفات سددها نحو 10 في المائة فقط من عملاء البنك.

والأسوأ من ذلك، وفقا لما ذكرته دراسة المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، أن معظم عملاء البنك ليس لديهم علم باحتمالية تعرضهم لتلك المصروفات الإضافية للسحب على المكشوف. لماذا؟ لأنهم تم إلحاقهم أوتوماتيكيا بأحد برامج السحب على المكشوف من دون موافقتهم أو حتى علمهم.

وبالتالي كان الملايين من عملاء البنوك يستخدمون البطاقات الإلكترونية للمدين (Debit card) لإجراء عمليات الشراء الصغيرة، لأن عملية الشراء سيتم رفضها إذا لم يكن لديهم ما يكفي من الرصيد.

ولكنهم علموا لاحقا أن شراء فنجان من القهوة -مثلا- يصل سعره إلى دولارين ربما يكلفه 37 دولارا، لأن البنك قد حصل على ما قيمته 35 دولارا كمصروفات على عملية السحب على المكشوف -وهو الإجراء الذي أصبح شائعا حتى إن الكثير من الخبراء يقولون إن استخدام بطاقات الدين أصبح يمثل خطورة حقيقية. وجدير بالذكر أن الاحتياطي الفيدرالي كان قد أعلن خلال العام الحالي أنه سيطالب البنوك بالحصول على إذن مسبق قبل إدخال العملاء في برامج السحب على المكشوف، ولكن ذلك القرار لم يتم العمل به حتى شهر يوليو (تموز) الماضي.

ومن جهتهم، قدم كل من كريستوفر دود رئيس لجنة البنوك بمجلس الشيوخ، وهو النائب الديمقراطي عن «كونيتيكت»، والنائبة الديمقراطية كارولين مالوني عن نيويورك، اقتراحا بسن تشريع يفرض على البنوك التوقف عن تلك الممارسة من تغيير ترتيب العمليات تلقائيا، كما يفرض عليها ترتيب عمليات الشراء وفقا لتاريخ وقوعها.

ويطالب ذلك التشريع، الذي تم تعليقه مؤقتا نظرا لانشغال قيادات الكونغرس بإصلاح الرعاية الصحية وغيرها من القوانين المالية، بأن تكون هناك علاقة بين المصروفات وكلفة العملية، بالإضافة إلى منع إدخال العملاء في برامج السحب على المكشوف من دون علمهم، ووضع ضوابط على الحد الأقصى الذي يستطيع البنك تقاضيه من عميل واحد خلال مدة معينة سواء كانت شهرا أو سنة.

ومن جهة أخرى، تقول جينا غرين، المتحدثة الرسمية باسم مركز الإقراض المسؤول والتي كانت تطالب بإجراء إصلاحات تشريعية «إن تغيير ترتيب العمليات التي أجراها العميل والذي تسفر عنه موجة كبرى من عمليات السحب على المكشوف، هو أمر غير معقول. وهذا تماما هو ما جعلنا بحاجة إلى سن ذلك التشريع».

وفي الوقت نفسه، أعلنت بعض البنوك بما فيها بنك «تشيس» عن اعتزامها تغيير تلك السياسات طوعيا. فوفقا للمتحدث الرسمي باسم «تشيس» فإن سياسة البنك الجديدة سوف تحد من عمليات تغيير ترتيب عمليات الشراء والتي تعد السبب الرئيسي وراء أزمة لي.

كما أنها سوف تقلل من العدد النهائي لرسوم السحب على المكشوف التي يتقاضها البنك في يوم واحد، حيث سيتم تقليلها إلى ثلاث عمليات لكل عميل بحد أقصى بعدما كانت وفقا للسياسة الحالية تصل لست عمليات في اليوم الواحد، كما أنها سوف تقلل رسوم السحب على المكشوف بنحو خمسة دولارات أو أقل.

وأي من تلك التغييرات كان بإمكانها مساعدة لي إلى حد كبير، ولكن لسوء الحظ لم يتم تطبيق أي من هذه السياسات الجديدة حتى الآن. فمن المتوقع أن يتم التصويت على ذلك التشريع في بداية العام الحالي. بينما لم يحدد بنك «تشيس» ميعادا واضحا لبدء تطبيق تلك السياسة الجديدة. فوفقا لهاسل «سيتم تطبيقها خلال الشهور الأولى من 2010». ولكن في الوقت الراهن، فإن حظ لي والعملاء الذين في مثل وضعها كان عثرا للغاية.

* خدمة لوس أنجليس تايمز خاص بـ«الشرق الأوسط»