بيع 25% من «الميدل إيست» مؤشر للأسواق وللحكومة

لبنان يتريث في مشاريع التخصيص لصعوبة تأمين الإجماع

طرح البيع الجزئي لشركة «الميدل إيست» سيحقق نحو 250 مليون دولار («الشرق الأوسط»)
TT

تباينت ترقبات مؤسسات مالية إقليمية ودولية في تقدير النمو المتوقع للاقتصاد اللبناني بين 4 و 7 في المائة خلال العام الحالي. لكنها أجمعت على إمكانية خفض نسبة كتلة الدين العام إلى الناتج دون 150 في المائة. وخفض نسبة عجز الموازنة إلى الناتج دون 10 في المائة. ويظهر التباين، مرتبطا بالحذر الصريح، في التقديرات الخارجية لمسار ملف تخصيص بعض المرافق العامة الحيوية. خصوصا في قطاعي الاتصالات والكهرباء. وهذا ما ينسجم، وفق رصد أجرته «الشرق الأوسط» مع قراءات المراجع الاقتصادية المحلية التي تجد صعوبة حقيقية في طرح ملفات التخصيص. ما لم تتأمن مسبقا توافقات سياسية جامعة داخل الحكومة والكتل النيابية الرئيسية للشروع في عرض هذه المرافق للتخصيص الكلي أو الجزئي. وهذا ما يبدو متعذرا في المدى المنظور بسبب اختلاف الرؤى والتشكيك الذي تبديه أطراف فاعلة في جدوى التخصيص أصلا.

وتجتذب رخصتا الهاتف الجوال الجانب الأكبر من الاهتمام السياسي والاقتصادي إلى جانب الاهتمام الاستثماري. فيما يحتاج قطاع الكهرباء إلى خطة إنقاذية كبيرة ومتكاملة قبل التفكير بتخصيصه كليا أو جزئيا. فهو قطاع خاسر بامتياز. ويستنزف سنويا نحو مليار دولار من الموازنة العامة لتغطية عجزه. أي ما يوازي كامل إيرادات شبكتي الهاتف الجوال، المملوكتين من الدولة، التي تشكل نقطة الجذب الاستثماري. وتعزز القناعات المحلية والخارجية، بأن الحكومة ستواجه عوائق جدية في مقاربة تخصيص هذين المرفقين، أي شبكتي الجوال والكهرباء في المدى القريب. وذلك بخلاف التعهدات التي قدمتها الحكومة السابقة في مؤتمر باريس3. فيما تترقب الأسواق خطوة نوعية في النصف الثاني من العام الحالي يمكن أن تشكل مؤشرا مهما للخطط المستقبلية. وهي تتعلق بطرح 25 في المائة من أسهم شركة «طيران الشرق الأوسط» للبيع وإدراجها في بورصة بيروت.

وتقدر القيمة العادلة لشركة «الميدل إيست» بنحو مليار دولار. مما يعني أن طرح البيع الجزئي سيحقق نحو 250 مليون دولار. وهي شركة الطيران الوطنية الوحيدة لنقل الركاب. وتتمتع بامتياز حصري حتى العام 2012. يجري الإعداد حاليا لتمديده بسبب ضيق السوق المحلية من جهة. واعتماد لبنان، منذ سنوات، سياسة الأجواء المفتوحة من جهة مقابلة، والتي أسهمت في استقطاب نحو 60 شركة عربية وأجنبية لاستخدام مطار بيروت. وهذا ما يشكل عامل منافسة قويا للشركة الوطنية. خصوصا أن بعض الشركات يعرض أسعار تذاكر سفر دون كلفتها التجارية.

ويملك البنك المركزي 99 في المائة من أسهم «الميدل إيست» بعدما تدخل لإنقاذها من تراكم في الخسائر بلغت 87 مليون دولار في العام 1997 وحده. مع أسطول مستأجر ومتهالك. لتصل أرباحها إلى 100 مليون دولار في العام الماضي. مع أسطول مملوك من 16 طائرة حديثة. وعدة شركات تابعة للصيانة وخدمات النقل الجوي. وهذا ما حدا بالمساهم الرئيسي إلى تجديد الثقة بالمفوض من قبله محمد الحوت. وإعادة انتخابه رئيسا لمجلس الإدارة الذي سيشرف مباشرة على عملية البيع وإدارتها. ويتم التمييز نظريا بين ملكية الدولة كقطاع عام وملكية البنك المركزي كمؤسسة مستقلة تابعة للدولة. لكن مجلس الوزراء يبقى صاحب القرار الأساسي. والواقع أن 80 في المائة من أي إيرادات يحققها البنك المركزي تذهب مباشرة إلى الخزينة العامة. وهذا المبدأ يشمل أي أرباح تحققها شركة «طيران الشرق الأوسط». مما يعني أن قرار البنك المركزي بالبيع الكلي أو الجزئي يتطلب أيضا تغطية حكومية تبدو مؤمنة. وكان تصريح منسوب لوزيرة المالية ريا الحسن أشارت فيه إلى صعوبة الخوض في عمليات تخصيص هذا العام. ثم صححته لاحقا بالتأكيد أن الحكومة هي صاحبة القرار في هذا الشأن.