مسح لـ «الشرق الأوسط» : الإمارات في طريق العودة إلى الاتحاد النقدي بعد إطلاق العملة رسميا

توقعات بإطلاق العملة الموحدة بحلول عام 2015

TT

أظهر مسح أجرته «الشرق الأوسط»، الأسبوع الماضي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستعود إلى الاتحاد النقدي الخليجي، إلا أن غالبية الآراء قالت إن العودة الإماراتية إلى العملة الخليجية ستكون على الأرجح بعد إطلاق العملة رسميا.

وأظهر المسح، الذي شمل 17 شخصية من بنوك ومؤسسات اقتصادية عاملة في الخليج ورجال أعمال ومحللين، أن أكثر من نصف المشاركين، الذين توزعوا على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي الست، توقعوا إطلاق العملة الموحدة بحلول 2015.

ومع تحديد شهر مارس (آذار) المقبل موعدا لعقد الاجتماع الأول للمجلس النقدي الذي أقرته دول مجلس التعاون أخيرا لبحث آخر التطورات فيما يتعلق بالعملة الخليجية الموحدة وإنشاء البنك المركزي الخليجي، تبدأ مرحلة جديدة في مسار التحضير لإطلاق العملة الخليجية الموحدة، الذي من المفترض أن يتم في العام الحالي 2010. علما بأن قادة دول مجلس التعاون قد أقروا في قمة الكويت، التي عقدت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إنشاء المجلس النقدي، وتم تكليف مجلس إدارته بتكثيف العمل، لإنجاز ما أوكل إليه من مهام بموجب الاتفاقية، بما في ذلك تحديد البرنامج الزمني لإصدار العملة الموحدة، وطرحها للتداول.

وفي المسح الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع شخصيات بارزة من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي حول توقعاتهم لإمكان عودة كل من الإمارات وسلطنة عمان إلى الاتحاد النقدي، وتوقيت إطلاق العملة الموحدة، تبين أن 13 شخصية يتوقعون عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي، ولكن 6 منهم يتوقعون أن تتم هذه العودة بعد إطلاق العملة الموحدة، وفي حال نجاحها. بينما رأى 4 آخرون أن احتمال العودة وعدمها واردان في الوقت نفسه. واتفق الجميع على ضرورة التفريق بين مسببات انسحاب عمان من الوحدة النقدية، وانسحاب الإمارات، وعلى هذا الأساس كانت الآراء متفقة على استبعاد انضمام عمان إلى الاتحاد النقدي على الأقل خلال المدى المنظور.

وكانت الإمارات قد أعلنت انسحابها من المشروع في أواخر العام الماضي، احتجاجا على اختيار السعودية مقرا للمجلس النقدي. أما سلطنة عمان، فكانت قد أعلنت عدم انضمامها إلى المشروع عام 2006، وعادت وأكدت مرارا على لسان مسؤوليها عدم نيتها العودة.

وفي المقابل، أبدى 10 من الشخصيات التي استطلعت رأيها «الشرق الأوسط» توقعاتها بأن يتم إطلاق العملة الموحدة مع حلول عام 2015، أو في السنوات القليلة التي تليها. بينما توقعت 4 شخصيات أن يتم إطلاقها ما بين عامي 2013 و2014. وكانت هناك 3 آراء متفائلة بإطلاقها بحلول عام 2012.

