العقوبات الدولية على إيران.. هل تقصم ظهر قطاع النفط؟

خبراء لـ الشرق الأوسط»: توقعات بزيادة التبادل التجاري مع دول الخليج

تشكل صادرات النفط 80 % تقريبا من عائدات إيران من العملات الأجنبية (أ.ب)
TT

سيكون قطاع صادرات النفط الإيراني على موعد مع ضربة ربما تقصم ظهر الاقتصاد الإيراني، عندما يقرر المجتمع الدولي عقوبات جديدة، سيتأثر بها بشدة الاقتصاد الإيراني المعتمد بصورة كبيرة على تصدير النفط.

وبحسب التصريحات التي انتشرت مؤخرا بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، فإن الهدف الأساسي أصبح يتجه نحو التضييق على الموارد التي يعتمد عليها النظام الإيراني، التي لا شك أن قطاع النفط هو أبرزها، حيث تشكل صادرات النفط 80 في المائة تقريبا من عائدات إيران من العملات الأجنبية، فيما تشكل الصادرات النفطية 60 في المائة من عائدات الميزانية.

ويؤكد ذلك صالح صدقيان، رئيس المركز العربي للدراسات الإيرانية، الذي ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع الأكثر تأثرا بالعقوبات الغربية على إيران، بسبب برنامجها النووي، هو القطاع النفطي.. مشيرا إلى أن ميزان التبادل التجاري بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي لم يتأثر بعد ثلاث عقوبات أميركية فرضت على إيران منذ عام 2006 بسبب برنامجها النووي، مشيرا إلى أن حجم تجارة إيران مع بعض الدول الخليجية زاد خلال السنوات القليلة الماضية.

وقال صدقيان إن مستوى التبادل التجاري «لم يتأثر، لا بل يمكن أن نقول إنه ارتفع من خلال الحركة باتجاه دول الخليج منذ العقوبات التي فرضت في 2006. فإذا أخذنا بالاعتبار ثلاثة قرارات للعقوبات على إيران نجد أنها لم تؤثر على ميزان التبادل التجاري بين إيران ودول التعاون الخليجي، بل إنها زادت مع بعض الدول».

ويتفق عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، مع ذلك، ويرى أن مرده إلى «القرب الجغرافي مع دول الخليج والأسعار المناسبة وسهولة الترخيص وقلة الضغوط بالمقارنة مع الغرب فيما يتعلق بالعملية المصرفية وسهولة التحويلات والتعاملات المالية. وبالمناسبة العقوبات لا تؤثر دائما على كل الأطراف، فقد يزيد الإنفاق الحكومي الإيراني مثلا بفعل العقوبات».

ويتوقع عبد العزيز صقر أن الحصار إذا طبق بشكل قوي فهذا يعني تأثر مصالح الأشخاص الإيرانيين المستخدمين للمناطق الحرة في الخليج ليصدروا لشركاتهم في إيران، بالإضافة إلى عدة مستويات للضغوط من خلال رجال الأعمال.

ويصل حجم المبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من 12 مليار دولار في العام. ويبلغ حجم التصدير وإعادة التصدير من دول الخليج إلى إيران 8.5 مليار دولار، فيما تصل قيمة الصادرات الإيرانية لدول الخليج إلى ملياري دولار.

ويرى صالح صدقيان أن أي قرار عقوبات جديد لن يؤثر كثيرا على الاقتصاد التجاري لإيران في ظل العولمة الاقتصادية «فالكل يبحث عن أسواق جديدة، والسوق الإيرانية واعدة ومغرية، ويرغب كثيرون في الدخول إليها»، لافتا إلى أن القطاع الشديد التأثر في إيران بالعقوبات الغربية عليها هو قطاع النفط، الذي تأثر بشكل حاد منذ فرض أول عقوبات على إيران في عام 2006 وإلى اليوم. فمثلا حقل فارس الجنوبي، وهو حقل غاز مشترك مع دولة قطر «في الوقت الذي تنتج قطر فيه الغاز من هذا الحقل منذ 15 عاما، فإن إيران لم تتمكن من تنفيذ المراحل اللاحقة المكملة للمشروع لإنتاج الغاز الطبيعي، على اعتبار أن تكنولوجيا الغاز والنفط موجودة لدى الدول الغربية، وبالتالي القطاع النفطي تأثر بشكل حاد بالعقوبات على الرغم من وجود شركات صينية وماليزية وآسيوية، لكن المجال يعاني نقصا حادا، وربما تؤثر العقوبات على هذا المجال».

