نريد خطة خليجية لمواجهة الكوارث الطبيعية

سعود الأحمد

TT

نحن في دول مجلس التعاون الخليجي خبرتنا في مجال معالجة الكوارث الطبيعية قليلة، سواء فيما يتعلق بالوقاية منها أو في مجال معالجة آثارها، فبلادنا، بحمد الله، نادرا ما يحصل فيها كوارث طبيعية، لكن الملاحظ أنه نظرا لتباعد فترات الحدوث، فإننا لا نراكِم الخبرات لنكون جاهزين للتعامل مع هذه الكوارث، ولذلك فإن الحاجة تدعو إلى بناء خطة طوارئ متكاملة يمكن تفعيلها في أي وقت لمواجهة ما قد يفاجئنا من فيضانات وزلازل وما شابهها من كوارث طبيعية.

فخلال العامين الماضيين حصلت في بعض الدول الخليجية فيضانات وزلازل.. كان آخرها فيضان منطقة تبوك وقبل فيضان مدينة جدة، وبالطبع مرت السعودية بتجارب وخبرات جديدة لم يسبق لها أن مرت بها، ولا شك أن مزج مثل هذه الخبرات مع ما توفر لدى الإمارات وعمان من الفيضان الذي حصل قبل عامين وما لدى العالم من تراكم خبرات، سيشكل قاعدة معلومات يمكن أن ينطلق منها الدارسون لبناء مثل هذه الخطة.

ولو أخذنا جزئية بسيطة من تداعيات حالات الفيضان، وما يصيب مستودعات بضائع المعدات والسيارات والأجهزة الكهربائية والمواد الغذائية، وطرحنا سؤالا: هل يمكن تسويق هذه المنتجات الغارقة بحالتها الراهنة؟ أم إنها بحاجة إلى إجراء نوع خاص من الصيانة؟ أم إنها لا تصلح للاستخدام «مطلقا» ويجب أن يتم إتلافها بالكامل؟ أم إنها يمكن فحصها وفصل ما يمكن استخدامه.. وحتى نجيب على هذه الأسئلة؛ لا بد من وضع معايير لما يصلح للاستخدام بعد الفيضانات وما لا يصلح، وهناك مبانٍ تستخدم بعد الهزات الأرضية وهي معطوبة وتحتاج لمن يقرر مدى صلاحيتها للاستخدام قبل أن يسمح باستخدامها.

وحتى نحقق الحماية الحقيقية للمستهلك، فإنه لا يكفي أن نضع مقاييس للاستيراد ونغفل ما يحصل للبضائع بعد الاستيراد، فهناك حوادث قد تؤدي إلى تغيير مواصفات السلعة ومستوى جودتها، ولذلك علينا أن نقفل هذا الباب الخطِر للاجتهاد بعمل خطة مبنية على أسس علمية وتجارب عملية.. تتضمن تحديدا واضحا لمهام وواجبات كل جهة فيما يخصها.

وبهذا الشأن.. علينا أن نستفيد من تجارب الدول الأكثر منا خبرة في هذا المجال، ونتعقب ما قد يقوم به بعض التجار لمعالجة آثار مثل هذه الأضرار على بضائعهم، ولا نترك للتجار حرية معالجة هذا الأمر باجتهادات شخصية قد تمتد أضرارها إلى المجتمع، فتصيبهم في صحتهم أو في ممتلكاتهم، فعلى سبيل المقال عندما تعرضت أميركا لإعصار «كاترينا» في يوليو (تموز) عام 2007، الذي دمر نحو 400 ألف سيارة، أصدرت الهيئة الأميركية للسيارات (AAMVA) تحذيرات من بيع هذا النوع من السيارات في أميركا وأهمية الحذر منه، والمعروف أن إدارة المرور الأميركية (DMV) تمنع عودة السيارات الغارقة للعمل، إلا أن هناك من استفاد من تجارة السيارات الغارقة، فقد شهدت تجارة السيارات الغارقة نشاطات من قبل سماسرة السيارات، ويذكر أن نسبة 45% من هذه السيارات صدرت للدول الخليجية، وهناك من استفاد من الثغرات القانونية، وقام بتوريد هذه السيارات الأميركية إلى دول مجاورة وقام بمسح ملفاتها ثم صدرها لدول خليجية أخرى، وعلى أثر ذلك، حصلت مضاربات كبيرة بين تجار وسماسرة السيارات وأصحاب ورش الصيانة والوكالات الفرعية (الجراجات) في عدة مدن مثل مسقط والشارقة والعين وغيرها.

وختاما.. أود التذكير بأن للجامعات دورا حيويا في التنظير لمثل هذه الأمور ينبغي ألا يتجاهل، فبقدر ما يكون للجامعة من دور في المشاركة بالرأي في معالجة الشؤون العامة في الأحوال العادية، فإن هذا الدور يتعاظم في حالات الكوارث، لا سيما أن المستشار الأكاديمي، في الغالب، يتميز بالحياد والموضوعية.

كاتب ومحلل مالي