أوباما سيقترح تجميد الميزانية 3 سنوات.. باستثناء نفقات الأمن القومي

1.5 تريليون دولار العجز في العام الحالي.. وخطوة الرئيس الأميركي تستجيب لقلق الرأي العام من تصاعد الدين القومي

TT

وسط ضغوط متزايدة تطالب بالحد من العجز الهائل في الموازنة، من المنتظر أن يقترح الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب حالة الاتحاد السنوي الذي سيلقيه أمام الكونغرس، اليوم الأربعاء، تجميدا على مدار 3 أعوام في التمويل الفيدرالي غير المرتبط بالأمن القومي، تعقبه، بعد ذلك، زيادة لا تزيد عن معدل التضخم، ويعد ذلك تنازلا لمخاوف المواطنين المرتبطة بالنفقات الحكومية، يمكن أن يؤدي إلى تقليل سقف طموحات أوباما التشريعية بدرجة كبيرة، وفي الوقت نفسه، توقعت آخر تقديرات الكونغرس بخصوص الميزانية عجزا قدره 1.35 تريليون دولار للعام الحالي. وأوضحت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أنه من المحتمل أن يدخل هذا التجميد حيز التطبيق في أكتوبر (تشرين الأول)، وسوف يضع حدا أقصى للموازنة الإجمالية للهيئات، بعيدا عن الجيش وشؤون المحاربين القدماء والأمن الداخلي وبرامج دولية معينة، يقف عند 447 مليار دولار سنويا خلال الفترة الباقية من الولاية الأولى لأوباما، حسبما قاله مسؤولون في الإدارة الأميركية يوم الاثنين، ويضع ذلك قيودا شديدة على قدرته على تدشين مبادرات داخل قطاعات التعليم والبيئة وغيرها من قطاعات السياسة المحلية. وأضافت الصحيفة، أنه على الرغم من أن هذا التجميد لن يقلل أكثر من 15 مليار دولار من موازنة العام المقبل، وهو ما يعد شيئا بسيطا بالنسبة لعجز يتوقع أن يتجاوز تريليون دولار خلال العام الثالث على التوالي، قال مسؤولون في البيت الأبيض إنه يمكن أن يوفر المزيد بدرجة كبيرة خلال العقد المقبل، ووصفوا عملية التجميد بأنها عنصر هام في حملة أوسع لتخفيض الموازنة تهدف إلى استعادة الثقة في قدرة أوباما على الحد من تجاوزات واشنطن وضبط التطلعات المترفة لإدارته.

وأوضحت وكالة «أسوشييتد برس» في تقرير لها، أن استطلاعات الرأي العام أظهرت أن الناخبين في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق المتزايد من العجز الهائل في الميزانية، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات. وأضافت الوكالة، أن التجميد سيشمل تلك الوكالات والبرامج التي يخصص لها الكونغرس ميزانيات محددة سنويا، بما في ذلك المراقبة الجوية والدعم الزراعي والتعليم والحدائق الوطنية.

وقال مكتب الميزانية في الكونغرس، إن العجز سينخفض إلى 480 مليار دولار بحلول 2015، ولكن شريطة ألا يجري مد التخفيضات الضريبية على الدخل والاستثمار المفروض انتهاء العمل بها في نهاية العام الحالي.

وقال مسؤول بارز في الإدارة، طلب عدم ذكر اسمه، لصحيفة «واشنطن بوست» واصفا الكلمة التي سوف يلقيها الرئيس الليلة، «لا يمكن أن تتحملوا القيام بكل شيء تمنيتم أن يتحقق، هذه طبيعة عملية اتخاذ القرار التي خاضها الرئيس ومعه الفريق الاقتصادي، لسنا هنا كي نقول إننا عالجنا العجز، ولكن يجب عليكم اتخاذ خطوات من أجل ضبط النفقات».

