الهنود يطوعون طاقة الرياح لإنارة الإمارات

لأول مرة في الخليج العربي تستخدم لتضيء المساجد والمستشفيات

تفوقت الإمارات في الآونة الأخيرة في مجال الطاقة النظيفة
TT

لنتخيل مئات المساجد والمدارس في إمارة دبي مُنارة بأكملها بطاقة الرياح، فكم من موارد الطاقة الكهربائية سيتم توفيرها وتحويلها للاستثمار في مشروعات صناعية. استثمار ليس صعب المنال أو عصيّ التحقيق ولكنه خطوة جديدة في طريق قد لا يبدو طويلا لتخفيف الاعتماد على الطاقة الهيدروكربونية الملوثة، قد تبدأ هذه الخطوة على طرقات الإمارات الشمالية من خلال إنارتها بطاقة الرياح والشمس والاستغناء الكلي عن الطاقة الكهربائية بالديزيل. وهو طموح يراود الإماراتي محمد أحمد الشحي رئيس مجلس إدارة «سوثرن ويند باور – الإمارات» وهي شركة عالمية هندية تنتج معدات توليد الطاقة من الرياح والشمس للاستخدامات المتعددة وتبلغ استثماراتها 300 مليون دولار.

ويقول الشحي: «نمد يدينا للتحول إلى الطاقة النظيفة المولدة عن طريق الرياح والشمس، فمشروعات الطاقة الشمسية والرياح في مجلس التعاون الخليجي ستتيح لدوله ادخار ثروتها الهيدروكربونية التي تزيد على 45 في المائة من مكامن النفط الخام المتوقعة في العالم وتشكل ربع موارد العالم من الغاز». وفي رأي الشحي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» فإن الإمارات العربية المتحدة برزت بوصفها رائدة في هذا القطاع، لا سيما أبوظبي بمبادرة «مصدر» الشهيرة التي أطلقتها الإمارة لتكون أكبر برنامج يهدف إلى تطوير طاقة نظيفة في العالم باستثمارات زادت على 22 مليار دولار، مضيفا أن سائر الدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أخذت تتجه نحو مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية بسبب مواردها الهيدروكربونية المحدودة والطلب الداخلي المتزايد باطراد على الطاقة.

ويوجد في الشركة التي تسعى جاهدة لترسيخ فكرة التحول إلى الطاقة النظيفة مجموعة من نوعين من المولدات؛ الأول يعمل بالسولار والرياح، والثاني يعمل بالرياح فقط، وتتنوع وحدات هذه المولدات، فمنها الوحدة الصغيرة «إس إن تي 1» وتنتج 850 واط، وسعر الوحدة 25 ألف درهم، ثم وحدة أكبر «إس إن تي 10» وتنتج 1700 واط وسعرها 47 ألف درهم، و«إس إن تي 25» وتنتج 3400 واط وسعرها 98 ألف درهم، وأخيرا «إس إن تي 50» وتنتج 6200 واط وتتكلف 170 ألف درهم. ومن المقرر أن تخدم هذه الوحدات لشركة «سوثرن ويند باور» أماكن جديدة لم تكن الطاقة المنتجة من الرياح تغطيتها في منطقة الخليج، منها إنارة الشوارع ومتطلبات المستشفيات واستهلاك المساجد من الكهرباء المتولدة من طاقة الرياح. وتركز الشركة التي نشطت من خلال مشروعات ضخمة في الهند، على الإمارات الشمالية مع استعدادها للتعامل مع كل دول الخليج، ففي الإمارات الشمالية، كما يقول الشحي، هناك مصدر متميز للرياح يضاف إليه شمس ساطعة في أغلب أوقات السنة. وتتيح الشركة معدات لتوليد الطاقة الكهربائية في عدة مرافق مهمة ابتداء بإنارة الطرقات والمساجد والمدارس ومحطات الوقود وليس انتهاء بالمزارع والأبنية السكنية.

ومن المتاح للمتحمسين لاستخدام الطاقة النظيفة من الأفراد تركيب وحدة توليد في منازلهم، وتستطيع وحدة تنتجها الشركة من خلال الاعتماد على المزج بين طاقتي الرياح والشمس أن تولد طاقة كهربائية لمنزل كبير يحتوي على مكيفي هواء ومائة مصباح كهربائي وأجهزة كهربائية متعددة من دون ضجيج المولدات بالديزل وبلا تلوث يضر البيئة. ولكن ما يبقى على المحك هو: هل هناك استعداد لدى الأفراد لاقتناء هذه التقنية الخضراء والمكفولة تماما لمدة 25 سنة وتركيبها على منازلهم بمبلغ «12 ألف دولار»؟ ما يعني في المقابل الاستغناء عن دفع فاتورة الكهرباء لمدة 25 سنة هي مدة الضمانة التي تخضع لها معدات التوليد وهو ما يقوله الشحي الذي يرى أن عملية التحول إلى الطاقة المتجددة الباقية ببقاء الحياة هو الخيار البديل القادم عن الطاقة العضوية المهددة بالزوال.

وهو ما يذهب إليه فالسون هوبين، المدير العام لشركة «سوثرن ويند باور ديفيلوبرز»، الذي يرى أن الاهتمام المتزايد بالطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة في البلدان الخليجية المصدرة للنفط تفرضه الضرورات البيئية والتقدم التكنولوجي الذي يتسم به تطوير طاقات متجددة، مشيرا إلى أن استغلال البلدان الكبرى المصدرة للهيدروكربونات في العالم العربي لإمكاناتها الهائلة في مجال الطاقة الشمسية يعكس حرصا مزدوجا على حماية البيئة من جهة، والاستعداد لحقبة ما بعد النفط من جهة أخرى.

يشار إلى أن دراسة حديثة دعت دول الخليج لتوفير حوافز تشجيع مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من أجل تأمين حاجاتها من الكهرباء والحفاظ على ثروتها الهيدروكربونية، متوقعة أن تبلغ كمية الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في دول مجلس التعاون الخليجي 5000 ميغاواط بحلول عام 2015، منها 1000 ميغاواط في البحرين، و3500 ميغاواط في قطر، و400 ميغاواط في الإمارات العربية.

يشار إلى أن إمارة أبوظبي شهدت مؤخرا إطلاق أول مدينة في العالم خالية من الانبعاثات الكربونية والنفايات والسيارات، هي مدينة «مصدر» التي يصل إجمالي تكلفتها إلى نحو 15 مليار دولار.