«كادبوري» توافق على عرض «كرافت فودز» بـ19.6 مليار دولار بعد 6 أشهر

قلق في سوق العمل البريطانية إزاء ثقل ديون الشركة الأميركية

TT

وافقت شركة «كادبوري» البريطانية العريقة للشوكولاته على عرض «كرافت فودز» الأميركية لشرائها مقابل 11.9 مليار جنيه إسترليني (19.6 مليار دولار) فيما يشكل أكبر مجموعة لصناعة الحلوى في العالم، بعد نقاش امتد أمده لأكثر من 6 أشهر. واضطرت إيرين روزنفيلد الرئيس التنفيذي لـ«كرافت» إلى تعزيز عرضها بمزيد من السيولة وخفض عدد الأسهم الجديدة للتغلب على خلاف بشأن السعر في اللحظات الأخيرة، للحصول على موافقة رئيس مجلس إدارة «كادبوري» روغر كار وإرضاء المساهم الرئيسي في «كرافت» الملياردير وارين بافيت.

فيما نصح مجلس إدارة «كادبوري» المساهمين في الشركة بالموافقة على الاتفاق الذي يشمل مزيجا من الأسهم والسيولة، ويقيم سهم «كادبوري» بسعر 840 بنسا. وسيحصل المساهمون أيضا على عشرة بنسات عن طريق توزيعات خاصة للأرباح ليبلغ السعر إجمالا 850 بنسا للسهم، وهو ما دفع مجلس إدارة «كادبوري» للتوصية بشكل جماعي بقبول العرض.

ولكن نقابات العمال أشارت إلى قلقها الشديد إزاء الاستحواذ الأميركي على شركة «كادبوري»، الذي قد يكلف سوق العمل البريطانية الكثير نظرا للديون التي تتكبدها «كرافت فودز»، التي ازدادت بالاستحواذ على «كادبوري»، لاضطرارها اقتراض 7 مليارات جنيه إسترليني (11.5 مليار دولار) لتمويل العقد.

وأشارت لـ«الشرق الأوسط» بولين دويل من النقابة الأكبر للعمال في بريطانيا «يونايت» أن العائق الأهم لدى النقابة في الوقت الحالي هو البقاء على الوظائف الحالية، ومعاشاتها في المستقبل، فبالنظر لملف الشركة المثقل بالديون هو أمر مثير للقلق إلى حد ما للوفاء بأي وعود ببقاء الوظائف أو نموها. وأضافت دويل أن النقابة تسعى حاليا لعقد اجتماع طارئ مع إدارة «كرافت فودز» لوضع معايير واضحة لما سيحدث بعد الإتمام الكامل للصفقة.

ولم تعط «كرافت فودز» أي نوع من التأمين أو الطمأنة على حال الوظائف الحالية في الشركة، ولكنها أشارت إلى نيتها الاستثمار في موقع بورنفيل شمال غربي إنجلترا، والتأكيد على استمرارية الإنتاج في سومردايل، بالقرب من بريستول غرب البلاد والمعروف باسم كينشام.

وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في مؤتمر صحافي بعد إعلان التوصل إلى الاتفاق أنه يرغب في حماية الاستثمار والوظائف في «كادبوري».

وقال: «ما أريد قوله هو أننا عازمون على الحفاظ على مستويات الاستثمارات التي جرت في كادبوري في المملكة المتحدة».

وقفزت أسهم «كادبوري» إلى مستوى قياسي في بداية التعاملات بلغ 838 بنسا للسهم، وارتفعت 3.7 في المائة إلى 837.5 بنس للسهم.

وقالت روزنفيلد إن المعركة التي استمرت أشهرا طويلة لشراء «كادبوري» أسفرت عن اتفاق يناسب توقعات «كرافت».