ويأتي هذا الإعلان بعد أقل من أسبوع من قيام الناخبين في ولاية ماساتشوستس بإرسال موجة صادمة عبر مؤسسة الحزب الديمقراطي، عن طريق إعطاء الجمهوريين المقعد «رقم 41» داخل مجلس الشيوخ، الأمر الذي وضع أجندة أوباما في مواجهة أخطار، وعزز من هجمات الحزب الجمهوري على إدارة أوباما للموازنة والاقتصاد، وبعد قضاء وقت طويل من عامه الأول في المنصب الرئاسي، يسعى من أجل مبادرات مكلفة، مثل تعديل نظام الرعاية الصحية، تعهد أوباما بأن يخصص الكثير من العام المقبل لتقليل العجز القياسي في الموازنة، إذ دفع ذلك وزارة الخزانة إلى زيادة الاقتراض ورفع الدين القومي المتراكم إلى مستويات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. وسوف يؤثر تجميد النفقات على ثمن موازنة البلاد التي تبلغ نحو 3.5 تريليون دولار فقط، ومعظم هذا الثمن مخصص لبرامج مخصصات مثل الضمان الاجتماعي وبرنامج الرعاية الطبية (Medicare) والمساعدات الطبية (Medicaid)، وهي برامج مسؤولة عن الكثير من الزيادات المستقبلية في النفقات، ولن يضع ذلك قيودا على تمويل حزمة التحفيز الاقتصادي التي تبلغ قيمتها 787 مليار دولار، والتي قدمها أوباما إلى الكونغرس مطلع العام الماضي، كما لن يطبق ذلك على مسودة قانونية جديدة تهدف إلى خلق فرص عمل جديدة، قال عنها الديمقراطيون إنها أولوية هامة في التمهيد لانتخابات الكونغرس خلال نوفمبر (تشرين الثاني).

كما لا يحتمل أن يؤثر ذلك على مشروع قانون الرعاية الصحية الذي تبلغ قيمته 900 مليار دولار، والذي يواجه صعوبات جمة منذ انتخابات ولاية ماساتشوستس، وخلال مقابلة أجرتها معه «إيه بي سي نيوز» يوم الاثنين، تعهد أوباما بأن يمضي قدما في برنامجه للرعاية الصحية وغيرها من البنود التي تضمنتها أجندته للعام الأول، حتى لو كان ذلك يعني تعريض فرص إعادة انتخابه في 2012 لمخاطر، وقال أوباما خلال المقابلة، حسب ما ورد في مقتطفات نشرها الموقع الإلكتروني لـ«إيه بي سي»: «أفضل أن أكون رئيسا جيدا لولاية واحدة بدلا من أن أكون رئيسا متوسط الأداء لولايتين»، ودافع أوباما أيضا عن مستشاريه الاقتصاديين البارزين خلال المقابلة قائلا، إن وزير الخزانة تيموثي غيتنر والمستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لورانس سومرز يقدمان «قيادة اقتصادية ثابتة» وربما يستمران مع الإدارة على الرغم من الإشاعات التي تقول بعكس ذلك.

وفي وقت متأخر من يوم الاثنين، سخر جمهوريون من فكرة تجميد الديمقراطيين لجزء من النفقات، وقال مايكل ستيل، وهو متحدث باسم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ جون بوينر (الجمهوري من ولاية أوهايو): «على ضوء المرح الصاخب غير المسبوق المرتبط بالنفقات الذي أقامه ديمقراطيو واشنطن، فإن هذا مثل إعلان عن أنك سوف تتبع نظام ترشيد تناول الطعام بعد الفوز في مسابقة تناول فطائر».

وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن تكون هناك ردود فعل مختلطة من جانب الديمقراطيين، ويدعو محافظون، ومنهم السيناتور إيفان بايه (عن ولاية إنديانا) وأعضاء في ائتلاف المحافظين الديمقراطيين بمجلس النواب، إلى إجراء تجميد ومعه التهديد باستخدام الفيتو الرئاسي، ولكن عارض الليبراليون تجميد النفقات، ولا سيما تلك المرتبطة بالبرامج الاجتماعية، ومن المحتمل أن يدعو أوباما إلى توسيع أي تجميد محتمل ليشمل برامج عسكرية، حسب ما ذكره مساعدون. وأوضحت صحيفة «واشنطن بوست» أن رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ كينت كونراد (الديمقراطي من ولاية نورث داكوتا) وهو مؤيد متحمس لصياغة موازنات تتسم بالتوازن، أوضح مقترح أوباما «من الممكن أن يثمر في المجمل»، وأضاف كونراد أن نتائج عملية التجميد سوف تكون «متواضعة نوعا ما من ناحية تقليل العجز الإجمالي، ولكنها ترسل إشارة هامة تفيد بأن كل شيء مطروح على الطاولة».

وقد ارتفعت النفقات الاختيارية، وهي غير نفقات المخصصات التي يتم الموافقة عليها سنويا من قبل الكونغرس، بصورة كبيرة خلال العقد الماضي بنسبة 7.5% سنويا، وذلك حسب ما أفادت به لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة، المكونة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتنص أحدث مشاريع قوانين النفقات، التي تمت الموافقة عليها في ديسمبر (كانون الأول) على زيادة نسبتها 4.1% في النفقات الاختيارية خلال العام المالي الذي يبدأ في أكتوبر، وزيادة نسبتها 8.2% للهيئات الفيدرالية غير المرتبطة بالدفاع.