مسؤول خليجي يكشف عن توجه دول المجلس لزيادة الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية

خبراء يؤكدون العلاقة بين الصحة والاقتصاد والتنمية

TT

كشف مسؤول خليجي رفيع أن دول مجلس التعاون تعتزم زيادة الاستثمارات في القطاع الطبي ومتعلقاته، وذلك في ظل الانحسار المالي وارتفاع التكلفة الطبية، خاصة بعد تداعيات الأزمة المالية العالمية.

وقال الدكتور توفيق خوجة المدير العام للمجلس التنفيذي لمجلس وزراء الصحة في دول الخليج العربي، إن تلك الرؤية جاءت من منطلق كون الاستثمار في الرعاية الصحية للمواطنين والمقيمين هو استثمار في الاقتصاد، مشيرا إلى أنه من الضروري تقديم خدمات صحية متكاملة لكل الأفراد، وذلك لتجنب ارتفاع التكلفة في الرعاية الصحية في حال عدم الوقاية من الأمراض، وبالتالي فإن تكلفة العلاج ستكون مرتفعة. وأضاف خوجة الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن وزراء الصحة في دول الخليج اتفقوا على الاستثمار في مجال الرعاية الصحية وطب الأسرة والمجتمع، كونها أقل في التكلفة في تقديم الخدمات وأكثر فعالية في حل المشكلات العامة، والتي تشكل 80 في المائة من مشكلات الأمراض والصحة.

ولفت خوجة إلى أن ذلك التوجه سيضمن جانبين أساسيين، الأول أن الاستثمار في الصحة هو استثمار في الأمة، الأمر الذي سيكون له تبعات اقتصادية لمصلحة البلدان، في حين يشمل الجانب الثاني وجوب توجه الأنظمة الصحية المعتمدة على الرعاية الصحية وطب الأسرة والمجتمع، وتعزيز مفهوم الوقاية وتطوير المجتمع نحو شكل صحي للحياة. إلى ذلك أكد متحدثون في الجلسة الأولى، العلاقة الوثيقة بين الصحة والاقتصاد والتنمية، وأجمعوا على أن الصحة واحدة من أهم المحاور والقضايا التي تؤثر وتتأثر بالاقتصاد والتنمية والخدمات والإنتاجية بصفة عامة، وحذرت الجلسة من المخاطر الصحية والأمراض والأوبئة التي تنتظر العالم في الألفية الجديدة، خصوصا في ظل العولمة وفتح الحدود وانتقال السلع من دولة إلى أخرى، ما يؤدي إلى انتقال العدوى والأوبئة والفيروسات والحشرات الناقلة للأمراض.

وأكد الدكتور خالد مناع القطان عميد كلية الطب، نائب الرئيس المكلف بشؤون التطوير بجامعة الفيصل أهمية الإنفاق على الصحة في المملكة ودول الخليج، داعيا إلى المزيد من الإنفاق على هذا القطاع، وموضحا أن 6 في المائة من إجمالي الناتج الوطني في المملكة ينفق على الصحة تحت مظلة وزارة الصحة، فيما ينفق من 8 إلى 10 في المائة من الدخل على الرعاية الصحية للأفراد والأسر.

وقال في هذا الشأن، إن هناك حاجة ماسة إلى زيادة الإنفاق على علاج الأمراض المزمنة والمعدية، مشيرا إلى أن زيادة معدل النمو السكاني ومعدل زيادة السن للمواطنين تتطلب المزيد من الإنفاق على العلوم الصيدلانية والبحوث الطبية على الرغم من تأثر الاقتصاديات العالمية ومنها اقتصاديات منطقة الخليج بالركود الاقتصادي.

وأكد أن الانتعاش الاقتصادي سينعكس إيجابيا على الرعاية الصحية في المملكة ودول الخليج التي تنفق مجتمعة 20 في المائة من الدخل على التعليم والتدريب الطبي وتخريج الكوادر التي تعمل في المجال الصحي بصفة عامة، مشيرا إلى أن دول الخليج بدأت تولي التأمين الطبي اهتماما كبيرا في الآونة الأخيرة، ما أدى إلى تقديم خدمات صحية أفضل لمواطني دول المجلس.

ودعا عميد كلية الطب نائب الرئيس المكلف بشؤون التطوير بجامعة الفيصل، المسؤولين الصحيين في المملكة ودول الخليج إلى التعامل بجدية، وحذر مع الأمراض التي تصاحب العولمة، وهي تلك الأمراض التي انتشرت في الغرب ثم انتقلت إلى دول الخليج ودول أخرى في العالم، موضحا أن السعودية لديها خصوصية في التعامل مع الأمراض الوافدة والمعدية، نظرا إلى زيادة أعداد القادمين للحج والعمرة من جميع دول العالم، إضافة إلى الأمراض التي صاحبت صناعة البتروكيماويات.

وعاد الدكتور خوجة المدير العام للمجلس التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لمجلس التعاون الخليجي إلى الحديث عن التحديات الصحية، وكيفية مواجهتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وارتباط ذلك بالاقتصاد والاستثمار، ودعا إلى ضرورة زيادة الاستثمارات في القطاع الصحي من أجل التوسع في استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في المجال الصحي، إضافة إلى إنتاج الأمصال واللقاحات للتطعيم ضد الأمراض المعدية.

وأطلق الدكتور خوجة دعواته للحكومات في دول مجلس التعاون للاضطلاع بدورها في تعزيز القدرات الصحية، خاصة في ظل فترة الكساد العالمي التي نشبت جراء الأزمة المالية العالمية، كما حث الحكومات الخليجية على الاهتمام بالعاملين في هذا الحقل، إضافة إلى تعزيز النظام الصحي الذي يتعامل مع الأمراض الطارئة التي تنتقل عبر الوبائيات أو التي تنتج عن الكوارث الطبيعية ومنها السيول.

وأوضح أن الأنظمة الصحية الناجحة والجيدة هي التي تستجيب لمطالب المرضى، والتي تتعامل مع المستقبل وتحدياته، وهنا يأتي دور الحكومات والقطاع الخاص في إيجاد البنية الصحية الملائمة من أجل خدمة الأجيال القادمة، مع الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتعزيز القدرات في علاج الأمراض المزمنة وإدراك أن الأمراض تأثر على إنتاجية الفرد، ومن ثم القوى العاملة بأسرها.

وأوصى بضرورة إيجاد خدمات مركزية للوقاية، وزيادة الاستثمار والأبحاث الطبية، والتعاون الإقليمي والعالمي في هذا الشأن، وتفعيل الاتفاقيات الدولية للاستفادة من التقنية والأبحاث العلمية الطبية في الدول المتقدمة.

وحذر من التأثير السلبي للعولمة على دول مجلس التعاون الخليجي وقال إن الخسارة الكبرى للعولمة تتمثل في هجرة العقول الخليجية إلى الدول المتقدمة، ما يؤدي إلى خسارتنا للموارد البشرية المهمة والمفيدة.

وأوضح أن الوضع الصحي في القرن الحادي والعشرين يواجه تحديات كثيرة، في المقابل لم نصل إلى توفير الحد المطلوب من الرعاية الصحية الأولية، ولذلك علينا أن نعمل معا لتحديد المؤثرات والمحددات الاجتماعية لإصلاح النظم الصحية، وفي مقدمتها الرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة.