بريطانيا تجتذب رجال أعمال في مجال التكنولوجيا

مؤسسات تجارية من أميركا وكوريا الجنوبية وإسرائيل انتقلت إلى بريطانيا

TT

لم يستغرق رجل الأعمال إيمي جال، وهو من رومانيا، سوى بضعة أسابيع من البحث ليتخذ القرار بشأن المكان الذي سيكون مقرا لمؤسسته للوسائط الرقمية وإن أرجع اختياره لأسباب تختلف عن مجموعة من الأفكار النمطية الثابتة عن الجاذبية العالمية لبريطانيا.

وقال جال (23 عاما) لـ«رويترز» «لندن هي مركز العالم إلى حد كبير إذا كنت تريد العمل في مجال الإعلام والدعاية».

وبينما تخوض الحكومة هذا العام حملة لانتخابها لولاية أخرى في مواجهة عناوين الصحف التي تتكهن بهجرة جماعية للعقول في مجال المال إذا فرضت ضرائب أكبر على مكافآت المصرفيين، تحرص وسائل الإعلام الوطنية على ترديد الآراء المماثلة لآراء جال بمعدل متزايد. ويتفق خبراء دوليون على أن تقدما حقيقيا أحرز في البلاد التي أفل نجمها بسرعة قبل بضعة عقود كدولة جاذبة للعقول في مجالات العلوم والصحة والتكنولوجيا ولرجال الأعمال الذين يحركون الاقتصاد المعرفي.

وإلى جانب جال هناك آخرون يختارون بريطانيا بشكل متزايد بوصفها المكان المناسب.

واختار نحو 100 البلاد في الأعوام الخمسة الماضية كمركز، وهذا يمثل بمقاييس الهجرة العالمية عددا ضئيلا، غير أنهم يوازنون «هجرة عقول» للمواهب أبرزها قبل 20 عاما رحيل مخترع شبكة المعلومات الدولية إلى سويسرا.

فقد اضطر تيم بيرنرز لي، خريج جامعة أكسفورد للانتقال إلى جنيف ليدخل على أكبر وحدة لتوجيه الاتصالات عبر الإنترنت في أوروبا في معمل سيرن للفيزياء. واستجابة لمجموعة من السياسات وضعت بعد عشر سنوات من رحيله تظهر بيانات من إدارة التجارة والاستثمار بالحكومة البريطانية أن مؤسسات تجارية جديدة من دول مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وإسرائيل إما انتقلت إلى بريطانيا أو أنشأت مقرات جديدة بها.

وتسارعت الوتيرة حيث جاء تسعة رجال أعمال أجانب جدد عام 2005 - 2006 أعقبهم عشرة آخرون في 2006 - 2007 ثم 22 في 2007 - 2008 و28 في 2008 - 2009 و30 غيرهم في الأشهر التسعة الأولى من 2009 - 2010.

ويقول جان كريستوف دومون خبير الهجرة بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا إن بريطانيا الآن في وضع جيد بالنسبة لأوروبا على صعيد عدد من المؤشرات التي تقيس عوامل مثل الضرائب والروتين وديناميكيات الأسواق الداخلية والارتباط بينها على الساحة العالمية والقدرة على الوصول إلى القوى العاملة المؤهلة. وقال لـ«رويترز» «ليست مفاجأة أن نرى أن بريطانيا استطاعت جذب عدد كبير من هؤلاء الناس».

وأضاف أنه حين رأت دول مثل فرنسا واليابان نجاح بريطانيا وضعت سياسات في الآونة الأخيرة لجذب رجال الأعمال الأجانب أو المستثمرين الذين قد يستثمرون مبالغ كبيرة في أعمال توفر فرص عمل وتعزز الاقتصادات. ويقول معهد ليجيتوم، وهو مؤسسة بحثية معنية بالاستثمار تصنف 104 دول على مؤشر للرخاء بناء على مقاييس تجارية واجتماعية متنوعة، أن بريطانيا تحتل المركز الثاني بعد الولايات المتحدة في الريادة والابتكار متقدمة على كندا والسويد وهولندا.

وقال جال رجل الأعمال الروماني «أفضل شيء تفعله بريطانيا في الوقت الحالي هو توفير البنية التحتية للمؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم لتنمو وتصل ليس لبريطانيا فحسب بل لأوروبا وأميركا وبقية العالم.

«الوصول إلى جمهور عالمي من موقع واحد فقط لا توفره مدن كثيرة في العالم وقد رسخ البريطانيون فكرة أنهم إذا ساعدوا رجال الأعمال فسيربح الجميع». ويقول رجال الأعمال أنفسهم إن هناك مجموعة من العوامل التي تغريهم من وجود لغة مشتركة إلى الموقع الجغرافي الجذاب ووضع لندن كمركز عالمي إلى جانب التنوع الثقافي والانفتاح على الأجانب والحماس للأفكار الجديدة.

ويشير كثيرون أيضا إلى أعداد كبيرة من العلماء الذين يتمتعون بدرجة عالية من الكفاءة ويتركون الجامعات وإلى الشعور بأن بريطانيا توفر مناخا ديناميكيا لممارسة الأعمال.

وبدأت وافدة جديدة هي شركة «كومباوند للضوئيات» في مختبر بفينكس في الولايات المتحدة وانتقلت إلى كمبريدج لإنتاج شاشات عالية الدقة للجيل القادم من مرتادي السينما ومشاهدي التلفزيون.

وتحتوي أجهزة التلفزيون عالية الدقة العادية على مليون خلية صورة في شاشة التلفزيون القياسية لكن شركة «كومباوند» تقول إن النسخة التي ستنتجها تحتوي على عشرة ملايين خلية وأضافت أنها اكتشفت أيضا طريقة لعرض صور مجسمة على الشاشات لا تتطلب ارتداء نظارات الرؤية ثلاثية الأبعاد.

ويقول جوناثان ساكس، وهو أحد مؤسسيها، إنه انجذب لبريطانيا جزئيا بسبب وجود معمل للضوئيات على مستوى عالمي في جامعة كمبريدج إلى جانب توافر المواهب.

ووضعت الحكومة في البداية سياسات لجذب رجال الأعمال من خلال توفير النصح والدعم بشأن كل شيء من وضع خطط العمل إلى تعيين موظفين يتمتعون بدرجة عالية من الكفاءة إلى جذب الاستثمار واستخراج التأشيرات.

وقال إيريك فان دير كليج، وهو أحد المسؤولين عن عقد الصفقات في برنامج رجال الأعمال العالمي «لم نكن نستطيع تسويق بريطانيا بناء على اللغة والموقع وحدهما لو لم توفر القاعدة العلمية والنظام الأيكولوجي دعما شديدا أيضا».