العلاوات الضخمة في «وول ستريت» تحصدها أسماء غير لامعة

رئيس بنك «ويلز فارغو» تقاضى ضعف ما حصل عليه نظيره في «غولدمان ساكس» الشهير

TT

في العادة، تضم قائمة أكبر مسؤولي «وول ستريت» من حيث الدخل الذي تحققه أسماء لامعة لا تحتاج إلى تعريف، لكن هذا الوضع اختلف في الوقت الراهن، حيث اتضح أن بعض أعلى المسؤولين التنفيذيين من حيث الأجر داخل الولايات المتحدة يعملون من مكاتب بعيدة عن لور مانهاتن، داخل شركات نجحت في معظمها في تجنب موجة الغضب العارمة التي طالبت برد الأموال الضخمة التي تقاضاها مسؤولون في «وول ستريت».

يأتي على رأس القائمة جون جي ستمبف، رئيس «ويلز فارغو»، المصرف الذي يتخذ من سان فرانسيسكو مقرا له، وذلك طبقا لما ورد في تحليل للأجور التي حصل عليها مسؤولو الصناعة المالية خلال عام 2009. تقاضى ستمبف أفضل عائد جناه على المستوى الشخصي وبلغ 18.7 مليون دولار نقدا، علاوة على أسهم خلال عام 2009، بارتفاع بنسبة 64% عما تقاضاه عام 2007، قبيل وقوع الأزمة المالية.

الملاحظ أن ستمبف يتقاضى بذلك ضعف ما يحصل عليه نظيره في «غولدمان ساكس»، لويد سي بلانكفين - الذي أصبح في أعين الكثير من الأميركيين بمثابة نموذج لطبقة الأثرياء الجدد الذين خرجوا من رحم «وول ستريت» - والذي تقاضى 9.7 مليون دولار عن عام 2009، أقل مما توقعه البعض له. ويعد هذا الوضع انقلابا مذهلا في النظام القديم للأجور، حيث عادة ما كانت الأسماء اللامعة في «وول ستريت»، مثل بلانكفين، تتقاضى أكثر بكثير من مصرفيين متحفظين مثل ستمبف، الذي يتمثل النشاط الأكبر لمصرفه في توفير رهون عقارية وقروض للشركات.

إلا أنه منذ تدخل الحكومة لإنقاذ المصارف، يجري النظر في قواعد دفع أجور المصرفيين. وعليه، أصبحت بعض أشهر الأسماء في المجال المصرفي تتقاضى أقل من مصرفيين آخرين أقل شهرة نسبيا. والآن، أصبح كبار المسؤولين التنفيذيين، الذين عادة ما يحتلون الفئة العليا من الأجور، يتقاضون الأجر نفسه الذي يحصل عليه مسؤولون تنفيذيون آخرون يعملون تحت إمرتهم، بل وربما أقل، في بعض الأحيان. ويرجع صعود ستمبف ومسؤولين تنفيذيين آخرين سلم الأجور في جزء منه إلى تحرك أمثال بلانكفين في اتجاه الهبوط. وعلى الرغم من كل الاهتمام المنصب على أجور كبار المسؤولين التنفيذيين، فإن من المثير للدهشة حجم الأموال الضخمة التي يحصل عليها مصرفيون ومضاربون في «وول ستريت» يصل ما يتقاضونه إلى مئات آلاف وملايين الدولارات وتمر غالبا من دون أن يلحظها أحد، حال الكشف عنها من الأساس.