كما يرى عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، أن التأثير الأكبر والأوسع للعقوبات الدولية على إيران يتمثل في الضغط على المشتقات النفطية، لأنه «يمثل فاتورة كبيرة على إيران أكثر مما هو متوقع.. فمصافيها النفطية لم تحدث منذ فترات طويلة، الأمر الذي أثر على نوعية النفط المنتج ومستويات إنتاجه».

ويعتبر عبد العزيز صقر أن العقوبات ستؤثر على البواخر والسفن التي تنقل النفط من إيران، كما ستؤثر على الاستخدام المحلي والحصول على تكنولوجيا الصيانة وتكنولوجيا الاستخراج، مما سيؤثر على حجم الإنتاج وسوق التصدير والشركات المستثمرة.

وبحسب تقرير سابق لـ«الشرق الأوسط» فإن هناك تقنيات لتنشيط آبار النفط لا تمتلكها إيران بسبب العقوبات الأميركية. وهذا سبب رئيسي في جعل البنية التحتية للقطاع متراجعة، بحيث يضطر الإيرانيون إلى استخدام ما نسبته 18 في المائة من الغاز الطبيعي المستخرج لحقنه في الآبار بهدف رفع مستوى النفط الطافي لتسهيل استخراجه، وهذه النسبة من الغاز بدلا من أن تحول إلى مشاريع التنمية، توجه إلى تنشيط آبار النفط، عدا عن أن الإيرانيين يستخدمون طرقا تقليدية وقديمة في ضخ النفط وذلك لأن إيران تحت عقوبات أميركية تحظر عليها استقدام شركات لتطوير حقولها، مما يعني أن إيران لن تستطيع الذهاب إلى استكشافات نفطية جديدة في مواقع جديدة، قد تكون موجودة بكثرة، في وضعها الحالي.

ويتحدث صقر عن سيناريو أسوأ للعقوبات في تأثيره على القطاع النفطي في حال «منعت السفن التجارية من الدخول إلى إيران أو حددت استخداماتها فسيكون التأثير أقوى، فمثلا قد تنص العقوبات على أن السفن التي يسمح لها هي السفن التي تحمل مواد معينة، وقد يتم تحديد نوع السفن المتجهة إلى إيران».

ولا يعتقد صدقيان أن يتأثر مستوى إنتاج إيران النفطي بشكل حاد «ولكنها قد تواجه تراجعا في حصتها في منظمة أوبك للدول المصدرة». وخلص صدقيان للقول إن سلسلة العقوبات التي يجري الحديث عن فرضها تباعا هي ذات طابع سياسي ضاغط على طهران، وليس الجانب الاقتصادي من العقوبات هو المؤثر الأكبر على الرغم من تأثر قطاع إنتاج النفط.

وكانت حدة الاتهامات المتبادلة بين إيران والقوى الغربية قد تصاعدت في شكل غير مسبوق بسبب استمرار طهران في أنشطتها النووية بوتيرة متسارعة، وهذا ما دفع واشنطن وموسكو وباريس إلى إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إقدام طهران على تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المائة يثير القلق حيال نواياها النووية.

وحذر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في وقت سابق من أن الدول الكبرى ستندم إذا فرضت عقوبات جديدة بشأن برنامجها النووي.

والمقصود بالعقوبات الاقتصادية هو منع شركات النفط العالمي من التعامل مع إيران بما يزيد على 20 مليون دولار، لأنها ستكون معرضة للمقاطعة من الولايات المتحدة الأميركية.