مديرو صناديق الاستثمار يخفضون توقعاتهم بآفاق الانتعاش الاقتصادي الأوروبي والصيني

من خلال استبيان لبنك أوف أميركا ميريل لينش

TT

كشف الاستبيان الشهري لبنك أوف أميركا ميريل لينش لآراء مديري صناديق الاستثمار لشهر فبراير (شباط) الحالي، عن إعادتهم هيكلة تركيبة محافظهم الاستثمارية، في رد فعل قوي على توقعاتهم بتباطؤ الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو والصين، وقلقهم من استبعاد رفع أسعار الفوائد الأوروبية وتوقع تقييد السيولة النقدية في الصين.

وأوضح الاستبيان أن المستثمرين خفضوا توقعاتهم بنمو الاقتصادات الأوروبية والصينية، ولجأوا في المقابل إلى أمان الحيازات النقدية بدل الأسهم، مع تزايد نسبة استبعادهم لقيام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار فوائده عام 2010. وهذا يفسر سبب تراجع أسواق الأسهم العالمية بنسبة 8.9 في المائة خلال فترة الاستبيان، التي امتدت من الخامس ولغاية الحادي عشر من الشهر الحالي.

وتراجعت نسبة المستثمرين الأوروبيين الذين يتوقعون نمو الاقتصادات الأوروبية خلال الشهور الاثني عشرة المقبلة من 74 بالمائة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى 51 في المائة هذا الشهر، مقابل ارتفاع نسبة الذين يستبعدون قيام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار فوائده بقوة من 19 في المائة إلى 45 في المائة خلال الشهرين موضوع المقارنة. وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت نسبة المديرين الذين يستبعدون قيام بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي برفع أسعار فوائده قبل عام 2011، من 27 في المائة إلى 42 في المائة.

كما ارتفعت نسبة عمليات التحوط إزاء المخاطر المحتملة، وتجلت في ارتفاع الأرصدة النقدية العالمية للمستثمرين من 3.4 في المائة في يناير إلى 4 في المائة في فبراير. وخفضت صناديق التحوط نسبة استثماراتها المعززة بالقروض من 1.33 مثل إلى أقل من مثل واحد. وتخلصت الصناديق الأوروبية من حيازاتها من أسهم القطاع المالي، وسط مخاوف من انكشافها أمام اضطراب الاقتصادات الأوروبية. ويقول المستثمرون العالميون إن أوروبا هي المنطقة التي يريدون تخفيض نسبة استثماراتهم في أسهمها أكثر من أي منطقة أخرى في العالم. ولفت جاري بيكر، رئيس دائرة استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية «إلى أن المستثمرين يتساءلون عما إذا كانت هذه التوجهات تعبر عن مجرد مرحلة تباطؤ في النمو، أم أنها تشير إلى تحول جذري في التوجهات، ونحن نعتقد بأن الاحتمال الأول هو الأصح».

من ناحيته، قال مايكل هارتنت، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية: «أدت المخاوف المتزايدة حول الديون السيادية الأوروبية وتقييد الائتمان والسيولة النقدية في الصين، إلى ارتفاع نسبة المستثمرين الراغبين في الاستثمار في الأصول النقدية المقوَّمة بالدولار الأميركي، إلى أعلى مستوياتها في 10 سنوات، وتحولت أسهم البنوك إلى أقل القطاعات استقطابا للمستثمرين في الاقتصاد العالمي».

وتجلّى أكبر تغيير شهده شهر فبراير في عودة المستثمرين إلى الاستثمار في الأصول النقدية. فارتفعت نسبة مسؤولي تخصيص الأصول العالميين الذين فضلوا الحصة النقدية في محافظهم على الأسهم إلى 12 في المائة الشهر الحالي، في أعلى نسبة من نوعها منذ يونيو (حزيران) 2009، مقابل 8 في المائة قلصوا الحصة النقدية في محافظهم في شهر يناير الماضي.

كما انخفضت حصة الأسهم في مخصصات الأصول الاستثمارية بحدة في هذا الشهر، حيث أكد 33 في المائة من أولئك المستثمرين إقبالهم على الاستثمار في الأسهم في محافظهم الاستثمارية، بتراجع كبير عن نسبة 52 في المائة الشهر الماضي. ولاحظ الاستبيان اتجاها معتدلا للعودة إلى السندات، حيث أشار 39 في المائة من أولئك المسؤولين إلى تقليصهم لحصة السندات في محافظهم الاستثمارية في فبراير، في انخفاض واضح عن نسبة 52 في المائة في يناير. إلا أن مسؤولي التخصيص لا يزالون يفضلون بوضوح الاستثمار في أسهم القطاعات المبشرة بالنمو، مثل أسهم قطاعات التكنولوجيا والطاقة والشركات الصناعية.

وتراجع الإقبال على أسهم شركات السلع الأساسية التي يرتبط نمو الطلب عليها بنمو الطلب الصيني، حيث أكد 10 في المائة من المستثمرين العالميين أنهم عززوا حصة أسهم تلك الشركات في محافظهم الاستثمارية في فبراير، في تراجع كبير عن 23 في المائة في شهر يناير. لكن 18 في المائة من أولئك المستثمرين يعتقدون الآن أن أسعار النفط مقيمة بأقل من قيمتها الحقيقية، في أعقاب تراجع الأسعار بنسبة 9 في المائة مؤخرا.

وفي المقابل سجل الاستبيان أكبر نسبة تراجع في التوقعات باستمرار نمو الاقتصادي الصيني، حيث أعلن 7 في المائة فقط من الذين شملهم الاستبيان عن توقعهم بتنامي قوة الاقتصاد الصيني خلال الشهور الاثني عشر القادمة، في تدهور حاد عن توقعات الشهر الماضي التي كانت عند نسبة 51 في المائة، كما أنها أدنى نسبة من نوعها منذ مارس (آذار) عام 2009. وجاء هذا التحول الجذري في أعقاب قيام البنك المركزي الصيني بزيادة نسبة الاحتياطات الإلزامية التي يتوجب على البنوك إيداعها لديه.

وأكد مديرو صناديق الاستثمار الأوروبية المشاركين في الاستبيان، أنهم خفضوا نسبة انكشافهم على أسهم البنوك بشكل جذري الشهر المنصرم.

وتشير نتائج الاستبيان إلى أن نحو نصف المشاركين خفضوا حصة أسهم البنوك في محافظهم الاستثمارية في فبراير، مقابل 16 في المائة فقط في يناير، مما يمثل فارقا بواقع 37 في المائة، وهو أكبر فارق من نوعه منذ شهر مارس 2009. وعلى الرغم من هذا الهروب الكبير من الأسهم، لا يزال نحو 14 في المائة يعتقدون بأن أسعار أسهم البنوك مقيمة بنسبة أعلى من قيمتها الحقيقية.

وقال جاري بيكر «إن الأزمة الاقتصادية في اليونان أثارت تساؤلات حول مدى انكشاف البنوك على إقراض اليونان والدول الصغيرة الأخرى في الاتحاد الأوروبي. كما ازدادت المخاوف من احتمال ارتفاع تكلفة رؤوس أموال البنوك. إلا أن موجة التخلص من أسهم البنوك تركزت في أوروبا حاليا، حيث إن المستثمرين الأميركيين زادوا في الواقع من انكشاف محافظهم الاستثمارية على أسهم البنوك، حيث تراجعت نسبة الذين يحتفظون منهم بحصة أقل من أسهم البنوك في محافظهم من 38 في المائة في يناير إلى 24 في المائة في فبراير».