لكن الآراء اختلفت أيضا في هذا الشأن، فهناك من اعتبر أنه يجري تضخيم حجم الإيجابيات التي ستتأتى لدول الخليج من العملة الموحدة، وشككوا في أن يكون لها تأثير على رفع معدل التجارة البينية أو حركة تنقل الاستثمارات على سبيل المثال. ودعا البعض الآخر إلى ضرورة إعادة النظر في بعض المعايير المعتمدة للعملة الموحدة، لا سيما معيار التضخم الذي حدد بثلاثة في المائة، على اعتبار أن ما يصلح تطبيقه في النموذج الأوروبي قد لا يكون ملائما لطبيعة اقتصادات دول الخليج. وأيدت نسبة كبيرة ممن شملهم المسح عدم انضمام عمان إلى الاتحاد النقدي، الذي يستند إلى مبررات اقتصادية بحتة، وإن أبدوا تفاؤلهم بإمكان عودتها إذا توافرت المعطيات الاقتصادية الملائمة لذلك، ولكن ليس في المستقبل القريب. كما لفت البعض إلى ما سموه بـ«تردد الكويت» حيال مسألة الوحدة النقدية، معتبرين أن ربط عملتها بسلة من العملات يجعلها، من الناحية العملية، خارج المنظومة النقدية الموحدة. وشددوا على أن العملة الموحدة يجب أن تكون في نهاية المطاف نتيجة للتكامل الاقتصادي، وليس العكس. وكان للبعض الآخر رأي بضرورة طرح العملة الموحدة لفترة تجريبية لا تقل عن سنتين بالتوازي مع العملات المحلية. ودعوا إلى ضرورة الأخذ بمبدأ توزيع المؤسسات الاقتصادية الوحدوية على الدول جميعها، تماما مثلما نجد في الاتحاد الأوروبي.

ولم يستبعد عبد الرحمن الراشد، رئيس الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، أي قرار مستقبلا بخصوص عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي من عدمها، وقال: «لو أخذنا حالة الاتحاد الأوروبي فسنجد أن دولا أوروبية عدة قامت باستفتاءات للانضمام إلى العملة الموحدة، منها من قبلت بها، ومنها من رفضتها. ومع ذلك، فإن العملة انطلقت، واستمرت ولم تتعطل مسيرة الوحدة النقدية أو الاقتصادية لمنطقة الاتحاد الأوروبي». وأضاف الراشد: «قرار الدخول في منظومات كهذه قرار سيادي في نهاية المطاف، يقوم على مبررات ومعطيات يقدرها المسؤولون المعنيون. كما أنني أتوقع الالتزام بالجدول المحدد لإطلاق العملة الموحدة من دون أي تأجيل إضافي».

وردا على ما إذا كانت السلطنة تفكر في العودة عن قرارها والمشاركة في الاتحاد النقدي، يقول الدكتور فؤاد ساجواني، رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى العماني: «إن عمان أوضحت موقفها منذ البداية من العملة الموحدة، ولديها ما يبرر هذا القرار، فهي تحتاج إلى استعداد أكبر. ومن المفيد النظر هنا إلى تجربة الاتحاد الأوروبي، حيث إن دولا عدة لم تنضم إلى العملة النقدية الموحدة، مثل بريطانيا وسويسرا على سبيل المثال، وتجاربهما جيدة، ومستويات النمو لديهما أعلى من منظومة الاتحاد النقدي الأوروبي. إذن، عمان ليست في عجلة من أمرها، وأعتقد أنها لن تدخل العملة الموحدة في المدى المنظور، أي خلال 3 إلى 4 سنوات المقبلة».

و رأى صلاح سالم بن عمير الشامسي، الرئيس السابق لاتحاد الغرف التجارية الصناعية في الإمارات، أن «موعد إطلاق العملة سيتأخر بالطبع، لأنه يرتبط بعوامل كثيرة، مثل توحيد الإجراءات النقدية والمعايير والسياسات النقدية، لكن فترة خمس سنوات فترة زمنية معقولة لإطلاق العملة». وردا على سؤال حول إمكان عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي، قال الشامسي: «هذا قرار سيادي اتخذته الإمارات، والجهات المعنية هي المسؤولة عن تغييره. فإذا زالت الأسباب، فمن الممكن العودة، ونحن كرجال أعمال لا نعلق عليه».

أما الدكتور جاسم حسين، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب البحريني، فيؤكد على ضرورة متابعة نتائج الاجتماع المرتقب عقده في الرياض الشهر المقبل، قبل الحديث عن الوقت الذي ستستغرقه التحضيرات تمهيدا لإطلاق العملة الموحدة. واعتبر أن أيا من الدول الأربع ليست في عجلة من أمرها، وأن هناك الكثير من التفاصيل التي تجب مناقشتها والخطوات التي يجب اتخاذها تمهيدا لإطلاق العملة، وأضاف: «لكنني أتوقع أن يتم إطلاقها ما بين عامي 2013 و2014، أي بعد أربع سنوات على أبعد تقدير».