وأضافت في مقابلة: «في نهاية المطاف سندفع السعر الذي اعتقدنا أن هذه الشركة تساويه، أعتقد أن سعرا يبلغ 13 مثل الأرباح قبل خصم الضرائب والفائدة والاستهلاك وإهلاك الدين لأصل بهذه الجودة، لهو سعر جيد للغاية». ورغم السعر المرتفع قالت روزنفيلد إن الاتفاق يلبي أهداف «كرافت» بتعزيز الأرباح بحلول العام الثاني بعد إنجازه، وسيزيد توزيعات أرباح «كرافت» وتصنيفها الائتماني. وقال بانمورا غوردن المحلل لدى «غراهام جونز»: «حصلت كرافت على اتفاق رائع هنا، وأتوقع ارتفاع أسهم كرافت اليوم بدعم خفض عدد أسهمها كرافت التي سيتم إصدارها في إطار الاتفاق».

وقالت «كرافت» إن الاتفاق سيعزز الأرباح في 2011 بنحو خمسة سنتات، وسيحقق عائدا يتراوح بين 13 إلى 19 في المائة، وهو أعلى بكثير من تكاليف رأس مال «كرافت». ويشمل عرض «كرافت» 500 بنس للسهم نقدا علاوة على 0.18740 سهم جديد في «كرافت»، وذلك مقارنة مع العرض الأصلي الذي كان يتضمن 300 بنس للسهم و0.25890 سهم جديد في «كرافت» فيما قدر قيمة السهم في سبتمبر (أيلول) حيث قدم العرض أول مرة بسعر 745 بنسا.

وكان وارين بافيت المستثمر الأكبر في الشركة، الذي يملك 10 في المائة في «كرافت» قد حذر روزنفيلد من المبالغة في السعر المعروض، وإصدار عدد أكبر من اللازم من الأسهم الجديدة.

وقالت «كرافت» اليوم إنها ستصدر 265 مليون سهم جديد من أسهم «كرافت» مقارنة مع خططها الأصلية لإصدار 370 مليون سهم. ويشكل الاتفاق أكبر مجموعة لصناعة الحلوى في العالم متقدمة على «مارس رينغلي».

وقالت شركة «ستاندرد لايف انفستمنتس» التي تستثمر في «كادبوري» إنها تؤيد قرار مجلس الإدارة بالتوصية بقبول عرض «كرافت».

وكانت شبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قد ذكرت في وقت سابق أن شركة «كادبوري» التي يمتد تاريخها إلى 180 عاما، وافقت على عرض معدل «بعد ليلة عاصفة من المفاوضات».

ورفضت «كادبوري» سابقا العروض التي تقدمت بها «كرافت» قائلة: «إنها غير مناسبة» للشركة البريطانية.

وخلال الساعات الأخيرة للاتفاق رفعت «كرافت» من قيمة العرض إلى 11.5 مليار جنيه إسترليني ليتفوق بذلك على توقعات السوق.

ووصفت «كادبوري» عرض «كرافت» السابق بدفع 769 بنسا بأنه «باعث للسخرية».

وقدمت «كرافت» في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عرضا غير ودي للاستحواذ على «كادبوري» بعدما رفض مجلس إدارة الشركة العرض الذي بلغت قيمته 10.4 مليار جنيه إسترليني.

وحاولت إدارة «كادبوري» اجتذاب شركات لصناعة الشوكولاته مثل «ذا هيرسي» الأميركية و«فيريرو إس بي إيه» الإيطالية للتغلب على عرض «كرافت» ولكنها فشلت في الحصول على تمويل كاف.

ومن المتوقع أن تصدر هيئة المراقبة على المنافسة الأوروبية أوامرها لـ«كادبوري» ببيع جزء من نشاطها في مجال إنتاج الشوكولاته في أوروبا الشرقية إذا تم الاندماج.

وتبلغ مبيعات «كرافت» و«كادبوري» نحو 72 مليار دولار لتقترب بذلك من مبيعات شركة «نيسله إس إيه» السويسرية.

وسوف تستحوذ «نيسله» على الوحدة الخاصة بالبيتزا المجمدة في «كرافت» التي باعتها من أجل تمويل صفقة «كادبوري».

ومع ذلك فإن الاتفاق يحمل مخاطر بالنسبة لـ«كرافت» التي تواجه معارضة من حاملي أسهمها ومنها شركة «وارين بوفيت بيركشير هاثاواي» التي تعد أكبر شركة مساهمة في «كرافت» حيث أعربت عن قلقها من أن تدفع «كرافت» مبلغا مبالغا فيه لـ«كادبوري».