بريطانيا تخرج من الركود الاقتصادي بـ«الكاد».. وبنمو ضعيف بلغ 0.1%

النمو «النسبي» لم يبدد عدم اليقين من مستقبل الاقتصاد البريطاني

جانب من العاصمة البريطانية، لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

قال وزير المالية البريطاني أليستير دارلنغ، أمس، إن الاقتصاد البريطاني على طريق التعافي، لكن قدرا كبيرا من عدم اليقين ما زال يكتنف النظرة المستقبلية. وأضاف دارلنغ لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «أعتقد أننا الآن على طريق التعافي.. أنا واثق من أن الخطوات التي اتخذناها وضعتنا على المسار الصحيح، لكنني ما زلت وسأظل دائما حذرا».

وذكر مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني في وقت سابق أمس أن الاقتصاد البريطاني خرج من ركود استمر 18 شهرا في نهاية 2009، رغم أن النمو بنسبة 0.1 في المائة الذي حققه الاقتصاد في الربع الأخير أقل مما توقعه معظم خبراء الاقتصاد. وبحسب «رويترز»، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، إن الحكومة كانت «صائبة في ثقتها المشوبة بالحذر» بشأن الاقتصاد. وقد خرجت بريطانيا من الركود الاقتصادي بتحقيقها في الفصل الرابع من عام 2009 نموا في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.1% مقارنة بالفصل الذي سبقه، وذلك بعد ستة فصول متتالية من التراجع. وعلى الرغم من أن نسبة النمو جاءت أقل بكثير مما كان متوقعا، فهي كانت كفيلة بإخراج البلاد من الركود. وبحسب الإحصاءات الرسمية التي نشرها مكتب الإحصاء الوطني بشأن تقديراته الأولية للنمو في الفصل الرابع من العام المنصرم، فقد نما إجمالي الناتج المحلي في هذا الفصل 0.1% مقارنة بالفصل الثالث، وتراجع بنسبة 3.2% على مدى العام. وتشكل هذه النسبة خيبة أمل بالنسبة للخبراء الاقتصاديين الذين توقعوا خروج الاقتصاد البريطاني من الركود بشكل أوضح، حيث توقعوا أن يحقق النمو نسبة 0.4% مقارنة بالفصل الثالث، وتراجعا بنسبة 3% على مدى العام. وبحسب هذه الإحصاءات فقد انكمش الاقتصاد البريطاني في 2009 بنسبة 4.8% وهي أعلى نسبة ركود تسجل في تاريخ الإحصاءات الرسمية في البلاد.

ولا يزال الإنتاج يقل بنسبة 3.2 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بمعدل قياسي بلغ 4.8 في المائة عام 2009. وقال مكتب الإحصاء الوطني إن الاقتصاد نما بنسبة تقدر بـ0.1% خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى نهاية ديسمبر (كانون الأول) من عام 2009.

كانت بريطانيا واحدة من الاقتصادات الكبرى التي خرجت من دائرة الركود بعد إعلان فرنسا وألمانيا انتهاء فترة التباطؤ مطلع الخريف الماضي.

وربما تزيد الأرقام الأخيرة من الشكوك بشأن وتيرة الانتعاش العالمي، إذ إن بريطانيا أولى دول مجموعة السبع التي تعلن بيانات الربع الأخير.

على أي حال، قال محللون إن النمو لا يزال ضعيفا والتعافي سوف يكون طويلا وبطيئا.

وستظل حالة الاقتصاد قضية أساسية خلال الانتخابات العامة المرتقبة في بريطانيا والمقررة في يونيو (حزيران) على أقرب تقدير. وبحسب «رويترز» فربما تعزز أنباء خروج بريطانيا من حالة الكساد ثقة المستهلكين فلا يزال من المرجح أن يؤثر الانتعاش البطيء على فرص رئيس الوزراء، غوردن براون، في الانتخابات البرلمانية المتوقع أن تجرى خلال مائة يوم. وكانت بيانات رسمية، أظهرت الأسبوع الماضي، ارتفاع معدل التضخم في أسعار المستهلكين في بريطانيا بأسرع وتيرة سنوية خلال تسعة أشهر في ديسمبر، حيث إن عوامل تضم خفضا في ضريبة مبيعات القيمة المضافة، ونسبة خصم كبيرة وتراجعا حادا في أسعار النفط في نهاية 2008 لم تتكرر في 2009. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن أسعار المستهلكين ارتفعت 0.6 في المائة الشهر الماضي لترفع المعدل السنوي إلى 2.9 في المائة من 1.9 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وكانت هذه أكبر زيادة شهرية في المؤشر السنوي منذ بدء تسجيل البيانات وتجاوزت توقعات المحللين بزيادة قدرها 2.6 في المائة. وعزا المكتب الزيادة بصورة رئيسية إلى تأثيرات أساسية لسلسلة من أحداث غير متكررة دفعت الأسعار للهبوط في ديسمبر 2008، ولم تتكرر في ديسمبر 2009. وأثارت هذه الأرقام التكهنات بأن أسعار الفائدة قد تبدأ في الارتفاع في وقت أقرب من المتوقع من قبل بنك إنجلترا (البنك المركزي الأوروبي)، ويستهدف بنك إنجلترا المركزي أن يسجل مؤشر أسعار المستهلكين اثنين في المائة لكنه توقع ارتفاع المؤشر بصورة مؤقتة في بداية العام، وربما تسبب الأرقام التي جرى الإعلان عنها الأسبوع بعض القلق. وأضاف المكتب أن 10 قطاعات من 12 قطاعا فرعيا، شهدت ارتفاعا في الأسعار وجاءت أعلى زيادة من قطاعات النقل والملابس والأحذية. وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي، الذي يستبعد الغذاء والطاقة والتدخين والمشروبات الكحولية، 2.8 في المائة خلال العام مسجلا أسرع وتيرة منذ بداية تسجيل البيانات في يناير (كانون الثاني) 1997. وارتفاع معدل تضخم مؤشر أسعار التجزئة 2.4 في المائة في أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2008.