أما فيما يتعلق بعودة دولة الإمارات إلى الاتحاد النقدي، قال حسين: «أتوقع العودة في وقت ما بعد أن يتم حل الإشكالات التي أدت إلى انسحابها، ولذلك أعتقد أن الدول الخليجية ليست في عجلة من أمرها لإطلاق العملة الموحدة، بل ستحاول أن تفسح المجال أمام عودة الإمارات. أما قرار سلطنة عمان، فهو قرار محسوم استند إلى مبررات اقتصادية في الدرجة الأولى، ولذلك فإنني أعتقد أنها لن تنضم إلى حين تكون هناك جهوزية اقتصادية».

ورأى عبد الرحيم نقي، أمين عام اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، أن «الوصول إلى موعد لإطلاق العملة يعتمد على نتائج الاجتماع المرتقب لدول مجلس التعاون الشهر المقبل». لكنه توقع أن يتم إطلاقها خلال السنوات الخمس القادمة. وبخصوص انسحاب الإمارات من الوحدة النقدية، قال نقي: «أعتقد أن الإمارات ستدرس موضوع إمكان أن تنضم إلى العملة الموحدة، ولكن على المدى البعيد».

واعتبر عبد المجيد الشطي، رئيس مجلس إدارة «البنك التجاري» في الكويت، أن احتمال عودة الإمارات إلى الوحدة النقدية قائم، وقال: «لدى دول الخليج قواسم مشتركة كثيرة، والروابط التي تجمعها أكثر مما يفرقها. ولذلك فإن توقعاتي أن تكون الإمارات ضمن المنظومة النقدية الموحدة، ولكن ليس في القريب العاجل، وليس خلال السنوات القليلة القادمة. أما العملة، فتحتاج من 5 إلى 10 سنوات لإطلاقها، وهي تتطلب عملا ووقتا كبيرا، وقد تحدث تطورات كثيرة خلال هذه الفترة الطويلة التي قد تغير الصورة القائمة حاليا».

أما د. سيف السويدي، أستاذ الاقتصاد في جامعة قطر، فقال: «أنا أشرت، منذ البداية، إلى أهمية إعادة النظر في موعد إطلاق العملة، والمبرر ليس لأن العملة الموحدة مشروع غير مناسب، ولكن حتى تخرج التجربة إلى حيز الوجود، وتصبح واقعا ناجحا من الأهمية دراسة كل جوانب هذا المشروع، وبخاصة ناحية إعداد المؤسسات التشريعية والرقابية. وتبين مع مرور الوقت، وبروز بعض الأزمات الاقتصادية في العالم، وتراجع الأداء الاقتصادي لدول العالم، ومن ضمنها دول الخليج، أن التجربة جديرة بالاهتمام، لكن المشروع يحتاج إلى وقت لينضج ويصبح جاهزا للتطبيق. وأعتقد أن إطلاق العملة قبل 2015 قد يكون فيه نوع من الاستعجال، فالعملة الموحدة في حاجة إلى أن يتلمس أهميتها الفرد والمؤسسات الخاصة كلها. يعني صاحب العمل البسيط يجب أن يهيأ لهذه العملة، ويعرف أهمية المشروع، وكيف ينعكس عليه، ويتعامل معه».

ومن هذا المنطلق، توقع السويدي أن تطرح العملة الموحدة في عام 2015ن ولكنه دعا إلى أن «تطرح بشكل مواز إلى جانب العملات الخليجية المحلية، وتترك لنحو سنتين كفترة تجريبية، مع إمكان إطالة هذه المدة بحسب الوضع السائد حينها».

