تقرير سعودي يتوقع نمو الاقتصاد المحلي 3.8% مدعوما بتحسن القطاع النفطي

«جدوى للاستثمار» ترسم تنبؤات للملامح المستقبلية للاقتصاد العالمي في 2011

تقرير جدوى للاستثمار توقع نمو الاقتصاد السعودي 3.8 % (أ.ف.ب)
TT

كشف تقرير سعودي عن توقعاته أن يتحسن أداء الاقتصاد السعودي عام 2010 ويرتفع معدل النمو إلى 3.8 في المائة، مع توفر الائتمان وعودة الميزانية العامة إلى تحقيق الفوائض متنبئا أن يعزز الإنفاق الحكومي الضخم قوة الدفع الرئيسية في عملية حفز النمو، مدعوما بارتفاع مساهمة القطاع الخاص عقب الانتعاش المتوقع في سوق الائتمان.

وتوقع تقرير من إعداد دائرة الاقتصاد والبحوث في «جدوى للاستثمار» السعودية أن يساهم الاقتصاد العالمي المتعافي من خلال المحافظة على أسعار النفط حول مستوياتها الحالية وزيادة الطلب على الصادرات في التوقعات الإيجابية بشأن تحسن الاقتصاد المحلي. وتشير البيانات الاقتصادية - وفقا للتقرير - إلى أن تحسنا قد طرأ على الثقة والدخول في دورة قوية تؤدي إلى زيادة الإنفاق وتعزيز أداء الشركات ورفع أسعار الأسهم وتشجيع البنوك على الإقراض، موضحا توقعاته في ضوء تلك الظروف أن يرتفع النمو الفعلي للقطاع الخاص غير النفطي إلى 3.8 في المائة وأن يسجل الناتج الإجمالي الفعلي نموا بنفس المستوى.

ويرى التقرير أن القضية الرئيسية التي ستواجه صناع القرار الاقتصادي في السعودية هي توفير الظروف الملائمة التي تساند وتدعم ذلك الانتعاش، مرشحا أن الإنفاق الحكومي الفعلي سيتجاوز مستويات الإنفاق المقررة في الميزانية وأن تبقى أسعار الفائدة منخفضة جدا.

ولفت تقرير «جدوى للاستثمار» إلى أن ارتفاع متوسط أسعار النفط وزيادة حجم الإنتاج عن المستويات التي بنيت عليها الميزانية سيؤدي إلى تحقيق إيرادات إضافية، ومن ثم تسجيل فائض في الميزانية، بينما في حالة حدوث عجز فالمملكة قادرة على تغطيته بسهولة من احتياطياتها الضخمة من الموجودات الأجنبية.

وأورد التقرير ما نصه: «لن يشكل التضخم الذي يتوقع أن يبلغ 4.5 في المائة في المتوسط مشكلة للاقتصاد السعودي، رغم أنها تعتبر مرتفعة قياسا بالنمط التاريخي، لأن استجابة المصارف بضخ القروض ستأتي ضعيفة بسبب أسعار الفائدة المنخفضة»، متوقعا أن يرتفع التضخم خلال الأشهر القليلة الأولى من العام قبل أن يتراجع تدريجيا ابتداء من الربع الثاني.

وزاد التقرير: «مع أن الارتفاع الذي نتوقع أن يسجله التضخم في مطلع العام يعود إلى عوامل خارجية، فإن الإيجارات ستظل المصدر الرئيسي للتضخم في المملكة».

وفي محور آخر، يرى التقرير أن الاقتصاد العالمي سيدخل في العام 2010 وضعا أفضل بكثير عما كان عليه خلال العام 2009، حيث أدت التدابير الاستثنائية التي اتخذت على المستوى العالمي، التي شملت زيادة الإنفاق الحكومي بصورة كبيرة وخفض أسعار الفائدة إلى مستويات استثنائية فضلا عن الإجراءات غير المسبوقة لدعم الأنظمة المالية، دفعت إلى حماية الاقتصاد العالمي من التغلغل في الكساد وإلى استئناف النمو في مختلف أنحاء العالم. وذكر التقرير الذي حصلت على نسخة منه «الشرق الأوسط»: «الانتعاش الحالي في الاقتصاد العالمي سيأتي شاملا وقويا خلال الأشهر الستة القادمة نتيجة لعدة عوامل، أبرزها السياسات المالية والنقدية الداعمة وإعادة بناء المخزونات وارتفاع أرباح الشركات مما يحفز عملية الاستثمار، إضافة إلى تراجع أثر التدهور في قطاع المساكن عن كاهل الاقتصاد العالمي».