يذكر أن حجم ما يتقاضاه كبار المسؤولين التنفيذيين، نقدا وفي صورة أسهم، يجري الإعلان عنه في مستندات المصرف. الواضح أن النتائج المتعلقة بالأجور جاءت مذهلة هذا العام، طبقا لتحليل وضعته شركة «إكويلر»، البحثية المعنية بتحليل أجور المسؤولين التنفيذيين. على رأس قائمة أعلى المصرفيين من حيث الأجر رؤساء مؤسسات بطاقات الاعتماد العملاقة، مثل «فيزا» و«ماستركارد وورلدوايد» و«كابيتال وان فايننشال» و«أميركان إكسبريس». يذكر أن جوزيف دبليو سوندرز، الذي يتولى إدارة «فيزا»، تقاضى قرابة 15.5 مليون دولار، وهو رقم يتجاوز بكثير ما حصل عليه كبار المسؤولين التنفيذيين في «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب».

وحصل كل من أياي بانغا، رئيس «ماستر كارد وورلدوايد»، ولورانس دي فرانك، رئيس شركة «بلاك روك» المالية العملاقة، وريتشارد بي هاندلر، رئيس «جيفريز غروب»، وهو مصرف استثماري متوسط الحجم غير معروف خارج الدوائر المالية، على نحو 13 مليون دولار. وجاء في مرتبة قريبة منهم مسؤولون تنفيذيون في مؤسسات معينة تعمل بمجال السمسرة والتأمين ومصارف إقليمية.

ومثلما كان الحال دوما، ارتبطت الأجور الأكبر على الإطلاق في «وول ستريت» بمجال المضاربة، لكن الأجور التي يتقاضاها الموظفون ذوو المسؤوليات التنفيذية القليلة عادة ما تكون معفاة من متطلبات الكشف عنها. وبالمثل، حصل السماسرة ومديري الأصول على أموال كبيرة غالبا لا يجري الكشف عنها. من جهته، قال آلان جونسون، المستشار الذي يعمل منذ أمد بعيد في «وول ستريت»: «من المحتمل أن يكون هناك الآلاف داخل (نادي المليونيرات) - بل وربما (نادي أصحاب عشرات الملايين) - لم يتلفت أحد إليهم». الملاحظ أن حفنة من الشركات البارزة تهيمن على قائمة المسؤولين الأعلى أجرا، حيث يحتل مديرون رفيعو المستوى من «جيه بي مورغان تشيس» و«غولدمان ساكس» الكثير من المراكز المتقدمة في قائمة مسؤولي «وول ستريت» الأعلى أجرا. ومع ذلك، فإن القليل منهم ينتمي لفئة المشاهير.

في الوقت الذي يبدو أن جيمي ديمون، رئيس «جيه بي مورغان»، أعلى ثاني مسؤول مصرفي من حيث الأجر، بحصوله على 17.6 مليون دولار، فإن أحد العاملين تحت قيادته حصد الأجر ذاته تقريبا، وهي إينا آر درو، رئيسة شؤون الاستثمار في «جيه بي مورغان». حصلت درو، التي أسهمت سياساتها تجاه معدلات الفائدة في جني المصرف لأرباح قدرت بعدة مليارات من الدولارات، نحو 13 مليون دولار.

رغم تسلط الأضواء على أجر بلانكفين داخل «غولدمان ساكس»، لم تثر كثيرا من الأقاويل حول الأموال التي تلقاها غوردون نيكسون، الذي يعمل لدى «المصرف الملكي الكندي». وتقاضى نيكسون مبلغا مكافئا تقريبا، 9.7 مليون دولار، لما تقاضاه بلانكفين، رغم أنه غير مشهور نسبيا.

يوفر التحليل الذي وضعته «إكويلر» نظرة أولية على الرواتب والأجور لعام 2009، ولا يعد مراجعة شاملة. ولأغراض الدراسة، فإن أي أسهم أو خيارات خضعت إلى عوائق الأداء جرى تقديرها بناء على مستويات الأهداف. بيد أنه على أرض الواقع، يتلقى الكثير من المسؤولين التنفيذيين مبالغ أكبر بكثير تفوق الأهداف المالية التي تحددها الشركة.

الملاحظ أن «ويلز فارغو» حقق نتائج قوية، حتى في الوقت الذي ناضل فيه للصمود في وجه تفاقم الخسائر المرتبطة بالرهن العقاري والعقارات التجارية، وقبل إعانة مالية من الحكومة عام 2008.