أما حول إمكان عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي، فقد أبدى السويدي دهشته من انسحاب الإمارات أساسا، على اعتبار أنها كانت من أبرز المدافعين عن المشروع منذ البداية، وقال: «إذا كانت الأسباب اقتصادية وزالت، فستلحق الإمارات بالركب، وتنضم ربما بعد عامين على إطلاق العملة، وفي حال نجاحها. أما إذا كانت الأسباب غير اقتصادية، فستعود بعد إزالتها، وهذا يحتاج إلى إرادة سياسية». ودعا الدكتور ناظم الصالح، عميد البحث العلمي في جامعة البحرين، إلى التفاؤل في هذا الموضوع، وقال: «دول مجلس التعاون على درجة من كبيرة النضج، والخبرات التي اكتسبتها وما يواجه المنطقة من تحديات مختلفة اقتصادية وسياسية، كل هذا يدفعني إلى الاعتقاد بأن الإمارات ستعود في قرارها، وتضم صوتها إلى صوت إخوانها في دول مجلس التعاون، بما يقوم على تغليب المصلحة العامة فوق أي اتجاه. فأعتقد أن ما حدث سحابة صيف عابرة، ودولة الإمارات ستبقى قوة أساسية في الاتحاد». لكنه لم ينف أن خروجها من الاتحاد النقدي شكل مفاجأة، وأشار في المقابل إلى ضرورة الالتفات إلى مسألة مهمة، وهي أن «ما يجمع دولنا من روابط اقتصادية متشابهة وتقاليد ولغة واحدة وتحديات واحدة، هو أكثر مما يجمع أي اتحاد آخر في العالم. ولذلك، يجب أن تكون المصلحة العليا فوق أي اعتبار. وأرى أن انضمام الإمارات قريب جدا».

وبخصوص المسألة العمانية، قال الصالح: «إن السلطنة جزء فاعل في مجلس التعاون، وهي كانت جزءا من الاتفاقيات والمقررات كلها. وأعتقد أن المصالح المشتركة يجب أن تدفع عمان إلى الانضمام إلى الاتحاد، فهو يشكل قوة لهذه الدولن وليس ضعفا. ويجب أن تشعر الدول بأن وجودها ضمن منظومة واحدة عنصر قوة. ولذلك، فإن مصالح الدول تتطلب التورأى الصالح أن إطلاق العملة الموحدة يحتاج من سنتين إلى ثلاث سنوات، حتى تكتمل المعايير المطلوبة، مثل نسب التضخم وعجز الميزانية وأسعار الفائدة والسياسات المالية.

ومن جهة ثانية، وجد خالد البسام، رئيس مجلس إدارة «بنك البحرين الإسلامي» أنه «من الصعب التوقع ما إذا ستعود الإمارات إلى الاتحاد النقدي أم لا. لكنني، ومن منظور اقتصادي بحت، أقول إنه من مصلحتها الانضمام إلى الوحدة النقدية، لأن خسارتها ستكون أكبر في حالة عدم الانضمام، كما أنه من الطبيعي أن تكون ضمن الاتحاد لدورها الاقتصادي المهم. وفي الوقت نفسه، من مصلحة باقي الدول أن تكون الإمارات جزءا من الوحدة النقدية». ولفت البسام إلى أن الاتحاد النقدي يجب أن يأتي نتيجة للتكامل الاقتصادي للدول، وليس العكس، مستبعدا أن تكون الدول مستعدة لإطلاق عملتها الموحدة قبل ثلاث إلى أربع سنوات. ويلفت الدكتور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، عميد الكلية الحديثة للتجارة والعلوم في مسقط، والخبير الاقتصادي، إلى أن انسحاب الإمارات يختلف تماما عن عدم انضمام عمان إلى الوحدة النقدية، وقال: «إن اقتصاد الإمارات لا يقل عن 20 في المائة من الاقتصاد الخليجي، فيما تعود نسبة 50 في المائة للسعودية، ونحو 5 في المائة لعمان. ولذلك، فإن انسحاب عمان لا يؤثر كثيرا في الوحدة النقدية، أما انسحاب الإمارات مع عمان، فهذا يعني أن النسبة المتبقية هي 75 في المائة، ولهذا تأثيره الكبير بالطبع. واعتبر إبراهيم أن فوائد العملة النقدية بالنسبة إلى الدول ضعيف. وهو يجد أن التوقعات بالاستفادة من العملة الموحدة متفائلة أكثر مما يجب. ويتساءل: هل الاستثمارات البينية، على سبيل المثال، متدنية بسبب وجود اختلاف في العملة؟ ويقول: «العوائق أمام الاستثمار ستظل موجودة حتى مع وجود عملة موحدة». ويجد إبراهيم أن ربط العملات الخليجية بالدولار الأميركي في الوقت الحالي يعطيها نوعا من العملة الموحدة، «لكنني لا أتوقع، وبحسب وتيرة العمل الحالي لإطلاق عملة موحدة، أن يتم هذا الأمر في السنوات القليلة المقبلة».

