كيف ضاع «صوت» وارين بافت في صفقة استحواذ «كرافت» لـ«كادبوري» البريطانية؟

الصفقة الضخمة تمت دون رضاه رغم أنه حامل أكبر أسهم في الشركة الأميركية

وارين بافت اعترض على صفقة «كرافت» لتملك «كاربوري» («الشرق الأوسط»)
TT

تعمدت شركة «كرافت» هيكلة عرضها النهائي لامتلاك شركة «كادبوري»، كي لا تحتاج إلى موافقة حملة الأسهم. لكن هذا التوجه من عدم تمكين المساهمين من التصويت لم يرض وارين بافت.

وكان بافت قد انتقد يوم الأربعاء صفقة «سي إن بي سي»، مدعيا أنه إذا ما أتيحت له الفرصة لكان قد صوت ضد الاقتراح. فشركته الاستثمارية «بيركشاير هاثاواي»، أكبر حامل للأسهم في الشركة بحصة تبلغ 9.4%، ولذا فإن عدم وجود تصويت أمر حاسم لاستكمال عملية الاستحواذ.

بإمكان «كرافت» في الوقت الراهن هيكلة عرضها بهذه الطريقة بسبب أسلوب عمل تنص عليه قوانين ولاية فرجينيا، حيث تأسست الشركة، وبورصة نيويورك للأوراق المالية. وربما يتوجب مراجعة كلا القانونين لإظهار كيفية تحايل الشركات على شروط التصويت. حيث تحظر المادة 312 من قانون عمل بورصة نيويورك على الشركات المدرجة في البورصة إصدار عدد من حصة الأسهم العادية «تساوي أو تزيد على 20% من عدد الأسهم العادية المصرح بها قبل إصدار أسهم عادية أو سندات مالية قابلة للتحويل أو الاتجار بها كأسهم عادية». وهذه القاعدة لا تفعل عبر عملية الاستحواذ، وإنما إذا كان هناك إصدار للأسهم.

ويمكن للشركات أيضا أن تتجنب تفعيل المادة إذا ما رغبت في أن تكون خلاقة. ففي عرضها الأخير لشركة «تيرا إنداستريز»، عرضت شركة «سي إف إنداستريز هزلدينغيز» إصدار أسهم ممتازة من دون القوة التصويتية لتجنب تفعيل هذه المادة. وبعد الاستحواذ بشكل كامل هل ستتيح «سي إف» لحملة أسهمها التصويت الذي تنص عليه بورصة نيويورك للسماح بتحويل تلك الأسهم الممتازة إلى أسهم تصويت عادية. إذا ما قبل العرض، فإن «سي إف» ستتمكن من تقديم هذا الاستحواذ كأمر واقع عندما يعمد مساهموها إلى التصويت. يمكن للشركات أيضا أن تتجنب تفعيل المادة إذا كان «التأخير في ضمان الحصول على موافقة المساهمين من شأنه أن يهدد السلامة المالية للشركة على نحو جاد». وقد اعتمدت شركة «بير ستيرنز» على هذا الاستثناء في إصدار أسهم تمثل 39.5% أسهم التصويت لشركة «جي بي مورغان تشيس». كما انتهج «واكوفيا» السبيل نفسه في بيعها لـ«ويلز فارغو».

في كلتا الحالتين، كانت «بير» و«واتشوفيا» تخدمان بورصة نيويورك انطلاقا من هذا الاستثناء، نظرا لأنهما كانتا قادرتين على تجاهل هذا الشرط بالسهولة نفسها: فعقوبة هذه الانتهاكات هي عدم الإدراج في البورصة. ومن ثم، إذا كانت الشركات لا تمتلك متطلبات الحفاظ على الإدراج - مثل اتفاقيات الديون أو غيرها من الالتزامات التعاقدية - ومستعدة لقبول استحسان المساهمين، فهو بديل آخر ممكن إن لم يكن نهائيا.

بطبيعة الحال فإن الطريق الأسهل بالنسبة للشركات للالتفاف على هذه المادة هو عرض سيولة أو أقل من 20% من أسهمها المطروحة.

كانت «كرافت» ستعلق في بادئ الأمر في المادة 312، نتيجة لاقتراحها إصدار كمية الأسهم فوق عتبة 20%. ولذلك فإنه دعا إلى عقد اجتماع للمساهمين، وحتى وزع بيان تفويض للحصول على هذه الموافقة. كان هذا الالتماس هو ما رفضته «بيركشاير هاثاواي» في البداية.

