عملاق الطيران الآسيوي «جال» تتقدم بطلب لإشهار إفلاسها

بعد معاناتها لأعوام من سوء الإدارة وديون بلغت أكثر من 25 مليار دولار

TT

قدمت شركة الخطوط الجوية اليابانية «جال» التي كانت تعد يوما الشركة الأكبر داخل القارة الآسيوية، طلبا لإشهار إفلاسها أمس، وهو ما يمهد الطريق أمام عملية إنقاذ حكومية قد تؤدي إلى تغيرات كبيرة داخل تلك المنطقة التي تشهد نشاطا كبيرا مرتبطا بسوق الطيران العالمية.

وبعد معاناتها لأعوام من سوء الإدارة وديون بلغت أكثر من 25 مليار دولار، يشير طلب الشركة إشهار الإفلاس إلى الفشل المؤسسي الأكبر الذي تشهده البلاد خارج القطاع المالي.

وعلى الرغم من أن الطائرات التابعة لـ«الخطوط الجوية اليابانية» سوف تستمر في رحلاتها الجوية بفضل خطة إنقاذ تبلغ قيمتها 600 مليار ين ياباني، فإنه يُنظر إلى تعثر الشركة على أنها تذكرة بفشل بعض المؤسسات اليابانية البارزة بعد الحرب، إذ عجزت هذه المؤسسات عن التكيف مع التغيرات المتصارعة داخل المنظومة الاقتصادية العالمية.

ويقول وزير النقل سيغي مايهارا: «يسجل اليوم اتجاه ناشئ جديد، وستستمر الخطوط الجوية اليابانية في عملها» وكان ذلك بعد أن دخلت الشركة في عملية إعادة هيكلة تتولاها إحدى المحاكم، وتأتي هذه العملية على غرار ما قامت به شركة «دلتا للخطوط الجوية» و«جنرال موتورز» داخل الولايات المتحدة.

وقد اختير كازو إيناموري، مؤسس شركة «كيوسيرا» للإلكترونيات والخبير الإداري البارز داخل اليابان، كي يشغل منصب الرئيس التنفيذي في شركة «الخطوط الجوية اليابانية» خلفا لهاروكا نيشيماتسو، الذي قدم استقالته أمس.

وربما تشير قضية إشهار الإفلاس إلى انفتاح بطيء داخل قطاع الطيران الياباني، وتنافس «دلتا للخطوط الجوية» و«أميركان إير لاينز» من أجل الحصول على حصة داخل شركة الطيران المتعثرة، بهدف تعزيز أقدامهما داخل اليابان وسائر القارة الآسيوية.

وعلى الرغم من أن مسؤولين يقولون إنه لا يحتمل الحصول على أموال فورية من جانب شركة طيران أميركية، فإن أزمة الخطوط الجوية اليابانية توفر فرصة نادرة للكيانات خارج اليابان، كي تبدأ اختراق ما كان ينظر إليه لعقود على أنه صناعة محمية بدرجة كبيرة.

وسارع مسؤولون يابانيون إلى احتواء حالة الذعر المرتبطة بطلب «الخطوط الجوية اليابانية» إشهار الإفلاس، وجرت تعبئة الدبلوماسيين اليابانيين خلال الأسابيع الأخيرة لطمأنة شركاء طوكيو التجاريين بأن أنشطة الخطوط الجوية لن تتعثر بسبب طلب إشهار الإفلاس.

وسارعت اليابان أيضا إلى ضمان الحصول على وقود من أجل المحافظة على الرحلات الجوية التي تقوم بها الطائرات التابعة للشركة.

وقالت الحكومة في بيان لها: «تمثل الخطوط الجوية اليابانية أساس التنمية المستقبلية داخل البلاد، وحتى يتم الانتهاء من إعادة هيكلتها، ستبقى الحكومة اليابانية مستعدة لتقديم المساعدات الضرورية للحفاظ على استقرار العمليات وتوافر الثقة».

وقبل عام، لم يكن هناك احتمالية لأن تقوم شركة «الخطوط الجوية اليابانية» بتقديم طلب لإشهار الإفلاس، وكان شعار الشركة الذي يتضمن طائر الكركي بأجنحة مفرودة رمزا لنهضة اليابان كقوة صناعية حديثة. وتحت الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني الذي يحكم منذ وقت طويل، حصلت «الخطوط الجوية اليابانية» على دعم في البداية كشركة خطوط جوية مملوكة للدولة، وبعد ذلك عقب عملية خصخصة في عام 1987، من خلال حزم إنقاذ حكومية سخية، حتى عندما كانت الشركة تعاني من أجل تحقيق مكاسب وسط منافسة عالمية مستعرة.

ولكن تعهدت حكومة جديدة داخل طوكيو بالانفصال عن الماضي، وانتقد الحزب الديمقراطي، الذي فاز بالسلطة في سبتمبر (أيلول)، الحكومة السابقة بسبب الإغداق بأموال الدولة داخل شركة نقل مع ترك المشكلات تتفاقم.

وفي الوقت الحالي، تضطر «الخطوط الجوية اليابانية» والمستثمرون فيها إلى دفع الثمن مقابل ذلك، وتخطط مؤسسة «مبادرة التحول التجاري»، وهي مؤسسة مدعومة من الدولة مكلفة بإعادة هيكلة شركة النقل، لدفع «الخطوط الجوية اليابانية» إلى التخلص من 15700 وظيفة، أي ثلث القوة العاملة داخلها، مع تخفيض خطوطها الدولية بمقدار الخمس، بالإضافة إلى رحلات إلى أماكن داخلية لا تهدف إلى تحقيق أرباح، وسوف يتعرض حملة الأسهم إلى ظروف صعبة، وسيضطر البنك الدائن الرئيسي للشركة إلى إسقاط ما يصل إلى 350 مليار ين ياباني في صورة ديون. وسوف يتحمل دافعو الضرائب جزءا من العبء، فبموجب خطة التحول، من المقرر أن تحصل «الخطوط الجوية اليابانية» على 300 مليار ين ياباني من الأموال العامة وعلى قروض أخرى مدعومة من الدولة تبلغ 300 مليار ين أخرى. ويقول موتو شيغ إيتو، أستاذ الاقتصاد وخبير الطيران في جامعة طوكيو: «لقد أرجأت الحكومة اليابانية التعامل مع الخطوط الجوية اليابانية لوقت طويل للغاية، يوجد أمامنا طريق طويل، ليس فقط من أجل الخطوط الجوية اليابانية ولكن من أجل صناعة الطيران بالكامل داخل اليابان».

وعلى الرغم من الأموال الجديدة المتدفقة، فإن تكاليف الوقود المرتفعة والمنافسة الحامية في الأسعار، وتكاليف عملية إعادة الهيكلة الكبيرة سوف تضاعف المشكلات التي تعانيها أرصدة «الخطوط الجوية اليابانية». وتتجه الشركة إلى خسارتها الرابعة خلال خمسة أعوام، وفي الأسبوع الماضي سحبت 145 مليار ين كتمويل طوارئ من خط ائتمان قدمها بنك مملوك للدولة.

وفي هذه الأثناء طلبت مؤسسة «مبادرة التحول التجاري» من إيناموري عدم قبول استثمارات من «دلتا» أو «أميركان» في الوقت الحالي، حسب ما ذكره شخص على اطلاع بالموضوع، وكانت «دلتا» قد عرضت على «الخطوط الجوية اليابانية» 500 مليون دولار، بالإضافة إلى زيادة كبيرة في الركاب وعوائد من تحالفها مع «سكاي تيم». وعرضت «أميركان» 1.4 مليار دولار على «الخطوط الجوية اليابانية» كي تبقى داخل مجموعة «وان وورلد» التابعة لها.

ويضيف المصدر أن قبول أموال من الخارج «سوف يؤدي إلى المزيد من حملة حصص الأسهم، ويعقد من عملية إعادة الهيكلة». ويضيف أنه من المحتمل الحصول على استثمار من أي من الشركتين، ويفضل بعد قيد مدته ثلاثة أعوام حددته مؤسسة التحول لإعادة هيكلة الخطوط الجوية اليابانية».

وكانت الشركة اليابانية قد افتتحت أول خطوطها المحلية عام 1951، وتوسعت خارج البلاد بعد عامين فقط برحلة جوية تربط بين طوكيو وسان فرانسيسكو من خلال هونولولو، وبحلول عام 1954، كلفت «الخطوط الجوية اليابانية» بنقل الإمبراطور هيروهيتو داخل البلاد، وكانت هذه هي الرحلة الجوية الأولى لإمبراطور ياباني في الحكم.

واستمرت الشركة في النمو سريعا مع الاقتصاد الياباني، وساعدت خلال الفورة الاقتصادية داخل اليابان خلال الثمانينات على نقل المسافرين خارج البلاد، ولكن بدأت الاستثمارات الطموحة في فنادق ومنتجعات خارج البلاد خلال وقت الفورة، ومعها التكاليف المرتفعة والمنافسة الشرسة في الأسعار مع كل خطوط اليابان الجوية، إلحاق الضرر بمصادر «الخطوط الجوية اليابانية» التمويلية، وفي وقت قريب عانت «الخطوط الجوية اليابانية» من تراجع في السفر بسبب الأزمة الاقتصادية وإنفلونزا الخنازير.

* خدمة «نيويورك تايمز»