أما عبد العزيز العياف، رجل الأعمال والمستثمر السعودي، فقد أبدى تفاؤله بعودة الإمارات لأسباب كثيرة «منها أن اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في الخليج بعد السعوديةن وتمثل بالتالي ثقلا اقتصاديا على المستوى الخليجي والعربي. كما أنني واثق أن أصحاب القرار في الإمارات يدركون الدور الكبير لبلادهم في المنظومة الخليجية. ومهما كانت الأسباب من موضوع المقر وغيره، فهناك مكاسب اقتصادية للإمارات من خلال انضمامها إلى العملة الموحدة، وسيكون لها التأثير نفسه في سير الوحدة، سواء أكانت دولة المقر أم لا». وتوقع العياف أن تنضم إلى العملة الموحدة قبل إطلاقها، الذي سيكون قبل عام 2015 عند حد أقصى، على حد تعبيره.

وأبدى يوسف العيسى، الرئيس التنفيذي لـ«بنك أدكس»، اعتقاده بعودة الإمارات إلى المنظومة النقدية الموحدة، ولكن ليس قبل إطلاق العملة، وقال: «لقد أصبح الآن القرار سياسيا، لكنه يبقى في مصلحة الإمارات ودول المجلس أن ينطلق الاتحاد النقدي، وتكون الإمارات جزءا منه». ولم يستبعد العيسى أن يتأخر إطلاق العملة الموحدة على اعتبار أن البنوك المركزية مشغولة اليوم في أمورها الداخلية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، كما أن التحضيرات لإطلاق عملة موحدة تستغرق وقتا، ولذلك لم يتوقع أن تبصر النور في المدى المنظور.

وبدا الدكتور نجيب النعيمي، وزير العدل القطري السابق، واثقا تماما من عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي، فيما توقع أن تتأخر عمان عن الانضمام إليه لفترة أطول، وقال: «من مصلحة الإمارات توحيد العملة في عملية الاستثمار لديها. وأعتقد أن انضمامها سيكون بعد إطلاق العملة، إلا إذا كان في مجهود سياسي كبير لإقناعها بالعودة قبل إطلاق العملة».

وأكد أن إطلاق العملة الموحدة يتطلب الكثير من العمل والإجراءات، سواء كانت مع البنوك المركزية أو مؤسسة النقد الدولية، أو أن يقوموا بترتيب الأرصدة وتحديد قيمة العملة، لا سيما أن قيمة عملة الكويت أعلى بكثير من العملة السعودية والقطرية، «ومع ذلك يمكن أن يجهزوا بحلول عام 2012».