ويرى خبراء اقتصاديون أن إعلان خروج بريطانيا من الركود سيكون بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة، فنسبة النمو الضعيفة (0.1 في المائة) التي حققها الاقتصاد في الربع الأخير، وهي أقل مما توقعه معظم خبراء الاقتصاد، وتؤكد فعلا أن قدرا كبيرا من عدم اليقين ما زال يكتنف النظرة المستقبلية للاقتصاد البريطاني. وإلى جانب توقعات النمو الضعيفة فإن ارتفاع نسبة التضخم في أسعار المستهلكين في بريطانيا بأسرع وتيرة سنوية خلال تسعة أشهر في ديسمبر، التي تثير المخاوف برفع قريب للفائدة، ستكون لها تبعات خطيرة على القطاع «الأثير» على البريطانيين هو قطاع العقار، الذي خالف كل التوقعات المتشائمة من تأثير الأزمة المالية عليه، واستعاد انتعاشه بنهاية العام الماضي، إلا أن رفعا في نسبة الفائدة، التي تبلغ حاليا مستوى قياسيا عند 0.5 في المائة، بغية السيطرة على نسبة التضخم، ستكون لها تبعات خطيرة على التسديدات الشهرية، التي يدفعها ملاك العقارات على رهونهم العقارية، مما سيؤثر على سوق العقار البريطانية.

وكانت أسعار العقارات في بريطانيا وخلافا للتوقعات ارتفعت في الأشهر الثمانية الأخيرة من العام الماضي بنسبة وصلت إلى 6%.

وأكد التقرير الأخير لبنك «نيشن وايد» (Nationwide) البريطاني، أن أسعار العقارات السكنية ارتفعت في بريطانيا منذ 8 أشهر بنسبة لا تقل عن 5.9 في المائة عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام السابق 2008، أو ما يطلق عليه عام الركود والتراجع فعليا. ويأتي هذا الارتفاع على خلفية الركود الاقتصادي العام والتراجع في النمو والأسعار وارتفاع معدل البطالة وخسارة العملة الوطنية (الجنيه الإسترليني) نسبة كبيرة من قيمتها في أسواق الصرف. ولذا حذر البنك المعروف في عالم القروض العقارية، الذي يعد من أكبرها، من القراءة السريعة لهذا الارتفاع والتعافي في الأسواق العام الماضي، إذ إن الأسواق، على حد قول البنك، لا تزال غير مستقرة، ولا يمكن الركون لأرقامها رغم إيجابيتها.

* أرقام

* 0.1% نسبة نمو الاقتصاد البريطاني في الربع الرابع من العام الماضي، أي خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى نهاية ديسمبر (كانون الأول) من عام 2009، مقارنة بالربع الثالث، وتراجع بنسبة 3.2% على مدى العام الماضي.

* 4.8% نسبة انكماش الاقتصاد البريطاني في 2009، وهي أعلى نسبة ركود تسجل في تاريخ الإحصاءات الرسمية في البلاد.

* 0.6% نسبة ارتفاع معدل التضخم في أسعار المستهلكين في بريطانيا خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لترفع المعدل السنوي من 1.9 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 2.9 في المائة، وهي أسرع وتيرة نمو سنوية خلال تسعة أشهر.

* 5.9% نسبة نمو أسعار العقارات السكنية في بريطانيا في الـ8 أشهر الأخيرة من عام 2009، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق 2008.

* 7.8% نسبة البطالة في بريطانيا للأشهر الثلاثة حتى نوفمبر الماضي مقارنة مع 7.9 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

* 120 مليار دولار قيمة اقتراض الحكومة البريطانية في الـ9 أشهر الأولى من العام المالي.

* من أقوالهم

* «أعتقد أننا الآن على طريق التعافي... أنا واثق من أن الخطوات التي اتخذناها وضعتنا على المسار الصحيح لكنني ما زلت وسأظل دائما حذرا».

وزير المالية البريطاني أليستير دارلنغ

* «الحكومة كانت صائبة في ثقتها المشوبة بالحذر بشأن الاقتصاد».

متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون

* «بريطانيا بحاجة إلى معيار جديد لقياس النمو الاقتصادي».

جورج أوزبورن وزير المالية في حكومة الظل لحزب العمال البريطاني

* «لنكن واضحين.. هذا أضعف نمو اقتصادي يمكن أن نحققه».

فينس كامبل وزير المالية في حكومة الظل لحزب الديمقراطيين الأحرار البريطاني