مع استعادته عافيته العام الماضي، بدأ المصرف في الكشف عن تفاصيل منح أسهم ضخمة حصل عليها ستمبف. في أغسطس (آب)، أعلن «ويلز فارغو» أن ستمبف حصل على راتب قدره 900000 دولار وقرابة 6.5 مليون دولار في صور متنوعة من الأسهم المقيدة. عشية العام الجديد، أعلن المصرف في بيان له أن ستمبف سيتلقى حصة أخرى مما يطلق عليه أسهم الأداء - تصل قيمتها على 15.4 مليون دولار.

ويعني ذلك أن أجره ربما يصل بسهولة إلى 24 مليون دولار سنويا خلال عام كان «ويلز فارغو» خلاله من أبطأ المصارف الكبرى في سداد الإعانات المالية التي تلقاها.

من جهته، قال ستيفين دبليو سانغر، الذي يترأس لجنة الأجور في «ويلز فارغو»، في بيان أصدره في ديسمبر (كانون الأول): «نؤمن بأن لدينا أفضل فريق قيادي في مجال الخدمات المالية اليوم، ويتمثل العنصر الجوهري للاحتفاظ بهذه المواهب على المدى الطويل في دفع أجور تنافسية لقياداتنا الكبرى والربط بين مصالحهم ومصالح أصحاب الأسهم».

وفيما يخص الأجور، يبدو أن «وول ستريت» عاودت سيرتها الأول، حيث تلقى جيمس بي غورمان، الرئيس التنفيذي الجديد لـ«مورغان ستانلي»، ما يتراوح بين 11 و13 مليون دولار، رغم إعلان المؤسسة تكبدها خسائر سنوية.

وأعلن مارك ليك، المتحدث الرسمي باسم «مورغان ستانلي»، أن غورمان تلقى مكافآت لأنه، كرئيس، كان مسؤولا عن دمج وحدة «سميث بارني» الضخمة للسمسرة وكان الرئيس التنفيذي المحتمل. أما أعلى مسؤول تنفيذي في «بنك أوف أميركا» من حيث الأجر فكان العقل المدبر وراء القرار المشئوم بالاستحواذ على «ميريل لنتش»، غريغوري إل كيرل، حيث تقاضى أكثر من 9.2 مليون دولار في صورة أسهم، معظمها سيجري دفعه شهريا على مدار السنوات الثلاث القادمة. وسيحصل برينام تي موينيهان، الرئيس التنفيذي الجديد لـ«بنك أوف أميركا»، على قرابة 6.1 مليون دولار، بفضل منحة مشابهة من الأسهم.

من ناحيته، كافأ «جيفريز غروب»، وهو مصرف استثماري متوسط الحجم حظي بعام من الأداء القوي، كبار مسؤوليه التنفيذيين بمكافآت مجزية. ولا تزال مزيد من المكافآت في الطريق. في منتصف يناير (كانون الثاني)، تلقى هاندلر منحة أسهم بقيمة 39 مليون دولار. ويمكن صرف المنحة، التي تخضع لأهداف محددة تتعلق بالأداء، على مدار السنوات الثلاث القادمة، وستتجاوز أي راتب أو علاوات تقاضاها مسؤولون تنفيذيون.

يعد هانز موريس، رئيس المؤسسة، أحد أعلى المسؤولين التنفيذيين الماليين من حيث الأجر عن عام 2009 أثناء وجوده في منصبه، بل وتقاضى المزيد بعد استقالته. بعد رحيله عن «فيزا» في يوليو (تموز)، حصل موريس على حزمة مالية لرحيله بلغت 24 مليون دولار. وعلق بريان فولي، مستشار مستقل يعنى بشؤون الأجور، بقوله: «لقد انتهت فترة عمله، ومع ذلك لا يزال يحصل على أموال».

* خدمة «نيويورك تايمز»