صناديق التحوط تهاجم اليورو وباروسو يدافع عنه في مواجهة أزمة ميزانية اليونان

تسجيل أكبر مضاربات على العملة الأوروبية في تاريخها

المارة يتابعون أسعار العملات في بنك في وسط أثينا بعد انهيار أسعار اليورو (أ. ب)
TT

انتهزت صناديق التحوط والمضاربين فرصة الاختلال الذي تشهده العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) في الوقت الحالي، كأي أزمة في أسواق المال ليضخوا ما يقرب من 8 مليارات دولار على اليورو، لتسجل أكبر المضاربات التي تمت على العملة منذ طرحها في يناير (كانون الثاني) عام 1999.

وازدادت الرهانات على قدرة الاتحاد الأوروبي على حل أزمة اليونان واحتمالية طرح قرار لخطة إنقاذ من قبل زعماء الاتحاد الذين اتسمت قراراتهم بالتردد الشديد.

وأشارت مجموعة «سي إم إيه» التي تعد الجهة شبه المعتمدة لقياس أداء صناديق التحوط أن المستثمرين ضاعفوا مراكز الشراء أمام اليورو لتسجيل أرقام قياسية إلى الفترة المنتهية في الثاني من فبراير (شباط) الجاري. ولكن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو شدد أمس على إيمانه باليورو الذي اهتز عرشه أخيرا جراء الأزمة المالية التي ضربت اليونان وتنذر بالانتشار إلى دول أخرى أعضاء في منطقة اليورو مثل البرتغال وإسبانيا.

وقال باروسو خلال كلمة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ إن «عملتنا المشتركة (اليورو) ستظل تشكل أداة رئيسية لتطورنا، وأولئك الذين يعتقدون أنها موضع شك يجب أن يدركوا أننا ماضون في طريقنا».

وأضاف في رده على انتقادات أعضاء البرلمان الأوروبي «هذه الأزمة لم تخلقها منطقة اليورو، ولكنها جاءت من خارج منطقة اليورو».

وأشار إلى التضخيم الزائد للمخاطر التي تهدد العملة الأوروبية الموحدة.

وقال «إنه يتم تناول الموقف في أسواق المال أحيانا بطريقة تضخم المشكلات ولا تعكس الواقع.. وهذه التقارير تأتي من دول خارج منطقة اليورو».

في الوقت نفسه اعترف باروسو بأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى تعزيز الوضع الاقتصادي لكي يجني الفوائد الكاملة لمنطقة اليورو.

بينما أشارت آراء أخرى أن في حالة فشل زعماء الاتحاد الأوروبي في أخذ قرارات حاسمة خلال الأسبوع الجاري، فقد تتفشى الأزمة بسهولة إلى اقتصادات أوروبية أخرى على حافة الهاوية، مثل إيطاليا وبلجيكا، بغض النظر عن إسبانيا والبرتغال. وقد يستمر اليورو في الانزلاق الشديد الذي يشهده الآن. ومن المتوقع أن يعرب البرلمان عن ثقته في المفوضية الأوروبية بزعامة باروسو، وهي ستتولى حينئذ رسميا مهامها الرسمية اليوم. ومن المقرر تمديد فترة باروسو رئيس الوزراء البرتغالي الأسبق رئيسا للمفوضية لفترة ثانية.

وعلى أي حال، فرغم دعوات من جانب الحزب الاشتراكي، فلن يحضر باروسو الاجتماع تاركا أحد مفوضيه لتمثيل المفوضية.

وأعلن مسؤولون أمس أن رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه سيحضر قمة غير رسمية للاتحاد الأوروبي يوم الخميس المقبل في ظل تزايد المخاوف بشأن استقرار اليورو.

ومن المقرر أن تركز القمة بشكل أساسي على التخطيط الاقتصادي على المدى البعيد، لكن حضور تريشيه يشير إلى أن المشكلات التي تواجه اليورو بشكل عام واليونان بشكل خاص من المرجح أن تلعب دورا رئيسيا في المحادثات.

وأكد المتحدث باسم هيرمان فان رومبوي رئيس مجلس دول الاتحاد الأوروبي المعين حديثا، حضور تريشيه القمة التي ستكون الأولى التي يرأسها رومبوي.

وتواجه اليونان مصاعب مالية كبيرة منذ الخريف الماضي حينما أعلنت الحكومة الاشتراكية المنتخبة حديثا أن حكومة يمين الوسط السابقة أخطأت بشكل كبير في تقييم عجز الميزانية.

وخلال الأسابيع الأخيرة انتشرت المخاوف في أسواق المال العالمية بأن الأعضاء في منطقة اليورو، وبالأخص البرتغال وإسبانيا قد تواجه مشكلات مالية مشابهة. وأدت هذه المخاوف إلى تزايد التكهنات بشأن استقرار اليورو نفسه. وفي خطاب الدعوة الموجه لزعماء دول الاتحاد الأوروبي قال فان رومبوي إن المباحثات على مأدبة الغداء في القمة ستركز على «بعض جوانب الوضع الاقتصادي الحالي».

وتراجع اليورو مقابل الدولار أمس، بعدما أعلن متحدث باسم البنك المركزي الأوروبي أن مشاركة رئيس البنك جان كلود تريشيه في قمة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس المقبل كانت مقررة بالفعل منذ الشهر الماضي.

وذكر المتحدث أن قرار تريشيه بقطع زيارته لأستراليا وعودته لأوروبا يرجع فقط لأسباب تتعلق بمواعيد الرحلات. وفي وقت سابق أمس، قال مسؤولون في بنك الاحتياطي الأسترالي والبنك المركزي الأوروبي إن تريشيه سيقطع زيارته لأستراليا ليتمكن من حضور قمة خاصة للاتحاد الأوروبي بشأن الاقتصاد تعقد في بروكسل غدا. وانخفض اليورو إلى نحو 1.369 دولار عقب الإعلان من نحو 1.371 دولار قبله. ومع ذلك لا تزال العملة الأوروبية مرتفعة بنحو 0.4 في المائة عن مستواها أمس بفضل تكهنات بأن الاتحاد الأوروبي ربما يضع خطة لمساعدة اليونان على حل مشكلاتها المالية. واقترحت الحكومة اليونانية أمس زيادة سن التقاعد سنتين في إطار إجراءات ترمي إلى إخراج البلاد من أزمة مالية غير مسبوقة، في حين قرر الموظفون التظاهر الأربعاء ضد خطة التقشف.

واقترح وزير العمل اليوناني أندرياس لوفردوس زيادة معدل سن التقاعد من الآن وحتى 2015 ليصبح 63 عاما. فيما تشهد اليوم مطارات اليونان اضطرابا شديدا في حركة الطيران منها وإليها بسبب اعتزام عمال قطاع الطيران المدني الانضمام إلى موجة إضرابات العاملين في الحكومة احتجاجا على خطط الحكومة الرامية إلى خفض عجز الميزانية.

أدى إضراب رجال الجمارك والضرائب يوم الجمعة الماضي إلى منع دخول الواردات بما فيها الوقود إلى اليونان، هو الأول في عدة إضرابات مخططة على مدى شهر احتجاجا على خطط التقشف الحكومية.