منتدى باريس يدعو إلى تخصيص جزء من أموال الإنعاش في الدول الغنية لدعم البلدان النامية

نظم مؤتمرا في الدار البيضاء حول مرحلة ما بعد الأزمة العالمية

TT

دعا جان بول فيتوسي، رئيس المرصد الفرنسي للظرفية الاقتصادية ومنسق لجنة «ستيكلتس» لقياس الأداء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، إلى تخصيص جزء من موازنات الإقلاع الاقتصادي في البلدان الغنية لدعم النمو الاقتصادي للبلدان النامية. وأضاف فيتوسي، الذي كان يتحدث أمس خلال مؤتمر نظمه منتدى باريس في مدينة الدار البيضاء حول «بناء ما بعد الأزمة»، أن سياسات الإنعاش التي اعتمدتها البلدان الصناعية الغنية قد أضرت كثيرا باقتصاديات الدول النامية.

وأوضح فيتوسي أن دعم الحكومات للقطاع الصناعي في البلدان الغنية أدى إلى الإخلال بقواعد المنافسة، إلى جانب أن سياسات البلدان الغنية نتج عنها هروب الاستثمارات والرأسمال من البلدان النامية. وأشار فيتوسي إلى أن لجنة «ستيكلتس» قد ضمنت التقرير - الذي رفعته إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، والذي سينشر في مارس (آذار) المقبل - توصيات بهذا الصدد.

وانتقد فيتوسي عدم استغلال الدول الغنية لفرصة وجودها في موقع قوة اتجاه النظام المالي خلال أوج الأزمة المالية العالمية لفرض شروطها على النظام المصرفي كمقابل لتدخلها من أجل إنقاذه. وقال فيتوسي لـ«الشرق الأوسط»: إن الدول قد فوتت الفرصة لفرض النظام في القطاع المصرفي. وأضاف «كان يمكنها مثلا أن تطالب بتعيين ممثلين في مجالس إدارة البنوك، وأن تفرض تدابير جد متشددة في مجال المراقبة والانضباط. لكنها تصرفت بسرعة وسذاجة وفوتت الفرصة. وهذا يضعنا اليوم أمام مخاطر عودة القطاع المصرفي إلى تصرفات غير محمودة العواقب».واستغرب فيتوسي أن تجد الحكومات نفسها اليوم تحت رحمة وكالات التنقيط، مع أن هذه الأخيرة أبانت عن عدم كفاءتها وتتحمل مسؤولية كبيرة في اندلاع الأزمة المالية، إذ كانت تمنح تنقيطا جيدا وعلى المدى البعيد لأصول مالية غير سليمة. ويرى فيتوسي أن الدول الغنية أضاعت أيضا فرصة إصلاح نظام وكالات التنقيط الدولية.

ومن جهته أشار صلاح الدين مزوار وزير المالية المغربي إلى أن الاقتصاد المغربي يواجه تداعيات الأزمة العالمية بشكل جيد نتيجة عدد من العوامل، التي خص منها بالذكر: انبثاق الطبقة الوسطى المغربية الذي كان له الأثر الجيد على الاستهلاك والسكن، ورفع مستوى الاستثمارات العمومية وإطلاق الحكومة لمشاريع كبرى في مجال البنية التحتية، ودعم الحكومة للطلب الداخلي، وجودة أداء القطاع الزراعي. وتوقع مزوار أن يحقق الاقتصاد المغربي نموا بنسبة 5 في المائة خلال السنة الحالية، مع التحكم في عجز الميزانية وحصره في مستوى 2 في المائة، وحصر معدل التضخم في 1 في المائة، وعجز الحساب الجاري في مستوى 4 في المائة، مع مواصلة الحذر واليقظة لمواجهة كل التطورات المحتملة الناتجة عن استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية. وقال مزوار: إن الحكومة أعادت اعتماد برنامج مواجهة تداعيات الأزمة وآثارها على القطاعات الإنتاجية في المغرب في إطار موازنة سنة 2010، وبخاصة تعويض خسائر الشركات الناتجة عن تراجع طلب الأسواق الخارجية ودعم التشغيل والاستثمار.

وأشار مزوار إلى أن المغرب عازم على الرفع من وتيرة الإصلاحات الكبرى، خاصة في مجالات السكن والعقار والطاقة والزراعة والصناعة، من خلال مواصلة تنفيذ مخططات التنمية القطاعية، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الدار البيضاء كمركز مالي على مستوى منطقة شمال أفريقيا.