الآن، اتخذت «كرافت» الطريق الأسهل للخروج من الأزمة. حيث عمدت إلى خفض كمية الأسهم الجديدة في عرضها إلى ما دون مستوى 20%. ويمكن لـ«كرافت» القيام بذلك نتيجة لاستعادة أسواق الدين نشاطها مجددا وتوافر التمويل الإضافي ليحل محل الأسهم.

ولن يشكل قانون فرجينيا أي عقبة أمام «كرافت». فالولاية عموما لا تطلب من المشترين إجراء تصويت لحملة الأسهم (ولا في قانون ديلاوير الذي يحكم معظم الشركات العامة الأميركية).

والقيد الوحيد الممكن على إصدار «كرافت» للأسهم من شأنه أن يكون ما لم يكن لديها ما يكفي من الأسهم المصرح بها في التداول في شهادة التأسيس. في هذه الظروف، كانت «كرافت» ستحتاج إلى تصويت المساهمين لتعديل نظام شهادة تأسيسها للتمكن من إصدار أسهم جديدة. لكن لم يكن هذا هو الحال هنا، على الإطلاق.

ثم هناك خيار إنشاء شركة واحدة أو أن تجنب الشركة المستحوذة تصويت المساهمين. والمثال الأوضح على ذلك اندماج شركتي «تايم» و«وارنر» في أواخر الثمانينات. ففي مواجهة محاولة الاستحواذ الشرسة من قبل شركة «باراماونت» في منتصف عملية الدمج، تحولت «تايم» إلى مستحوذ ودفعت ما يكفي من النقود لانتفاء الحاجة لتصويت المساهمين. وبدأت «تايم» عملية إعادة الهيكلة هذه الصفقة بعد رفض بورصة نيويورك طلبها لإعفائها من قواعد التصويت المساهمين. أدت الصفقة إلى تدمير كبير لقيمة المساهمين في «تايم» لأن الشركة اقترضت المليارات من الدولارات لتمويل الصفقة، وأفرطت في الاستدانة. بيد أن الاتفاق تمت المصادقة عليه في محكمة ديلاوير.

سياسة ولاية فرجينيا وديلاوير بشأن أصوات المساهمين المشترين ليست هي القاعدة في كل مكان. فلو كانت تلك شركة «كرافت» البريطانية، على سبيل المثال، لطالبها قانون الشركات الإنجليزية بتصويت إذا قامت الشركة بشراء أصول تزيد على 50% من قيمة الأصول القائمة. والسبب بسيط: أنه يعطي حق النقض للمساهمين في إلغاء عمليات الاستحواذ التي قد تلحق الضرر بقيمة الشركة.

هذا هو ما يكمن في قبضة بافت. فبصفته مالكا جزئيا في شركة «كرافت»، فهو يمتلك حق رفض الاستحواذ على «كادبوري». وما عزز من قضيته ميل الإدارة إلى المزايدة في خضم سباق الاستحواذ. ويمكن لتصويت المساهمين أن يكون بمثابة مراجعة مهمة على تواصل الإدارة - وكي نكون منصفين، فحملة الأسهم عرضة للخطأ أيضا. ففي نهاية الأمر وافق المستثمرون على صفقة «أميركا أون لاين» و«تايم وارنر».

الرد على النقاش بشأن تمكين المساهمين هو أنه في الوقت الذي يعد فيه بافت واحدا من المساهمين، تدار «كرافت» من قبل مجلس مديرين في وضع أفضل، للحكم على ما إذا كانت الصفقة الرئيسة مناسبة أم لا. وما دامت الصفقة لن تقلل من ممتلكات بافت بشكل ملحوظ، فإن عليه أن يذعن لحكم المديرين. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يكون المشترين متفرغين لهيكلة صفقاتهم لتهدئة المخاوف. خلاصة الأمر أن الأهداف لا تريد للصفقات أن تفشل لأن المشترين حملة أسهم الشركات المستحوذة صوتوا ضد الصفقة.

يعتمد موقف المرء في هذه المناقشة على مدى ثقتك في قدرة الإدارة على اتخاذ القرار الصحيح. والمحصلة النهائية هي أنه طالما وجد ما يكفي من التمويل، فيمكن للشركات المستحوذة هيكلة صفقاتها بسهولة لتجنب حملها إلى تصويت حملة أسهمها، حتى لو كان بافت واحدا منهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»