«اليونسكو» تطالب بتنفيذ خطط التحسين وواقعية الاستثمارات في قطاع التعليم

استعراض تجربتي السعودية والكويت وتأكيدات حول تحسين الدعم الحكومي العالمي للتعليم

اكدت الأرقام أن موازنة العام الحالي للسعودية شهدت تخصيص 131.6 مليار ريال للتعليم، ما يمثل 25 في المائة من إجمالي الإنفاق العام للدولة ( تصوير: سلمان مرزوقي)
TT

وجه مسوؤل بارز في منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة «اليونسكو» إلى ضرورة التزام الحكومات بتحسين مستوى التعليم الحكومي، إضافة إلى تقديمه انتقادات واسعة لغياب الاستثمارات الحقيقية والفعالة في هذا المجال.

وقال أولاف سيم مدير برنامج منظمة «اليونيسكو» التعلم للجميع: إن التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان ووسيلة رئيسية للتنمية والمحرك الأساسي لتحقيق الصحة وسلامة البيئة، في الوقت الذي يعد التعليم هو أساس تطور المجتمعات وتحقيق العدالة.

وأضاف سيم، الذي كان يتحدث خلال الجلسة الثالثة والأخيرة لفعاليات منتدى جدة الاقتصادي 2010: «هناك أدلة ومستندات لدى اليونسكو تؤكد مدى أهمية العلاقة بين الاستثمار في التعليم والنمو الاقتصادي في جميع دول العالم، ووفقا لتقرير البنك الدولي فإن التعليم يحقق عائدات مهمة للمجتمعات الإنسانية، إذ يؤكد البنك الدولي أن التعليم أحد العوامل الرئيسية لتحقيق النمو المستدام». وأضاف: «تشير الدراسات الحديثة إلى أن سنة إضافية واحدة في التعليم تحقق نموا بنحو 7 في المائة في الناتج المحلي»، مشيرا إلى أن 57 مليونا من البالغين في العالم لا يجيدون القراءة والكتابة، كما أن 72 مليونا من الأطفال لم يجدوا مكانا في المدارس بينهم 6 ملايين طفل عربي طبقا لإحصائيات عام 2007.

وعلق قائلا: «تعد هذه الأرقام تعطيلا للتنمية، فالأوضاع الاقتصادية أثرت على التعليم بشكل مباشر، حيث تنفق البلدان الغنية على التعليم، بينما تتراجع البلدان الفقيرة عن ذلك، مما دفع الطلاب إلى التوقف عن التعليم لعدم المقدرة على الإنفاق». وزاد سيم: «لا توجد حلول سحرية للحصول على تعليم عالي الجودة، بل يتطلب الأمر جهودا متواصلة، أهمها المعلم». كما رأى عدم اهتمام بالمعلم وتطويره في الدول الفقيرة. وكانت الجلسة ناقشت الأمور التعليمية وتعلقها باقتصاديات العالم، واستعرض المتحدثون تجارب السعودية والكويت في التعليم وخططهما.

من جانبه، استعرض فيصل بن عبد الرحمن بن معمر نائب وزير التربية والتعليم الاستراتيجية السعودية لتطوير التعليم التي انطلقت من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي تحث على نقل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي ومنتج ومنافس بحلول عام 2022. وفي ما يتعلق بإنفاق البلاد على التعليم، قال بن معمر: «إن زيادة الإنفاق على التعليم هو استثمار بعيد المدى يحد من البطالة وينقل المجتمع إلى مجتمع المعرفة وبناء شخصية الطالب، ويحقق الانفتاح على العالم، والاستفادة من الخبرات العالمية بما يؤدي إلى تطوير مخرجات التعليم لتوائم متطلبات سوق العمل».

وأشار نائب وزير التربية والتعليم عن دور الاستثمار في التعليم خصوصا بعد أن أضرت الأزمة المالية العالمية بعدد من دول العالم، وقال: «إن المملكة اتبعت حلولا غير تقليدية مقارنة بالدول الأخرى، فقد زادت من حجم الإنفاق لتطوير التعليم في هذه الفترة لإيمانها بأن الاستثمار في التعليم هو أحد الحلول، والأرقام تؤكد أن موازنة العام المالي الحالي شهدت تخصيص 131.6 مليار ريال للتعليم، ما يمثل 25 في المائة من إجمالي الإنفاق العام للدولة، محققا بذلك زيادة نسبتها 13 في المائة مقارنة بالعام المالي الماضي». وتابع: «تضمنت هذه الموازنة اعتمادات لإنشاء 1200 مدرسة جديدة وتجديد 3112 مدرسة قديمة، إضافة إلى 9 مليارات ريال سبق أن اعتمدها خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم في المملكة». من جانبه، عرض الدكتور خالد السعد وكيل التعليم العالي في وزارة التعليم في الكويت والمدير التنفيذي السابق في البنك الدولي نماذج لنجاحات وإخفاقات التعليم في بلاده وفي ودول مجلس التعاون الخليجي. وأكد أنه لا يمكن تحقيق أي إصلاح سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي من دون إصلاح التعليم. مشددا «ما لم يتم إصلاح التعليم فكل الجهود الأخرى ستذهب أدراج الرياح». وحذر الدكتور السعد من التأثير السلبي للتقنيات الحديثة على التعليم، باعتبار الحاسوب مقللا من تفاعل الطالب والمعلم. واستعرض السعد التعليم في الكويت، حيث أشار إلى أن بلاده قطعت شوطا طويلا في التعليم منذ خمسينات القرن الماضي، وأثمرت التجربة عن إيجابيات تمخضت حول 90 في المائة من النساء الكويتيات اللاتي تجاوزن سن الخامسة عشر عاما متعلمات، ونسبة الطالبات في جامعة الكويت 65 في المائة.

وأضاف: «طبقا لإحصائيات البنك الدولي فإن الكويت هي الأولى عربيا والثالثة والثلاثون عالميا من الدول التي تعتمد على العامل البشري في المدارس». واستطرد «إلا أن هناك إخفاقات كبيرة في نظام التعليم الكويتي تتمثل في ضعف الجودة والنوعية والمستوى غير المشجع للطلاب، مما يمثل خيبة أمل لنا».

وأوضح أن أسباب القلق تكمن في عدة نقاط منها: كثرة عدد ساعات التدريس في المدارس، وضعف نشاط الطلاب خارج المدارس، فضلا عن كثرة غياب الطلاب وعدم انتظامهم في قاعات الدرس، وعدم وجود خلفيات لدى المدرسة عن الأطفال بما يكفي لمعرفة المشكلات وتقديم الحلول.