وأبانت الدائرة الاقتصادية في «جدوى للاستثمار» أن النمو المعتدل في النصف الثاني من عام 2010 سيأتي جراء ميل السياسات الاقتصادية نحو التحفظ، وعودة المخزونات إلى وضعها الطبيعي والاستمرار في خفض المديونية وتباطؤ الاستثمارات، نتيجة التراجع في معدلات استخدام الطاقات الإنتاجية، واعتماد الاقتصاديات الناشئة على توفير احتياجاتها من مواردها الذاتية فضلا عما يضيفه تبني سياسات مالية متشددة من أعباء جديدة.

ويوضح التقرير أن الاستقرار الذي طرأ مؤخرا في أسعار النفط يرشح أن يستمر ما لم تحدث هزات كبيرة في الاقتصاد العالمي، أو تبرز مستجدات تربك الإمدادات النفطية، مقدرا أن يأتي متوسط سعر خام غرب تكساس خلال عام 2010 عند مستوى 75 دولارا للبرميل (أي ما يعادل 71 دولارا للبرميل من الخام السعودي)، وكذلك بلوغ متوسط إنتاج النفط السعودي 8.3 مليون برميل في اليوم، أي بزيادة 2.3 في المائة عن المتوسط المقدّر له خلال هذا العام.

ورشح التقرير أن يقفز النمو الاقتصادي في السعودية هذا العام إلى 3.8 في المائة مرتفعا من 0.15 في المائة عام 2009، وذلك بفضل تحسن الأداء في القطاعين النفطي وغير النفطي على حد سواء، بينما سيأتي نمو قطاع النفط نتيجة لزيادة الإنتاج واستجابة للانتعاش الذي يشهده الاقتصاد العالمي. وبحسب «جدوى للاستثمار» يقدر أن يسجل قطاع النفط نموا يتجاوز الارتفاع في إنتاج النفط 2.3 في المائة، بفضل المشاريع التي يجري تنفيذها حاليا في القطاع، في حين كان قطاع النفط قد نما بمتوسط 1.8 نقطة مئوية أعلى من النمو في إنتاجه خلال السنوات الخمس المنتهية عام 2009، بينما بلغ الفرق بين معدلي النمو نحو 5.7 نقطة مئوية في عام 2009 وحده. أما النمو في القطاع غير النفطي - فيبن التقرير - أنه سيأتي نتيجة تخفيف القيود على الائتمان وزيادة الإنفاق الحكومي وانخفاض أسعار الفائدة، التي ستؤدي مجتمعة إلى تعزيز الثقة بصورة كبيرة، متوقعا أن تكون أسرع القطاعات نموا هي النقل والاتصالات والطاقة والمياه. ويعتقد التقرير أن عمليات الإقراض أصبحت مهيأة للانتعاش خلال هذا العام، حيث بدأت الثقة تعود إلى البنوك التي يبدو أنها أصبحت أكثر ارتياحا بشأن مستويات انكشافها وذلك بسبب عدم ظهور أي مشكلات مالية جديدة بين شركات القطاع الخاص، مفيدا أن البنوك المحلية، ورغم حالة تعزز الثقة، لجأت إلى تجنيب أكثر من 7 مليار ريال عام 2009 من أجل تغطية الخسائر رغم أن جميعها سجل أرباحا العام الماضي. سوف يتحسن نمو الاقتصاد العالمي تدريجيا خلال عام 2011، مقارنة بوتيرة النمو البطيئة التي يتوقع أن تسود خلال النصف الثاني من عام 2010، إلا أن سحب الحوافز المالية التدريجي، وخاصة تقييد الموازنة، وما يتبعها من خفض في الإنفاق وزيادة في الضرائب والاستمرار في عملية خفض المديونية سيؤديان إلى إبطاء وتيرة الارتفاع. وسيظل النمو أقوى لدى الاقتصاديات الناشئة وخاصة آسيا، مما يعزز الطلب على النفط ويدفعنا لتوقع ارتفاع طفيف في متوسط أسعار النفط إلى 80 دولارا للبرميل (خام غرب تكساس). وسوف يؤدي بطء النمو والطاقة الإنتاجية العاطلة الكبيرة إلى بقاء التضخم منخفضا.

ورجحت «جدوى للاستثمار» أن تنتعش سوق الائتمان لكن لا نتوقع أن يتعدى نموه 15 في المائة (بلغ متوسط نموه خلال عامي 2004 و2008 نحو 27 في المائة)، متنبئة أن يرتفع نمو القطاع الخاص غير النفطي لكن دون مستوى عام 2008. وتوقع التقرير حدوث تراجع في قيمة الدولار خلال عام 2011، مفيدا أنه في حال جاء التراجع سريعا فسيصبح معدل التضخم أعلى من التقديرات المتاحة، بينما من المحتمل أن ينشأ تعارض بين متطلبات المملكة والولايات المتحدة فيما يتعلق بأسعار الفائدة، مما يؤدي إلى بعض المضاربة على الريال، لكن سيظل الريال مرتبطا بالدولار رغما عن ذلك.