ورأى أحمد اليوشع، رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية، أن خروج الإمارات لن يكون إلا مؤقتا، لأنه خروج رد فعل أكثر مما له تبرير أو تفسير اقتصادي، وقال: «نأمل أن يكون توجه الدول الخليجية اليوم إلى كسب الإمارات، وإعادتها مجددا إلى الاتحاد النقدي، علما بأنها قد تعود في أي لحظة. أما عمان، فعندها مشكلة مع مسألة معايير التقارب، وعلى وجه التحديد مشكلة مع معيار العجز في الموازنة، وعندها حق في ذلك». ودعا اليوشع كلا من الإمارات وعمان إلى التريث، والحديث بشكل صريح للوصول إلى حل يتفق عليه الجميع، وقال: «هذا النوع من المشاريع الوحدوية يتطلب عملا جماعيا، وربما تضحيات. وإذ توقع اليوشع أن يتم إطلاق العملة الموحدة خلال خمس سنوات، لفت في المقابل إلى موضوع ربط الكويت لعملتها بسلة من العملات، معتبرا أنها قد تكون من الناحية العملية خارج الاتحاد النقدي، حيث إن أول التزام هو ربط العملة بالدولار، وتساءل: «لماذا تم تحديد معيار العجز في الموازنة بثلاثة في المائة كما هو معتمد في أوروبا؟ هل هذه النسبة قابلة للتطبيق في اقتصاداتنا؟ ففي سلطنة عمان، على سبيل المثال، كان متوسط العجز منذ عام 1975 وحتى عام 2006 في حدود 7 في المائة، ولذا من الأفضل لها عدم الانضمام. إذن، المعايير ينبغي درسها جيدا، وربما إعادة النظر فيها».

وشدد بدوره د. ناصر المعولي، عضو مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية، وأستاذ الاقتصاد في جامعة السلطان قابوس، على أن مسألة انضمام عمان إلى الاتحاد النقدي وعودة الإمارات إليه موضوعان مختلفان تماما، فسلطنة عمان أعلنت موقفها منذ البداية من عدم الدخول، فيما أعلنت الإمارات انسحابها منه، وقال: «أتوقع شخصيا عودة الإمارات، بغض النظر عن أسباب انسحابها، إذا أثبتت العملة نجاحها في مسيرة التعاون الخليجي ومسيرة النهوض، ولا أظن أن ذلك سيحدث قبل إطلاق العملة، إنما بعدما تثبت العملة الموحدة نجاحها، ويصبح وجود الإمارات داخل هذه المنظومة متطلبا أساسيا. وحول توقيت إطلاق العملة الموحدة، قال المعولي: «من الواضح أن الإرادة السياسية والشعبية موجودة، ولكن هنالك عوائق أخرى يجب تجاوزها للوصول إلى هذا الهدف. فالعملة الموحدة هي نتيجة تكامل بين الدول، والتوحيد في هذه الحالة ليس هدفان بل نتيجة. ومن هذا المنطلق أعتقد أن العملة الموحدة ستبصر النور في حدود عام 2015». وفي المقاب، بدا أسامة معين، مستشار الاستثمار في البحرين، واثقا من عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي، وقال: «قد تكون هذه العودة قبل إطلاق العملة أو أثناءه أو بعده».

واعتبر معين أن التأخير في إطلاق العملة له مردوداته السلبية على هذا المشروع، حيث إنه ومنذ أن بدأ العمل على مشروع إطلاق العملة قبل أكثر من 10 سنوات، تغير الاقتصاد العالمي والخليجي بشكل كبير. فكلما تطول فترة إطلاق العملة تزيد المشكلات التي ستتعرض لها الدول، ويزيد الاختلاف في البنية الاقتصادية بين الدول بنسبة أكبر، وسنجد أن الأسس التي وضعت قبل 10 سنوات يجب تعديلها اليوم. لذا، وجب العمل على اتخاذ قرارات سريعة لإطلاق هذا المشروع في أقرب وقت». وتوقع إطلاق العملة الموحدة مع حلول العام 2012، «وقد نرى في نهاية هذا العام تنسيقا لهذا العملية من خلال اجتماع القمة المقبل». وكان لرئيس غرفة تجارة وصناعة عمان، خليل الخنجي، رأي مخالف تماما، إذ استبعد عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي. ورأى أن إطلاق العملة سيتأخر إلى مدى طويل في ظل عدم اشتراك كل من عمان والإمارات، وقال: «أنا أرى أيضا أن الكويت مترددة، ولذلك فمن السابق لأوانه توقع متى سيتم إطلاق العملة الموحدة».